:: Home Page ::
آخر 10 مشاركات
ما هي مواصفات الاسهم الحلال الأمريكية (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 688 - الوقت: 09:17 PM - التاريخ: 03-27-2024)           »          بنك سيتي جروب الحقيقي Citigroup (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 345 - الوقت: 03:52 PM - التاريخ: 03-26-2024)           »          افضل شركة توزع أرباح في السوق السعودي (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 352 - الوقت: 09:22 AM - التاريخ: 03-26-2024)           »          شروط استخدام موقع حراج (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 361 - الوقت: 07:39 AM - التاريخ: 03-25-2024)           »          أعضاء مجلس إدارة شركة شمس (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 386 - الوقت: 06:18 AM - التاريخ: 03-25-2024)           »          كيف ابيع اسهم ارامكو الراجحي عبر الهاتف (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 358 - الوقت: 03:55 PM - التاريخ: 03-24-2024)           »          صناديق توزع شهري (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 968 - الوقت: 10:45 PM - التاريخ: 02-18-2024)           »          حلبية و زلبية..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 738 - الوقت: 07:14 PM - التاريخ: 02-16-2024)           »          بهلول..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 802 - الوقت: 04:09 PM - التاريخ: 02-13-2024)           »          صورة من الزمن الجميل..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 888 - الوقت: 01:28 PM - التاريخ: 02-11-2024)



 
استمع إلى القرآن الكريم
 
العودة   منتديات قبيلة البو خابور > الأقــســـام الــعـــامــة > ديوان البوخابور

ديوان البوخابور للنقاش الهادف والبناء

الإهداءات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /11-07-2010   #1

ابوعبدالله
التميز الذهبي

الصورة الرمزية ابوعبدالله

ابوعبدالله غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 556
 تاريخ التسجيل : Feb 2010
 المشاركات : 3,951
 النقاط : ابوعبدالله is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 10

افتراضي قضية الأسبوع ..... القيصــر

رجل كبير بكل معنى الكلمة متزن يحب أن تعطى الأمور حقها من الدراسة و النقاش و الجدية

خبرته في الحياة واسعة عانى كثيرا من الغربة

يحب أبناء عشيرته و يتمنى لهم كل التقدم و النجاح غيور على أبناء عمومته يحن و يشتاق إليهم تربطه معهم ذكريات رائعة

و جميلة . لولا تكاليف الحياة ما غادرهم

دخل منتدانا بكل هدوء و ضرب بقوة على المواضيع الهادفة

ذات الفائدة و كان نعم المحاور

إنه أخونا الغالي القيصر أبو عمر

حصل على الشهادة الثانوية العامة من ثانوية الشهيد حاكم الفندي و تابع دراسته في جامعة حلب اختصاص هندسة مدنية . و لأسباب قاهرة ترك الجامعة في السنة الرابعة

هاجر مع زوجته خارج البلد إلا أن إكمال الدراسة كان هاجسه الأول

و حصل على البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة عين شمس رغم كل الصعاب جاهد و ثابر و نجح في ظروف قاسية

و بوجود ثلاثة أولاد إلا أن متطلبات الحياة الأسرية لم تثنيه عن الحصول على مبتغاه التعليمي

أختنا أم عمر عضو في منتدانا تحمل شهادة بكالوريوس في الآداب قسم اللغة العربية من جامعة الإسكندرية و لديها ومؤهل دبلوم التأهيل التربوي من جامعة دمشق و تعمل في التدريس منذ عام 1990 و قد نالت عدة جوائز في الخليج

و حصلت على(Icdl)

إبنهم البكر عمر و هو طالب طب بشري وفقه الله

محمد في المرحلة الإعدادية صف تاسع

و آخر العنقود المدللة تالا في الصف الثاني

أخي أبو عمر نعم العائلة و نعم التربية أعادك الله من الغربة سالما غانما

قضيتنا هذا الإسبوع تمسنا جميعا و هي محور تطورنا على كافة المستويات

إن الشعوب المتحضرة، هى شعوب فى مجملها منظمة متناسقة، تتبع المبدأ الأساسى، الذى أنشأ عليه الخالق عزَّ وجلَّ الكون كله، فكل شئ فى كوننا موزون.. لكل فعل رد فعل، مساو له فى القوة، ومضاد له فى الاتجاه
كل كوكب فى المجموعة الشمسية له جاذبيته، وكل الكواكب تدور حول الشمس، بقوة طرد مركزية، تتساوى بالضبط مع قوة جاذبيتها، لذا فلا هى تنطلق مبتعدة فى الفضاء، ولا تسقط أبداً فى قلب الشمس ووهجها

كل شئ موزون، بمنتهى الدقة
عندما نسافر خارج حدودنا، فأوَّل ما يجذب انتباهنا هو أن كل شئ لديهم منظم ودقيق، ولا أحد منهم يحاول كسر النظام، بل على العكس تماماً
الكل يحب النظام، ويحترمه، ويحرص عليه، ويقدر من يتبعه، وينظر فى ازدراء إلى من يخالفه



ونحن نشاهد هذا، فننبهر، ونعود لنحكى ونتحاكى عنه فى بلادنا، إلا أننا، فى الوقت ذاته لا نسعى قط للعمل به
وكل الأجانب يدركون هذه الحقيقة عنا، ويدركون أننا أبعد ما نكون عن النظام والتنظيم، وربما يريحهم هذا، ويجعلهم ينامون مطمئنين، قريري الأعين؛ لأنهم يدركون قوتنا، ويدركون أكثر أنه لا قيمة لها، بدون النظام


فنحن، كأمة عربية إسلامية، نملك الكثير من مقومات القوة والتقدُّم



أين تكمن عملية غياب النظام والتنظيم فى عالمنا إذن؟

أهى فى خطأ نظم التعليم، التى تعتمد على الحفظ والتلقين، بأكثر مما تعتمد على الفهم والبحث والاستنباط؟
أم أنها فى طبيعة تربيتنا العشوائية،

أم أنه موروث عصور الفساد و الإستعمار

أم أن ابتعادنا عن الدين زاد في الطين بلة

أم أن هناك أسباب أخرى

أخي القيصر أترك لك دفة قيادة هذه القضية الشائكة

وفقك الله











 
التوقيع - ابوعبدالله




[frame="1 80"]
لن يكون لدينا ما نحيا من أجله , إلا إذا كنا على استعداد للموت من أجله ..
يجب أنْ نبدأ العيْش بطريقة لها معنى الآن
[/frame]

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 11-07-2010 الساعة 06:05 PM
 
قديم منذ /11-07-2010   #2

جنى الدخيل
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية جنى الدخيل

جنى الدخيل غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 307
 تاريخ التسجيل : Jul 2009
 المشاركات : 1,283
 النقاط : جنى الدخيل is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

افتراضي

والله نعم الاختيار عمي أبو عبد الله
أحب أن أضيف إلى ما تفضلت به أن عمي أبو عمر رجل مرح جداً..رغم الصورة التي يظهر بها بالجدية المطلقة..ناهيك عن طيبته وتواضعه
عمي أبو عمر وفقك الله لقيادة هذه القضية












 
التوقيع - جنى الدخيل

عِش بالإيمان ، عِش بالأمل ، عِش بلا خوف،
توكل على الله ، واجِه كل العقبات في حياتك
وبرهن لنفسك أنه يمكنك التغلب عليها
 
قديم منذ /11-07-2010   #3

ابوعبدالله
التميز الذهبي

الصورة الرمزية ابوعبدالله

ابوعبدالله غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 556
 تاريخ التسجيل : Feb 2010
 المشاركات : 3,951
 النقاط : ابوعبدالله is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 10

