:: Home Page ::
آخر 10 مشاركات
ما هي مواصفات الاسهم الحلال الأمريكية (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 584 - الوقت: 09:17 PM - التاريخ: 03-27-2024)           »          بنك سيتي جروب الحقيقي Citigroup (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 296 - الوقت: 03:52 PM - التاريخ: 03-26-2024)           »          افضل شركة توزع أرباح في السوق السعودي (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 311 - الوقت: 09:22 AM - التاريخ: 03-26-2024)           »          شروط استخدام موقع حراج (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 308 - الوقت: 07:39 AM - التاريخ: 03-25-2024)           »          أعضاء مجلس إدارة شركة شمس (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 335 - الوقت: 06:18 AM - التاريخ: 03-25-2024)           »          كيف ابيع اسهم ارامكو الراجحي عبر الهاتف (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 311 - الوقت: 03:55 PM - التاريخ: 03-24-2024)           »          صناديق توزع شهري (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 919 - الوقت: 10:45 PM - التاريخ: 02-18-2024)           »          حلبية و زلبية..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 685 - الوقت: 07:14 PM - التاريخ: 02-16-2024)           »          بهلول..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 742 - الوقت: 04:09 PM - التاريخ: 02-13-2024)           »          صورة من الزمن الجميل..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 831 - الوقت: 01:28 PM - التاريخ: 02-11-2024)



 
استمع إلى القرآن الكريم
 
العودة   منتديات قبيلة البو خابور > قسم الثقافة والشعر والآداب والطلاب والرياضة > منتدى الأدب والثقافة العامة

منتدى الأدب والثقافة العامة ثقافة عامة روايات شهيرة امهات الكتب ادب شعر

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /01-03-2011   #11

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

لا تتاخر !!!!!!!!!!!!!كلمة لم افهم ماترمي اليه ؟؟؟

اخ بهاء ماذا تعني كلمتك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وشكرا".












 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif

  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-04-2011   #12

زهرة قاسيون
التميز الذهبي

الصورة الرمزية زهرة قاسيون

زهرة قاسيون غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 592
 تاريخ التسجيل : Mar 2010
 الجنس : ~ MALE/FE-MALE ~
 المكان : قاسيون دمشق
 المشاركات : 4,067
 النقاط : زهرة قاسيون is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 19

مزاجي:
افتراضي

هذا الموضوع يحتاج إلى إبريق شاي وقعدة!!
تسلم الأيادي التي نقلت الموضوع..خالي العزيز











 
التوقيع - زهرة قاسيون



وما أملي إلا بالله..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مـزقي يا دمشـق خـارطـة الـذل..

  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-04-2011   #13

بهــــاء الزعيم

بهــــاء الزعيم غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 114
 تاريخ التسجيل : Mar 2009
 الجنس : ~ MALE/FE-MALE ~
 المكان : ابــــ ظبي ــو
 المشاركات : 474
 النقاط : بهــــاء الزعيم is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

القيصر تحية لك


قصدت بالكلمة (لا تتاخر)

علينا بالبقية الأن الفاصل الطويل يفقد الرواية متعتها وتسلسل احداثها وارجو اختيار الألوان الغامقة في الكتابة


هذا مقصدي فقط لاغير

تقبل مروري












 
التوقيع - بهــــاء الزعيم

  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-05-2011   #14

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

تكرم عيونك الاخ بهاء .سوف اقوم باتمام هذه الرواية واتبعها بروايات علمية رائعة يتذوقها من له باع في الغوص باعماق الافكار والمعارف والاداب والعلوم الانسانية العالمية.












