:: Home Page ::
آخر 10 مشاركات
ما هي مواصفات الاسهم الحلال الأمريكية (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 39 - الوقت: 09:17 PM - التاريخ: 03-27-2024)           »          بنك سيتي جروب الحقيقي Citigroup (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 50 - الوقت: 03:52 PM - التاريخ: 03-26-2024)           »          افضل شركة توزع أرباح في السوق السعودي (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 58 - الوقت: 09:22 AM - التاريخ: 03-26-2024)           »          شروط استخدام موقع حراج (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 71 - الوقت: 07:39 AM - التاريخ: 03-25-2024)           »          أعضاء مجلس إدارة شركة شمس (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 79 - الوقت: 06:18 AM - التاريخ: 03-25-2024)           »          كيف ابيع اسهم ارامكو الراجحي عبر الهاتف (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 64 - الوقت: 03:55 PM - التاريخ: 03-24-2024)           »          صناديق توزع شهري (الكاتـب : دعاء يوسف علي - مشاركات : 0 - المشاهدات : 670 - الوقت: 10:45 PM - التاريخ: 02-18-2024)           »          حلبية و زلبية..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 439 - الوقت: 07:14 PM - التاريخ: 02-16-2024)           »          بهلول..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 481 - الوقت: 04:09 PM - التاريخ: 02-13-2024)           »          صورة من الزمن الجميل..محمود المشعان (الكاتـب : محمود المشعان - مشاركات : 0 - المشاهدات : 587 - الوقت: 01:28 PM - التاريخ: 02-11-2024)



 
استمع إلى القرآن الكريم
 
العودة   منتديات قبيلة البو خابور > الأقــســـام الــعـــامــة > ديوان البوخابور

ديوان البوخابور للنقاش الهادف والبناء

الإهداءات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /04-17-2010   #11

أوتار
التميز الفضي

الصورة الرمزية أوتار

أوتار غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 625
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المكان : دَهْلِيْزُ حَرْفْ..!!
 المشاركات : 2,370
 النقاط : أوتار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي



حين يكون القلم و فيا لنا
يجب أن نكون أوفياء لساحته البراقة هنــا وأنتم قد وفيتم لة بحسن ردودكــم وفعلا الثقافة موضوع يستحق مناقشتـــه من شتى الجوانب

شاكرة لكم مروركم الذي عطر متصفحي
(شكري و تقديري)











 
التوقيع - أوتار

لِنكُنْ آروَاح رَاقيَة نَـتسـامْى عَنْ سَفـاسِفَ الأمُـور..وَعـَنْ كُـل مَـايَخِدش نـَقائِـنا..
نَحْترِمْ
ذآتـنآ وَنحترمْ الغَـيْر..
عِندَمآ نتحدثْ نـتحَـدثْ بِعُمـْق..نطلبْ بأدبْ
..وَنشُكر بـِذوَقْ..وَنعتذِرْ بصدقْ
نترفـْع عَـن التفَاهـَاتـْ والقِيـلَ والقـَالْ
..نُحِبْ بـِصَمتْ..وَنغَضبْ بِصَمتْ
وإنْ أردنآ الرحِيلْ..نرحـَلْ بـِصَمتْ


  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-17-2010   #12

أوتار
التميز الفضي

الصورة الرمزية أوتار

أوتار غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 625
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المكان : دَهْلِيْزُ حَرْفْ..!!
 المشاركات : 2,370
 النقاط : أوتار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

أبعـاد مفهوم الثقافه:

إن مفهوم "الثقافة" في اللغة العربية ينبع من الذات الإنسانية ولا يُغرس فيها من الخارج. ويعني ذلك أن الثقافة تتفق مع الفطرة، وأن ما يخالف الفطرة يجب تهذيبه، فالأمر ليس مرده أن يحمل الإنسان قيمًا-تنعت بالثقافة- بل مرده أن يتفق مضمون هذه القيم مع الفطرة البشرية. 2 - إن مفهوم "الثقافة" في اللغة العربية يعني البحث والتنقيب والظفر بمعاني الحق والخير والعدل، وكل القيم التي تُصلح الوجود الإنساني، ولا يدخل فيه تلك المعارف التي تفسد وجود الإنسان، وبالتالي ليست أي قيم وإنما القيم الفاضلة. أي أن من يحمل قيمًا لا تنتمي لجذور ثقافته الحقيقية فهذه ليست بثقافة وإنما استعمار وتماهٍ في قيم الآخر. 3 - أنه يركز في المعرفة على ما يحتاج الإنسان إليه طبقًا لظروف بيئته ومجتمعه، وليس على مطلق أنواع المعارف والعلوم، ويبرز الاختلاف الواضح بين مفهوم الثقافة في اللغة العربية ومفهوم "Culture" في اللغة الإنجليزية، حيث يربط المفهوم العربي الإنسان بالنمط المجتمعي المعاش، وليس بأي مقياس آخر يقيس الثقافات قياسًا على ثقافة معينة مثل المفهوم الإنجليزي القائم على الغرس والنقل. وبذلك فإنه في حين أن الثقافة في الفكر العربي تتأسس على الذات والفطرة والقيم الإيجابية، فإنها في الوقت ذاته تحترم خصوصية ثقافات المجتمعات، وقد أثبت الإسلام ذلك حين فتح المسلمون بلادًا مختلفة فنشروا القيم الإسلامية المتسقة مع الفطرة واحترموا القيم الاجتماعية الإيجابية. 4 - أنها عملية متجددة دائمًا لا تنتهي أبدًا، وبذلك تنفي تحصيل مجتمع ما العلوم التي تجعله على قمة السلم الثقافي؛ فكل المجتمعات إذا استوفت مجموعة من القيم الإيجابية التي تحترم الإنسان والمجتمع، فهي ذات ثقافة تستحق الحفاظ عليها أيَّا كانت درجة تطورها في السلم الاقتصادي فلا يجب النظر للمجتمعات الزراعية نظرة دونية، وأن تُحترم ثقافتها وعاداتها. إن الثقافة يجب أن تنظر نظرة أفقية تركيبية وليست نظرة رأسية اختزالية؛ تقدم وفق المعيار الاقتصادي -وحده- مجتمع على آخر أو تجعل مجتمع ما نتيجة لتطوره المادي على رأس سلم الحضارة. وقد أدت علمنة مفهوم الثقافة بنقل مضمون والمحتوى الغربي وفصله عن الجذر العربي والقرآني إلى تفريغ مفهوم الثقافة من الدين وفك الارتباط بينهما. وفي الاستخدام الحديث صار المثقف هو الشخص الذي يمتلك المعارف الحديثة ويطالع أدب وفكر وفلسفة الآخر، ولا يجذر فكره بالضرورة في عقيدته الإسلامية إن لم يكن العكس تمامًا. ووضع المثقف كرمز "تنويري" بالفهم الغربي في مواجهة الفقيه، ففي حين ينظر للأخير بأنه يرتبط بالماضي والتراث والنص المقدس، ينظر للأول -المثقف- بأنه هو الذي ينظر للمستقبل ويتابع متغيرات الواقع ويحمل رسالة النهضة، وبذلك تم توظيف المفهوم كأداة لتكريس الفكر العلماني بمفاهيم تبدوا إيجابية، ونعت الفكر الديني -ضمنًا- بالعكس. وهو ما نراه واضحًا في استخدام كلمة الثقافة الشائع في المجال الفكري والأدبي في بلادنا العربية والإسلامية؛ وهو ما يتوافق مع نظرة علم الاجتماع وعلم الاجتماع الديني وعلم الأنثروبولوجيا إلى الدين باعتباره صناعة إنسانية وليس وحيا منزلاً، وأنه مع التطور الإنساني والتنوير سيتم تجاوز الدين..والخرافة!! أما في المنظور الإسلامي فمثقف الأمة هو المُلمُّ بأصولها وتراثها. وعبر التاريخ حمل لواء الثقافة فقهاء الأمة وكان مثقفوها فقهاء.. وهو ما يستلزم تحرير المفهوم مما تم تلبيسه به من منظور يمكن فيه معاداة الدين أو على أقل تقدير النظر إليه بتوجس كي تعود الثقافة في الاستخدام قرينة التنوير الإسلامي الحقيقي، وليس تنوير الغرب المعادي للإله، والذي أعلن على لسان نيتشه موت الإله فأدى فيما بعد الحداثة إلى موت المطلق وتشيؤ الإنسان.

