كثيراً ما يجول في خاطرنا بعض الذكريات التي مررنا بها في حياتنا ومنها كيف كانت طبيعة أكلنا وكيف هي أشكال وطرق اللباس التي تسمى في وقتنا هذا الموضة الدارجة .. الحقيقة الذي ذكرني بكتابة هذا الموضوع هو الأخ القيصر أبو عمر فكنت أشاهد له مشاركة عن موضوع الموضة الأخيرة لبناطيل الشباب وكما ورد تسميتها بالعامية ( دخيل أمك أرفعني ) فتذكرت كم من موضة وطريقة لبس شاهدتها وقبل البدء بالكلام عن ما شاهدناه من موضة .
أود الكلام عن كيف كانت حياتنا التي لحقنا عليها وكم كانت بسيطة لجيلنا والأجيال التي سبقتنا – طبعاً بحسب دورة الزمن وازدياد النعم والأرزاق تجد كل جيل يتكلم على الجيل الذي يليه بأن جيلكم الآن بخير ونعمة والذي ترونه الآن لم يكن على دورنا وهذا بالضبط الذي ورثناه من قول فتجدوني أنا أتكلم بنفس العبارة ففعلاً الذي يراه ويعيشه الجيل الذي جاء بعدنا والذي جاء بعده لم نره نحن ...
المهم أننا كنا وبحسب الفترة التي عشناها أنا وجيلي كنا ونحن صغار وهذه تنطبق حتى على الجيل الذي سبقنا كانت الأسرة إذا أرادت أن تكسو أبنائها ( كسوة الصيف أو الشتاء ) نبدأ بملابس النوم أو للبيت أو حتى للخروج بها لللعب مع الأولاد فهيا ذات قاسم مشترك من حيث الاستخدامات بشرط أن لا تكون ( للحدرات والزيارات ) تشرع الأسرة إلى شراء ثوب قماش كامل ( طابة خام ) وهي من الأنواع القطنية وبعضها كان يطلق عليه على ما أذكر ( تريفيرا أو دريفيرا ) بنفس النقشة ونفس النوع كما قلنا وتخيطها الأم أو إحدى الخياطات المعروفة سواء بالقرية أو بالحي .. وبما أنا ذكرنا عبارة تخيطها الأم أحب الإشارة أنه أكثر البيوت تجد فيها مكينة خياطة فهي كانت تعتبر من أساسيات البيت .
يقص هذا الثوب من القماش كما ذكرنا على عدد الأولاد لخياطة ما كان يسمى بـ ( الفستان ) وهذا الفستان بالشكل العام هو نفس الجلابية لكن أختص بهذه التسمية لكونه يلبس للنوم أو في البيت ويكون الغالب عليه أنه من قماش مقلم ...
أما البنات الصغار فنفس الحكاية مع فارق واحد في شكل القماش فيتم اختيار شكل القماش مناسب للبنات ويسمى ( الثوب ) هذا بالنسبة لملابس البيت كما أسلفنا أما ملابس الخروج فتكون في فصل الصيف عبارة جلابية واحدة ( ومن تسميات الجلابية هناك ما كان يطلق عليها العلوتيهّ قماش ذا لون يميل للون الأصفر وشبيه بالقطن المنشى ) بالإضافة إلى بنطال وقميص مع نعال
أو ما يسمى بالعامية ( كلاش ) هذا في الصيف أما الشتاء فكذلك يكون هناك بيجامة من الصوف وثوب شتوي وبنطال ويكون من قماش يقيه من برد الشتاء فيكون من المخمل أو من الجوخ أو من الصوف أو غيره مع كنزة من الصوف بالإضافة إلى جاكت وكانت هناك عدة تسميات منها ( يقال باللطو أو بُدريسة أو َكبوت أو طرانشكوت )والحذاء و( جزمة ) لأيام المطر هذه ملابسنا ونحن صغار أما العزاب الأكبر سناً فيكون لباسهم أيضاً في حدود البساطة ولا يسرفون به إنما الفرق أنهم يسعون على اختياره على ذوقهم من ناحية الألوان أو تفصيل الجلابية عند أي من الخياطين المشهورين ( يعني عند ابو خاجيك أو مطيع ... ) أو غيرهم من الأسماء التي كانت مشهورة بزمانهم يضاف إلى هذا الجاكت والأحذية ويشترون شماغ أو غترة أو ما نسميه نحن ( يَشمر أو محرمة مركزيت ) بالنسبة للباس المدني المؤلف من البنطال والقميص الذي كان يلبسونها الشباب وهنا تكمن الموضة فأني أتذكر أول وعينا كنا نشاهد الشباب العزاب يلبسون البنطال ( الشللسته او الشللستون ) فيكون هذا الموديل ضيق من منطقة الخصر ويبدأ العرض فيه من بعد الساق فتجده من الأسفل تكاد القدم لا ترى من عرض ذلك البنطال وطويل جداً فكان الشباب يتباهون بهذا الموديل من البنطال أما القميص فكان مخصر في الوسط بحيث يكون على قدر الجسم وذا ياقة ( قبة ) عريضة وعالية فتجدها من عرضها غطت على كامل الكتف أما الألوان فهي مزاجية حسب الذوق – الحذاء يكون بكعب عالي جداً ( كعب الفنجان ) ..
نأتي على الشعر والقصات التي كانت دارجة نحن لحقنا على ما كان يسمى ( بالخنافس ) أي إطالة الشعر مع زوالف ( زلوف ) كبيرة وعريضة تقريباً تأخذ المساحة الأكبر من الدقن طبعاً كان بعض الشباب يتباهى إذا شسور شعره .
جاءت بعد هذه الموضة موضة في بداية الثمانينات عادوا بها إلى الشكل القريب من الكلاسيكي فأصبحت ترى القليل من الموديلات
التي ذكرناها سابقاً – بعد فترة وجيزة في منتصف الثمانينات وبعد جاءت موضة المقلم ( الكاروهات ) وهذه تكون عادةً في البنطال أما القميص كان كلاسيكي لم يطرأ عليه تغير في هذا الوقت وكذلك الجاكت ... هذا ما أذكر أننا رأيناه – واستمر الحال في الموضة على ما هو عليه إلى الآن ...
لكن ما أردت الإشارة إليه بالرغم من تغير أشكال اللباس إلا أن البساطة والاقتصاد والمحافظة على الأشياء من لباس وغيره كانت هي السائدة بحيث يستفاد منها – فإن صغر لباس الأكبر سناً لبسه الذي يصغره عمراً وهكذا وإذا لم يعد صالحاً للبس قصقصوه ليصنعوا من قماشه ( جلال أو بسط خبوب .. ) هذه كل الحكاية اليوم ويتبع في ذكريات أخرى وننتظر مشاركات الأخوة الأكبر منا سناً يكتبوا لنا عن هذا الماضي الجميل وما يذكرونه ...