 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif

  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-05-2011   #15

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

الفصل الرابع
1

كان قد مضى أسبوع عندما أخبرتني بارتريدج أن السيدة بيكر تريد التحدث إلي قليلاً .
لم يبد لي اسم السيد بيكر مألوفاً على الإطلاق .
تساءلت في تحير : " من الآنسة بيكر , ألا يمكنها التحدث مع الآنسة جوانا ؟ "
ولكن علمت أنها لا تريد أن تتحدث معي أنا بالذات , ثم علمت فيما بعد أن السيدة بيكر هي والدة الفتاة بياترس .
كانت بياترس قد غابت عن ذهني تماماً , ولم أنتبه لهذا إلا عندما رأيت تلك المرأة التي تجاوزت الأربعين عاماً , ونال الشيب من بعض خصلات شعرها , والتي كانت جاثية على ركبتيها تغسل أرضية الحمام والسلالم والردهات . ولقد أدركت أنها الخادمة الجديدة . ولولا تلك المرأة لما خطرت بياترس بذهني أبداً .
ولم أستطع أن أرفض مقابلة والدة بياترس , خاصة بعد أن علمت بأن جوانا ليست موجودة في المنزل , ولكنني أعترف بأنني كنت أشعر ببعض الضيق حيال هذا الأمر.
ولقد كنت آمل بشدة ألا أتهم بالتلاعب بعواطف بياترس .
وأخذت ألعن في داخلي تلك التصرفات السخيفة التي يقوم بها كاتب هذه الرسائل المجهولة , ولكنني لم أفعل شيئاً إلا أن أطلب من بارتريدج أن تحضر والدة بياترس لمقابلتي .
كانت السيدة بيكر ضخمة الجثة طويلة القامة , وكانت تتحدث بسرعة شديدة . ولكنني شعرت بالكثير من الراحة عندما لم ألمح في صوتها أي نبرة غضب أو اتهام . بدأت السيدة بيكر الحديث ما أن انغلق باب الغرفة خلف بارتريدج قائلة : " أرجو يا سيدي أن تغفر لي جرأتي في طلب مقابلتك . ولكنني ظننت يا سيدي أنك الشخص المناسب الذي ينبغي أن آتي إليه ، ولسوف أكون شاكرة إذا ما كنت ستنصحني بما ينبغي عمله في ظل هذه الظروف الراهنة ، لأنه في رأيي يا سيدي لا بد من القيام بشيء ما في هذا الصدد ، وإنني لست من هؤلاء الناس الذين يتركون الأمور تتفاقم ، وما أقوله هنا هو أنه لا فائدة من الشكوى والتذمر ، وإنما لا بد من ترك الكلام والبدء في الفعل كما قال رجل الدين الأسبوع قبل الماضي . "
شعرت ببعض الحيرة لأنني أحست كأن هناك شيئاً أساسياً فاتني أن أفهمه في هذه المحادثة .
قلت لها : " بكل سرور , ألن تتفضلي بالجلوس يا سيدة بيكر ؟ إنني سوف أسعد بتقديم العون لك . "
ثم صمت للحظة منتظراً منها أن تجلس .
وجلست السيدة بيكر على حافة مقعدها بعد أن قالت : " أشكرك يا سيدي , إن هذا تصرف في غاية الكرم من جانبك يا سيدي . وإنني في غاية السعادة لأنني أتيت لمقابلتك , ولقد قلت هذا لـ بياترس عندما كانت تبكي في فراشها , لقد قلت لها إن السيد بيرتون سوف يعرف ما ينبغي عمله , فهو سيد مهذب قادم من لندن . ولا بد بالفعل من عمل شيء ما , ما بال هؤلاء الشباب المندفعين الذين لا يصغون إلى صوت العقل , ولا يصغون إلى أي كلمة تقولها فتاة ؟ وعلى كل حال لقد قلت لبياترس إنني لو كنت مكانها لفعلت كا ما في وسعي لكي أنتقم منه , وماذا عن تلك التاة في الطاحونة ؟ "
ازدادت حيرتي مع كلامها , فقلت : " معذرة , ولكنني لا أفهم , ما الذي حدث ؟ "
" إنها الخطابات يا سيدي , خطابات بذيئة . وغير لائقة كذلك . وبها كلمات سيئة ومثير للاشمئزاز بشدة . "
وهنا استرجعت شريط الأحداث في ذهني وتكشفت لي الأمور ؛ فقلت لها بيأس : " هل تلقت ابنتك المزيد من الرسائل ؟ "
ليست هي يا سيدي , هي لم تتلق إلا رسالة واحدة . تلك الرسالة التي كانت سبب رحيلها من هذا المنزل . "
قلت لها : " لم يكن هناك ما يدعو لأن ــ ! " , إلا أن السيدة بيكر قاطعتني بأسلوب حازم ولكنه مهذب وقالت : " لا داعي لأن تكمل يا سيدي , إن كل ما جاء في هذه الخطابات لا يعدو أن يكون بعض الأكاذيب الدنيئة . إنك يا سيدي لست من هذا النوع من الرجال , لقد أكدت الآنسة بارتريدج هذا ـ ولقد لمست هذا بنفسي . ما هي إلا أكاذيب حقيرة , ولكني قلت إنه من الأفضل أن تغادر بياترس المنزل لأنك تعرف جيداً ما يقال يا سيدي , إن الناس سيقولون لا دخان بلا نار , ولقد انزعجت الفتاة بشدة , لقد وافقت بياترس عندما رفضت المجيء إلى هنا ثانية , رغمم أن كلينا قد شعر بالأسف للارتباك الذي سببناه لكم بهذا . "
توقفت السيدة بيكر قليلاً وأخذت نفساً عميقاً ثم قالت بعد جهد : " ولقد كنت آمل أن يوقف هذا التصرف هذه الشائعات الحقيرة . ولكن جورج عامل الممرآب , وهو خطيب بياترس , قد تلقى واحدة من هذه الرسائل التي تفتري على ابنتي بياترس افتراءً فظيعاً , وكيف أنها على علاقة آثمة مع توم ابن فريد ليد بيترز ... وأؤكد لك يا سيدي أن ابنتي لم تقترف أبداً شيئاً ينافي الذوق والأخلاق . "
وهنا بدأ رأسي يطن ، فلقد زاد الأمر تعقيداً بظهور قصة توم ليد بيترز هذا .
قلت لها امنحيني فرصة لكي أستوعب هذا الأمر جيداً ، لقد تلقى خطيب بياترس رسالة مجهولة المصدر تتهم بياترس بتورطها في علاقة مع شاب آخر، أليس كذلك؟
" هذا صحيح يا سيدي – ولقد كانت رسالة بعيدة كل البعد عن التهذيب ، ولقد كانت مليئة بألفاظ بذيئة أثارت جنون جورج ، فجاء مسرعاً إلى بياترس وقال لها إنه لا يقبل أبداً هذا التصرف من جانبها ، ويرفض بأن تواعد رجالاً آخرين من وراء ظهره ... وعندما أخبرته أن هذا كذب حقير ، قال لها : " لا دخان بلا نار ." ، واندفع خارجاً من المنزل في غاية الغضب ، وبدت التعاسة على بياترس المسكينة . وعندها قلت لها إني سوف أرتدي قبعتي وأذهب لمقابلتك يا سيدي ... "
صمتت السيدة بيكر متوقعة مني أن أرد عليها تماماً كما يتوقع الكلب الحصول على جائزة بعد أن يؤدي حركة جيدة . ولكنني سألتها : " ولكن لماذا لماذا أتيتي إلي أنا بالذات ؟ "
" لقد علمت يا سيدي أنك تلقيت واحدة من هذه الرسائل الدنيئة , ولقد فكرت في أنك تعرف ـ وأنت القادم من لندن ـ ما الذي يتوجب فعله لعلاج هذا الأمر ؟ "
قلت لها : " لو كنت مكانكي لذهبت إلى الشرطة ؛ فلابد من وضع حد لهذا الأمر . "
نظرت لي السيدة بيكر وعلى وجهها أمارات الصدمة وقالت : " كلا يا سيدي , لا أستطيع أن أذهب للشرطة . "
" ولِم لا ؟ "
" لم يسبق لي أن تعاملت مع الشرطة , ولا أي أحد من عائلتي كذلك . "
" قد يكون هذا صحيحاً , ولكن الشرطة فقط هي من تستطيع أن تضع حداً لهذا الأمر , فهم موكلون بهذا . "
" هل أذهب إلى بيرت راندل ؟ "
كنت قد علمت أن بيرت راندل هو أحد رجال الشرطة .
" لابد أن هناك رقيباً أو مفتشاً في قسم الشرطة . "
" أنا أذهب إلى قسم الشرطة . "
قالتها السيدة بيكر بصوت خافت جعلني أشعر بالضيق " هذه هي النصيحة الوحيدة التي يمكنني أن أسديها لك . ط
صمتت السيدة بيكر وكان واضحاً أنها لم تقتنع بكلامي . ثم قالت بحزم وصرامة : " لابد لهذه الرسائل أن تتوقف يا سيدي , يجب أن تتوقف , وإلا سوف تحدث مصيبة عاجلاً أم آجلاً . "
قلت لها : " أعتقد أن المصيبة قد وقعت بالفعل ؟ "
" إنني أعني العنف يا سيدي , هؤلاء الشباب تنتابهم المشاعر العنيفة ـ وكذلك الرجال الكبار . "
سألتها : " هل هناك الكثير من هذه الرسائل وصلت إلى الناس في هذه البلدة ؟ "
أومأت السيدة بيكر بالإيجاب , وقالت : " إن الأمر يزداد سوءاً على سوء يا سيدي . فمثلاً , السيد بيدل وزوجته , اللذان كانا يعيشان في سعادة وهناء في منطقة بلوبور ـ والآن بعد أن تلقى السيد بيدل هذه الرسائل بدأ يفكر في أمور سيئة يا سيدي . "
ملت بجسدي للأمام وقلت لها : " سيدة بيكر هل لديك أية فكرة عن هوية كاتب هذه الرسائل المجهولة ؟ "
ولدهشتي الشديدة كالت برأسها للأمام . قالت : " كلنا لديه فكرة يا سيدي , كلنا يعرف بالظبط من يفعل هذا , من هو ذلك الآثم ؟ "
فكرت أنها تتردد في ذكر اسم معين , ولكنها أجابت بصراحة : " إنها السيدة كليت ـ هذا هو ما نحن جميعاً متأكدون منه ـ إنها كليت ولا شك . "
لقد سمعت الكثير من الأسماء الغريبة هذا الصباح .
ولقد اكتشفت أن السيدة كليت زوجة لرجل كهل يعمل بستانياً . وكانت تعيش في كوخ على طريق الطاحونة . إلا أنني لم أجد أي إجابات مرضية عنها . ولما سألتها لماذا تقدم السيدة كليت على فعل هذا أجابتني قائلة : " لأن هذا هو من صفاتها الشخصية . "
وفي النهاية تركتها تذهب بعد أن كررت لها نصيحتي بالذهاب للشرطة , والتي كنت متأكداً من أنها لن تأخذ بها . ولقد تركتني وأنا اشعر بأنني خذلتها بشكل ما .
وفكرت ملياً فيما قالته . فرغم غموض هذا الدليل الذي ساقته السيدة بيكر , أحسست بقبول فكرة أنه إذا ما اتفقت القرية كلها على أن السيدة كليت هي كاتبة هذه الخطابات فلابد أنهم محقون : وقررت أن أستشير جريفيث في هذا الأمر . فلابد أنه يعرف هذه المرأة المدعوة كليت , وإذا قبل نصيحتي فسأستطيع أنا أو هو أن نخبر الشرطة بأن هذه المرأة هي سبب كل الإزعاج الذي نشعر به .
وذهبت إلى جريفيث في الوقت الذي افترضت فيه أنه سيكون قد انتهى من عملياته الجراحية . وعندما خرج المريض الأخير من عنده , دلفت على غرفة الجراحة .
" مرحباً , أهذا أنت يا بيرتون ؟ "
" نعم , أريد أن أتحدث إليك . "
لخصت له محادثتي مع السيدة بيكر إلى أن انتيهيت إلى اتهامها للسيدة كليت بأنها السبب في هذا الأمر .
إلا أنني أصبت بالإحباط عندما هز جريفيث رأسه قائلاً : " ليس الأمر بهذه البساطة . "
" ألا تظن أن تلك المرأة المدعوة كليت هي السبب في هذا كله ؟ "
" ربما كانت بالفعل , ولكنني أستبعد هذا الاحتمال . "
" إذن لماذا يتهمها الجميع بهذا ؟ "
ابتسم قائلاً : " إنك لا تفهم . إن السيدة كليت تعتبر الساحرة الشريرة في القرية . "
صحت متعجباً : " يا إلهي الرحيم ! "
" نعم , هذا الكلام يبدو غريباً في وقتنا هذا , إلا أن هذا هو الواقع بالفعل . هناك اعتقادات راسخة تقول أن هناك بعض الأشخاص الذين ليس من الحكمة أن تهينهم . إن السيدة كليت تنتمي إلى أسرة من (( النساء الحكيمات )) , ولقد بذلت جهداً كبيراً كي تنشر هذه الأسطورة وتنميها . إنها امرأة شاذة الطباع وذات روح دعابة عالية . إنها قد لا تظهر أي قدر من التعاطف إذا ما حدث على سبيل المثال أن قطع طفل إصبعه أو سقط بشدة على الأرض أو أصيب بداء النكاف , فكل ما قد تفعله هو أن تهز رأسها قائلة : " هذا أفضل , فقد سرق تفاحاتي الأسبوع الماضي . " أو " لقد جذب ذيل قطتي . " . ومع الوقت بدأت الأمهات تبعدن أطفالهن عنها , وبعضهن بدأن في إهداءها العسل والكعك حتى يأمن ألا تتمنى المرض لأطفالهن . إنه لأمر خرافي وسخيف ولكنه حقيقي . ولذا فمن الطبيعي أن يعتقد أنها سبب كل هذا . "
" ولكن أليست هي كذلك ؟ "
" كلا ـ إنها ليست من هذا النوع ... ليس الأمر بهذه البساطة . "
نظرت له بفضول وقلت له : " أليس لديك أية فكرة ؟ "
أخذ يهز رأسه ولكن عيناه كانتا شاردتين وقال : " كلا ليس لدي أي فكرة , ولكن هذا الأمر لا يروقني يا بيرتون ــ هناك سوء كبير سوف ينجم عن هذا الأمر . "
يتبع..........