الثقافة الفرعية:

كل مجتمع ينقسم إلى عدة أجزاء تسمى بالمجتمعات الفرعية ولكل جزء من هذه الأجزاء ثقافة خاصة وقيم وعادات وتقاليد وموروثات واتجاهات خاصة بها فقط. تسمى تلك الثقافة بالثقافة الفرعية أو SubCulture ومن الممكن ان نجد أن الثقافة الفرعية هي في ذات الوقت تنقسم إلى ثقافات فرعية أصغر منها حتى نصل إلى ثقافة الفرد ومن خلال ثقافة الفرد نجد أن الموروثات والقيم والعادات التي بداخل هذه الثقافة هي جزء من الثقافة العامة للمجتمع.












 
التوقيع - أوتار

لِنكُنْ آروَاح رَاقيَة نَـتسـامْى عَنْ سَفـاسِفَ الأمُـور..وَعـَنْ كُـل مَـايَخِدش نـَقائِـنا..
نَحْترِمْ
ذآتـنآ وَنحترمْ الغَـيْر..
عِندَمآ نتحدثْ نـتحَـدثْ بِعُمـْق..نطلبْ بأدبْ
..وَنشُكر بـِذوَقْ..وَنعتذِرْ بصدقْ
نترفـْع عَـن التفَاهـَاتـْ والقِيـلَ والقـَالْ
..نُحِبْ بـِصَمتْ..وَنغَضبْ بِصَمتْ
وإنْ أردنآ الرحِيلْ..نرحـَلْ بـِصَمتْ



التعديل الأخير تم بواسطة أوتار ; 04-17-2010 الساعة 05:16 PM
  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-18-2010   #13

عبدالكريم
مشرف عام

الصورة الرمزية عبدالكريم

عبدالكريم غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 244
 تاريخ التسجيل : May 2009
 الجنس : ~ MALE/FE-MALE ~
 المكان : كنت السحاب وكان برقك لهايب جذوة غضب تحلف عليه انسكابه
 المشاركات : 2,990
 النقاط : عبدالكريم is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 17

مزاجي:
افتراضي

موضوع مهم للغاية اختي الكريمة اوتار الحزن
الاخوة والعمام اضافوا واكثروا ولا استطيع ان اضيف الا
الثقافة العامة ليست من وحي ثقافة الشهادة التي يحملها الشخص
الثقافة العامة تأتي من قراءة الكتب والاحتكاك المباشر مع الناس وفهم قضاياهم وتطلعاتهم
الثقافة العامة تتولد ايضاً من كثرة الاسفار تجدين المسافر دائماً يعرف هذه البلاد ومافيها وماعيب اهلها وماصفاتهم الخ...... ولو ان الانترنت الان كلف بهذه المهمة ولكنه لا يكفي
الثقافة العامة هي ثقافة الدين اليدن الاسلامي الحنيف
فأن تثقفنا في ديننا تجدين فيها الشمولية والجمع في كل مواضيع الحياة ومشاكلها وكيفية التعامل معها
مشكورة اختي اوتار موضوع مهم جداً
بارك الله فيك وادام الله لنا قلمك وابداعك