افتراضي

أختي جنى عمك أبو عمر القيصر من أنبل و أطيب الرجال وهو فعلا مرح جدا و بشوش و طيب القلب هذا ما لامسته من خلال حديثي معه هاتفيا
و كتاباته الجدية أبدا لا تعكس شخصه المرح الجميل
أقدم لك أخي أبو عمر اعتذاري الشديد عن غيابي المتكرر لأسبابي الخاصة

وفقك الله











 
التوقيع - ابوعبدالله




[frame="1 80"]
لن يكون لدينا ما نحيا من أجله , إلا إذا كنا على استعداد للموت من أجله ..
يجب أنْ نبدأ العيْش بطريقة لها معنى الآن
[/frame]
 
قديم منذ /11-07-2010   #4

تماضر الموح
شاعرة المنتدى

الصورة الرمزية تماضر الموح

تماضر الموح غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 221
 تاريخ التسجيل : May 2009
 الجنس : ~ MALE/FE-MALE ~
 المكان : القلوب الوفية
 المشاركات : 754
 النقاط : تماضر الموح is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 15

افتراضي

نعم الإختيار أبو عبدلله اخي العزيز لقد وقع اختيارك على من هو كفؤ لإدارة دفة الحوار
وحقيقة هو موضوع غاية في الأهمية ولن نتجاوز أخينا القيصر .. بل نحن بانتظار مايجود به
في هذا الموضوع وسيكون لنا عودة بإذن الله












 
التوقيع - تماضر الموح


عذرا أبناء عمي وإخوتي .. شهداء مدينتي الأبرار
كل ماكتبت قبل قيامتكم المباركة .. لاينتمي لدمي
عذرا .. لدمائكم .. وسحقا للقتلة المجرمين !!!!
 
قديم منذ /11-08-2010   #5

الدكتورة رنا

الدكتورة رنا غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 913
 تاريخ التسجيل : Oct 2010
 الجنس : ~ MALE/FE-MALE ~
 المشاركات : 160
 النقاط : الدكتورة رنا is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 14

مزاجي:
افتراضي

ونعم الاختيار بارك الله بك اخ ابو عبد الله فالخال ابو عمر <قدها وقدود > انشاء الله

مواضيعه متناسقة وتفسيره الفلسفي يعجبني كثيرا

وفقك الله ايها القيصر








 
قديم منذ /11-08-2010   #6

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

الاخ ابو عبدالله :
لعلي اجد نفسي اتجاوز الحد الذي كنت مطالبا" به اخوتي(الا وهو المجاملة) ولا انسى حواري مع اغلى انسان عندي وبصدق لانه يمثل العنوان الذي به اقرأ دفاتر الحياة مستقبلها وحاضرها ولا اشك في انها تكون انموذجا" للمستقبل، انه الخال الغالي (المستشار)، وهنا اود ان اقدم له اعتذاري لربما كنت معه متجاوزا" حقوق(الخال ) على ابن اخته .
اخي ابو عبدالله لا اشك في انني بت واكثر من أي وقت مضى اعترف بان هناك في المنتدى قامات عالية كأشجار النخيل الباسقة تتوسط بهو القلوب لتعطي ثمارها من خلال عطاء" اثبت انه ينقلنا في حقيقة وقواعد الامر من دلالة الفكرة الى قلب الفكرة ومعايشتها ، ومن دلالات المكان الى حيث هو المكان ، اخي عبد الله ها أنذا اجدك بعد انقطاعك وطول انتظاري لكتاباتك التي طالما حيرتني بفحواها بعض الاحايين ،اجدك تكر باتجاهي ونما سابق اذار،اجدك تنقش عباراتك التي اخذت مني موقع المتفكر وباي طريقة ارد لكم ولك الجميل ، التي اتمنى واتمنى ان اكون عند حسن الظن ولا اتجاوز حدود الادب في محاكاة افكار كل اخ عزيز منكم ، واجدك تختار وفق ماتراه نظرتك المتحلقة حول اعتبارات رأيتها انت صحيحة وهي عندي لابد ان تكون صحيحة لان الرسول يقول:
القلوب جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف وإني اقول لكم انني لا اختلف مع أي صديق منكم ولكن طبيعة الحوار ربما هي تجر بعض الذهن الى اقرب ايقونة تلتقي مع مفهوم التناقض ؟
وهو غير ذلك لان اختلاف الرأي لايفسد للود قضية.
لا انه ليس تناقض بل تلاقح الافكار وسبر المفاهيم لاغوار ثنايا القلوب محاولة وصولها شغاف القلب الذي يمكننا من ان ندخل القلب بلا استئذان ،فالموضوع الذي تفضل به الاخ العزيز ابو عبدالله وكما قالت سيدة المنتدى الاخت ام معاذ (بانه غاية في الاهمية).فالنظام هو اساس الحياة،لان النظام لم يكن يوجد لامة تخلى افرادها عن الاخلاق والثقافة فالنظام بحد ذاته ثقافة وهو بالتاكيد اخلاق.
دعوني اتناول وباسهاب مفهوم الثقافة،فالثقافة كمصطلح او مفهوم او تراث او عمل تراكمي يعبر عن فلسفة في رؤى مختلفة ومتباينة لان كلمة ثقافة مأخوذة من الكلمة اللاتينية ( كولتورا) واصلها ( الزرع ) وباختلاف البذور يختلف الزرع وعلى هذا تتكون الثقافة ومن اجل ذلك نجد التوع في الثقافات ثم فلسفة الثقافة وتكون باتجاهات بين الاقتراب والابتعاد وبين التوافق والاختلاف وبين الاشتراك والانفصال .
تقوم بين المجتمع الإسلامي وبين العالم من حوله أسباب وصلات قوية، فهذا المجتمع في سيره وصيرورته معا يخضع لأثر العالم ولتأثيره. ومن أجل تأكيد آخر لهذا المعنى، وفي سبيل طرح واع ومتبصر لأفاق المستقبل في هذا المجتمع نقف، في أسطر قليلة، وقفة استخلاص ومراجعة.
1_ في "عصر النهضة" تعلق الأمر بالنسبة للمجتمع الإسلامي. بما يحق نعته بالاكتشاف المزدوج، أو بالاكتشاف ذي المظهرين المترابطين، اكتشاف أول هو اكتشاف "الآخر" أو "الغير"؛ ذاك هو "الغرب". فقد جعل النظر في أسباب قوته وازدهاره انتباه المفكر المسلم ينصرف إلى "مفهوم التشاور والنصح" وإلى سلامة المؤسسة التي تقود حياته و وقوتها؛ واكتشاف ثان هو اكتشاف "الذات"؛ ذاك هو "الشرق"، والنظر في علة تأخره وأسباب "انحطاطه" قاد إلى القول باعتبار "المسألة الكبرى" (كما يقول الكواكبي) هي الأساس والمصدر.
في مقابل هذا الوعي المزدوج (التأخر/ التقدم) كان "الغرب" صعوداً إمبريالياً وهيمنة استعمارية، وكان "عصر النهضة" هو عصر التحضير لاقتسام تركة "الرجل المريض" وتوزيع غنيمة الوطن العربي والعالم الإسلامي.



لا شك إن مفهوم الثقافة مفهوم موغل في التجريد فمضمونه لا يمكن رؤيته ولا الإحساس به ومما يضاعف غموضه والتباسه أنه مفهوم كثيف المحتوى ومتنوع العناصر إن الناس في أي مجتمع لا يعرفون في الغالب هذا الكائن المعقَّد الذي يصوغهم ويحيط بهم ويوجِّه تفكيرهم ويحدِّد اهتماماتهم انهم ذائبون فيه إنه يسيِّرهم ولا يسيرونه ويوجِّههم ولا يوجِّهونه إنه منغرس فيهم قبل بزوغ وعيهم بل به يتكون هذا الوعي ولكنه في الكثير من الأحيان يكون وعياً زائفاً وسواء عملت الثقافة على تكوين وعي صحيح أم وعي زائف فإن كل الناس ليسوا بتفكيرهم وقيمهم واهتماماتهم وتجليات سلوكهم سوى المظهر الخارجي لهذا الكائن العجيب الذي يعبَّر عنه بلفظ واحد هو الثقافة..