_________________












 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif

  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-05-2011   #16

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

الفصل الرابع
1

كان قد مضى أسبوع عندما أخبرتني بارتريدج أن السيدة بيكر تريد التحدث إلي قليلاً .
لم يبد لي اسم السيد بيكر مألوفاً على الإطلاق .
تساءلت في تحير : " من الآنسة بيكر , ألا يمكنها التحدث مع الآنسة جوانا ؟ "
ولكن علمت أنها لا تريد أن تتحدث معي أنا بالذات , ثم علمت فيما بعد أن السيدة بيكر هي والدة الفتاة بياترس .
كانت بياترس قد غابت عن ذهني تماماً , ولم أنتبه لهذا إلا عندما رأيت تلك المرأة التي تجاوزت الأربعين عاماً , ونال الشيب من بعض خصلات شعرها , والتي كانت جاثية على ركبتيها تغسل أرضية الحمام والسلالم والردهات . ولقد أدركت أنها الخادمة الجديدة . ولولا تلك المرأة لما خطرت بياترس بذهني أبداً .
ولم أستطع أن أرفض مقابلة والدة بياترس , خاصة بعد أن علمت بأن جوانا ليست موجودة في المنزل , ولكنني أعترف بأنني كنت أشعر ببعض الضيق حيال هذا الأمر.
ولقد كنت آمل بشدة ألا أتهم بالتلاعب بعواطف بياترس .
وأخذت ألعن في داخلي تلك التصرفات السخيفة التي يقوم بها كاتب هذه الرسائل المجهولة , ولكنني لم أفعل شيئاً إلا أن أطلب من بارتريدج أن تحضر والدة بياترس لمقابلتي .
كانت السيدة بيكر ضخمة الجثة طويلة القامة , وكانت تتحدث بسرعة شديدة . ولكنني شعرت بالكثير من الراحة عندما لم ألمح في صوتها أي نبرة غضب أو اتهام . بدأت السيدة بيكر الحديث ما أن انغلق باب الغرفة خلف بارتريدج قائلة : " أرجو يا سيدي أن تغفر لي جرأتي في طلب مقابلتك . ولكنني ظننت يا سيدي أنك الشخص المناسب الذي ينبغي أن آتي إليه ، ولسوف أكون شاكرة إذا ما كنت ستنصحني بما ينبغي عمله في ظل هذه الظروف الراهنة ، لأنه في رأيي يا سيدي لا بد من القيام بشيء ما في هذا الصدد ، وإنني لست من هؤلاء الناس الذين يتركون الأمور تتفاقم ، وما أقوله هنا هو أنه لا فائدة من الشكوى والتذمر ، وإنما لا بد من ترك الكلام والبدء في الفعل كما قال رجل الدين الأسبوع قبل الماضي . "
شعرت ببعض الحيرة لأنني أحست كأن هناك شيئاً أساسياً فاتني أن أفهمه في هذه المحادثة .
قلت لها : " بكل سرور , ألن تتفضلي بالجلوس يا سيدة بيكر ؟ إنني سوف أسعد بتقديم العون لك . "
ثم صمت للحظة منتظراً منها أن تجلس .
وجلست السيدة بيكر على حافة مقعدها بعد أن قالت : " أشكرك يا سيدي , إن هذا تصرف في غاية الكرم من جانبك يا سيدي . وإنني في غاية السعادة لأنني أتيت لمقابلتك , ولقد قلت هذا لـ بياترس عندما كانت تبكي في فراشها , لقد قلت لها إن السيد بيرتون سوف يعرف ما ينبغي عمله , فهو سيد مهذب قادم من لندن . ولا بد بالفعل من عمل شيء ما , ما بال هؤلاء الشباب المندفعين الذين لا يصغون إلى صوت العقل , ولا يصغون إلى أي كلمة تقولها فتاة ؟ وعلى كل حال لقد قلت لبياترس إنني لو كنت مكانها لفعلت كا ما في وسعي لكي أنتقم منه , وماذا عن تلك التاة في الطاحونة ؟ "
ازدادت حيرتي مع كلامها , فقلت : " معذرة , ولكنني لا أفهم , ما الذي حدث ؟ "
" إنها الخطابات يا سيدي , خطابات بذيئة . وغير لائقة كذلك . وبها كلمات سيئة ومثير للاشمئزاز بشدة . "
وهنا استرجعت شريط الأحداث في ذهني وتكشفت لي الأمور ؛ فقلت لها بيأس : " هل تلقت ابنتك المزيد من الرسائل ؟ "
ليست هي يا سيدي , هي لم تتلق إلا رسالة واحدة . تلك الرسالة التي كانت سبب رحيلها من هذا المنزل . "
قلت لها : " لم يكن هناك ما يدعو لأن ــ ! " , إلا أن السيدة بيكر قاطعتني بأسلوب حازم ولكنه مهذب وقالت : " لا داعي لأن تكمل يا سيدي , إن كل ما جاء في هذه الخطابات لا يعدو أن يكون بعض الأكاذيب الدنيئة . إنك يا سيدي لست من هذا النوع من الرجال , لقد أكدت الآنسة بارتريدج هذا ـ ولقد لمست هذا بنفسي . ما هي إلا أكاذيب حقيرة , ولكني قلت إنه من الأفضل أن تغادر بياترس المنزل لأنك تعرف جيداً ما يقال يا سيدي , إن الناس سيقولون لا دخان بلا نار , ولقد انزعجت الفتاة بشدة , لقد وافقت بياترس عندما رفضت المجيء إلى هنا ثانية , رغمم أن كلينا قد شعر بالأسف للارتباك الذي سببناه لكم بهذا . "
توقفت السيدة بيكر قليلاً وأخذت نفساً عميقاً ثم قالت بعد جهد : " ولقد كنت آمل أن يوقف هذا التصرف هذه الشائعات الحقيرة . ولكن جورج عامل الممرآب , وهو خطيب بياترس , قد تلقى واحدة من هذه الرسائل التي تفتري على ابنتي بياترس افتراءً فظيعاً , وكيف أنها على علاقة آثمة مع توم ابن فريد ليد بيترز ... وأؤكد لك يا سيدي أن ابنتي لم تقترف أبداً شيئاً ينافي الذوق والأخلاق . "
وهنا بدأ رأسي يطن ، فلقد زاد الأمر تعقيداً بظهور قصة توم ليد بيترز هذا .
قلت لها امنحيني فرصة لكي أستوعب هذا الأمر جيداً ، لقد تلقى خطيب بياترس رسالة مجهولة المصدر تتهم بياترس بتورطها في علاقة مع شاب آخر، أليس كذلك؟
" هذا صحيح يا سيدي – ولقد كانت رسالة بعيدة كل البعد عن التهذيب ، ولقد كانت مليئة بألفاظ بذيئة أثارت جنون جورج ، فجاء مسرعاً إلى بياترس وقال لها إنه لا يقبل أبداً هذا التصرف من جانبها ، ويرفض بأن تواعد رجالاً آخرين من وراء ظهره ... وعندما أخبرته أن هذا كذب حقير ، قال لها : " لا دخان بلا نار ." ، واندفع خارجاً من المنزل في غاية الغضب ، وبدت التعاسة على بياترس المسكينة . وعندها قلت لها إني سوف أرتدي قبعتي وأذهب لمقابلتك يا سيدي ... "
صمتت السيدة بيكر متوقعة مني أن أرد عليها تماماً كما يتوقع الكلب الحصول على جائزة بعد أن يؤدي حركة جيدة . ولكنني سألتها : " ولكن لماذا لماذا أتيتي إلي أنا بالذات ؟ "
" لقد علمت يا سيدي أنك تلقيت واحدة من هذه الرسائل الدنيئة , ولقد فكرت في أنك تعرف ـ وأنت القادم من لندن ـ ما الذي يتوجب فعله لعلاج هذا الأمر ؟ "
قلت لها : " لو كنت مكانكي لذهبت إلى الشرطة ؛ فلابد من وضع حد لهذا الأمر . "
نظرت لي السيدة بيكر وعلى وجهها أمارات الصدمة وقالت : " كلا يا سيدي , لا أستطيع أن أذهب للشرطة . "
" ولِم لا ؟ "
" لم يسبق لي أن تعاملت مع الشرطة , ولا أي أحد من عائلتي كذلك . "
" قد يكون هذا صحيحاً , ولكن الشرطة فقط هي من تستطيع أن تضع حداً لهذا الأمر , فهم موكلون بهذا . "
" هل أذهب إلى بيرت راندل ؟ "
كنت قد علمت أن بيرت راندل هو أحد رجال الشرطة .
" لابد أن هناك رقيباً أو مفتشاً في قسم الشرطة . "
" أنا أذهب إلى قسم الشرطة . "
قالتها السيدة بيكر بصوت خافت جعلني أشعر بالضيق " هذه هي النصيحة الوحيدة التي يمكنني أن أسديها لك . ط
صمتت السيدة بيكر وكان واضحاً أنها لم تقتنع بكلامي . ثم قالت بحزم وصرامة : " لابد لهذه الرسائل أن تتوقف يا سيدي , يجب أن تتوقف , وإلا سوف تحدث مصيبة عاجلاً أم آجلاً . "
قلت لها : " أعتقد أن المصيبة قد وقعت بالفعل ؟ "
" إنني أعني العنف يا سيدي , هؤلاء الشباب تنتابهم المشاعر العنيفة ـ وكذلك الرجال الكبار . "
سألتها : " هل هناك الكثير من هذه الرسائل وصلت إلى الناس في هذه البلدة ؟ "
أومأت السيدة بيكر بالإيجاب , وقالت : " إن الأمر يزداد سوءاً على سوء يا سيدي . فمثلاً , السيد بيدل وزوجته , اللذان كانا يعيشان في سعادة وهناء في منطقة بلوبور ـ والآن بعد أن تلقى السيد بيدل هذه الرسائل بدأ يفكر في أمور سيئة يا سيدي . "
ملت بجسدي للأمام وقلت لها : " سيدة بيكر هل لديك أية فكرة عن هوية كاتب هذه الرسائل المجهولة ؟ "
ولدهشتي الشديدة كالت برأسها للأمام . قالت : " كلنا لديه فكرة يا سيدي , كلنا يعرف بالظبط من يفعل هذا , من هو ذلك الآثم ؟ "
فكرت أنها تتردد في ذكر اسم معين , ولكنها أجابت بصراحة : " إنها السيدة كليت ـ هذا هو ما نحن جميعاً متأكدون منه ـ إنها كليت ولا شك . "
لقد سمعت الكثير من الأسماء الغريبة هذا الصباح .
ولقد اكتشفت أن السيدة كليت زوجة لرجل كهل يعمل بستانياً . وكانت تعيش في كوخ على طريق الطاحونة . إلا أنني لم أجد أي إجابات مرضية عنها . ولما سألتها لماذا تقدم السيدة كليت على فعل هذا أجابتني قائلة : " لأن هذا هو من صفاتها الشخصية . "
وفي النهاية تركتها تذهب بعد أن كررت لها نصيحتي بالذهاب للشرطة , والتي كنت متأكداً من أنها لن تأخذ بها . ولقد تركتني وأنا اشعر بأنني خذلتها بشكل ما .
وفكرت ملياً فيما قالته . فرغم غموض هذا الدليل الذي ساقته السيدة بيكر , أحسست بقبول فكرة أنه إذا ما اتفقت القرية كلها على أن السيدة كليت هي كاتبة هذه الخطابات فلابد أنهم محقون : وقررت أن أستشير جريفيث في هذا الأمر . فلابد أنه يعرف هذه المرأة المدعوة كليت , وإذا قبل نصيحتي فسأستطيع أنا أو هو أن نخبر الشرطة بأن هذه المرأة هي سبب كل الإزعاج الذي نشعر به .
وذهبت إلى جريفيث في الوقت الذي افترضت فيه أنه سيكون قد انتهى من عملياته الجراحية . وعندما خرج المريض الأخير من عنده , دلفت على غرفة الجراحة .
" مرحباً , أهذا أنت يا بيرتون ؟ "
" نعم , أريد أن أتحدث إليك . "
لخصت له محادثتي مع السيدة بيكر إلى أن انتيهيت إلى اتهامها للسيدة كليت بأنها السبب في هذا الأمر .
إلا أنني أصبت بالإحباط عندما هز جريفيث رأسه قائلاً : " ليس الأمر بهذه البساطة . "
" ألا تظن أن تلك المرأة المدعوة كليت هي السبب في هذا كله ؟ "
" ربما كانت بالفعل , ولكنني أستبعد هذا الاحتمال . "
" إذن لماذا يتهمها الجميع بهذا ؟ "
ابتسم قائلاً : " إنك لا تفهم . إن السيدة كليت تعتبر الساحرة الشريرة في القرية . "
صحت متعجباً : " يا إلهي الرحيم ! "
" نعم , هذا الكلام يبدو غريباً في وقتنا هذا , إلا أن هذا هو الواقع بالفعل . هناك اعتقادات راسخة تقول أن هناك بعض الأشخاص الذين ليس من الحكمة أن تهينهم . إن السيدة كليت تنتمي إلى أسرة من (( النساء الحكيمات )) , ولقد بذلت جهداً كبيراً كي تنشر هذه الأسطورة وتنميها . إنها امرأة شاذة الطباع وذات روح دعابة عالية . إنها قد لا تظهر أي قدر من التعاطف إذا ما حدث على سبيل المثال أن قطع طفل إصبعه أو سقط بشدة على الأرض أو أصيب بداء النكاف , فكل ما قد تفعله هو أن تهز رأسها قائلة : " هذا أفضل , فقد سرق تفاحاتي الأسبوع الماضي . " أو " لقد جذب ذيل قطتي . " . ومع الوقت بدأت الأمهات تبعدن أطفالهن عنها , وبعضهن بدأن في إهداءها العسل والكعك حتى يأمن ألا تتمنى المرض لأطفالهن . إنه لأمر خرافي وسخيف ولكنه حقيقي . ولذا فمن الطبيعي أن يعتقد أنها سبب كل هذا . "
" ولكن أليست هي كذلك ؟ "
" كلا ـ إنها ليست من هذا النوع ... ليس الأمر بهذه البساطة . "
نظرت له بفضول وقلت له : " أليس لديك أية فكرة ؟ "
أخذ يهز رأسه ولكن عيناه كانتا شاردتين وقال : " كلا ليس لدي أي فكرة , ولكن هذا الأمر لا يروقني يا بيرتون ــ هناك سوء كبير سوف ينجم عن هذا الأمر . "
يتبع..........