  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-18-2010   #14

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 15

مزاجي:
افتراضي

إن مفهوم الثقافة مفهوم موغل في التجريد فمضمونه لا يمكن رؤيته ولا الإحساس به ومما يضاعف غموضه والتباسه أنه مفهوم كثيف المحتوى ومتنوع العناصر إن الناس في أي مجتمع لا يعرفون في الغالب هذا الكائن المعقَّد الذي يصوغهم ويحيط بهم ويوجِّه تفكيرهم ويحدِّد اهتماماتهم انهم ذائبون فيه إنه يسيِّرهم ولا يسيرونه ويوجِّههم ولا يوجِّهونه إنه منغرس فيهم قبل بزوغ وعيهم بل به يتكون هذا الوعي ولكنه في الكثير من الأحيان يكون وعياً زائفاً وسواء عملت الثقافة على تكوين وعي صحيح أم وعي زائف فإن كل الناس ليسوا بتفكيرهم وقيمهم واهتماماتهم وتجليات سلوكهم سوى المظهر الخارجي لهذا الكائن العجيب الذي يعبَّر عنه بلفظ واحد هو الثقافة..
إن الإنسان كائن ثقافي بامتياز فهو صانع الثقافة وفي الوقت ذاته هو مصنوع بها إنها ليست نتاجاً فردياً يختاره الفرد ويوجهه حيث شاء وإنما الثقافات تتكون ضمن ظروف طبيعية وتاريخية واجتماعية وسياسية هي أكبر من كل الأفراد إنها الوسط الذهني الذي يتشكل به تفكيرهم ويتحدد انتماؤهم وتتكون ميولهم إن كل ثقافة تحدد لأهلها من يوالون ومن يعادون إنها تبرمج عواطفهم على أن يحبوا هذا ويكرهوا ذاك وتوجه رغباتهم وتنساب بها دوافعهم بل إن الثقافة هي العقل ذاته ومن هنا تنوعت العقول بتنوع الثقافات فيقال العقل العربي والعقل الانجلوسكسوني والعقل الأمريكي والعقل اللاتيني والعقل السلافي إلى غير ذلك من التنوعات الثقافية التي تجعل الأمم تُفكر بطرق شديدة التنوع...
إن الثقافات سابقة للحضارة سبقاً موغلاً فالجماعات الإنسانية في العصور القديمة عاشت قروناً ممعنة في الطول والامتداد قبل أن تتكون الحضارة لكن لم يوجد أية جماعة دون ثقافة لقد عاش الإنسان أحقاباً طويلة جوالاً في البراري قبل أن يتحضَّر ويستقر في الحواضر أما الثقافة فقد صاحبته منذ وجوده ففي البدء كانت الثقافة وفي البدء كانت اللغة: {وعلَّم آدم الأسماء} فهي الامتياز المطلق للإنسان أما الحضارة فهي نتاج عقلاني جاء متأخراً واستغرق تطويرها آلافاً من السنين ان الاجتماع الإنساني أنتج الثقافة أما الحضارة فهي عناصر مختارة انتجتها الاشراقات الثقافية الاستثنائية النادرة ان الثقافات المتطورة هي التي أنجزت الحضارة فصارت هذه الانجازات متاحة للجميع من كل الثقافات مهما كان مستواها هبوطاً أو صعوداً فالمنجزات الحضارية مشاعة ومشتركة بين كل الأمم أما الثقافات فهي شديدة التمايز والخصوصية ومن هنا جاء التفاوت الشاسع بين الأمم..