إن الإنسان كائن ثقافي بامتياز فهو صانع الثقافة وفي الوقت ذاته هو مصنوع بها إنها ليست نتاجاً فردياً يختاره الفرد ويوجهه حيث شاء وإنما الثقافات تتكون ضمن ظروف طبيعية وتاريخية واجتماعية وسياسية هي أكبر من كل الأفراد إنها الوسط الذهني الذي يتشكل به تفكيرهم ويتحدد انتماؤهم وتتكون ميولهم إن كل ثقافة تحدد لأهلها من يوالون ومن يعادون إنها تبرمج عواطفهم على أن يحبوا هذا ويكرهوا ذاك وتوجه رغباتهم وتنساب بها دوافعهم بل إن الثقافة هي العقل ذاته ومن هنا تنوعت العقول بتنوع الثقافات فيقال العقل العربي والعقل الانجلوسكسوني والعقل الأمريكي والعقل اللاتيني والعقل السلافي إلى غير ذلك من التنوعات الثقافية التي تجعل الأمم تُفكر بطرق شديدة التنوع…


إن الثقافات سابقة للحضارة سبقاً موغلاً فالجماعات الإنسانية في العصور القديمة عاشت قروناً ممعنة في الطول والامتداد قبل أن تتكون الحضارة لكن لم يوجد أية جماعة دون ثقافة لقد عاش الإنسان أحقاباً طويلة جوالاً في البراري قبل أن يتحضَّر ويستقر في الحواضر أما الثقافة فقد صاحبته منذ وجوده ففي البدء كانت الثقافة وفي البدء كانت اللغة: {وعلَّم آدم الأسماء} فهي الامتياز المطلق للإنسان أما الحضارة فهي نتاج عقلاني جاء متأخراً واستغرق تطويرها آلافاً من السنين ان الاجتماع الإنساني أنتج الثقافة أما الحضارة فهي عناصر مختارة انتجتها الاشراقات الثقافية الاستثنائية النادرة ان الثقافات المتطورة هي التي أنجزت الحضارة فصارت هذه الانجازات متاحة للجميع من كل الثقافات مهما كان مستواها هبوطاً أو صعوداً فالمنجزات الحضارية مشاعة ومشتركة بين كل الأمم أما الثقافات فهي شديدة التمايز والخصوصية ومن هنا جاء التفاوت الشاسع بين الأمم..


إن الكثير من القراء والمتعلمين والباحثين يلتبس عليهم مفهوم الثقافة بمفهوم الحضارة مع أنهما متمايزان أشد التمايز لذلك ينبغي التأكيد الشديد على التمايز الحاسم بين المفهومين فرغم أن الإنسانية تعيش الآن في عصر تعميم التعليم والمعلوماتية وحضارة المعرفة والانترنت والفضائيات والعولمة فإنه يوجد ثقافات مازالت موغلة في التخلف وعاجزة عن الانجاز وغير قادرة على تجاوز المألوف ولكنها تستخدم منجزات الآخرين وربما تتوهم أنها الأرقى فالثقافات بالغة التنوع وشديدة التمايز نزولاً أو ارتقاء وحتى الثقافات المتخلفة التي استفاد أهلها من انجازات الثقافات المتقدمة فإنها رغم هذه الاستفادة الخادعة مازالت محكومة بأنماط عقيمة من الأفكار والقيم والتقاليد فاستخدام منجزات الثقافات المزدهرة لا يدل على الازدهار الثقافي فركوب الطائرة لا يمكن مقارنته بصناعتها بل ان الفرق هنا فرق نوعي…


إن العقل لا يزدهر إلا بمقدار ازدهار الثقافة التي ينشأ عليها فهي رحم العقل وهي قالب العواطف وموجه السلوك فالجنين يحتضنه رحم أمه في فترة التخلق فيمده بما يغذيه وينفعه ويحتاج إليه أما حين يغادر الفرد هذا القرار المكين فإن رحم الثقافة يستقبله ويصوغه ليس دائماً بما هو أصح وأنفع وإنما هي قوالب ثقافية تتوارثها الأجيال آلاف السنين وهي قد تكون قوالب عمياء وقد تكون بصيرة إنها قوالب متنوعة وجاهزة يتشكل بها كل من تقذف بهم الأرحام إلى الدنيا إن الثقافة تصوغ الفرد دون اختياره فيتشكل عقله ووجدانه بما يلائمها لا بما يلائم الفرد انها تنقل الفرد من حالة الطبيعة الطيِّعة القابلة لأية صياغة إلى نمط محدَّد من الأنماط الثقافية وبذلك يخرج من حالة القابلية الهلامية وينتقل إلى شكل محدَّد من أنماط العقل فيكتسب طبيعته الثانية الأكثر استقراراً وثباتاً ويبقى مأسوراً بها في الغالب طول حياته فالثقافة مستقلة عن الأفراد إنها الرحم الذي تتخلَّق به العقول وتصاغ العواطف وتتحدَّد الاتجاهات وتتكوَّن الاهتمامات إنها ذلك الاطار المرجعي الضاغط والجامع الذي يصاحب الأفراد منذ ولادتهم ويستمر معهم أو يستمرون معه إلى يوم وفاتهم لا يخرجهم منه تعليم ولا عمل ولا يخفف سلطانه سفر ولا انتقال ولا تجدي للفكاك من أسره شهادات عليا أما المفتاح الوحيد الذي يعيد للفرد ذاته فهو امتلاك العقل الناقد الذي يتيح للفرد أن يراجع محتويات ذهنه ويعيد فحص عاداته وطريقة تفكيره فيبني وعيه بنفسه ويتحمَّل مسؤولية تكوين رؤاه ومواقفه وسلوكه..


إن اكتشاف طبيعة الثقافة ومعرفة استقلالها عن المتشكلين بها تعد من الاكتشافات العلمية الأساسية الحديثة وبذلك فإن مفهوم الثقافة من المفاهيم المعرفية المحورية ذات الكثافة المضمونية الشديدة وهذه الكثافة الطارئة على اللفظ تقتضي استيعاب معناه الحديث وادراك مكوناته المعقدة قبل استخدامه أما إذا جرى استعماله دون هذا الادراك كما هو حاصل كثيراً فإن هذا الاستعمال يُحدث لدى المتلقي التباساً معرفياً شديداً ويُسهم في حجب المعنى الحديث المركب ويصرف الاهتمام عن الاستقصاء حول ما يعنيه المفهوم ويوهم الناس بأبدية المعنى التلقائي المتبادر..


لقد تغيَّرت المعارف الإنسانية تغيرات واسعة بل في بعض جوانبها جرت عليها تبدَّلات جذرية لكن اللغات التي هي وسيلة التواصل الرئيسة ليس بالامكان تغييرها لتتلاءم مع التغيرات والتبدلات المعرفية وإنما يجري استخدام الألفاظ الموروثة ويعالج قصورها بالاشتقاق وبالمجازات وبالإزاحة الدلالية وبنحت المصطلحات وبتشييد المفاهيم إن الفلاسفة والمفكرين والعلماء والباحثين حين يحققون فتوحاتهم المعرفية لا يجدون أمامهم سوى اللغات الموروثة وهي بطبيعتها أداة قاصرة وهذه المشكلة تعاني منها كل اللغات لكنها تعوِّض هذا القصور بما فيها من مرونة وقابلية للتطويع فتتحمل بعد جهد جهيد كل ما يستجد من المعاني وبهذه الآلية يجري تخطي هذه المشكلة نسبياً فيعمد بناة المعرفة إلى التعبير عن المركَّبات المعرفية الجديدة بنحت مصطلحات وأحياناً يكون المعنى المركَّب الطارئ متعدد العناصر وكثيف التكوين ويحوي مضموناً كلياً يستحيل ان يؤديه اللفظ وحده فيتحول إلى مفهوم واسع ومعقَّد لا يمكن استيعابه إلا بتتبع مراحل تكوينه ومسيرة تطوره ويعدُّ مفهوم الثقافة من أعقد المفاهيم وأوسعها دلالة وأشملها مضموناً مما جعله مصحوباً دائماً بالكثير من الغموض والالتباس…


