[frame="6 80"]
حوار مع الشيطان
{ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِالسَّعِيرِ }
هب الشبيبة تبدي عذر صاحبها *** ما بال أشيب يستهويه شيطان قال عبدالله بن آدم : حاورت الشيطان الرجيم ، في الليل البهيم ، فلما سمعت أذان الفجر أردتالذهاب إلى المسجد ، فقال لي : عليك ليل طويل فارقد .
قلت : أخاف أن تفوتنيالفريضة .
قال : الأوقات طويلة عريضة .
قلت أخشى ذهاب صلاة الجماعة .
قال : لا تشدد على نفسَك في الطاعة .
فما قمت حتى طلعت الشمس . فقال لي فيهمس : لا تأسف على ما فات ،فاليوم كله أوقات . وجلست لآتي بالأذكار ، ففتح لي دفترالأفكار .
فقلت : أشغلتني عن الدعاء . قال : دعه إلى المساء .
وعزمت علىالمتاب . فقال : تمتع بالشباب .
قلت : أخشى الموت . قال : عمرك لا يفوت .
وجئت لأحفظ المثاني ، قال : رَوّح نفسك بالأغاني .
قلت : هي حرام . قال : لبعض العلماء كلام .
قلت : أحاديث التحريم عندي في صحيفة . قال : كلها ضعيفة .
ومرت حسناء فغضضت البصر ،قال : ماذا في النظر ؟قلت : فيه خطر . قال : تفكر فيالجمال ، فالتفكر حلال .
وذهبت إلى البيت العتيق ، فوقف لي في الطريق ، فقال : ما سبب هذه السفرة؟قلت : لآخذ عمرة .
فقال : ركبت الأخطار ، بسبب هذا الاعتمار ،وأبواب الخير كثيرة ، والحسنات غزيرة .
قلت : لابد من إصلاح الأحوال .
قال : الجنة لا تدخل بالأعمال . فلما ذهبت لألقي نصيحة ، قال : لا تجر إلى نفسك فضيحة .
قلت : هذا نفع للعباد . فقال : أخشى عليك من الشهرة وهي رأس الفساد .
قلت : فما رأيك في بعض الأشخاص ؟ قال : أجيبك عن العام والخاص .
قلت : أحمد بن حنبل ؟قال : قتلني بقوله : عليكم بالسنة ، والقرآن المنـزل .
قلت : فابن تيميـة ؟ قال : ضرباته على رأسي باليومية .
قلت : فالبخـاري ؟ قال : أحرَق بكتابه داري .
قلت : فالحجـاج؟قال : ليت في الناس ألف حجاج ، فلنا بسيرته ابتهاج ، ونهجه لناعلاج .
قلت : ففرعـون ؟ قال : له منا كل نصر وعون .
قلت : فصلاح الدين ، بطلحطين ؟ قال : دعه فقد مرّغنا بالطين .
قلت : محمد بن عبد الوهاب ؟قال : أشعل فيصدري بدعوته الالتهاب ، وأحرقني بكل شهاب .
قلت : فأبو جهـل ؟ قال : نحن له إخوةوأهل .
قلت : فأبو لهـب ؟ قال : نحن معه أينما ذهب .
قلت : فالمجلات الخليعـة؟ قال : هي لنا شريعة .
قلت : فالـدشـوش ؟ قال : نجعل الناس بها كالوحوش .
قلت : فالمقاهــي ؟ قال : نرحب فيها بكل لاهي .
قلت : ما هو ذكركم ؟ قال : الأغانـي .
قلت : وعملكـم ؟ قال : الأمانـي .
قلت : وما رأيكم في الأسـواق ؟قال : علمنا بها خفّاق ، وفيها يجتمع الرفاق .
قلت : كيف تضل الناس ؟قال : بالشهوات والشبهات والملهيات والأمنيات والأغنيات .
قلت : وكيف تضل الحكام ؟قال : بالتعطش للدماء ،وإهانة العلماء ، ورد نصح الحكماء ، وتصديق السفهاء .
