ما يميز حوارات الأخوة الاكارم , ويدل على عمق تفكيرهم وتركيزهم على أصل المشكلة هو أنهم ينحون باللائمة على الأسباب التي تؤدي للإنحراف , فليس هناك خلاف على عظم الخطأ , ولكن ليس من الإنصاف التركيز على الفعل وإهمال المقدمات التي أدت وأوصلت له .
فالزنا جريمة , ولكن له مقدمات وأسباب وظروف تؤدي إليه .
فكما ذكر الأخوة ليس من الإنصاف تهيئة كل الظروف والمقدمات المؤدية إليه , ثم نعتبر أن الخطا الذي أرتكب هو خطأ فردي تتحمل نتيجته الفتاة فقط .
لم تتكلم الأكثرية عن وجوب قتل الرجل الذي إعتدى على عرض رجل آخر وأغرى زوجته وذهب بها بعيدا عن بيت الزوجية لمدة أسبوعين .
الجريمة لها طرفان ويتحملان نفس القدر من المسئولية , بل إن مسئولية الرجل اكبر لأن المرأة عاطفية , وأضعف من الرجل , فالشرع وحتى القانون الوضعي لا يفرق في المسئولية عن تلك الأمور بين الرجل والمرأة .
فلماذا تفرق العادات والتقاليد في حجم المسئولية والعقاب بين الرجل والمرأة ؟؟؟؟؟؟
أعتقد أن العادات والتقاليد سيئة , ولم تنطلق من منطلق أ خلاقي , ففرقت بين الرجل والمرأة في التعامل في مثل تلك الحالات لأن آثار الزنا قد تظهر على المرأة بفقدان عذريتها أو الحمل ولا تظهر الآثار على الرجل .
ولذا فإن منطلق العادات والتقاليد ليس الشرف بشكل صرف , ولكن تمسكا بمظاهره .
وهنا أذكر قصيدة الشاعرة نازك الملائكة التي تصور قصة شاب قتل أخته للمحافظة على شرف العائلة وبعد فعلته أخذته النشوة الكاذبة والفخر بما فعل لرفع رأس العائلة كما يقولون فذهب إلى الخمارة ليشرب الخمر ويعاشر الغانيات بعد غسله للعار ( أنظروا لهذا التناقض الصارخ ) وتصف نازك هذا المشهد في قصيدتها بعنوان " غسل العار " فتقول :
أماه وحشرجة ٌ ودموع وسواد
وإنبجث الدم وإختلج الجسم المطعون
والشعر المتموِّج عشش فيه الطين
(أماه) ولم يسمعها إلا الجزار
وغداً سيجيء الفجر وتصحو الأوراد
والعشرون تنادي والأمل المفتون
فتجيب المرجة والأزهار
رحلت عنا... غسلاً للعار
ويعود الجلاد الوحشي ويلقى الناس
(العار) ويمسح مديته (مزَّقنا العار)
ورجعنا فضلاء بيض السمعة احرار
يا ربَّ الحانة أين الخمر وأين الكاس
نادِ الغانية َ الكسلى العاطرة الأنفاس
أفدي عينيها بالقرآن وبالأقدار
املأ كاساتكَ يا جزار
وعلى المقتولة غسل العار
وسيأتي الفجر وتسأل عنها الفتيات
"أين تراها" فيردُّ الوحش "قتلناها"
وصمة ُ عار في جبهتنا وغسلناها
وستحكي قصتها السوداء الجارات
وسترويها في الحارة حتى النخلات
حتى الأبواب الخشبية لن تنساها
وستهمسها حتى الأحجار
غسلا للعار... غسلاً للعار
يا جارات الحارة يا فتيات القرية
الخبز سنعجنه بدموع مآقينا
سنقص جدائلنا وسنسلخ أيدينا
لتظل ثيابهم بيض اللون نقية
لا بسمة لا فرصة لا لفتة فالمدية
تراقبنا في قبضة والدنا وأخينا
وغداً من يدري اي قفار
ستوارينا غسلاً للعار