:: Home Page ::
آخر 10 مشاركات
ما هي مواصفات الاسهم الحلال الأمريكية (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 44 - الوقت: 09:17 PM - التاريخ: 03-27-2024)           »          بنك سيتي جروب الحقيقي Citigroup (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 52 - الوقت: 03:52 PM - التاريخ: 03-26-2024)           »          افضل شركة توزع أرباح في السوق السعودي (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 61 - الوقت: 09:22 AM - التاريخ: 03-26-2024)           »          شروط استخدام موقع حراج (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 73 - الوقت: 07:39 AM - التاريخ: 03-25-2024)           »          أعضاء مجلس إدارة شركة شمس (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 82 - الوقت: 06:18 AM - التاريخ: 03-25-2024)           »          كيف ابيع اسهم ارامكو الراجحي عبر الهاتف (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 66 - الوقت: 03:55 PM - التاريخ: 03-24-2024)           »          صناديق توزع شهري (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 672 - الوقت: 10:45 PM - التاريخ: 02-18-2024)           »          حلبية و زلبية..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 441 - الوقت: 07:14 PM - التاريخ: 02-16-2024)           »          بهلول..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 483 - الوقت: 04:09 PM - التاريخ: 02-13-2024)           »          صورة من الزمن الجميل..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 591 - الوقت: 01:28 PM - التاريخ: 02-11-2024)



 
استمع إلى القرآن الكريم
 
العودة   منتديات قبيلة البو خابور > الأقــســـام الــعـــامــة > منتدى المواضيع العامة

منتدى المواضيع العامة خاص بالمواضيع التي ليس لها أقسام

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /03-05-2011   #1

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 15

مزاجي:
افتراضي بلاد الشام في العهد العثماني

كثرت في الاونة الاخيرة المقالات التي تتحدث عن فترة الخلافة العثمانية والعلاقة بين العثمانيون وبلاد الشام ، وقد وجدت فيها بعض التجني الذي يفتقر الى الدقة والبرهان والدليل القاطع ،وان جل مايطرح عبارلاة عن رأي شخصي يعمم على انه حقيقة في الواقع الذيي كانت تعيش فيه بلاد الشام آنذك،ولذا احببن اضع بين يديكم بعض ماورد في ندة عن العلاقة بين بلاد الشام والعثمانيون،وحريا" بنا ان نتقي الله فيما نكتب وخاصة اننا عندما نفتح المنتدى وكما اعتقد نرى الآية القرآنية:
وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد.