إن الكثير من القراء والمتعلمين والباحثين يلتبس عليهم مفهوم الثقافة بمفهوم الحضارة مع أنهما متمايزان أشد التمايز لذلك ينبغي التأكيد الشديد على التمايز الحاسم بين المفهومين فرغم أن الإنسانية تعيش الآن في عصر تعميم التعليم والمعلوماتية وحضارة المعرفة والانترنت والفضائيات والعولمة فإنه يوجد ثقافات مازالت موغلة في التخلف وعاجزة عن الانجاز وغير قادرة على تجاوز المألوف ولكنها تستخدم منجزات الآخرين وربما تتوهم أنها الأرقى فالثقافات بالغة التنوع وشديدة التمايز نزولاً أو ارتقاء وحتى الثقافات المتخلفة التي استفاد أهلها من انجازات الثقافات المتقدمة فإنها رغم هذه الاستفادة الخادعة مازالت محكومة بأنماط عقيمة من الأفكار والقيم والتقاليد فاستخدام منجزات الثقافات المزدهرة لا يدل على الازدهار الثقافي فركوب الطائرة لا يمكن مقارنته بصناعتها بل ان الفرق هنا فرق نوعي...
إن العقل لا يزدهر إلا بمقدار ازدهار الثقافة التي ينشأ عليها فهي رحم العقل وهي قالب العواطف وموجه السلوك فالجنين يحتضنه رحم أمه في فترة التخلق فيمده بما يغذيه وينفعه ويحتاج إليه أما حين يغادر الفرد هذا القرار المكين فإن رحم الثقافة يستقبله ويصوغه ليس دائماً بما هو أصح وأنفع وإنما هي قوالب ثقافية تتوارثها الأجيال آلاف السنين وهي قد تكون قوالب عمياء وقد تكون بصيرة إنها قوالب متنوعة وجاهزة يتشكل بها كل من تقذف بهم الأرحام إلى الدنيا إن الثقافة تصوغ الفرد دون اختياره فيتشكل عقله ووجدانه بما يلائمها لا بما يلائم الفرد انها تنقل الفرد من حالة الطبيعة الطيِّعة القابلة لأية صياغة إلى نمط محدَّد من الأنماط الثقافية وبذلك يخرج من حالة القابلية الهلامية وينتقل إلى شكل محدَّد من أنماط العقل فيكتسب طبيعته الثانية الأكثر استقراراً وثباتاً ويبقى مأسوراً بها في الغالب طول حياته فالثقافة مستقلة عن الأفراد إنها الرحم الذي تتخلَّق به العقول وتصاغ العواطف وتتحدَّد الاتجاهات وتتكوَّن الاهتمامات إنها ذلك الاطار المرجعي الضاغط والجامع الذي يصاحب الأفراد منذ ولادتهم ويستمر معهم أو يستمرون معه إلى يوم وفاتهم لا يخرجهم منه تعليم ولا عمل ولا يخفف سلطانه سفر ولا انتقال ولا تجدي للفكاك من أسره شهادات عليا أما المفتاح الوحيد الذي يعيد للفرد ذاته فهو امتلاك العقل الناقد الذي يتيح للفرد أن يراجع محتويات ذهنه ويعيد فحص عاداته وطريقة تفكيره فيبني وعيه بنفسه ويتحمَّل مسؤولية تكوين رؤاه ومواقفه وسلوكه..
إن اكتشاف طبيعة الثقافة ومعرفة استقلالها عن المتشكلين بها تعد من الاكتشافات العلمية الأساسية الحديثة وبذلك فإن مفهوم الثقافة من المفاهيم المعرفية المحورية ذات الكثافة المضمونية الشديدة وهذه الكثافة الطارئة على اللفظ تقتضي استيعاب معناه الحديث وادراك مكوناته المعقدة قبل استخدامه أما إذا جرى استعماله دون هذا الادراك كما هو حاصل كثيراً فإن هذا الاستعمال يُحدث لدى المتلقي التباساً معرفياً شديداً ويُسهم في حجب المعنى الحديث المركب ويصرف الاهتمام عن الاستقصاء حول ما يعنيه المفهوم ويوهم الناس بأبدية المعنى التلقائي المتبادر..