قلت : فكيف تضل النساء ؟قال : بالتبرج والسفور ، وترك المأمور ، وارتكاب المحظور .
قلت : فكيف تضل العلماء ؟قال : بحب الظهور ، والعجب والغرور ، وحسد يملأ الصدور .
قلت : فيكف تضل العامّـة ؟قال : بالغيبة والنميمة ، والأحاديث السقيمة ، وماليس له قيمة .
قلت : فكيف تضل التجّـار ؟قال : بالربا في المعاملات ، ومنعالصدقات، والإسراف في النفقات .
قلت : فيكف تضل الشباب ؟قال : بالغزل والهيام،والعشق والغرام ، والاستخفاف بالأحكام ، وفعل الحرام .
قلت : فما رأيك فيإسرائيل ؟قال : إياك والغيبة ، فإنها مصيبة ، وإسرائيل دولة حبيبة ، ومن القلبقريبة .
قلت : فالجاحظ ؟ قال : الرجل بين بين ، أمره لا يستبين ، كما في البيانوالتبيين.
قلت : فأبو نواس ؟ قال : على العين وعلى الرأس ، لنا من شعره اقتباس .
قلت : فأهل الحداثـة ؟ قال : أخذوا علمهم منا بالوراثة .
قلت : فالعلمانيــة ؟قال : إيماننا علماني ، وهم أهل الدجل والأماني ، ومن سمّاهم فقدسماني .
قلت : فما تقول في واشنطن ؟قال : خطيـبي فيها يرطن ، وجيشي بهايقطن ،وهي لي موطن .
قلت : فما رأيك في الدعاة ؟قال : عذبوني وأتعبوني وبهدلونيوشيبوني يهدمون ما بنيتُ ، ويقرؤون إذا غنيتُ ، ويستعيذون إذا أتيتُ .
قلت : فماتقول في الصحف ؟قال : نضيع بها أوقات الخلف ، ونذهببها أعمار أهل الترف ، ونأخذ بهاالأموال مع الأسف .
قلت فما تقول في هيئـة الإذاعـة البريطانيـة ؟قال : ندخل بهاالسم في الدسم ، ونقاتل بها بين العرب والعجم ، ونثني بها على المظلوم ومن ظلم .
قلت : فماذا فعلتَ بالغـراب ؟قال : سلطته على أخيه فقتله ودفنه في التراب ،حتى غاب .
قلت : فما فعلتَ بقـارون؟قال : قلت له : احفظ الكنوز ، يا ابن العجوز، لتفوز ، فأنت أحد الرموز .
قلت : فماذا قلتَ لفرعـون ؟قال : قلت له : يا عظيمالقصر ، قل : أليس ليملك مصر ، فسوف يأتيك النصر.
قلت : فماذا قلتَ لشارب الخمر؟قال : قلت له : اشرب بنت الكروم ، فإنها تذهب الهموم ، وتزيل الغموم ، وباب التوبةمعلوم .
قلت : فماذا يقتلك ؟قال : آية الكرسي ، منها تضيق نفسي ، ويطول حبسي ،وفي كل بلاء أمسي .
قلت : فمن أحب الناس إليك ؟قال : المغنّون ، والشعراءالغاوون ،وأهل المعاصي والمجون ، وكل خبيث مفتون .
قلت : فمن أبغض الناس إليك؟قال : أهل المساجد ، وكل راكع وساجد ، وزاهد عابد ، وكل مجاهد .
قلت : أعوذبالله منك، فاختفى وغاب ، كأنما ساخ في التراب ، وهذا جزاءالكذاب
نْفْسٌِِّيَ آلتُِِّْيَ تُِِّْمًلكَ آلآشًِْيَآءذٍَآهٍَبٌَِتُِِّْآ
فْكَيَفْ آبٌَِكَيَ عًٍلى شًِْئ آذٍَآ ذٍَهٍَبٌَِآ
[/frame]