لذلك باتت معاجم المصطلحات والمفاهيم من المصادر الأساسية للمعرفة الحديثة لكننا في الثقافة العربية مازلنا غرباء عن الكثير من المفاهيم التي تبلورت في الثقافة الغربية وكنموذج على هذه الغربة استعمالنا القاصر أو الخاطئ لمفهوم الثقافة مما أحدث الكثير من اللبس وأضاع المضمون الجديد الذي يمثل اطاراً معرفياً كبير الأهمية انه حين يراد التعبير بمفردة واحدة عن معنى كلي كثير العناصر ومتعدد الوجوه ومتنوع التجليات فإن الاعتماد على قواميس اللغة وحدها أو الاكتفاء بالمتبادر من اللفظ دون استقصاء عن محتواه الجديد الزاخر بعد أن بات من المفاهيم الكلية ذات المضمون الكثيف والعناصر المتعددة إذا حصل ذلك وهو يحصل كثيراً فإنه يحدث ارباكاً شديداً للمعنى وتقزيماً للدلالة وتشويهاً للادراك وتزييفاً للوعي وإغفالاً للتغيرات النوعية التي طرأت على المعرفة الإنسانية واستبعاداً لنتائج العلوم الحديثة التي غيَّرت الرؤى وكشفت المجهولات وبدَّلت المضامين وأضافت إلى المفردات اللغوية دلالات جديدة كثيفة لم تكن الألفاظ دالة عليها لا في أصل وضعها ولا في تشعباتها المجازية ولا في استعمالاتها تاريخياً..


لقد اكتظت المعرفة الإنسانية الحديثة بمفاهيم ذات تعقيد شديد لا تستطيع المفردات اللغوية أن تعبِّر عنها ولكن لا مفرَّ من استخدامها غير أنه لابد أن ندرك أنها بهذا الاستخدام الجديد قد اتسع معناها اتساعاً هائلاً وتضخمت دلالاتها وانزاحت عن معناها القديم وتشبَّعت بمضمون جديد وكثيف ومعقد ونهضت بحمولة ثقيلة باهظة ومن أبرز المفاهيم الجديدة المثقلة بمحتواها الجديد: مفهوم (الثقافة) إننا حين نعود إلى مادة (ثقف) في معاجم اللغة نجد أن (الثقافة) بكسر الثاء تعني الملاعبة بالسيف أما (الثّقاف) فهي أداة لتعديل اعوجاج الرماح أما (ثقَّف) الشيء فتعني سواه وأقام اعوجاجه و(ثَقِفَ) الخل صار لاذعاً شديد الحموضة كما تأتي بمعنى ظفر به وأدركه كما تجيء بمعنى وجده وصادفه وفي القرآن: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} وفي الآية الأخرى: {ضربت عليهم الذلة أينما ثُقفوا} وفي آي ثالثة: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء} وتأتي بمعنى الخصام والقتال والمنابذة كما تأتي بمعنى الأسر والحبس والقيد ومنه قوله تعالى: {فإما تثقفنَّهم في الحرب فشرِّد بهم من خلفهم} كما تأتي بمعنى الحذق والمهارة والفهم والذكاء والتهذيب ومن الواضح أن كل هذه المعاني بمضمونها المعجمي الموروث لا تستطيع أن تؤدي المعنى الحديث الكثيف المعقَّد الذي يدل عليه مفهوم (الثقافة) في هذا العصر…


وهذه الكثافة الطارئة لمعاني المفردات التي تحوَّلت إلى مفاهيم مزدحمة ومثقلة بمضمونها الجديد هي معضلة معرفية عامة واجهت كل اللغات إن تيري ايجلتون يستهل كتابه عن (فكرة الثقافة) بالتنبيه إلى أن كلمة (ثقافة) هي احدى كلمات ثلاث يكتنفها أشد التعقيد في اللغة الانجليزية وما من شك بأنها في اللغة العربية أشد بعداً عن معانيها المعجمية ويعود هذا البُعد وهذا التعقيد إلى أنه يراد التعبير بلفظ واحد عن تركيبة طارئة معقدة من المعاني الواسعة الجديدة كما أن هذه التركيبة تتغيَّر عناصرها ويختلف محتواها باختلاف الثقافات ومن هنا يكون تحرير هذا المفهوم من أشد الضرورات المعرفية لأنه من غير هذا التحرير لا نستبين الفرق بين العلم والثقافة ولا ندرك الاختلافات الشاسعة بين الثقافات ولا نميز بين المعلومات المتماثلة التي يتلقاها الدارسون في التعليم في المجتمعات المختلفة وبين الثقافة التي يختص كل مجتمع بنوع منها مغاير لثقافات الآخرين…


إن ذهن الفرد ليس ملك صاحبه وإنما هو ملك الثقافة التي صاغته إنه محاصر من حيث لا يدري فينشأ مغتبطاً بهذا الحصار الذي لا يحس به لذلك فإن أول وأهم واجبات الفرد أن يضطلع بمسؤوليته عن واقعه وعن مصيره وأن يستعيد ذاته ويشيِّد وعيه بنفسه ولكن الفرد لن يضطلع بهذا العبء الاستدراكي الثقيل إلا إذا زالت غبطته بما هو عليه وأدرك أنه مختطف العقل والوجدان وأن قناعاته وعواطفه ليست من ابداع وعيه وإنما هي سابقة لبزوغ هذا الوعي انه بهذا الاكتشاف المتأخر لعمليات التشكيل التلقائية والمخططة التي صاغت عقله ووجدانه يكون قد قطع نصف المسافة إلى استعادة ذاته ويبقى عليه أن يواصل بناء قناعاته بنفسه وأن يتحرى الحقيقة ويلتزم بها حيثما كانت وأن يتقبلها من أي مصدر أتت…


إن الثقافة سابقة لوجود الفرد وهي نتاج تاريخي معقد إن الفرد يولد في الصين أو اليابان أو الهند أو البرازيل أو كندا فيصاغ بهذه الثقافة أو تلك دون اختياره وهو في الغالب يعتقد انه محظوظ بثقافته متوهماً امتياز العرق الذي ينتمي إليه واللغة التي يتكلم بها والتصورات التي تشبّع بها تلقائياً إن الثقافة سابقة للتعليم فهي تحكمه ولا يحكمها وهي ترتهنه ولا يرتهنها وبهذا يظهر أن مفهوم الثقافة يعد من أعقد المفاهيم الحديثة التي لا يكفي لفهمها استقراء المعاجم اللغوية وإنما لابد من التعرف عليها من مراجع الفرع العلمي الذي تنتسب إليه أو ينتسب هو إليها وبهذا فإن مفهوم الثقافة لا يمكن فهمه من مراجعة قواميس اللغة وإنما يستوجب الأمر الاطلاع على مراجع علم (الإناسة) فهذا العلم من أهم علوم العصر ومن أكثرها نفعاً وهو مقسم إلى فرعين رئيسيين هما: الانثروبولوجيا الطبيعية والانثروبولوجيا الثقافية الأول يدرس الإنسان عضوياً ويتتبع مراحل نشأته والصفات المميزة له وتفرعاته السلالية وخصائص كل سلالة ونقاط الالتقاء والافتراق بين الإنسان جسدياً والعضويات الأخرى أما الانثربولوجيا الثقافية فتدرس الثقافات المتنوعة وتحاول فهم بدايات النشأة ومراحل التطور وأسباب هذه التنوعات الثقافية وهي تستعين بكافة المنجزات والمخزونات والمدونات والآثار والممارسات الثقافية فتدرس التاريخ الثقافي كما تدرس اللغات وتحاول أن تستخلص منها الاتجاهات الذهنية السائدة في كل منها وأنواع الاهتمامات التي حركت أهلها في اتجاهات مختلفة كما تدرس الآثار وكل ما يدل على كيفيات النشأة ومراحل التطور كما تدرس المؤسسات الاجتماعية والسياسية والدينية والعادات والتقاليد وتتعرف على منظومات القيم المتباينة وعلى الاهتمامات المختلفة وعلى التراتبات الاجتماعية المتمايزة وعلى التغيرات التي مرت بها كما تهتم بالتنوعات الجغرافية التي تكوَّنت فيها الثقافات المتنوعة لتحدد أثر البيئة الطبيعية في كل منها ونسبة هذا الأثر قياساً بالمؤثرات الأخرى..


