بسم الله الرحمن الرحيم
"رضا الله من رضا الوالدين"
من هذا المنطلق سلّم أبي" ستّي" مفاتيح بيتنا الصغير,فلايدخل شيء إلا بعلمها ولايخرج شيء إلا من "عبّها"
واستطاع أبي بما يمتلكه من أسلوبٍ في الإقناع ودبلوماسيّةٍ في الخطاب الدينيّ والوطنيّ من جهه وبالتهديد والترهيب من جهةٍ أخرى
استطاع إقناعنا بأن هذه هي الطريقة الوحيدة لتدبّر أمورنا في ظلّ الأزمة الإقتصاديّه
وذلك لأنّ "ستّي" أعلم بخبايا الحياة اليوميه, كما أنها على درايةٍ بشتّى سبل تفادي زيادة المصروف اليوميّ
مما أدّى لتنحية أمي عن منصبها كوزيره للداخليه والماليه والإكتفاء بإعطائها رئاسة البرلمان البيتي.
وقدبدأت "ستّي" إجراءاتها الفوريّه بتقليل المصروف اليومي فلاداعي ل(25قرش) يومياً
تكفي (10 قروش)أو سندويشة زيت وزعتر
ثم لاحظت"ستّي" ارتفاع سعر زيت الزيتون, فتوصّلت لتقنيّة خلط زيت الزيتون بزيت عبّاد الشّمس
ونظراً لارتباط سعر البيض والجبنه بالبورصات العالميه, اقتصرت إفطاراتنا وعشواتنا على الحمّص والفول
إلى أن ارتفع سعر البقوليّات بشكلٍ يغضب ربنا على قول"ستّي"
دعت "ستّي" لاجتماعٍ طارئ بأبي تمخّضت عنه القرارات التاليه:
1. يمنع منعاً باتّاً التعامل بسندويشات الشّاورما والفلافل
2.يحاسب كل من يضبط بحوزته أي من مشتقّات الحلويّات والفواكه أومايندرج تحتها من كماليّات
3.لا يسمح بالمطالبه باستخدام مشتقّات اللحوم في عمليّات الطبخ وذلك تحت طائلة المسائله القانونيّه
4.يسمح باللعب خارج البيت لفترات محدوده جداً ووفق معايير معيّنه خوفاًمما سيترتّب عليه من شعورٍ بالجوع و"ستّي" غير مسؤوله عن أي تبعات لهذه النشاطات اللامسؤوله
5.نعلمكم أنه قد تمّ إسقاط كل من عيديّ الفطر والأضحى من الروزنامة السنويّه لثقلهما على كاهل الميزانيّة الإقتصاديّه
6.كل من يخلّ بأيّ بند من بنود الإتفاقيه سيتعرّض لإجراءآتٍ صارمه بدءاً من حرمانه من سندويشة زيت القلي والزعتر وصولاً للعقاب الجسدي بما يتناسب والجرم المرتكب
7.نتقبّل آرائكم واقتراحاتكم في صندوق الديمقراطيّه الكائن بجانب (صطل الزباله) أسفل المجلى
والله وليّ’ التوفيق
وعلى هامش هذا الإجتماع, تمّ التداول فيما يتعلّق بضرورة إيجاد حلول لمشكلة الإفطار والعشاء,وقد توصّلت "ستّي" لحلٍّ مبتكر وهو(المتبّل)
بعد دراسه مستفيضه تبيّن أنّ الباذنجان هو أرخص الخضراوات المتوفّره
فتمّ التعاقد مع (أبو مكرم الخضري) على صندوقين باذنجان أسبوعياً بسعر محروق جدّاً لأنّهما من (توالي العرباي) أي ما تبقّى ولم يشتره أحد لسوء حالته الصحيّه
فأصبحنا وأمسينا على المتبّل
وقدأعدّت لنا مرّة كنافه
أجل أجل كنافة الفقراء مكونه من جزر وسكر ولإسمها أهميّه كبيره في عمليّة البرمجه الفكريّه التي تتبنّاها"ستّي" لكسر حواجز الكرامه التي تحول دوننا والواقع
ومرّة بعد مرّه كانت تقلّ حلاوة الكنافه وبررت "ستّي" ذلك باالأثر السلبي للسكر على صحّة الإنسان
وقد رافقت هذه الإجراءآت مراقبه حثيثه لاستخدامنا للمصابيح والأدوات الكهربائيّه
فكنّا نتجمّع في غرفةٍ واحده للدراسه توفيراً للكهرباء وتوثيقاً للألفة والروابط الأسريّه
وأصبحت أمي تغسل الأطباق في وعاءٍ كبير منعاً لهدر مياه البلديّه
لأنه(( حيانتها الميّه عالفاضي والمليان)) والقائل "ستّي"
وبعد شهرين من تطبيق جميع بنود الإتفاقيّه تبيّن أن البيت لازال يعاني من عجزٍ في الميزانيّه, عندها اقترحت "ستّي" إخراج أخي الكبير من المدرسه ليساعد في مصروف البيت, فثارت ثائرة أمّي وطالبت بحقّ التعليم لأخي لكنّ "ستّي" سارعت باستخدام حقّ الفيتو وقد كان...
ولم ينصلح الحال , فتوصّلت "ستّي" إلى أنه لابدّ من التطرّق للموارد الطبيعيّه في بيتنا الصغير وطالبت أمي ببيع(ذهباتها)
إلا أنّ مصاريف الدّراسه وإيجار البيت والديون المجدوله والمتراكمه قضت على الجزء الأكبر من مدّخرات أمي
مرّت أربعة أشهرأخرى ووجدت "ستّي" نفسها عاجزه أمام هذه الأزمه الإقتصاديه
(ففقعت ستّي) أصيبت بالجلطه وتوفّاها الله, وتبيّن أنّها كانت تعاني من السكّري والكلسترول ولاأدري من أين لها بهما؟!!!
بعد موتها تقاسم أبي وعمّاتي الميراث, وبحمدالله بدأ أبي مشروعاً يدرّعلينا دخلاً جيداً
وكلّما تذكّرت "ستّي" أترحّم عليها وأدعو لها بالجنّه فقد استطاعت في النهايه أن تتغلّب على الأزمة الإقتصاديّه
وأتسائل فقط بيني وبين نفسي, لو أن "ستّي" في كل بلد عربي تموت ويرث أهل بيتها أموالها وقصورها
ألن يزول الكساد الإقتصادي؟؟؟
أطال الله بعمر جدّاتكم.