لقد تحدث الأخوة الأكارم والأخوات بما فيه الكفاية عن طيبة القلب والتي لا خلاف على أنها صفة حميدة .
لكن يبدو لي أن الإشكال هو التفريق بين الطيبة والسذاجه , فالقضية يلخصها سيدنا الفاروق عمر رضي الله عنه عندما قال " لست بالخب ولا الخب يخدعني "
بمعنى شخص محتاج مني لمساعدة مادية أو معنوية وسلك في الحصول عليها طريقا ومبررات قد لا تكون واقعية فإذا أدركت ذلك وأعطيته ما يريد بعد التوضيح له بأن المبررات التي ساقها غير واقعية فذلك يعد طيبة , وإذا أعطيته ما يريد دون أن أشعره أنني أعلم أن المبررات التي ساقها غير صحيحة فذلك يعد إحسانا ورقيا ( وهنا يختلط الأمر فقد يفهم ذلك الشخص أنني طيب القلب بالمعنى السلبي , أي ساذج ).
والحالة الثالثة أن يحصل الشخص على ما يريده من الطرف الأول وهذا الطرف لا يدرك حقيقة الأمر ( وهذا يعتبر إستغفال من الطرف الثاني ) فإذا لم يكن هناك ضمير ضاعت الحقوق وسميت الثقة ( طيبة بالمعنى السلبي ) ومن هنا نشأت الجملة التاريخية المشهورة في مجتمعنا التي ذكرها أخونا أبو أحمد
( تا نشوف طيبة هالقلب لوين راح توصلك ) .
أنا شخصيا أتقبل كل شيء إلا أن يستغفلني أحد .
وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة ( وأظنة أبو بكر رضي الله عنه ) حيث قال الصحابي : يارسول الله لي أرحام أو أقارب أصلهم ويقطعوني , وأحسن إليهم ويسيئون إلي فقال الرسول صلى الله عليه وسلم إن كان كما تقول فكأنما تسفهم المل ( وهو وضع الرماد الساخن في الفم ) .
وأخيرا لا يندم إنسان على فعل الخير فإنه لا يضيع على قول الشاعر :
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس
ما يخفف من وقع هذه المعضلة هو إخلاص النية في العمل وقصد وجه الله في أعمالنا فهذه الغاية الحقيقية وعندها يسهل تقبل سلوك البشر .