_________________












 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif

  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-05-2011   #17

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

2-
عندما عدت إلى المنزل وجدت ميجان جالسة على درجات الشرفة ، وكانت تسند ذقنها إلى ركبتيها .
حيتني بدون حرارة كالمعتاد قائلة : " مرحباً ، هل تعتقد أنه يمكنني أن آتي إلى مأدبة الغداء ؟ " .
قلت لها : " بكل تأكيد " .
" إذا كان الغداء هو أضلاع اللحم أو أي شيء معقد آخر ولن يكفي , فقط أخبرني . " , صاحت ميجان بهذا بينما كنت ذاهباً لأخبر بارتريدج بأن ثلاثة أشخاص سيكونون على الغداء اليوم .
واندهشت عندما رأيت ردة فعل بارتريدج . لقد أبدت لي دون أن تنبس ببنت شفة أنها لا تبالي على الإطلاق بالآنسة ميجان .
وعدت إلى الشرفة مرة أخرى .
سألتني ميجان بقلق : " هل كل شيء على ما يرام ؟ " .
قلت لها : " نعم ، كل شيء على ما يرام ، سيكون غداؤنا اليخنة الأيرلندية " .
" حسناً إنها لا تختلف كثيراً عن غذاء الكلاب ، أليس كذلك ؟ أعني أنها لا تزيد على البطاطس والدقيق ."
قلت لها : " نعم ، بالضبط . "
أخرجت علبة سجائري ، ومددت يدي بها إلى ميجان إلا أن الحمرة كست وجهها وقالت : " لكم كان هذا لطيفاً منك . "
" ألن تأخذي واحدة ؟ "
" كلا ، لا أدخن ، ولكنني أراه تصرفاً غاية في اللطف أن أتعرض على هذا – تماماً كما لو أنني كنت شخصاً حقيقياً . "
قلت لها بتعجب : " ألست شخصاً حقيقياً ؟ "
هزت رأسها وحاولت تغيير الموضوع بأن مدت ساقها الطويلة التي يغطيها التراب أمام ناظري وقالت بفخر : " لقد قمت برتق جواربي " .
أنا لا أعلم الكثير عن رتق الجوارب , إلا أنني حدثت نفسي أن حياكة بعض قطع الصوف المفتوحة ليس بإنجاز يستحق المرء أن يفخر به .
قالت ميجان : " ولكنني أشعر بأن جواربي كانت مريحة أكثر عندما كانت مثقوبة ."
قلت لها : نعم هذا ما يبدو . "
" هل أختك بارعة في رتق الجوارب ؟ "
حاولت أن أتذكر إذا ما كانت جوانا لها أي خبرة في مجال الأعمال اليدوية من هذا النوع .
واضطررت إلى أن أقر لها قائلاً : " لا أدري ! "
" ولكن ماذا تفعل إذا ثُقب أحد جواربها ؟ "
قلت متردداً : " أعتقد أنها تتخلص منه وتبتاع زوجاً جديداً . "
قالت ميجان : " هذا شيء جميل , ولكن لا يمكنني أن أفعل هذا . فإن كل مصروف جيبي الذي أحصل عليه لا يتعدى الأربعين جنيهاً سنوياً . وهو مبلغ لا يستطيع المرء أن يفعل به الكثير . "
وافقتها على ذلك . فقالت بحزن : " لو أنني أمتلك جوارب سوداء , لكان بإمكاني أن أطلي قدمي باللون الأسود لكي لا تظهر الثقوب . وهذا هو ما كنت أفعله أيام المدرسة . فقد كانت الآنسة باتورثي ناظرة المدرسة , والتي كانت تولي اهتمامها لمظهرنا العام , كانت تماماً مثل اسمها كالخفاش الأعمى . وكنا نستغل هذا بشكل كبير . "
قلت لها : " لابد أنها كانت كذلك بالفعل . "
ران علينا الصمت كنت أدخن غليوني . لقد كان صمتاً مطبقاً . ولكن سرعان ما كسرت ميجان حاجز الصمت هذا قائلة فجأة وبحدة : " لابد أنك تعتقدني إنسانة فظيعة كما يعتقدني الآخرون . "
أجفلت بشدة , لدرجة أن غليوني سقط من فمي , لقد كان مصنوعاً من الميرشوم وكانت ألوانه جميلة . فقلت لميجان وأنا غاضب : " انظري ماذا فعلت . "
إلا أنها تصرفت تماماً كالأطفال الذين لا يمكن التنبؤ بردود أفعالهم وقالت وهي تبتسم : " إنك تروق لي بالفعل . "
كانت عبارتها تلك عبارة في غاية الدفء , عبارة قد يقولها كلبك إذا استطاع التحدث . لقد خطر لي أن ميجان ما هي إلا مجرد جواد يتخذ وضعية كلب . إنها لم تكن بشرية كاملة بكل تأكيد .
سألتها وأنا أجمع شظايا غليوني المكسور بحذر : " ماذا كنت تقولين قبل أن يسقط غليوني ؟ "
قالت : " لقد قلت أنك ربما تعتبرني إنسانة فظيعة . " ’ إلا أنها لم تنطق عذع العبارة بنفس اللهجة التي قالتها بها المرة السابقة .
" ولماذا قد اعتقد هذا ؟ "
قالت ميجان بكآبة : " لأنني كذلك بالفعل . "
قلت : " لا تكوني حمقاء . "
هزت ميجان رأسها وقالت : " إن هذا هو الواقع , أنا لست حمقاء , إن الناس يعتقدون هذا , وهم لا يعلمون أنني أعلم حقيقتهم , وأنني أكرههم . "
" تكرهينهم ؟ "
قالت ميجان : " نعم أكرههم . "
نظرت بعينيها الكئيبتين اللتين لا يمتان بصلة إلى مظهرها الطفولي إلى عيني مباشرة , دون أن ترمش ولو لمرة واحدة . لقد كانت نظرة طويلة كئيبة .
وقالت : " لقد كنت لتكره الناس لو كنت مكاني , إذا كنت منبوذاً . "
قلت لها : " ألا تظنين أنكي تبالغين في هذا الأمر قليلاً ؟ "
قالت ميجان : " نعم , هذا ما يقوله الناس دائماً عندما تخبرهم بالحقيقة . وهذه هي الحقيقة . إنني غير مرغوب فيّ ولا أدري لماذا ! لعلني أذكرها بأبي والذي كان قاسياً جداً عليها , وكان في غاية الفظاظة كما سمعت . إلا أن الأمهات لا يمكنهن أن يصرحن بأنهن يكرهن أطفالهن , أو أن يتخلصن منهن . إن القطط تأكل ما لا يروقها من صغارها , إن هذا أمر عقلاني , ولكن بشكل فظيع , فهو يسبب فوضى أو أذى . ولكن الأمهات من البشر لا يمكنهن ذلك , فعليهن أن يحفظن صغارهن وأن يعتنين بهم . ولكن الحقيقة أن أمي لا تريد سوى أن تعيش بمفردها هي وزوجها والأولاد . "
قلت لها بتمهل : " ما زلت أراك تهولين في الأمر يا ميجان , ولكن إذا ما كان كلامك صحيحاً , فلماذا لا تغادري هذا المنزل وتستلقي حياتك ؟ "
ابتسمت ابتسامة طفولية وقالت : " أتعني أن أحصل على عمل , وأكسب قوتي بنفسي ؟ "
" نعم . "
" وأي عمل هذا ؟ "
" أعتقد أنك يمكنك أن تتدربي على عمل ما , كأن تكوني كاتبة اختزال مثلاً , أو تكوني مسئولة حسابات . "
" لا أعتقد أنه بإمكاني فعل هذا . فأنا خرقاء للغاية في هذه الأمور . وبالإضافة إلى هذا ــــ "
" ماذا هناك ؟ "
أشاحت بوجهها عني , ثم أدراته ببطء ناحيتي من جديد . وكان وجهها مربداً , وترقرقت بعض الدموع في عينيها . وأخذت تتحدث وفي صوتها نبرة طفولية للغاية وقالت : " لماذا يجب علي أن أرحل ؟ وأن أُجبر على الرحيل ؟ إنهم لا يريدونني ولكنني سأبقى . سأبقى وسأسبب لهم التعاسة . سوف أجعلهم يشعرون بالضيق والتعاسة . يا لهم من خنازير حقودة ! إنني أكره كل من في لايمستوك . إنهم جميعاً يرونني حمقاء وقبيحة . لسوف أريهم . لسوف أريهم . لسوف ــــ "
لقد كانت ثورة غضبها طفولية مثيرة للشفقة بشكل غريب . سمعت وقع أقدام على الأرضة المفروشة بالحصى التي تحيط بالمنزل , فقلت لها بغلظة : " انهضي واذهبي إلى الطابق الأول , حيث الحمام في نهاية الممر كي تغسلي وجهك , هيا أسرعي . "
قفزت ونظرت إلي بحرج وارتباك , واندفعت نحو النافذة عندما ظهرت جوانا بجواري وقالت : " يا إلهي , إنني أشعر بالحر الشديد , إنني أمقت هذه الأحذية الأيرلندية اللعينة . لقد مشيت بها لأميال , إن المرء لا يجدر به أن يجعل هذه الأحذية تثقب , فالحصى بنفذ من خلالها إلى القدم , وأعتقد يا جيري أننا نحتاج لأن نقتني كلباً . "
قلت لها :" وأنا كذلك أعتقد هذا . بالمناسبة , إن ميجان ستتناول الغداء معنا اليوم ."
" حقاً , عظيم ! "
سألتها : " هل تروق لك ؟ "
قالت جوانا : " أعتقد أنها طفلة , طفلة كالتي في تلك الخرافة تقول , إن الجنيات يستبدلن بعض الأطفال بأطفال آخرين , إنه من الممتع أن يلتقي المرء بإحدى الأطفال الآخرين . إيه ــ علي أن أذهب وأغتسل . "
قلت لها : " ليس الآن ؛ فميجان تغتسل الآن في الحمام . "
" لقد تلطخت قدماها بالوحل مرة أخرى , أليس كذلك ؟ "
ثم أخرجت جوانا مرآتها وأخذت تنظر إلى وجهها باهتمام وقالت : " لا أعتقد أنني أحب أحمر الشفاة هذا . "
وهنا دلفت ميجان من الباب , وكانت مهندمة الثياب ونظيفة , ولم تبد عليها أي من آثار ثورتها السابقة . وأخذت تنظر إلى جوانا بريبة .
قالت لها جوانا وهي لا تزال منشغلة بالنظر إلى وجهها : " مرحباً , لقد سعدت تماماً عندما سنعت أنك ستتناولين طعام الغداء معنا اليوم . يا إلهي ! إن هناك نمشاً على أنفي , لابد أن أفعل شيئاً حيال ذلك . إن النمش هو شيء خطير . ذو طابع اسكوتلاندي . "
وهنا أتت بارتريدج وأخبرتنا أن الطعام قد أُعد .
قالت جوانا : " هيا , إنني أتضور جوعاً . "
وتأبطت ذراع ميجان ورافقتها إلى المنزل .
يتبع ...