نظم مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية في استنبول(إرسيكا) التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وبالاشتراك مع وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية مؤتمرا مهما حول تاريخ بلاد الشام في العهد العثماني.عقد المؤتمر بدمشق في الفترة ما بين 26- 30 أيلول/ سبتمبر 2005م، وقدمت إليه ثلاثٌ وأربعون ورقة لباحثين وفدوا من جامعات تركيا، والدول العربية، وأوروبا، والولايات المتحدة الأميركية، واليابان.
تناولت الأبحاث موضوعات متنوعة حول بلاد الشام في العهد العثماني.وقد اندرجت ضمن المحاور التالية: كتابة تاريخ بلاد الشام في الحقبة العثمانية: المنهجية وإشكاليات البحث، مصادر دراسة تاريخ الحقبة العثمانية في بلاد الشام، وعلاقة مجتمع بلاد الشام بالدولة المركزية العثمانية، والإدارة المالية، والنظم الإدارية، والمحاكم والأوقاف، والحياة الاقتصادية، والتأثير الأوروبي، وحركة التحديث في عهد التنظيمات وأثرها في بلاد الشام، والحياة الفكرية والثقافية، وتطور المدن والبنى التحتية وفن العمارة والرعاية، العمارة السكنية وزخارفها في بلاد الشام في العهد العثماني.
حفلت الأبحاث بمعلومات غنية تم إعدادها من خلال وثائق الأرشيف العثماني بالدرجة الأولى، ووثائق المحاكم الشرعية، والمؤسسات الخاصة والعامة في بلاد الشام في العهد العثماني. هذا بالإضافة إلى استفادة بعض الباحثين من مصادر الأرشيف الأوروبي، وبشكل خاص وثائق الأرشيف الفرنسي، والإنكليزي، والألماني، والروسي، وغيرها.
وشهدت جلسات المؤتمر نقاشات هادئة بحثا عن الحقائق التاريخية الموثقة، بعيدا عن التشنج الإيديولوجي أو الانفعالات العاطفية. وجرى تقييم موضوعي لدور السلطنة العثمانية في بلاد الشام خلال أربعة قرون. فقد عرفت السلطنة الكثير من التنظيمات المالية والإدارية الدقيقة والتي تركت آثاراً إيجابية على مركز السلطنة وولاياتها طوال القرنين السادس عشر والسابع عشر، وعقود عدة من القرن الثامن عشر. لكن مركز السلطنة بدأ يضعف في أواخر القرن الثامن عشر، وأصبحت ولايات السلطنة القريبة منها والبعيدة - عرضة لتأثيرات أوروبية سلبية أدت إلى انتزاع تلك الولايات منها تباعا منذ حملة نابوليون بونابرت على مصر في السنتين الأخيرتين من القرن الثامن عشر. ثم تتالت هزائم السلطنة طوال القرن التاسع عشر، وتمرد عليها كثير من ولاتها الكبار، خاصة والي مصر محمد علي باشا الذي تجرأ على مهاجمة السلطنة عسكريا في عقر دارها، وبتحريض مباشر من الدول الأوروبية التي نجحت في الإيقاع بين مركز السلطنة وولاياتها. وبتأثير الضغوط الأوروبية المتزايدة، أجبرت السلطنة على إصدار فرمانات سلطانية عرفت باسم التنظيمات أدت إلى زيادة تفكيكها وانهيارها النهائي في الحرب العالمية الأولى، ثم إلغاء الخلافة العثمانية وقيام جمهورية تركيا العلمانية عام 1923م.
لقد ضمّ مؤتمر بلاد الشام نخبة عالمية متميزة من المتخصصين في تاريخ السلطنة العثمانية، وقدم فرصة ثمينة لإعادة تقييم مسار السلطنة، وأسباب منعتها في المرحلة الأولى، في القرنين السادس عشر والسابع عشر. ثم تحليل الأسباب العميقة التي أدت إلى ضعفها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، والتي أدت إلى تفكيكها بعد أن عجزت عن حماية ولاياتها.وتناولت معظم الأبحاث، وبالتحليل المعمق، مرحلة القرن التاسع عشر الذي شهد صعود القوميات على المستوى الكوني، وانهيار الإمبراطوريات الكبيرة، ومنها السلطنة العثمانية والإمبراطورية النمساوية الهنغارية. وأدت تلك الأسباب مجتمعة إلى زوال السلطنة تحت وطأة تناقضاتها الداخلية، وضغوط الدول الأوروبية العاملة على تفكيكها واقتسام ولاياتها.
المجتمع والدولة في بلاد الشام في العهد العثماني
