كان ياما كان في هذا العصر والزمان
"الجزء الثاني"
كرامة حمار
قصة واقعية من تراث واقعنا المعاصر
في مثل هذه الأيام من العام الماضي وفي جلسة سمر بجوار الجامع الأموي مع بعض الشباب في مقهى النوفرة
حدثنا من كان بيننا هنا وهو الآن في ذمة الله ألا وهو أخي " ضاري " خالد رحمه الله واسكنه فسيح جناته.
يقول أنه سمع من بعض الشباب ممن عاينوا قصة أثارت دهشته واستغرابنا !!!
ذكروا ان هناك حمار يعمل لدى بني البشر في نقل مواد البناء في المناطق الجبلية الوعرة التي لا تصل إليها السيارات والشاحنات !
أفرغ القلاب الأول شحنته في أقصى نقطة أمكنه الوصول إليها !!!
باشر الحمار مهمته الشاقة !!! حمار ينقل حمولة قلاب لوحده !!!
يا إلهي !!!
كان هناك هاوية يمر بها الحمار في طريقه الوعر ورحلته الشاقة !!!
وكان هذا الحمار يهون على نفسه ويصبرها كلما احس بالتعب والفتور !!!
أوشك الحمار على الإنتهاء من مهمته وعيناه المنهكتان غمرهما السرور فرحا بما أنجزه وطمعا بالمكافأة التي تنتظره !!!
وبينما هو في هذه الحال وإذ بصوت زمجرة شاحنة تعصر انفاسها أنهكها صعود الطريق وأثقلت كاهلها الحمولة !!!
أفرغت الشاحنة حمولتها الجديدة على أنقاض ما تبقى
نظر الحمار إليها نظرة لا توصفها التعابير
لم يتمالك نفسه خيم عليه اليأس واستشاط غيضا
ينظر إلى كوم التراب تارة وإلى الهاوية تارة أخرى وتجول بفكره الأفكار
ولسان حاله يقول
فـإمـــا حــيــاة تسر الحمــــير .... وإمـــا ممات يغيـــض البشر
فأجر حقير لشغل خطير .... لمــاذا اعيــش بهذا الخــــطر
سئمت الحياة بدون شعير .... وسلمت روحي لأمر القدر
فركض الحمار بلا هوادة باتجاه الهاوية !!!
ورمى بنفسه مفضلا الموت على هذه الحياة
صارخا بصمته
أنا لست أنسان حتى تحملوني فوق طاقتي !!!
أنا حمار ولي كرامتي وإمكانياتي وقدراتي !!!
واقع لم يتحمله حمار !!!
رفقا بالحمير يا بني البشر !!!
ورفقا بالبشر يا أيها الحمير !!!
فقد أثبتت التجارب وبرهن الواقع أن الإنسان يتحمل أضعاف أضعاف ما يتحمله غيره من المخلوقات !!!
حمل الإنسان حملا !!!
عجزت الجبال عن حمله !!!
وأشفقت منه الأرض !!!
وأبته السماء !!!
إنه كان ظلما جهولا !!!
فمن يظلم الإنسان إلا الإنسان !!!
ومن يتحدى خالقه ويبارزه غير الإنسان !!!
علم أنه ميت لا محالة !!!
قبر وحشر
ثم إلى دار القرار ....جنة أو نار !!!
أيها الإنسان !!! يالك من مخلوق عجيب !!!