 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif

  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-05-2011   #18

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

الفصل الخامس
1

أعلم أن هناك شيئا مفقودا ً في قصتي هذه . فحتى الآن لم أذكر شيئا عن السيدة دين كالثروب ، وكذلك عن رجل الدين كاليب دين كالثروب .
والشيء الغريب أن رجل الدين هذا وزوجته كانا ذوي شخصيتين مختلفتين تماماً .
كان دين كالثروب أكثر من رأيتهم زهداً في الحياة الدنيوية على الإطلاق . وكانت حياته كلها تدور في نطاق كتبه ودراسته وعلمه الغزير بالتاريخ الديني . ولكن على النقيض من هذا ، كانت زوجته إنسانة اجتماعية بشكل مبالغ فيه . إنني ربما أغفلت ذكرها لأنني كنت أخشاها بعض الشيء . لقد كانت امرأة ذات شخصية متميزة ، وذات علم غزير . لم تبد لي مناسبة لأن تكون زوجة لرجل الدين – ولكنني عندما فكرت في الأمر قليلاً ، سألت نفسي ما الذي أعرفه أنا عن زوجات رجال الدين ؟
فالإنسانة الوحيدة التي كنت أعرفها وكانت لزوج رجل الدين , كانت السيدة عادية لا يميزها شيء ، وكانت في غاية الإخلاص لزوجها الذي كان ضخم الحجم قوي الشكيمة ، له طريقة ساحرة في اجتذاب الآخرين إليه .
وقد كانت متشددة الفكر بحيث لا يمكن للمرء أن يكمل محادثة معها .
وغير هذا منت أستمد رؤيتي لزوجات رجال الدين من تلك الصورة الهزلية التي كانت تصورهن نسوة فضوليات يدسسن أنوفهن في كل شيء , ويتلفظن بالتفاهات . إلا أنني أشك أن هذه الصورة حقيقية .
فالسيدة دين كالثروب لم تدس أنفها يوماً في اي شيء , إلا أنه كانت لديها قدرة فير قابلة للتفسير على الإحاطة بكل الأمور علماً , وسرعان ما اكتشفت أن كل من في القرية يخشونها . مع إنها لم تكن تتدخل فيما لا يعنيها ولم تكن كذلك تسدي النصح لأي كائن من كان , ومع ذلك كانت بالنسبة لهؤلاء الذين يخشونها سيفاً مسلطاً على رقابهم .
لم أر في حياتي امرأة لا تبالي بالطبيعة حولها مثل هذه المرأة . في الأيام التي يكون الطقس فيها حاراً , كانت ترتدي تنورة من الصوف , أما في الأيام التي تهطل فيها الأمطار كنت أراها تسير شاردة الذهن وهي ترتدي ثوباً قطنياً أو قميصاً خفيفاً زاهي الألوان . لقد كان لها وجه نحيف يشبه وجوه كلاب الجري هاوند وكان لها أسلوب في الكلام مبالغاً في الصراحة .
في ذلك اليوم الذي أتت فيه ميجان لتناول الغداء معنا , قابلتني السيدة دين كالثروب في الشارع الرئيسي وأوقفتني لتتحدث معي , ولقد شعرت بالدهشة كالعادة لأن طريقة مشي السيدة دين كالثروب كانت أقرب إلى الركض منها إلى السير , وكانت دائماً ما تثبت عينيها على الأفق البعيد فتشعر وكأنها تسعى لهدف على بعد الميل ونصف الميل .
قالت : " أوه , سيد بيرتون ! "
قالتها بانتصار وكأنما نجحت في حل أحجية عويصة , قلت لها إنني بالفعل السيد بيرتون , فتوقفت السيدة دين كالثروب وهي تنظر إلى الأفق البعيد , وكانت تتظاهر بأنها تنظر إلى .
" والآن ما الذي كنت أريدك بشأنه ؟ "
لم يكن باستطاعتي مساعدتها , فوقفت وهي متجهمة ومرتبكة للغاية . قالت : " إنه لشيء بغيض . "
قلت لها وأنا مذهول : " إني آسف لهذا . "
صاحت السيدة دين كالثروب : " آه , إنني أرى هذه القصة شيئاً بغيضاً , ما هذه القصة التي أحضرتها إلى البلدة, أعني قصة الخطابات هذه ؟ تلك الخطابات مجهولة الهوية ؟"
قلت لها : " لم أحضرها , لقد كانت موجودة قبل حضوري . "
قالت لي وفي صوتها نبرة اتهام : " لم يتلق أي أحد خطاباً قبل حضورك . "
قلت لها : " بلا , لقد كان بالفعل هناك من تلقى مثل هذه الخطابات يا سيدة دين كالثروب , لقد كانت المشكلة موجودة منذ فترة . "
قالت السيدة دين كالثروب : " يا إلهي , إن هذا لا يروق لي . "
وظلت واقفة تشخص بنظرها ثم قالت : " لا أستطيع إلا أن أشعر بأن هذا الأمر كله سيء . إننا لسنا معتادين على هذا , لسنا معتادين على الأحقاد والضغائن , وكل أنواع الخطايا الصغيرة تلك . ولكنني لا أستطيع أن أفكر في شخص ما يمكنه أن يأتي بمثل هذا العمل ـ كلا , لا أستطيع . وهذا ما يزعجني ويسبب لي الضيق , لأنني كما تعلم ينبغي لي أن اعرف . "
وهنا تحولت عيناها عن الأفق البعيد وتركزت على عيني وكانت هاتين العينين قلقتين قلقاً طفولياً .
" إنني دائماً ما أعرف , فلطالما ظننت أن هذه هي مهمتي في الحياة , إن كاليب بارع في إلقاء المواعظ وإسداء النصح وهذا هو دور رجل الدين , ولكن إذا ما كان هناك شيء يسمى الزواج من رجل دين فستكون مهمة الزوجة هي أن تعرف ما يفكر به الناس حتى وإن كانت لا تستطيع فعل شيء إزاء هذا الأمر , ولكنني لا توجد لدي أدنى فكرة عمن يكون قد ... "
قطعت حديثها لفترة ثم قالت : " هناك بعض الخطابات السخيفة الأخرى . "
" هل تلقيت أي رسائل من هذا النوع ؟ "
كنت أشعر ببعض الحرج عندما سألتها هذا السؤال , إلا أنها أجابت بكل تلقائية وعيناها متسعتان : " نعم , إثنتان منها , بل ثلاث , لكنني نسيت ما كان مكتوباً فيها بالظبط . ولكنه شيء سخيف عن علاقة كاليب بإحدى المدرسات , كما أذكر أنه شيء في غاية العبث , لكن كاليب هو أزهد الناس في النساء , ولم يكن يوماً لديه الرغبة فيهن . من حسن حظه أن أصبح رجل دين . "
قلت لها : " هذا صحيح تماماً . "
قالت : " لقد كان كاليب غارقاً دائماً في طلب العلم . "
لم أجد في نفسي الصلاحية لكي أرد على هذا النقد , وعلى أي حال مضت السيدة كالثروب في التحدث تارة عن زوجها , وتارة أخرى عن تلك الخطابات , حتى أنها أصابتني بالارتباك .
" الغريب في الأمر هو أن هناك العديد من الأمور التي يمكن أن تفصح عنها هذه الرسائل , إلا أنها لا تفعل هذا , وهذا هو الأمر المحير . "
قلت لها بضيق : " لا أعتقد أن هذه الرسائل تركت حداً للتهذيب والأخلاق ولم تتجاوزه . "
قالت : " ولكن كتّاب هذه الرسائل يبدو أنهم لا يعرفون شيئاً . إن أي شيء يذكرونه لا يمت للحقيقة بصلة على الإطلاق . "
" ماذا تعنين ؟ "
ومن جديد تلاقت عيناها الغامضتين بعيني وقالت : " إن هذه البلدة متخمة بالفساد الخلقي , وكل شيء آخر , كل الأسرار تتواجد في هذه البلدة . لماذا لا يكتب مرسل هذه الخطابات عنها ؟ "
توقفت للحظة عن الحديث ثم سألتني : " ماذا كان فحوى رسالتك ؟ "
" لقد زعموا بأن أختي ليست أختي في الحقيقة . "
سألتني السيدة دين كالثروب دون أدنى حرج : " وهل هي أختك بالفعل ؟ "
" بالتأكيد جوانا هي أختي . "
أومأت السيدة دين كالثروب برأسها وقالت : " هذا هو ما أعنيه , وإنني لأجرؤ على القول بأن هناك أموراً أخرى أيضاً ــــ "
ثم أخذت تحدق إلي بعينيها الضافيتين الشاردتين , وفجأة أحسست بأنني أفهم لماذا يخشى كل سكان لايمستوك السيدة دين كالثروب .
دفي حياة كل منا مواقف وأشياء خفية نريد ألا يكتشفها أحد . ولقد شعرت بأن السيدة دين كالثروب تعلم هذه الأشياء الخفية .
وللمرة الأولى في حياتي شعرت بالسرور عندما سمعت صوت إيمي جريفيث يشق السكون قائلاً : " مرحباً يا مود , إنني سعيدة لأنني قابلتك . كنت أريد أن أقترح عليك تأخير موعد المزاد , صباح الخير يا سيد بيرتون . "
ثم أكملت قائلة : " علي أن أذهب إلى محل البقال وأوصيهم بإعداد طلب لي , ثم سأذهب إلى المعهد مباشرة , إذا كان هذا يناسبك . "