إن مفهوم الثقافة من المفاهيم المحورية الحديثة وهو باتساعه وتعقيدات محتواه قد استغرق علماً بأكمله بل إنه من أبرز الأسس التي تنهض عليه كل العلوم الاجتماعية أما علم الأناسة فهو يستفيد من كل العلوم ويحاول أن يتعرف على طبيعة هذا الكائن المراوغ العجيب ومن أجل ذلك صار من أوسع العلوم مجالاً وأشدها تعقيداً وأكثرها غموضاً وأبعدها عن البداهات السائدة لذلك فإن مفهوم الثقافة مفهوم محوري شديد الكثافة لا بد من استيعابه وفهمه أما دون هذا الاستيعاب والفهم فسوف يفوتنا ادراك أسباب التباينات الصارخة في أوضاع المجتمعات فعقول البشر تتباين بمقدار تباين الثقافات التي يصاغون بها ولكن هذه الحقيقة الهامة مازالت محتجبة بشكل كثيف ليس فقط عن عامة المتعلمين وإنما عن الكثير من أهل الرأي المعتبر أما أسباب غموض ومراوغة والتباس مفهوم الثقافة فسوف تكون موضوع المقالة التالية إن شاء الله… إن مفهوم الثقافة مفهوم موغل في التجريد فمضمونه لا يمكن رؤيته ولا الإحساس به ومما يضاعف غموضه والتباسه أنه مفهوم كثيف المحتوى ومتنوع العناصر إن الناس في أي مجتمع لا يعرفون في الغالب هذا الكائن المعقَّد الذي يصوغهم ويحيط بهم ويوجِّه تفكيرهم ويحدِّد اهتماماتهم انهم ذائبون فيه إنه يسيِّرهم ولا يسيرونه ويوجِّههم ولا يوجِّهونه إنه منغرس فيهم قبل بزوغ وعيهم بل به يتكون هذا الوعي ولكنه في الكثير من الأحيان يكون وعياً زائفاً وسواء عملت الثقافة على تكوين وعي صحيح أم وعي زائف فإن كل الناس ليسوا بتفكيرهم وقيمهم واهتماماتهم وتجليات سلوكهم سوى المظهر الخارجي لهذا الكائن العجيب الذي يعبَّر عنه بلفظ واحد هو الثقافة..


إن الإنسان كائن ثقافي بامتياز فهو صانع الثقافة وفي الوقت ذاته هو مصنوع بها إنها ليست نتاجاً فردياً يختاره الفرد ويوجهه حيث شاء وإنما الثقافات تتكون ضمن ظروف طبيعية وتاريخية واجتماعية وسياسية هي أكبر من كل الأفراد إنها الوسط الذهني الذي يتشكل به تفكيرهم ويتحدد انتماؤهم وتتكون ميولهم إن كل ثقافة تحدد لأهلها من يوالون ومن يعادون إنها تبرمج عواطفهم على أن يحبوا هذا ويكرهوا ذاك وتوجه رغباتهم وتنساب بها دوافعهم بل إن الثقافة هي العقل ذاته ومن هنا تنوعت العقول بتنوع الثقافات فيقال العقل العربي والعقل الانجلوسكسوني والعقل الأمريكي والعقل اللاتيني والعقل السلافي إلى غير ذلك من التنوعات الثقافية التي تجعل الأمم تُفكر بطرق شديدة التنوع…


إن الثقافات سابقة للحضارة سبقاً موغلاً فالجماعات الإنسانية في العصور القديمة عاشت قروناً ممعنة في الطول والامتداد قبل أن تتكون الحضارة لكن لم يوجد أية جماعة دون ثقافة لقد عاش الإنسان أحقاباً طويلة جوالاً في البراري قبل أن يتحضَّر ويستقر في الحواضر أما الثقافة فقد صاحبته منذ وجوده ففي البدء كانت الثقافة وفي البدء كانت اللغة: {وعلَّم آدم الأسماء} فهي الامتياز المطلق للإنسان أما الحضارة فهي نتاج عقلاني جاء متأخراً واستغرق تطويرها آلافاً من السنين ان الاجتماع الإنساني أنتج الثقافة أما الحضارة فهي عناصر مختارة انتجتها الاشراقات الثقافية الاستثنائية النادرة ان الثقافات المتطورة هي التي أنجزت الحضارة فصارت هذه الانجازات متاحة للجميع من كل الثقافات مهما كان مستواها هبوطاً أو صعوداً فالمنجزات الحضارية مشاعة ومشتركة بين كل الأمم أما الثقافات فهي شديدة التمايز والخصوصية ومن هنا جاء التفاوت الشاسع بين الأمم..


إن الكثير من القراء والمتعلمين والباحثين يلتبس عليهم مفهوم الثقافة بمفهوم الحضارة مع أنهما متمايزان أشد التمايز لذلك ينبغي التأكيد الشديد على التمايز الحاسم بين المفهومين فرغم أن الإنسانية تعيش الآن في عصر تعميم التعليم والمعلوماتية وحضارة المعرفة والانترنت والفضائيات والعولمة فإنه يوجد ثقافات مازالت موغلة في التخلف وعاجزة عن الانجاز وغير قادرة على تجاوز المألوف ولكنها تستخدم منجزات الآخرين وربما تتوهم أنها الأرقى فالثقافات بالغة التنوع وشديدة التمايز نزولاً أو ارتقاء وحتى الثقافات المتخلفة التي استفاد أهلها من انجازات الثقافات المتقدمة فإنها رغم هذه الاستفادة الخادعة مازالت محكومة بأنماط عقيمة من الأفكار والقيم والتقاليد فاستخدام منجزات الثقافات المزدهرة لا يدل على الازدهار الثقافي فركوب الطائرة لا يمكن مقارنته بصناعتها بل ان الفرق هنا فرق نوعي…


إن العقل لا يزدهر إلا بمقدار ازدهار الثقافة التي ينشأ عليها فهي رحم العقل وهي قالب العواطف وموجه السلوك فالجنين يحتضنه رحم أمه في فترة التخلق فيمده بما يغذيه وينفعه ويحتاج إليه أما حين يغادر الفرد هذا القرار المكين فإن رحم الثقافة يستقبله ويصوغه ليس دائماً بما هو أصح وأنفع وإنما هي قوالب ثقافية تتوارثها الأجيال آلاف السنين وهي قد تكون قوالب عمياء وقد تكون بصيرة إنها قوالب متنوعة وجاهزة يتشكل بها كل من تقذف بهم الأرحام إلى الدنيا إن الثقافة تصوغ الفرد دون اختياره فيتشكل عقله ووجدانه بما يلائمها لا بما يلائم الفرد انها تنقل الفرد من حالة الطبيعة الطيِّعة القابلة لأية صياغة إلى نمط محدَّد من الأنماط الثقافية وبذلك يخرج من حالة القابلية الهلامية وينتقل إلى شكل محدَّد من أنماط العقل فيكتسب طبيعته الثانية الأكثر استقراراً وثباتاً ويبقى مأسوراً بها في الغالب طول حياته فالثقافة مستقلة عن الأفراد إنها الرحم الذي تتخلَّق به العقول وتصاغ العواطف وتتحدَّد الاتجاهات وتتكوَّن الاهتمامات إنها ذلك الاطار المرجعي الضاغط والجامع الذي يصاحب الأفراد منذ ولادتهم ويستمر معهم أو يستمرون معه إلى يوم وفاتهم لا يخرجهم منه تعليم ولا عمل ولا يخفف سلطانه سفر ولا انتقال ولا تجدي للفكاك من أسره شهادات عليا أما المفتاح الوحيد الذي يعيد للفرد ذاته فهو امتلاك العقل الناقد الذي يتيح للفرد أن يراجع محتويات ذهنه ويعيد فحص عاداته وطريقة تفكيره فيبني وعيه بنفسه ويتحمَّل مسؤولية تكوين رؤاه ومواقفه وسلوكه..