لقد تغيَّرت المعارف الإنسانية تغيرات واسعة بل في بعض جوانبها جرت عليها تبدَّلات جذرية لكن اللغات التي هي وسيلة التواصل الرئيسة ليس بالامكان تغييرها لتتلاءم مع التغيرات والتبدلات المعرفية وإنما يجري استخدام الألفاظ الموروثة ويعالج قصورها بالاشتقاق وبالمجازات وبالإزاحة الدلالية وبنحت المصطلحات وبتشييد المفاهيم إن الفلاسفة والمفكرين والعلماء والباحثين حين يحققون فتوحاتهم المعرفية لا يجدون أمامهم سوى اللغات الموروثة وهي بطبيعتها أداة قاصرة وهذه المشكلة تعاني منها كل اللغات لكنها تعوِّض هذا القصور بما فيها من مرونة وقابلية للتطويع فتتحمل بعد جهد جهيد كل ما يستجد من المعاني وبهذه الآلية يجري تخطي هذه المشكلة نسبياً فيعمد بناة المعرفة إلى التعبير عن المركَّبات المعرفية الجديدة بنحت مصطلحات وأحياناً يكون المعنى المركَّب الطارئ متعدد العناصر وكثيف التكوين ويحوي مضموناً كلياً يستحيل ان يؤديه اللفظ وحده فيتحول إلى مفهوم واسع ومعقَّد لا يمكن استيعابه إلا بتتبع مراحل تكوينه ومسيرة تطوره ويعدُّ مفهوم الثقافة من أعقد المفاهيم وأوسعها دلالة وأشملها مضموناً مما جعله مصحوباً دائماً بالكثير من الغموض والالتباس...
لذلك باتت معاجم المصطلحات والمفاهيم من المصادر الأساسية للمعرفة الحديثة لكننا في الثقافة العربية مازلنا غرباء عن الكثير من المفاهيم التي تبلورت في الثقافة الغربية وكنموذج على هذه الغربة استعمالنا القاصر أو الخاطئ لمفهوم الثقافة مما أحدث الكثير من اللبس وأضاع المضمون الجديد الذي يمثل اطاراً معرفياً كبير الأهمية انه حين يراد التعبير بمفردة واحدة عن معنى كلي كثير العناصر ومتعدد الوجوه ومتنوع التجليات فإن الاعتماد على قواميس اللغة وحدها أو الاكتفاء بالمتبادر من اللفظ دون استقصاء عن محتواه الجديد الزاخر بعد أن بات من المفاهيم الكلية ذات المضمون الكثيف والعناصر المتعددة إذا حصل ذلك وهو يحصل كثيراً فإنه يحدث ارباكاً شديداً للمعنى وتقزيماً للدلالة وتشويهاً للادراك وتزييفاً للوعي وإغفالاً للتغيرات النوعية التي طرأت على المعرفة الإنسانية واستبعاداً لنتائج العلوم الحديثة التي غيَّرت الرؤى وكشفت المجهولات وبدَّلت المضامين وأضافت إلى المفردات اللغوية دلالات جديدة كثيفة لم تكن الألفاظ دالة عليها لا في أصل وضعها ولا في تشعباتها المجازية ولا في استعمالاتها تاريخياً..
لقد اكتظت المعرفة الإنسانية الحديثة بمفاهيم ذات تعقيد شديد لا تستطيع المفردات اللغوية أن تعبِّر عنها ولكن لا مفرَّ من استخدامها غير أنه لابد أن ندرك أنها بهذا الاستخدام الجديد قد اتسع معناها اتساعاً هائلاً وتضخمت دلالاتها وانزاحت عن معناها القديم وتشبَّعت بمضمون جديد وكثيف ومعقد ونهضت بحمولة ثقيلة باهظة ومن أبرز المفاهيم الجديدة المثقلة بمحتواها الجديد: مفهوم (الثقافة) إننا حين نعود إلى مادة (ثقف) في معاجم اللغة نجد أن (الثقافة) بكسر الثاء تعني الملاعبة بالسيف أما (الثّقاف) فهي أداة لتعديل اعوجاج الرماح أما (ثقَّف) الشيء فتعني سواه وأقام اعوجاجه و(ثَقِفَ) الخل صار لاذعاً شديد الحموضة كما تأتي بمعنى ظفر به وأدركه كما تجيء بمعنى وجده وصادفه وفي القرآن: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} وفي الآية الأخرى: {ضربت عليهم الذلة