من (ديوان عبدالله الفاضل الملحم وقصة حياته)
قصة حدثت في القرن الثاني عشر الهجري حيث حط مرض الجدري بين أبناء قبيلة الحسنة من عنزة الساكنين تدمر وحمص وحماة وانتشر فيهم فمات من مات وتشوه من تشوه وبقي من لم يصب بأذى، والجدري احد الامراض السارية فيذلك الزمان اكثر من غيرها وقد انتشر بين البادية عامة وعليهم مغادرة الارض التي ينزل فيها الوباء كالطاعون والجدري وغيرهما، وينتقلون الى ارض اخرى لا وباء فيها.
وشاء الله ان يصاب عبدالله الفاضل الملحم رحمه الله بهذا الجدري وراحت حبيبات الجدري تغزو جسمه ورأسه وتشوه وجهه وسلمت عيناه من تلك الحبيبات، اجتمع وجهاء القبيلة وقرروا مغادرة المكان الى مكان آخر وان يتركوا شيخهم في خيمة لوحده فلما هموا بالرحيل نحروا جزورا امام الخيمة وربطوا كلبه "شير" بجانبه ليأكل من اللحم ويحمي صاحبه من الوحوش ووضعوا له داخل الخيمة شيئاً من طعام وشراب فلما التفت وإذا هم يتجهون غربا تاركين مرابعهم مبتعدين عن شيخهم الذي اجال نظرة فيما حوله فلم يرى الا الاثافي ورمادا تذوره الرياح وبقايا اوتاد منسية فما كان منه الا ان قال موجهاً كلامه الى كلبه "شير":
هلك شالوا علامك حول ياشير
وخلوا لك عظام الجزر ياشير
يالو تبكي بكل الدمع ياشير
هلك شالوا حمص وحماة
بقي الشيخ في خيمته اياما حتى قيض الله له جماعة عابرة سبيل، نزلت امرأة عجوز كانت مع الركب واقتربت من الخيمة فوجدته طريحاً فاشفقت عليه وطلبت من اهلها البقاء عنده حتى يشفى او يموت فقامت هذه العجوز بتمريضه وعلاجه في حين كانوا الآخرين يتنحون بعيداً خوفاً من العدوى، استمرت العجوز في رعايته وخدمته حتى شفي من مرضه، فوهب لهذه المرأة الخيمة ومافيها التي لايملك شيئا غيرها، ولكنه بعد ذلك لم يبحث عن قومه ولكنه رحل مغاضبا لهم واخذ يردد اشعاره المعاتبة لقومه وهي من نوع العتابا الذي يغني على الربابة في تلك النواحي منها:
هلي شالوا بليل وما علموني
خلوني شبيه المعلموني
تمنيتك يروحي معلموني
معاهم لاصميل ولازهاب
ويقول:
هلي لو شح قوت الناس عدنا
كرام واليتيم يعيش عدنا
عقب ماكنا ذرو للناس عدنا
نتذرى بالذي مالو ذرا
ويقول:
هلي شالوا وخلوني بصيرة
وضيعت الدليل مع البصيرة
بعد ليس الحساوي من البصيرة
على عيني محاولني الغراب
ثم يغترب سنوات يعود بعدها الى اهله ويقال أن عبدالله الفاضل هو من ابتدع شعر العتابه وهو نوع من أنواع الشعر التي عرفت مؤخرا في بلاد الشام وبلاد الرافدين
أخوكم بشار الدرويش