إن اكتشاف طبيعة الثقافة ومعرفة استقلالها عن المتشكلين بها تعد من الاكتشافات العلمية الأساسية الحديثة وبذلك فإن مفهوم الثقافة من المفاهيم المعرفية المحورية ذات الكثافة المضمونية الشديدة وهذه الكثافة الطارئة على اللفظ تقتضي استيعاب معناه الحديث وادراك مكوناته المعقدة قبل استخدامه أما إذا جرى استعماله دون هذا الادراك كما هو حاصل كثيراً فإن هذا الاستعمال يُحدث لدى المتلقي التباساً معرفياً شديداً ويُسهم في حجب المعنى الحديث المركب ويصرف الاهتمام عن الاستقصاء حول ما يعنيه المفهوم ويوهم الناس بأبدية المعنى التلقائي المتبادر..


لقد تغيَّرت المعارف الإنسانية تغيرات واسعة بل في بعض جوانبها جرت عليها تبدَّلات جذرية لكن اللغات التي هي وسيلة التواصل الرئيسة ليس بالامكان تغييرها لتتلاءم مع التغيرات والتبدلات المعرفية وإنما يجري استخدام الألفاظ الموروثة ويعالج قصورها بالاشتقاق وبالمجازات وبالإزاحة الدلالية وبنحت المصطلحات وبتشييد المفاهيم إن الفلاسفة والمفكرين والعلماء والباحثين حين يحققون فتوحاتهم المعرفية لا يجدون أمامهم سوى اللغات الموروثة وهي بطبيعتها أداة قاصرة وهذه المشكلة تعاني منها كل اللغات لكنها تعوِّض هذا القصور بما فيها من مرونة وقابلية للتطويع فتتحمل بعد جهد جهيد كل ما يستجد من المعاني وبهذه الآلية يجري تخطي هذه المشكلة نسبياً فيعمد بناة المعرفة إلى التعبير عن المركَّبات المعرفية الجديدة بنحت مصطلحات وأحياناً يكون المعنى المركَّب الطارئ متعدد العناصر وكثيف التكوين ويحوي مضموناً كلياً يستحيل ان يؤديه اللفظ وحده فيتحول إلى مفهوم واسع ومعقَّد لا يمكن استيعابه إلا بتتبع مراحل تكوينه ومسيرة تطوره ويعدُّ مفهوم الثقافة من أعقد المفاهيم وأوسعها دلالة وأشملها مضموناً مما جعله مصحوباً دائماً بالكثير من الغموض والالتباس…


لذلك باتت معاجم المصطلحات والمفاهيم من المصادر الأساسية للمعرفة الحديثة لكننا في الثقافة العربية مازلنا غرباء عن الكثير من المفاهيم التي تبلورت في الثقافة الغربية وكنموذج على هذه الغربة استعمالنا القاصر أو الخاطئ لمفهوم الثقافة مما أحدث الكثير من اللبس وأضاع المضمون الجديد الذي يمثل اطاراً معرفياً كبير الأهمية انه حين يراد التعبير بمفردة واحدة عن معنى كلي كثير العناصر ومتعدد الوجوه ومتنوع التجليات فإن الاعتماد على قواميس اللغة وحدها أو الاكتفاء بالمتبادر من اللفظ دون استقصاء عن محتواه الجديد الزاخر بعد أن بات من المفاهيم الكلية ذات المضمون الكثيف والعناصر المتعددة إذا حصل ذلك وهو يحصل كثيراً فإنه يحدث ارباكاً شديداً للمعنى وتقزيماً للدلالة وتشويهاً للادراك وتزييفاً للوعي وإغفالاً للتغيرات النوعية التي طرأت على المعرفة الإنسانية واستبعاداً لنتائج العلوم الحديثة التي غيَّرت الرؤى وكشفت المجهولات وبدَّلت المضامين وأضافت إلى المفردات اللغوية دلالات جديدة كثيفة لم تكن الألفاظ دالة عليها لا في أصل وضعها ولا في تشعباتها المجازية ولا في استعمالاتها تاريخياً..


لقد اكتظت المعرفة الإنسانية الحديثة بمفاهيم ذات تعقيد شديد لا تستطيع المفردات اللغوية أن تعبِّر عنها ولكن لا مفرَّ من استخدامها غير أنه لابد أن ندرك أنها بهذا الاستخدام الجديد قد اتسع معناها اتساعاً هائلاً وتضخمت دلالاتها وانزاحت عن معناها القديم وتشبَّعت بمضمون جديد وكثيف ومعقد ونهضت بحمولة ثقيلة باهظة ومن أبرز المفاهيم الجديدة المثقلة بمحتواها الجديد: مفهوم (الثقافة) إننا حين نعود إلى مادة (ثقف) في معاجم اللغة نجد أن (الثقافة) بكسر الثاء تعني الملاعبة بالسيف أما (الثّقاف) فهي أداة لتعديل اعوجاج الرماح أما (ثقَّف) الشيء فتعني سواه وأقام اعوجاجه و(ثَقِفَ) الخل صار لاذعاً شديد الحموضة كما تأتي بمعنى ظفر به وأدركه كما تجيء بمعنى وجده وصادفه وفي القرآن: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} وفي الآية الأخرى: {ضربت عليهم الذلة أينما ثُقفوا} وفي آي ثالثة: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء} وتأتي بمعنى الخصام والقتال والمنابذة كما تأتي بمعنى الأسر والحبس والقيد ومنه قوله تعالى: {فإما تثقفنَّهم في الحرب فشرِّد بهم من خلفهم} كما تأتي بمعنى الحذق والمهارة والفهم والذكاء والتهذيب ومن الواضح أن كل هذه المعاني بمضمونها المعجمي الموروث لا تستطيع أن تؤدي المعنى الحديث الكثيف المعقَّد الذي يدل عليه مفهوم (الثقافة) في هذا العصر…


وهذه الكثافة الطارئة لمعاني المفردات التي تحوَّلت إلى مفاهيم مزدحمة ومثقلة بمضمونها الجديد هي معضلة معرفية عامة واجهت كل اللغات إن تيري ايجلتون يستهل كتابه عن (فكرة الثقافة) بالتنبيه إلى أن كلمة (ثقافة) هي احدى كلمات ثلاث يكتنفها أشد التعقيد في اللغة الانجليزية وما من شك بأنها في اللغة العربية أشد بعداً عن معانيها المعجمية ويعود هذا البُعد وهذا التعقيد إلى أنه يراد التعبير بلفظ واحد عن تركيبة طارئة معقدة من المعاني الواسعة الجديدة كما أن هذه التركيبة تتغيَّر عناصرها ويختلف محتواها باختلاف الثقافات ومن هنا يكون تحرير هذا المفهوم من أشد الضرورات المعرفية لأنه من غير هذا التحرير لا نستبين الفرق بين العلم والثقافة ولا ندرك الاختلافات الشاسعة بين الثقافات ولا نميز بين المعلومات المتماثلة التي يتلقاها الدارسون في التعليم في المجتمعات المختلفة وبين الثقافة التي يختص كل مجتمع بنوع منها مغاير لثقافات الآخرين…