أينما ثُقفوا} وفي آي ثالثة: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء} وتأتي بمعنى الخصام والقتال والمنابذة كما تأتي بمعنى الأسر والحبس والقيد ومنه قوله تعالى: {فإما تثقفنَّهم في الحرب فشرِّد بهم من خلفهم} كما تأتي بمعنى الحذق والمهارة والفهم والذكاء والتهذيب ومن الواضح أن كل هذه المعاني بمضمونها المعجمي الموروث لا تستطيع أن تؤدي المعنى الحديث الكثيف المعقَّد الذي يدل عليه مفهوم (الثقافة) في هذا العصر...
وهذه الكثافة الطارئة لمعاني المفردات التي تحوَّلت إلى مفاهيم مزدحمة ومثقلة بمضمونها الجديد هي معضلة معرفية عامة واجهت كل اللغات إن تيري ايجلتون يستهل كتابه عن (فكرة الثقافة) بالتنبيه إلى أن كلمة (ثقافة) هي احدى كلمات ثلاث يكتنفها أشد التعقيد في اللغة الانجليزية وما من شك بأنها في اللغة العربية أشد بعداً عن معانيها المعجمية ويعود هذا البُعد وهذا التعقيد إلى أنه يراد التعبير بلفظ واحد عن تركيبة طارئة معقدة من المعاني الواسعة الجديدة كما أن هذه التركيبة تتغيَّر عناصرها ويختلف محتواها باختلاف الثقافات ومن هنا يكون تحرير هذا المفهوم من أشد الضرورات المعرفية لأنه من غير هذا التحرير لا نستبين الفرق بين العلم والثقافة ولا ندرك الاختلافات الشاسعة بين الثقافات ولا نميز بين المعلومات المتماثلة التي يتلقاها الدارسون في التعليم في المجتمعات المختلفة وبين الثقافة التي يختص كل مجتمع بنوع منها مغاير لثقافات الآخرين...
إن ذهن الفرد ليس ملك صاحبه وإنما هو ملك الثقافة التي صاغته إنه محاصر من حيث لا يدري فينشأ مغتبطاً بهذا الحصار الذي لا يحس به لذلك فإن أول وأهم واجبات الفرد أن يضطلع بمسؤوليته عن واقعه وعن مصيره وأن يستعيد ذاته ويشيِّد وعيه بنفسه ولكن الفرد لن يضطلع بهذا العبء الاستدراكي الثقيل إلا إذا زالت غبطته بما هو عليه وأدرك أنه مختطف العقل والوجدان وأن قناعاته وعواطفه ليست من ابداع وعيه وإنما هي سابقة لبزوغ هذا الوعي انه بهذا الاكتشاف المتأخر لعمليات التشكيل التلقائية والمخططة التي صاغت عقله ووجدانه يكون قد قطع نصف المسافة إلى استعادة ذاته ويبقى عليه أن يواصل بناء قناعاته بنفسه وأن يتحرى الحقيقة ويلتزم بها حيثما كانت وأن يتقبلها من أي مصدر أتت...
إن الثقافة سابقة لوجود الفرد وهي نتاج تاريخي معقد إن الفرد يولد في الصين أو اليابان أو الهند أو البرازيل أو كندا فيصاغ بهذه الثقافة أو تلك دون اختياره وهو في الغالب يعتقد انه محظوظ بثقافته متوهماً امتياز العرق الذي ينتمي إليه واللغة التي يتكلم بها والتصورات التي تشبّع بها تلقائياً إن الثقافة سابقة للتعليم فهي تحكمه ولا يحكمها وهي ترتهنه ولا يرتهنها وبهذا يظهر أن مفهوم الثقافة يعد من أعقد المفاهيم الحديثة التي لا يكفي لفهمها استقراء المعاجم اللغوية وإنما لابد من التعرف عليها من مراجع الفرع العلمي الذي تنتسب إليه أو ينتسب هو إليها وبهذا فإن مفهوم الثقافة لا يمكن فهمه من مراجعة قواميس اللغة وإنما يستوجب الأمر الاطلاع