إنّ قراءة معمقة للأوراق البحثية التي قدمت إلى هذا المؤتمر تساعد على رسم صورة دقيقة لمشكلات المجتمع والدولة في بلاد الشام طوال أربعة قرون من الحكم العثماني 1416 –1918م.
فكيف بدت سمات المجتمع في ولايات بلاد الشام في علاقاتها مع المركز استانبول على مختلف الصُّعُد السياسية، والإدارية، والاقتصادية، والتربوية، والاجتماعية، والثقافية، والفنية وغيرها؟ وما هي الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها من تلك الحقبة؟ولماذا أدى انهيار السلطنة وقيام جمهورية تركيا العلمانية على أنقاضها إلى نوع من القطيعة غير المعلنة بين العرب الأتراك استمرت طوال عقود عدة من القرن العشرين؟ وما هو دور هذا المؤتمر المهم في إعادة فتح باب الحوار واسعا أمام الباحثين العرب والأتراك، وغيرهم من الباحثين المهتمين بتاريخ السلطنة العثمانية في بلاد الشام وباقي الولايات العربية؟ وما هي الخطوات العملية اللاحقة لتعزيز ذلك الحوار من طريق إعادة النظر جذريا في المواقف الأيديولوجية المتشنجة التي دفعت العرب والأتراك إلى تحميل بعضهم للبعض الآخر مسؤولية القطيعة؟ ولماذا تجاهل الجانبان الدور الأساسي التي لعبته الدول الأوروبية في إذكاء تلك القطيعة والاستفادة منها إلى الحد الأقصى لتعميق الفجوة بينهما؟
لقد ابتعدت غالبية الدراسات التاريخية -بالعربية وبالتركية- عن الموضوعية، والحياد، والتجرد العلمي في معالجة تاريخ بلاد الشام إبان حقبة مصيرية مشتركة من تاريخ العرب والأتراك في ظل السلطنة العثمانية. وشكل مؤتمر دمشق الدولي حول بلاد الشام في العهد العثماني تواصلا عميقا مع الندوة الدولية لتكريم المؤرخ العربي عبد الكريم رافق. فقد عقدت تلك الندوة العلمية في الفترة ما بين 28 أيار/مايو و2 حزيران/يونيو 2004م، في بيروت ودمشق، بدعوة من المعهد الألماني للأبحاث الشرقية في بيروت وبالاشتراك مع المعهد الفرنسي للشرق الأوسط بدمشق.
وشكّلت مناسبة مهمة لإعادة تقويم الدراسات العلمية حول تاريخ بلاد الشام الحديث والمعاصر في العهد العثماني. وحملت تلك الندوة عنوانا مركبا: "أبحاث جديدة لتاريخ بلاد الشام في العهد العثماني 1517 – 1918م، نتاج المؤرخين في السنوات الثلاثين الأخيرة". و قدم إليها ستة وثلاثون بحثا لمؤرخين من جنسيات مختلفة جمع بينهم الاهتمام المشترك بالتاريخ العربي في المرحلة العثمانية. وطالت موضوعاتها جوانب جغرافية، وسياسية، واقتصادية، وديموغرافية، وإدارية، وثقافية، وتربوية، وعمرانية.
يلاحظ أنّ الأوراق البحثية التي قدمت إلى مؤتمر دمشق للعام 2005م، تقاطعت مع أعمال تلك الندوة نظرا لمشاركة عدد كبير من الباحثين في كلتا المناسبتين، وتقديمهم أوراقا جديدة.
فقد حمل المؤتمر معلومات إضافية، وغنية جدا ترسم صورة مجتمع بلاد الشام في العهد العثماني.
ولما كان من الصعب جداً الإحاطة بجميع جوانبها نظراً لوفرة الأبحاث، وغنى معلوماتها، فسأكتفي هنا بالإشارة إلى أبرز جوانب تلك الصورة، وعلى مختلف الأصعدة.
تظهر الأبحاث التاريخية التي قدمت إلى مؤتمر دمشق تطوراً ملحوظاً في دراسة تاريخ الولايات العربية في العهد العثماني. فقدمت دراسات جديدة تساعد على تحليل تطور الولايات العربية في العهد العثماني على أساس نظرية العلاقة الوثيقة بين المركز في استانبول والأطراف الملحقة بها أي الولايات العربية وغير العربية في السلطنة. وتزايد حجم الدراسات التاريخية الحديثة التي تشدد على الأثر الاقتصادي الذي خلفه الحكم العثماني في بلاد الشام. ففي العقود الماضية صدرت دراسات عدة تناولت الضرائب، والتجارة، وتطور الموانئ وولادة بعض المدن التجارية الساحلية خاصة بيروت، وبروز عائلات من التجار في دمشق وحلب وصيدا وطرابلس وغيرها.