إن ذهن الفرد ليس ملك صاحبه وإنما هو ملك الثقافة التي صاغته إنه محاصر من حيث لا يدري فينشأ مغتبطاً بهذا الحصار الذي لا يحس به لذلك فإن أول وأهم واجبات الفرد أن يضطلع بمسؤوليته عن واقعه وعن مصيره وأن يستعيد ذاته ويشيِّد وعيه بنفسه ولكن الفرد لن يضطلع بهذا العبء الاستدراكي الثقيل إلا إذا زالت غبطته بما هو عليه وأدرك أنه مختطف العقل والوجدان وأن قناعاته وعواطفه ليست من ابداع وعيه وإنما هي سابقة لبزوغ هذا الوعي انه بهذا الاكتشاف المتأخر لعمليات التشكيل التلقائية والمخططة التي صاغت عقله ووجدانه يكون قد قطع نصف المسافة إلى استعادة ذاته ويبقى عليه أن يواصل بناء قناعاته بنفسه وأن يتحرى الحقيقة ويلتزم بها حيثما كانت وأن يتقبلها من أي مصدر أتت…


إن الثقافة سابقة لوجود الفرد وهي نتاج تاريخي معقد إن الفرد يولد في الصين أو اليابان أو الهند أو البرازيل أو كندا فيصاغ بهذه الثقافة أو تلك دون اختياره وهو في الغالب يعتقد انه محظوظ بثقافته متوهماً امتياز العرق الذي ينتمي إليه واللغة التي يتكلم بها والتصورات التي تشبّع بها تلقائياً إن الثقافة سابقة للتعليم فهي تحكمه ولا يحكمها وهي ترتهنه ولا يرتهنها وبهذا يظهر أن مفهوم الثقافة يعد من أعقد المفاهيم الحديثة التي لا يكفي لفهمها استقراء المعاجم اللغوية وإنما لابد من التعرف عليها من مراجع الفرع العلمي الذي تنتسب إليه أو ينتسب هو إليها وبهذا فإن مفهوم الثقافة لا يمكن فهمه من مراجعة قواميس اللغة وإنما يستوجب الأمر الاطلاع على مراجع علم (الإناسة) فهذا العلم من أهم علوم العصر ومن أكثرها نفعاً وهو مقسم إلى فرعين رئيسيين هما: الانثروبولوجيا الطبيعية والانثروبولوجيا الثقافية الأول يدرس الإنسان عضوياً ويتتبع مراحل نشأته والصفات المميزة له وتفرعاته السلالية وخصائص كل سلالة ونقاط الالتقاء والافتراق بين الإنسان جسدياً والعضويات الأخرى أما الانثربولوجيا الثقافية فتدرس الثقافات المتنوعة وتحاول فهم بدايات النشأة ومراحل التطور وأسباب هذه التنوعات الثقافية وهي تستعين بكافة المنجزات والمخزونات والمدونات والآثار والممارسات الثقافية فتدرس التاريخ الثقافي كما تدرس اللغات وتحاول أن تستخلص منها الاتجاهات الذهنية السائدة في كل منها وأنواع الاهتمامات التي حركت أهلها في اتجاهات مختلفة كما تدرس الآثار وكل ما يدل على كيفيات النشأة ومراحل التطور كما تدرس المؤسسات الاجتماعية والسياسية والدينية والعادات والتقاليد وتتعرف على منظومات القيم المتباينة وعلى الاهتمامات المختلفة وعلى التراتبات الاجتماعية المتمايزة وعلى التغيرات التي مرت بها كما تهتم بالتنوعات الجغرافية التي تكوَّنت فيها الثقافات المتنوعة لتحدد أثر البيئة الطبيعية في كل منها ونسبة هذا الأثر قياساً بالمؤثرات الأخرى..

إن مفهوم الثقافة من المفاهيم المحورية الحديثة وهو باتساعه وتعقيدات محتواه قد استغرق علماً بأكمله بل إنه من أبرز الأسس التي تنهض عليه كل العلوم الاجتماعية أما علم الأناسة فهو يستفيد من كل العلوم ويحاول أن يتعرف على طبيعة هذا الكائن المراوغ العجيب ومن أجل ذلك صار من أوسع العلوم مجالاً وأشدها تعقيداً وأكثرها غموضاً وأبعدها عن البداهات السائدة لذلك فإن مفهوم الثقافة مفهوم محوري شديد الكثافة لا بد من استيعابه وفهمه أما دون هذا الاستيعاب والفهم فسوف يفوتنا ادراك أسباب التباينات الصارخة في أوضاع المجتمعات فعقول البشر تتباين بمقدار تباين الثقافات التي يصاغون بها ولكن هذه الحقيقة الهامة مازالت محتجبة بشكل كثيف ليس فقط عن عامة المتعلمين وإنما عن الكثير من أهل الرأي المعتبر أما أسباب غموض ومراوغة والتباس مفهوم الثقافة والاخلاق وارتباطهما النظام الحياتي الذي ينظم علاقاتهم الاجتماعية مع بعضهم فسوف تكون موضوع المقالة التالية إن شاء .
بانتظار ردودكم
ومعذرة للاطالة لاهمية الموضوع..








التعديل الأخير تم بواسطة القيصر ; 11-08-2010 الساعة 01:01 PM
 
قديم منذ /11-08-2010   #7

عثمان الغدير

عثمان الغدير غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 819
 تاريخ التسجيل : Jul 2010
 الجنس : ~ MALE/FE-MALE ~
 المكان : سوريا - دير الزور
 المشاركات : 1,160
 النقاط : عثمان الغدير is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 0

افتراضي

الأخ أبو عبدالله
ضربة معلم ....... باختيارك لأخونا وابن أختنا العزيز القيصر
لقيادة دفة الحوار والمناقشة بقضية هامة وأساسية تقوم عليها كل ميادين الحياة (النظام)
وهي الأساس الذي يميز الانسان عن باقي الخلائق
نتمنى التوفيق لك أخونا القيصر بقيادة هذه القضية لما فيه الخير والفائدة وفقك الله
ولي عودة للموضوع لاحقاً باذن الله








 
قديم منذ /11-08-2010   #8

محمود المشعان
المشرف العام

الصورة الرمزية محمود المشعان

محمود المشعان غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 610
 تاريخ التسجيل : Mar 2010
 المشاركات : 1,940
 النقاط : محمود المشعان is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

الأخ القيصر..و نعم الإختيار

أخي أبو عمر .. أنت دائماً تذهلنا بردودك و تفاعلك مع أي قضية و أي موضوع يطرح على صفحات هذا المنتدى.. دائماً تغلب على ردودك الجدية ..و هذا إن دل فإنما يدل على هذه الخلفية الثقافية لديك ..

و الآن الأخ أبو عبدالله ..يختارك لأصعب مهمة.. ومن أصعب القضايا التي عرضت في قضايا الأسبوع..

فأرجوا من الله أن يوفقك على إدارة هذه القضية..

الأخ القيصر ..نعود الآن الى القضية..

أخي أنت تكلمت في قضيتك عن الثقافة و مدى تطورها مع الزمن..فالمطلوب التحدث عن النظام وتطوره و دوره في الحياة المعاصرة..نعود الى كتاب الله سبحانه و تعالى و كيف خلق الكون..

لقد بنى الله سبحانه وتعالى الكون كله على نظام دقيق مذهل لا مكان فيه للفوضى والاضطراب.. قال سبحانه : ( وخلق كل شيء فقدره تقديراً).. وقال سبحانه : ( سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى ).