قالت السيدة دين كالثروب : " حسناً , حسناً , هذا يناسبني تماماً . "
وذهبت إيمي جريفيث إلى محلات (( إنترناشونال ستورز )) .
قالت السيدة دين كالثروب : " يا لها من مسكينة . "
أصابتني دهشة عظيمة , إذ لم أكن أعرف لماذا تشفق هي على إيمي جريفيث .
إلا أنها تابعت قائلة : " كما تعلم يا سيد بيرتون أنني أخشى أن ـــ "
" هل تعنين هذه الخطابات ؟ "
" نعم , كما ترى , إنها تعني ــ لابد أنها تعني ـــ "
صمتت في حيرة لبعض الوقت وزاغت عيناها . ثم قالت بلهجة من حل لغزاً : " الكراهية العمياء ... نعم الكراهية العمياء . ولكن حتى الرجل الأعمى قد يطعن في القلب عن طريق الصدفة البحتة ... وماذا سيحدث بعد يا سيد بيرتون ؟ "
ولقد كان لنا أن نعلم هذا قبل انقضاء يوم آخر ."
يتبع.........












 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif

  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-05-2011   #19

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

من روائع الأدب العالمي
2
لقد كانت بارتريدج هي من حملت لنا خبر الكارثة . وبارتريدج تحب الكوارث . ودائماً ما كان أنفها يختلج في نشوة عندما تكون حاملة لأية أخبار سيئة .
فقد دخلت غرفة جوانا وأنفها آخذ في الاختلاج , وعيناها تلمعان , وشفتاها ممطوطتان تتصنعان الحزن . قالت وهي تزيح ستائر الغرفة : " هناك أخبار مفزعة هذا الصباح يا آنستي . "
وكانت جوانا تمتلك تلك العادة في أن تستغرق دقيقة أو دقيقتين لكي تستعيد وعيها بعد أن تستيقظ في الصباح . ولهذا فكل ما قالته هو : " أوه . " ثم تقلبت في فراشها دون أدنى اهتمام .
وضعت بارتريدج قدح شاي الصباح بجوارها , ثم بدأت تتحدث من جديد قائلة : " أخبار رهيبة , صدمة لم أستطع أن أصدقها حين سمعتها في البداية . "
قال جوانا وهي تجاهد لتستعيد وعيها : " أية أخبار مفزعة تلك ؟ "
قالت بارتريدج : " السيدة سيمنجتون المسكينة . "
ثم صمتت للحظة بشكل درامي ثم أردفت : " ماتت . "
ثم انتفضت جوانا في فراشها قائلة : " ماتت ؟ "
" نعم يا آنسة جوانا , لقد حدث هذا البارحة بعد الظهيرة , وأسوأ ما في الأمر أنها انتحرت . "
" يا إلهي ! مستحيل يا بارتريدج . "
كانت جوانا مصدومة للغاية , فالسيدة سيمنجتون لم تكن من نوعية الفتيات التي تصيبهم المآسي .
" نعم يا آنسة . لقد تعمدت قتل نفسها . ولكن هذا لم يكن ليحدث لو لم يكن هناك ما يدفعها لاقتراف ذلك . يا لها من مسكينة . "
قالت جوانا : " يدفعها شيء ما ؟ "
فأومأت بارتريدج برأسها موافقة وقالت : " هذا صحيح يا آنستي , بسبب واحد من تلك الخطابات البغيضة . "
" وماذا جاء في هذا الخطاب ؟ "
ولكن هذا ما عجزت بارتريدج عن معرفته وهو الأمر الذي جعل بارتريدج في غاية الأسف .
قالت جوانا : " إنها تصرفات دنيئة , ولكن مع هذا لا أفهم ما الذي في هذه الخطابات يمكنه أن يجعل المرء يقتل نفسه ؟ "
أخذت بارتريدج نفساً عميقاً ثم قالت : " قد تفعل فقط إذا ما كانت حقيقية . "
قالت جوانا : " يا إلهي . "
تناولت جوانا قدح الشاي بعد أن غادرت بارتريدج الغرفة ـ ثم ارتدت معطفها وأتت إلي لكي تبلغني هذه الأخبار .
أخذت أتفكر فيما قاله أوين جريفيث . لقد قال إن عاجلاً أو آجلاً ستنطلق الرصاصة ولا ندري من ستصيب . ويبدو أنها أصابت السيدة سيمنجتون . إنها لم تكن تبدو من طراز هؤلاء النساء اللاتي يحملن أسراراً خفية في ماضيهن ... لقد كان إحساسي صحيحاً , لقد كنت أرى وراء شراستها الشديدة تلك امرأة هشة ضعيفة . لقد كانت من طراز النسوة الضعيفات اللاتي يعتمدن على الآخرين واللاتي ينهرن بسهولة .
وكزتني جوانا بذراعها وسألتني عما أظنه بشأن هذا الأمر .
فكررت لها ما قاله أوين جريفيث , فقالت : " بالطبع , لابد أنه يعرف كل شيء على الموضوع . فهذا الرجل يعرف كل شيء . "
قلت : " إنه بارع . "
قالت جوانا : " بل هو متغطرس , متغطرس للغاية . "
ثم صمتت لدقيقة أو اثنتين وقالت : " يا له من أمر فظيع لزوجها ولابنتها . ترى ما هو شعور ميجان الآن ؟ "
لم يكن لدي أدنى فكرة , وأعلنت لها ذلك بصراحة , لقد كان من العجيب أنه لا يستطيع أحد أن يخمن ما تشعر به ميجان الآن أو بماذا تفكر .
أومأت جوانا برأسها قائلة : " لا يستطيع أحد أن يعرف ماذا يدور بخلد تلك الطفلة ربيبة الجنيات . "
ثم صمتت للحظة وقالت : " هل تعتقد ـ إذا ما كنت توافق على هذا ـ أنها قد تحب أن تأتي وتمكث معنا ليوم أو يومين ؟ لقد تلقت هذه الفتاة صدمة شديدة . "
قلت لها موافقاً : " يمكننا أن نقترح عليها هذا . "
قالت جوانا : " أعتقد أن الأولاد سيكونون بخير , فلديهم مربية الأطفال تلك . ولكن أعتقد أن تلك المرأة يمكنها أن تقود ميجان إلى الجنون . "
فكرت أن هذا محتمل للغاية , فقد كان يمكنني أن أتخيل تلك المرأة وهي تستمر بالتفوه بتلك التفاهات , ولا تنفك تعرض عليها احتساء المزيد من أقداح الشاي . إنها مخلوقة طيبة السريرة ولكنني لا أظنها مناسبة لإنسانة حساسة كميجان .
لقد كنت أفكر بالفعل بأن تبتعد ميجان عن منزلها في هذه الفترة العصيبة . ولقد سعدت عندما علمت أن جوانا تفكر في نفس الشيء بشكل عفوي دون إيعاز مني . وبعدما انتهينا من تناول الإفطار ذهبنا إلى بيت آل سيمنجتون .
وكن منزعجين بعض الشيء , فقد كان قدومنا يبدو تطفلاً شديداً . ولكن لحسن الحظ قابلنا أوين جريفيث وهو خارج من بوابة القصر . وقد بدا قلقاً ومنشغلاً .
إلا أنه حياني بشيء من الحرارة وقال : " مرحباً يا بيرتون , إنني مسرور لرؤيتك. إن ما كنت أخشى أن يقع عاجلاً أو آجلاً قد وقع بالفعل . إنه لأمر لعين . "
قالت جوانا بصوت لا تستخدمه إلا عندما تتحدث مع إحدى عماتنا الصم : " صباح الخير دكتور جريفيث . "