تناولت بعض الأبحاث، وبكثير من الدقة والموضوعية، دور الأعيان أو الزعامات المحلية في بلاد الشام في العهد العثماني. ومنها -على سبيل المثال لا الحصر-: آل العظم، وآل معن، وآل شهاب، وغيرهم. وتمت الاستفادة العلمية من المعلومات التاريخية المتوافرة في وثائق المحاكم الشرعية في طرابلس، وصيدا، وبيروت، ودمشق، ونابلس، والقدس وغيرها. و التأسيس على تلك المعلومات لإجراء دراسات مقارنة بين وثائق المحاكم الشرعية في بلاد الشام، وأهمية الفقه الإسلامي في تسيير شؤون الدولة العثمانية، وتعميق البحث التاريخي في إدارة وتنظيم الأوقاف وآليات عملها. وقد نشرت في هذا المجال دراسات متنوعة طالت الأوقاف المسيحية والإسلامية معا.
و تناولت بالتحليل المعمق الموقف الشرعي من العلاقات المتوترة في غالب الأحيان بين المزارع وصاحب الأرض أو متسلمها أو ممن له حق التصرف بها.وأثر الفتاوى الشرعية في حل النزاعات أو تأزيمها والتي كانت تتحول أحيانا إلى ثورات فلاحية عارمة ضد السياسة الضرائبية للسلطنة العثمانية من جهة، وتعسف ولاتها والأعيان المحليين في جباية الضرائب مضاعفة عدة مرات. وقدمت بعض الأوراق دراسة معمقة لأسباب الحركات الفلاحية والانتفاضات الشعبية وتحليل أشكال الاضطهاد التي كانت من الأسباب الحقيقية لثورات الفلاحين في جبل لبنان وحوران، واضطرابات المدن الكبرى كدمشق، وحلب، وباقي مدن بلاد الشام.
وقدمت بعض الدراسات تحليلا معمقا للمشكلات التي كانت تواجه إعادة إعمار المدن والمناطق التي شهدت بعض النزاعات الطائفية. وتناولت دراسات أخرى جديدة، أسباب الهجرة والنزوح وأثرهما الإيجابي والسلبي على المجتمعات المحلية. وركزت بعض الدراسة، وبكثير من الجد والموضوعية، مشكلات سكن الفقراء النازحين من الأرياف إلى ضواحي المدن الكبرى كبيروت ودمشق وحلب وغيرها. مع تحليل الأسباب العميقة لبروز الانشقاقات المذهبية، داخل الدين الواحد، وأثر التدخل الأجنبي في ولادة بعض الملل الجديدة في السلطنة العثمانية، كطائفة الروم الملكيين.
وتم تحليل الأسباب العميقة التي أدت إلى تبلور الهويات الطائفية والمذهبية، في بلاد الشام منذ بداية عهد التنظيمات، وتقديم مداخل منهجية جديدة لدراسة الحركة السياسية في بلاد الشام، انطلاقا من موقع الأقليات الطائفية والمذهبية والعرقية فيها. وما زالت هذه الموضوعات متداولة بكثرة من جانب المؤرخين العرب والأجانب معا. هذا بالإضافة إلى تحليل الجذور العميقة لولادة أهم التيارات السياسية والثقافية في الولايات العربية في العهد العثماني.مع التركيز على الأشكال الثقافية الجديدة، ودور المثقفين النهضويين في تكوين الرأي العام من خلال الجامعات، ومدارس الإرساليات، والصحافة، والطباعة، والفنون. وكان للمثقفين النهضويين الجدد أثر بارز في تأليب الرأي العام العربي ضد السلطنة العثمانية انطلاقا من الفكر القومي الليبرالي والتنويري الذي آمنوا به. فقد انتشرت مقولات التنوير بشكل واسع في مركز السلطنة وولاياتها بعد القبام بالإصلاحات وإصدار الفرمانات السلطانية التي شكلت سمات مرحلة التنظيمات والأثر الكبير الذي تركته على الإدارة السياسية العثمانية نفسها.
بقي أن نشير إلى تسليط الضوء على مذكرات بعض القادة المحليين، وقناصل وسفراء الدول الأجنبية، وذكريات بعض الرحالة، والشعراء، والفنانين، والحجاج.وقدمت دراسات ميدانية مزينة بالرسوم والمخططات الهندسية الجميلة التي أسهمت فعلا في كتابة تاريخ بعض الأحياء السكنية، أو الدور الجميلة في مدن دمشق، وحلب، وبيروت، وطرابلس، وصيدا، والقدس، وغزة، ونابلس، وعكا وغيرها من مدن بلاد الشام في العهد العثماني.هذا بالإضافة إلى نشر عشرات المذكرات التي صدرت مؤخرا وتضمنت وصفا دقيقا لأشكال العمران التي كانت سائدة في مدن بلاد الشام في تلك المرحلة. وكان لتلك المذكرات الأثر الواضح في لفت الانتباه إلى تلك الدور، وترميمها، والحفاظ عليها، وتحويل بعضها إلى فنادق أو مطاعم، أو مراكز ثقافية جميلة.