وفي ضمن هذا الإحكام ولحكمة باهرة أعطى سبحانه الإنسان قدراً من الحرية والاختيار ابتلاءً وامتحاناً وخلال هذا القدر من الحرية يستطيع الإنسان أن ينظم حياته أو أن يبقيها فوضى مضطربة ودواعي التنظيم لحياة الإنسان تحيط به في كل ذرة من هذا الكون في تقلب الليل والنهار واختلاف الفصول والأحوال ونضوج الثمار وتوالد الحيوان.. فالنظام هو سمة وعنوان الكون كله من الذرة إلى المجرة..

وجاء شرع الله مرسخاً لهذه الحقيقة الكونية في تعاليمه وأحكامه في العبادات والمعاملات. فإذا لم يستجب الإنسان لكل لهذه الدواعي والمؤثرات وينظم ما بقي من حياته مما أعطي حق الاختيار فيه فهو الاضطراب والصراع مع جميع المخلوقات من حوله وهو الضنك والتعب والتعاسة في حياته وهو الإخفاق وقلة الإنتاج وضآلة العطاء في أعماله.. ثم النهاية أن يصاب الفوضوي بالإحباط واليأس والتوتر والقلق حين يرى الناس وقد قطعوا شوطاً بعيداً في الحياة وهو ما زال يراوح في مكانه، والنتيجة النهائية لذلك كله ضياع الوقت الذي هو إهدار الحياة ولا حول ولا قوة إلاّ بالله. ويمكننا أن نعرّف التنظيم تعريفاً مبسطاً سهلاً فنقول: إنه استخدام الوسائل الممكنة لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال خطة محكمة..

سأكتفي الآن بهذا .. ولنا عودة إنشاء الله..
















 
التوقيع - محمود المشعان

أمنيتي أن أمزج ألوان العالم وأصبغ بها رؤيتي

 
قديم منذ /11-08-2010   #9

المستشار

المستشار غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 303
 تاريخ التسجيل : Jun 2009
 المشاركات : 2,376
 النقاط : المستشار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 17

افتراضي

إبن الأخت العزيز القيصر .
ليس عيبا أن تعبر عن رأيك بصراحة .
وليس من الخطأ أن أعبرعن وجهة نظر مخالفة .
فتلك ظاهرة صحية ومطلوبة وخاصة في منتدانا .
ولكن الأجمل من كل ذلك أن نمتلك في لحظة من اللحظات القدرة على التحدث خارج دائرة ذواتنا بأن نقدم الإعتذار وهذا ما فعلته أنا أكثرمن مرة , وفعله كثير من الأخوة الاكارم في منتدى البوخابور وانت منهم وهذه صفات قوة في الشخصية , وثقة بالنفس فشكرا لك .
أستطيع أن أقول واثقا أن هذه الروح الأخوية غير موجودة في كثير من المنتديات , وتعتبر ميزة أساسية لمنتدانا .
أنت إبن أخت عزيز ولك حق علينا ولك أن تتجاوز على خالك كما تشاء وأرجو عدم ذكر ذلك الموضوع ثانية وإعتباره من المنسيات
فيما يخص موضع قضية الأسبوع سأقول على عجالة :
عندما يولد الطفل تكون قدرة معدته على هضم الأشياء محدودة وتقتصر على هضم جرعات صغيرة من الحليب وليس أي حليب بل حليب الأم , ثم ينمو وتزداد قدرته على هضم أنواع مختلفة من الطعام وأنواع عديدة في وجبة واحدة في مرحلة الشباب , وعندما يبلغ من العمر عتيا ( بعد الستين ) تعود قدرته على هضم الأشياء محدودة ثانية ويحتاج الإنسان إلى طعام لين بسيط سهل الهضم , وانا في هذه المرحلة العمرية , لذا أرجو المعذرة فأنا أحتاج لوقت طويل حتى أستطيع هضم هذه الوجبة الدسمة من الأفكار التي قدمتها لنا
ولكنني أقول بشكل سريع وتلخيصا لأحد الأفكار الأساسية التي وردت في المشاركة والتي ينطبق عليها قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( كل مولود يولد على الفطرة , فأبواه يهودانه ,أوينصرانه , أو يمجسانه ).
وهذا هو دور الثقافة المجتمعية .
على كل حال أحتاج لقراءة المشاركة عدة مرات وتجزأة عناصرها لمحاولة المشاركة في الرأي حولها .












 
التوقيع - المستشار

أنا من " آل منتدى البوخابور "

 
قديم منذ /11-08-2010   #10

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود المشعان

الأخ القيصر..و نعم الإختيار



أخي أبو عمر .. أنت دائماً تذهلنا بردودك و تفاعلك مع أي قضية و أي موضوع يطرح على صفحات هذا المنتدى.. دائماً تغلب على ردودك الجدية ..و هذا إن دل فإنما يدل على هذه الخلفية الثقافية لديك ..


و الآن الأخ أبو عبدالله ..يختارك لأصعب مهمة.. ومن أصعب القضايا التي عرضت في قضايا الأسبوع..


فأرجوا من الله أن يوفقك على إدارة هذه القضية..


الأخ القيصر ..نعود الآن الى القضية..


أخي أنت تكلمت في قضيتك عن الثقافة و مدى تطورها مع الزمن..فالمطلوب التحدث عن النظام وتطوره و دوره في الحياة المعاصرة..نعود الى كتاب الله سبحانه و تعالى و كيف خلق الكون..


أخي الحبيب محمود المشعان معك الحق كل الحق لكني اعيدك الى ردي الاول بل الى خاتمته والتي ذكرت لكم فيها اننا سوف نتناول موضوع النظام والتنظيم .
للخطاب معك فرحة عند تلقيه وعند قراءته والانفراد به – وعند تملي معانيه ثم عند كتابة الرد. وخطابك اللطيف أعطاني فرصة أوسع وأرحب كي أنفتح على قلبك الحبيب. إذ أن موضوع الثقافة كان لابد منه واني قم بالمرور عليه بايجاز . لأنه هكذا تكون الخطوة الأولى نحو التناغم مع موضوع النظام ، وعلى قدر الاستجابة تكون الإجابة. وقد لمست وآنست من كلماتك أنك تريد ان ندخل في موضوع النظام والتنظيم لكني اليت على نفسي ان ادخل هذا العباب المتلاطم بمقدمة كانت لابد منها . كنت أخشى أن يطول بي الانتظار لردودكم – فقد أرسلت عدة رسائل مشحونة بعواطف الحب لبعض من أحبهم فلم يستجيبوا لنداء قلبي استجابة الرد ولا أقول استجابة الرفض، هذه العادة في تصرف لان الإخوة لديهم المقدرة على كتابة الرد بمستوى مناسب ولا يعيقهم عن الرد واللواذ بالصمت الذي يحتاج إلى تأويل وبسلوكهم هذا ينقطع التيار ويتوقف المدد والمداد أيضا. فالكتابة تولد الكتابة – فلولا ردودكم هذه ما وجدت من المعاني التي تبعث على النشاط والانتعاش.
فالكتابة عن الثابت الذي لا يتحرك ولا يتجدد دواما. لا تشعر معه بالحياة. والكاتب في مثل هذه الحالة سوف يكرر نفسه.. حيث لا يجد جديداً يحرك مشاعره وعواطفه. فكأنك تنظر في عشر مرايا حولك في لحظة واحدة. فالكتابة المتجددة تبعث النشاط وتستنهض المعاني فالإنسان لا بد أن يجدد ذاته ونشاطه وعلاقاته كلما ازداد مداركه من خلال تفاعله الوجداني مع قضية ما.
واما الخال المحترم له أقول طلباتك اوامر .

هذا ولي عودة الى موضوع النظام باذن الله .
وبانتظار آراؤكم.







 
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:14 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
+:: تصميم وتطوير فريق الزيني 2009 : حمزة الزيني ::+