فوجئ جريفيث وكست وجهه الحمرة وقال : " أو ـ صباح الخير يا آنسة بيرتون . "
قالت جوانا : " لقد ظننت أنك ربما لم تلاحظ وجودي . "
ازداد وجه جريفيث احمراراً , وكاد يذوب خجلاً . قال : " إنني في غاية الأسف , لقد كنت منشغلاً بأمر ما , فلم أنتبه . "
إلا أن جوانا تابعت كلامها دون رحمة وشفقة : " مع أنني في ذات حجم البشر الأسوياء ويمكن لأي أحد أن ينتبه لوجودي . "
انتحيت بها جانباً وقلت لها : " على رسلك أينها الشرسة . "
تابعت حديثي مع جريفيث قائلاً : " لقد كنت وأختي نتساءل يا جريفيث إذا ما كانت فكرة جيدة أن تمكث الفتاة معنا ليوم أو يومين . ما رأيك ؟ إنني لا أريد أن أدس أنفي في الموضوع ـ ولكن لابد أن الموقف عصيب للغاية على تلك الطفلة المسكينة, فماذا تظن رأي سيمنجتون في الأمر ؟ "
أخذ جريفيث يقلب الفكرة في رأسه لدقيقة أو اثنتين , ثم قال في النهاية : " أعتقد أن هذه الفكرة ممتازة , فهي فتاة عصبية , تقلبة المزاج , وسوف يكون من مصلحتنا أن تبتعد تماماً عن هذا الأمر . صحيح أن الآنسة هولاند تفعل العجائب مع الأولاد والسيد سيمنجتون نفسه , ولكن هذا يكفينا . فالسيد سيمنجتون مفطور القلب ـ مشتت التفكير . "
سألته بتردد : " هل كانت المسألة انتحاراً ؟ "
أومأ جريفيث برأسه قائلاً : " نعم بالفعل , لا يوجد احتمال في أن يكون الأمر حادثة . لقد كتبت رسالة قبل أن تموت قالت فيها : " لا يمكنني أن أستمر . " لابد أن البريد وصل في الظهيرة بالبارحة . لقد كان المظروف على الأرض بالقرب من مقعدها بينما كان الخطاب نفسه مكوراً ومرمياً في المدفأة . "
" ماذا كان ـــ "
ثم توقفت عن الكلام وأنا منزعج من نفسي .
ثم اعتذرت قائلاً : " أستميحك عذراً . "
ابتسم جريفيث ابتسامة خاطفة وحزينة وقال : " لا تخجل من سؤالك , لابد وأن يقرأ الخطاب في أثناء سير التحقيقات . إن هذا الأمر حتمي مع أنه فظيع . لقد كانت واحدة من تلك الرسائل التي تعرفها ـ بذات الأسلوب البذيء . ولقد كان الاتهام هذه المرة بأن الصبي الأصغر كولين ليس من صلب سيمنجتون . "
سألته وأنا أكاد لا أصدق : " وهل تظن هذا صحيحاً ؟ "
هز جريفيث كتفيه وقال : " لا أستطيع أن أقطع برأي في هذا الأمر . إنني أعيش في هذه البلدة منذ خمس سنوات فقط , ولم أعرف عن الزوجين سيمنجتون سوى أنهما زوجين سعيدين في حياتهما الزوجية ومخلصان لعلاقتهما ولأطفالهما . صحيح أن ذلك الولد لا يشبه والديه تماماً ـ فهو ذو شعر أحمر لامع ـ لكن الأطفال غالباً ما يشبهون أجدادهم وجداتهم . "
" لعل عدم التشابه هذا قد يكون هو ما أدى إلى هذه الشائعات , إنه اتهام شرير ولا يستند إلى دليل . "
" إنه من المحتمل جداً لأن أصحاب هذه الأقلام المسمومة لا يكونون ذوي معرفة كبيرة بهؤلاء الناس , لأنهم يتحركون بدافع حقد أعمى . "
قال جوانا : " ولكن يبدو أن هذا الاتهام قد نكأ جرحاً غائراً , وإلا لم تكن لتقتل نفسها , أليس كذلك ؟ "
قال جريفيث في تشكك : " أشك في هذا , لقد كانت السيدة سيمنجتون تعاني من بعض المتاعب الصحية لبعض الوقت , ولقد كانت تمر بنوبات عصبية وهستيرية , لقد كنت أعالجها من حالتها العصبية المظطربة تلك . من المحتمل أن الصدمة التي نتجت عن تلقيها هذه الرسالة قد وضعتها في تلك الحالة مرة أخرى , وأصابتها بنوبة فزع دفعتها للانتحار , ولعلها خشيت ألا يصدقها زوجها إذا ما أنكرت هذه القصة , أو لعله اعتراها شعور بالخزي والاشمئزاز مما جعلها تتخذ هذا القرار غير المتزن . "
قالت جوانا : " إذن فهو انتحار ناتج عن حالة عقلية مضطربة ؟ "
قال جريفيث : " بالضبط , وأعتقد أنه سيقابل ذلك بتفهم كبير أثناء التحقيقات . "
قالت جوانا : " هذا صحيح . "
كان هناك شيء في نبرة صوتها جعل جريفيث يقول بصوت غاضب : " نعم سوف تلقى تفهماً , ألا تتفقين معي يا آنسة بيرتون . "
قالت جوانا : " بل أتفق معك تماماً , وكنت لأفعل نفس الشيء لو كنت مكانك . "
نظر لها أوين بشك , ثم سار مبتعداً عنا , ودلفت أنا وجوانا إلى داخل المنزل . كان باب المنزل مفتوحاً , ولقد رأينا أن ندخل مباشرة بدلاً من قرع الجرس , خاصة وقد سمعنا صوت إلسي هولاند يدوي من داخل المنزل . كانت تخاطب السيد سيمنجتون الذي كان يجلس على أحد المقاعد , وكان في حالة إعياء شديدة . قالت له : " إنك لم تتناول طعام الإفطار , وكذلك لم تأكل شيئاً من الليلة الماضية , ناهيك عن الصدمة التي تلقيتها . إنك بهذا الشكل سوف تضر صحتك , وأنت في هذه المرحلة تحتاج لكل قواك . هذا ما قاله الطبيب قبل أن ينصرف . "
قال سيمنجتون بصوت لا حياة فيه : " إنك عطوفة للغاية يا آنسة هولاند , لكن ـــ "
قالت الآنسة هولاند : " إليك قدح الشاي هذا . " قالتها وهي تدفع إليه القدح بحزم .
كنت أفضل شخصياً أن تعطيه بعض الصودا أو العصائر . فقد بدا بحاجة إليها بالفعل , إلا أنه تناول منها الشاي وقال وهو ينظر إليها : " لا أستطيع شكرك بما يكفي يا آنسة هولاند , إنك إنسانة رائعة . "
فاحمر وجه الفتاة خجلاً وبدت مسرورة لهذا الإطراء . ثم قالت : " ولطيف منك أن تقول هذا يا سيد سيمنجتون , ولكن عليك أن تدعني أفعل ما بوسعي لأساعدك . ولا تقلق بشأن الأولاد ـ إنني سوف أعتني بهم , ولقد استطعت أن أسيطر على الخدم وأهدأ من روعهم , وإذا كان بإمكاني أن أفعل أي شيء يمكنني فعله كأن أكتب خطاباً لأحد ما , أو أن أتصل بأحد ما , فرجاء لا تتردد في طلب ذلك مني . "
كرر السيد سيمنجتون : " إنك عطوفة للغاية . "
وبينما كانت إلسي هولاند تستدير لتمضي إلى شأنها , لمحتنا فهرعت إلينا في بهو المنزل , وقالت بصوت هامس : " أليس هذا أمراً فظيعاً ؟ "


يتبع.........