بعض الملاحظات الختامية
حملت أبحاث ندوة بيروت للعام 2004م ومؤتمر دمشق للعام 2005م دعوة جريئة إلى إعادة النظر في المقولات التاريخية التي كانت سائدة، وذلك على ضوء وثائق أصلية مصورة مباشرة من الأرشيف العثماني. و قد بدأت تلك الوثائق تصبح رأس الزاوية في عدد من الدراسات العلمية الجادة بعد أن تم تجاهلها من الباحثين طويلا، ومنهم من اكتفى بمصادر محلية أو أوروبية، وبمذكرات مهمة لا ترقى أبدا إلى أهمية الوثائق التاريخية.
و قد خطت الدراسات التاريخية حول بلاد الشام في المرحلة العثمانية خطوات كبيرة على طريق وضوح المنهج والرؤيا، وتنوع الموضوعات. وبدأت مرحلة خصبة من النقاشات العلمية الهادئة والرصينة عبر الندوات والمؤتمرات العلمية المتعاقبة. وهي تحظى باهتمام متزايد من جانب المؤرخين العرب وغير العرب، من المهتمين بتاريخ تلك المرحلة. وقد أثمرت أعمال جيل الرواد من المؤرخين الاجتماعيين العرب في ولادة أجيال متعاقبة من المؤرخين المهتمين بالعهد العثماني من منطلقات علمية وليس أيديولوجية. وبات واضحا أن لدى العرب باحثين من ذوي الخبرة العالية في دراسة تاريخ الحقبة العثمانية، ومنهم من نشر كتبا علمية متميزة وموثقة بشكل جيد.
وبرز جيل جديد من المؤرخين الاجتماعيين، من العرب وغير العرب، إلى ساحة التأريخ حول الحقبة العثمانية. وقدم هؤلاء دراسات تاريخية تميزت بنقد الوثائق والمصادر والمراجع السائدة، وتحصين الفرضيات والاستنتاجات بسمات المنهج العلمي الرصين المعتمد في دراسة التاريخ الاجتماعي. مع الإشارة إلى أن مقولات هذا المنهج قد أثبتت مصداقيتها على المستوى الكوني.
فهي تساعد، أكثر من سواها من مقولات مناهج البحث التاريخي الأخرى، على القيام بأبحاث تاريخية رائدة في مختلف الحقب التاريخية، ومنها الحقبة العثمانية.
نتيجة لذلك يمكن القول برسوخ منهجية التاريخ الاجتماعي، بدرجات متفاوتة بين المؤرخين في فهم مقولات ذلك المنهج وكيفية تطبيقه. ويمكن التأكيد على أن مؤتمر دمشق حول بلاد الشام للعام 2005م ضم الكثير من الأبحاث التاريخية الأصيلة التي استندت إلى وثائق عثمانية أصلية، وإلى مقولات نوعية جديدة يمكن الاستفادة منها في الدراسات العلمية المعمقة حول تاريخ بلاد الشام في العهد العثماني.
مع ذلك، فلا بد من الإشارة إلى وجود بقايا مواقف أيديولوجية ما زالت مستمرة ومتناقضة بين بعض الباحثين العرب والأتراك حول دور السلطة المركزية العثمانية في الولايات العربية، ومنها ولايات بلاد الشام. وهناك دراسات جريئة تؤكد على دور الأعيان الجدد في الولايات العثمانية وبشكل خاص في القرن التاسع عشر، وتحلل التبدلات البنوية التي طرأت على السلطنة العثمانية وولاياتها في القرن التاسع عشر. وأظهرت الإتجاهات الجديدة التي بلورتها الأبحاث العلمية حول تاريخ بلاد الشام دور المؤرخين المنصفين أو الموضوعيين من العرب والأتراك وغيرهم، في إغناء وتطوير البحث العلمي في التاريخ الاجتماعي والاقتصادي حول تاريخ بلاد الشام في الحقبة العثمانية التي أسست لولادة الدول الوطنية الجديدة بعد الحرب العالمية الأولى.
لذلك حظيت مسألة إعادة تقويم دور السلطنة العثمانية في تاريخ بلاد الشام بدور أساسيّ. واستند المؤرخون الجدد إلى الوثائق العثمانية نفسها، بالاضافة إلى الوثائق المحلية، ووثائق أرشيف الدول الأوروبية ذات النفوذ القوي في بلاد الشام إبان تلك المرحلة.