 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif

  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-05-2011   #20

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

وبينما كنت أنظر إليها : " خطر لي أنها فتاة لطيفة للغاية ؛ فهي عطوفة , وذات كفاءة , وعملية جداً في وقت الأزمات . كانت عيناها الواسعتان الزرقاوان تحيط بهما هالتان ورديتان مما يدل على أنها رقيقة القلب للغاية لكي تذرف الدمع لوفاة مستخدمتها .
قالت لها جوانا : " هل يمكننا أن نحادثك قليلاً , فنحن لا نريد أن نزعج السيد سيمنجتون . "
أومأت إلسي هولاند برأسها وقادتنا نحو غرفة الطعام في الجانب الآخر من البهو , وقالت : " لقد كان أمراً فوق احتماله , يا لها من صدمة . من كان يظن أن شيئاً مثل هذا قد يحدث ؟ ولكنني الآن أدرك بالطبع أنها أحياناً كانت غريبة الأطوار . أحياناً كانت تنتابها نوبات عصبية , وكانت تبكي بشكل غريب . كنت أظن أنها مريضة , رغم أن الدكتور جريفيث كان يؤكد دائماً أنها سليمة ولا شيء بها . ولكنها كانت عدوانية وسريعة الغضب وأحياناً لم نكن نستطيع التعامل معها . "
قالت جوانا : " لقد أتينا اليوم لكي نسأل إذا كان من الممكن أن نصطحب ميجان لكي تمكث معنا لأيام قليلة ـ إذا كانت هي تريد هذا . "
قالت في شيء من الدهشة : " ميجان ؟ لا أدري . إن هذا لطف منكما , ولكنها فتاة غريبة الأطوار , ولا أحد يمكنه أن يعلم بماذا تفكر أو بماذا تشعر . "
قالت جوانا بغموض : " إننا نعتقد أننا بهذا نقدم بعض المساعدة . "
" بالتأكيد , إنكما بهذا سوف تساعدانني كثيراً . فإنني أعتني بالوالدين , فهما الآن مع الطاهية وكذلك السيد سيمنجتون المسكين ـ إنه بالفعل بحاجة للرعاية كأي أحد آخر , وهناك العديد من الأشياء الأخرى علي القيام بها . وإنني بالقطع ليس لدي أي وقت لأعتني بميجان . أعتقد أنها في الطابق العلوي في غرفة الأطفال القديمة التي في أعلى المنزل . لا أدري إذا ــ "
نظرت لي جوانا بسرعة , فهرعت إلى الغرفة في الطابق العلوي .
كانت غرفة الأطفال القديمة في أعلى المنزل . فتحت الباب ودلفت , كانت الغرفة التي تحتها تطل على الحديقة ولم تكن ستائرها قد أسدلت بعد . أما الغرفة التي كانت تطل على الطريق فقد كانت ستائرها مسدلة .
رأيت ميجان من خلال ضوء الغرفة الخافت . كانت تجلس على أريكة في مقابل الجدار , وذكري مشهدها هذا بالحيوانات المذعورة التي تختبئ من مفترسيها . لقد كانت في غاية الخوف .
ناديتها قائلاً : " ميجان . "
تقدمت إليها ودون وعي مني اكتسب صوتي نبرة من يهدئ حيواناً مذعوراً . ولقد شعرت بأنني أمد لها يدي بجزرة أو بقطعة سكر . أخذت تحدق إلي دون أن تتحرك قيد أنملة , أو يتغير الترتيب الذي كان مرتسماً على وجهها .
قلت لها مرة أخرى : " ميجان , لقد أتيت أنا وجوانا لنسألك إذا كنت تحبين أن تأتي معنا لتقضي معنا أياماً قليلة . "
قالت بصوت خاو من وراء الضوء الخافت : " أمكث معكما ؟ في منزلكما ؟ "
" نعم . "
" أتعني أنكما سوف تأخذاني من هنا ؟ "
" نعم يا عزيزتي . "
فجأة بدأت ترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها , لقد كانت ترتعب بقوة وبشكل مرعب .
" نعم , خذاني من هنا أرجوكما,إنه لشيء فظيع أن أبقى هنا وأشعر بأنني شريرة. "
تقدمت لها فأمسَكَت بكم معطفي وتشبثت به بقوة , واستطردت : " إنني جبانة وحقيرة , لم أكن أعرف أنني جبانة إلى هذا الحد . "
قلت لها :" لا عليك يا طفلتي العزيزة . إن الأمور مختلطة بعض الشيء , هيا بنا ."
" هل يمكننا أن نذهب الآن ؟ دون أن نمكث هنا لدقيقة ؟ "
" أعتقد أنك عليك أن تحزمي بعض أغراضك . "
" أية أغراض ؟ لماذا ؟ "
" يا طفلتي العزيزة , إننا سنوفر لك فراشاً وحماماً وأشياء أخرى , ولكنني لا أستطيع أن أعيرك فرشاة أسناني مثلاً . "
ضحكت ضحكة خفيفة مرهقة وقالت : " فهمت , أعتقد أنني حمقاء بعض الشيء اليوم : لا تبال بي . سوف أذهب لكي أحزم بعض الأغراض . وأنت ـ أنت لن تذهب ؟ سوف تنتظرني ؟ "
" سوف أنتظرك على الباب . "
" أشكرك . أشكرك شكراً جزيلاً , أنا آسفة للغاية . ولكنك تعرف أن الوضع يكون خطيراً عندما تموت أمك . "
قلت لها : " أنا أعرف . "
وربت على كتفها بعطف , فنظرت لي بامتنان ثم توارت في غرفة النوم . وذهبت أنا نازلاً الدرج وقلت لإلسي هولاند : " لقد قابلت ميجان , وستأتي معنا . "
قالت إلسي هولاند : " هذا شيء طيب , إن هذا سوف ينسيها حزنها , إنها لفتاة عصبية كما تعلم , إنها صعبة المراس . إنني سوف أرتاح جداً عندما أخرجها من دائرة الأشياء التي يجب أن أقلق بشأنها. وهذا لطف منك أنت أيضاً يا آنسة بيرتون. أرجو ألا تسبب لك إزعاجاً . يا إلهي , إن جرس الهاتف يدق , لابد أن أرد عليه . إن السيد سيمنجتون لا يستطيع أن يرد عليه . "
قالتها وأسرعت تغادر الغرفة , فقالت جوانا : " يا لها من ملاك متفانٍ . "
قلت لها : " إنك تسخرين منها , مع أنها فتاة لطيفة و عطوفة , وتؤدي عملها بكفاءة إلى حد ما . "
" إلى حد ما , وهي تعرف هذا . "
قلت لها : " هذا لا يليق بك يا جوانا . "
" أعني لماذا لا تستطيع الفتاة أن تُعنى بنفسها . "
" فعلاً . "
قالت جوانا : " إنني لا أطيق هؤلاء الناس الذين يختالون بأنفسهم , فهذا يثير طباعي السيئة . كيف وجدت ميجان . "
" وجدتها في غرفة مظلمة جالسة على أريكة كظبي شارد . "
" يا للطفلة المسكينة , هل رحبت بالفكرة ؟ "
" لقد كانت تتوق لذلك بشدة . "
وسمعنا صوت ميجان , وهي تدحرج حقيبتها في طريقها إلينا , فذهبت إليها وأخذت منها الحقيبة . وقالت جوانا : " هيا , فلدي أقداح شاي كثيرة علي أن أتناولها . "
ذهبنا إلى السيارة , وضايقني أنه تعين على جوانا أن تدخل الحقيبة بنفسها في السيارة . لقد كنت أستطيع في هذا الوقت أن أمشي بعكاز واحد , إلا أنني لم أكن أستطيع القيام بأي حركات رياضية .
قلت لميجان : " هيا ادخلي السيارة . "
استقللنا السيارة , فأدارت جوانا المحرك , ومضينا في طريقنا . وصلنا إلى ليتل فيرز وجلسنا في غرفة الرسم .
تهاوت ميجان على مقعدها وانفجرت باكية . أخذت تنتحب بشكل طفولي ـ غادرت الغرفة طلباً للراحة . وأعتقد أن جوانا وقفت هناك عاجزة عن فعل شيء .
ثم سمعت ميجان تقول بصوت مخنوق : " أنا آسفة لأنني أفعل هذا , هذا يبدو تصرفاً أحمق . "
قالت جوانا : " لا , لا عليك , إليك منديل آخر . "
أعتقد أنها قامت بالتصرف السليم . دلفت الغرفة وقدمت لميجان كوباً من العصير .
" ما هذا ؟ "
قلت لها : " بعض العصير الطازج . "
قالت ميجان وقد جفت دموعها بسرعة : " حقاً ؟ أشكرك بشدة . "
ارتشفت ميجان شرابها باستمتاع , ثم أشرق وجهها بابتسامة , ثم أعادت رأسها إلى أسفل وازدرت شرابها حتى الثمالة . ثم قالت : " إنه لذيذ , هل يمكنني أن أحصل على كوب آخر . "
قلت لها : " لا . "
" لماذا ؟ "
" حتى لا تفقدي شهيتك للطعام . "
" يا إلهي . "
ثم حولت ميجان اهتمامها إلى جوانا قائلة : " إنني في غاية الأسف لأنني أحدثت هذه الضوضاء , عندما أخذت أبكي وأنتحب بهذا الشكل . ولا أدري لماذا , لقد كان هذا سخيفاً جداً خاصة أنني في غاية السعادة لوجودي هنا . "
قالت جوانا : " هذا صحيح , نحن في غاية السرور لأنك معنا . "
" لا يمكن أن تكونا سعداء لوجودي . إنه عطفكما ورقتكما , ولكنني ممتنة لكما . "
قالت جوانا : " لا أريدك أن تتفوهي بهذه الكلمات , إن هذا يحرجني للغاية . إنني صادقة للغاية عندما أقول إننا سعداء لوجودك معنا . فأنا وجيري قد تحدثنا في كل الموضوعات الممكنة , ولا يمكننا أن نجد أي شيء آخ يمكننا أن نقوله لبعضنا البعض . "
قلت : " ولكن الآن , سوف نستطيع أن نتحدث عن جونريل وريجان وأشياء من هذا القبيل . "
تهللت أسارير ميجان وقالت : " لقد كنت أفكر في هذا الأمر , أعتقد أنني أعرف لماذا . إن هذا لأن والدهما المسن البغيض هذا كان يريدهما دائماً أن يتملقاه . فعندما يضطر المرء لأن يقول دائماً شكراً , وهذا عطف منك , فسوف ينتهي به الأمر لأن يصبح غريب الأطوار وفاسد الأخلاق , لأنه سوف يتوق لأن يكون سريراً على سبيل التغيير ـ وعندما ينال الفرصة , سوف يتمادى في الأمر ويغالي فيه . إن العجوز لير كان بغيضاً للغاية , أليس كذلك ؟ إنه يستحق ذلك الازدراء الذي عاملته به كورديليا . "
قلت : " أرى أننا سوف نحظى بمناقشات شقية عن شكسبير . "
قالت جوانا : " أرى أنكما سوف تكثران من التحذلق .
فإنني دائماً ما أرى شكسبير في غاية الملل , حيث هذه الفصول المسرحية الطويلة التي يكون فيها الجميع مخمورين ويحاولون أن يبدوا مضحكين . "
قالت لميجان : " كيف حالك الآن ؟ "
" بخير شكراً لك . "
" ألا تشعرين بالدوار , ألا ترين اثنين من جوانا , أو أي شيء من هذا القبيل . "
" كلا , كل ما هنالك هو أنني أشعر بأنني أريد أن أتحدث كثيراً . "
قلت لها : " ستكونين بخير يا صغيرتي , والآن عليك الذهاب لتأخذي قسطاً من الراحة . "
صحبتها جوانا للطابق العلوي لتخرج الأشياء من حقيبتها . وأتت بارتريدج وقد بدت متكدرة , وقالت أنها لم تصنع إلا موبين من الكاسترد فقط من أجل الغداء , ولا تدري ما العمل .
يتبع..الفصل السادس باذن الله.................












 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif

  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لأجاثا, المتحركة, الأصابع, رواية, كريستي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مكتبة أغاثا كريستي قطرة ندى مكتبة المنتدى ... 0 06-15-2010 11:52 AM
رواية "رمز الذئب منى مكتبة المنتدى ... 1 05-27-2010 12:53 PM
أغاثا كريستي محمد الناصر منتدى الأدب والثقافة العامة 3 04-15-2010 11:23 PM
الحكاية المتحركة تماضر الموح منتدى الأديبة تماضر الموح 2 09-29-2009 10:13 AM
رواية زوربا mfd منتدى الأدب والثقافة العامة 0 05-30-2009 03:31 PM


الساعة الآن 05:57 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
+:: تصميم وتطوير فريق الزيني 2009 : حمزة الزيني ::+