ولعل أبرز ما توصل إليه بعض المؤرخين الجدد في تقييم دور الدولة المركزية أن العثمانيين أدخلوا في بداية حكمهم إلى بلاد الشام في القرنين السادس عشر والسابع عشر تقسيمات عسكرية جديدة. فنظموا إدارة الولايات، والضرائب، والسلطات المحلية، والموانئ البحرية. وأعادوا ترميم كثير من القلاع والحصون في مختلف أرجاء بلاد الشام. وقمعوا بشدة كل أشكال التمرد والعصيان التي قام بها بعض الحكام المحليين. وجعلوا من مركز السلطنة العثمانية، أي استانبول، قاعدة ثابتة لمصدر التشريع الإداري في مختلف المجالات. وكانت الفرمانات السلطانية بمثابة بوصلة تحدد علاقات المركز العثماني بالولايات الملحقة به على مختلف الصعدً السياسية، والإدارية، والعسكرية، والاقتصادية وغيرها.
لكن المركزية العثمانية الصارمة بدأت تتفكك بعد الهزائم العسكرية التي منيت بها جيوش السلطنة في أوروبا وفي بعض أطراف السلطنة نفسها. وبرزت طبقة الأعيان الجديدة في بلاد الشام وغيرها كقوة ثابتة باتت السلطنة بحاجة إلى ولائها لضمان استتباب الأمن وجباية الضرائب في مناطقها. وقد حملت الطبقة الجديدة معها توجهات سياسية، وإدارية، وعسكرية، واقتصادية، واجتماعية لم تعد تتلاءم مع توجهات المركز العثماني في استانبول. ولقب القرن الثامن عشر بأنه زمن الأعيان الذي مهد الطريق للانتفاضات المحلية التي بدأت تضعف السلطنة من الداخل، وتشجع الخارج الاستعماري على التحضير لحملات عسكرية أوروبية على السلطنة وولاياتها.فكانت حملة نابوليون بونابرت على مصر في أواخر القرن الثامن عشر بداية تحول أساسي في التأريخ لتبدل العلاقة بين السلطنة والأعيان. وشهد القرن التاسع عشر اندلاع الكثير من الاضطرابات المحلية، وحملات عسكرية متلاحقة من الخارج.ونشرت دراسات علمية كثيرة تركز على دور العامل الخارجي في تفجير عدد كبير من الحركات الطائفية والمذهبية، وعصيان القبائل البدوية، وغيرها. فكان على المركزية العثمانية في استانبول أن تبادر إلى تبني عدد من التنظيمات، والإصلاحات، والقوانين الوضعية بهدف إعادة اللحمة إلى سلطنة مترامية الأطراف، ومتعددة القوميات والأديان والقبائل. فعرف القرن التاسع عشر بقرن التنظيمات العثمانية التي تضمنت إصدار فرمانات وتشريعات إصلاحية كثيرة طالت مختلف البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية. لكن تلك الإصلاحات قد اصطدمت على الفور ببروز إتجاهات أو تيارات سياسية وثقافية متناقضة أبرزها التيارات القومية والليبرالية والاشتراكية والسلفية. وكانت هناك رغبة عارمة للقيام بالإصلاحات الضرورية والملحة لمواجهة التحديات، يقابلها تمنع واضح في تبني أي إصلاح مفروض من الخارج، وبالقوة العسكرية.
ختاما، لقد شكلت الأبحاث السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمرانية التي قدمت إلى مؤتمر بلاد الشام في دمشق عام 2005م إضافات نوعية إلى تاريخ العرب الحديث والمعاصر في العهد العثماني. فقد احتوت على مادة غنية لإعادة تقويم تاريخ تلك المرحلة بصورة أكثر دقة وموضوعية. وتناولت أثر صدمة الحداثة على تأزم العلاقات بين الغرب الأوروبي الاستعماري من جهة، والسلطنة العثمانية وولاياتها من جهة أخرى. وهي صدمة عميقة تحتاج إلى تنشيط البحث التاريخي المعمق بعيدا عن الشحن الإيديولوجي المشبع بالنظر إلى السلطنة من زاويتين متناقضتين: فهي "دولة استبدادية" لدى بعضهم، و"دولة مفترًى عليها" لدى بعضها الآخر.
إنّ الدّراسات الجادة والموثقة التي قدمت إلى مؤتمر بلاد الشام خرجت عن هذا المنحى لأيديولوجي بهدف تعزيز الحوار العلمي الرصين بين الباحثين العرب والأتراك. ولا بد من تطوير هذا المنحى بمزيد من المؤتمرات والندوات العلمية الجادة للارتقاء بدراسة تاريخ الولايات العربية في العهد العثماني نحو مزيد من الدقة والموضوعية.

*******************











 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif


التعديل الأخير تم بواسطة القيصر ; 03-05-2011 الساعة 02:31 PM
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:48 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
+:: تصميم وتطوير فريق الزيني 2009 : حمزة الزيني ::+