على مراجع علم (الإناسة) فهذا العلم من أهم علوم العصر ومن أكثرها نفعاً وهو مقسم إلى فرعين رئيسيين هما: الانثروبولوجيا الطبيعية والانثروبولوجيا الثقافية الأول يدرس الإنسان عضوياً ويتتبع مراحل نشأته والصفات المميزة له وتفرعاته السلالية وخصائص كل سلالة ونقاط الالتقاء والافتراق بين الإنسان جسدياً والعضويات الأخرى أما الانثربولوجيا الثقافية فتدرس الثقافات المتنوعة وتحاول فهم بدايات النشأة ومراحل التطور وأسباب هذه التنوعات الثقافية وهي تستعين بكافة المنجزات والمخزونات والمدونات والآثار والممارسات الثقافية فتدرس التاريخ الثقافي كما تدرس اللغات وتحاول أن تستخلص منها الاتجاهات الذهنية السائدة في كل منها وأنواع الاهتمامات التي حركت أهلها في اتجاهات مختلفة كما تدرس الآثار وكل ما يدل على كيفيات النشأة ومراحل التطور كما تدرس المؤسسات الاجتماعية والسياسية والدينية والعادات والتقاليد وتتعرف على منظومات القيم المتباينة وعلى الاهتمامات المختلفة وعلى التراتبات الاجتماعية المتمايزة وعلى التغيرات التي مرت بها كما تهتم بالتنوعات الجغرافية التي تكوَّنت فيها الثقافات المتنوعة لتحدد أثر البيئة الطبيعية في كل منها ونسبة هذا الأثر قياساً بالمؤثرات الأخرى..
إن مفهوم الثقافة من المفاهيم المحورية الحديثة وهو باتساعه وتعقيدات محتواه قد استغرق علماً بأكمله بل إنه من أبرز الأسس التي تنهض عليه كل العلوم الاجتماعية أما علم الأناسة فهو يستفيد من كل العلوم ويحاول أن يتعرف على طبيعة هذا الكائن المراوغ العجيب ومن أجل ذلك صار من أوسع العلوم مجالاً وأشدها تعقيداً وأكثرها غموضاً وأبعدها عن البداهات السائدة لذلك فإن مفهوم الثقافة مفهوم محوري شديد الكثافة لا بد من استيعابه وفهمه أما دون هذا الاستيعاب والفهم فسوف يفوتنا ادراك أسباب التباينات الصارخة في أوضاع المجتمعات فعقول البشر تتباين بمقدار تباين الثقافات التي يصاغون بها ولكن هذه الحقيقة الهامة مازالت محتجبة بشكل كثيف ليس فقط عن عامة المتعلمين وإنما عن الكثير من أهل الرأي المعتبر أما أسباب غموض ومراوغة والتباس مفهوم الثقافة فسوف تكون موضوع المقالة التالية إن شاء الله... إن مفهوم الثقافة مفهوم موغل في التجريد فمضمونه لا يمكن رؤيته ولا الإحساس به ومما يضاعف غموضه والتباسه أنه مفهوم كثيف المحتوى ومتنوع العناصر إن الناس في أي مجتمع لا يعرفون في الغالب هذا الكائن المعقَّد الذي يصوغهم ويحيط بهم ويوجِّه تفكيرهم ويحدِّد اهتماماتهم انهم ذائبون فيه إنه يسيِّرهم ولا يسيرونه ويوجِّههم ولا يوجِّهونه إنه منغرس فيهم قبل بزوغ وعيهم بل به يتكون هذا الوعي ولكنه في الكثير من الأحيان يكون وعياً زائفاً وسواء عملت الثقافة على تكوين وعي صحيح أم وعي زائف فإن كل الناس ليسوا بتفكيرهم وقيمهم واهتماماتهم وتجليات سلوكهم سوى المظهر الخارجي لهذا الكائن العجيب الذي يعبَّر عنه بلفظ واحد هو الثقافة..
إن الإنسان كائن ثقافي بامتياز فهو صانع الثقافة وفي الوقت ذاته هو مصنوع بها إنها ليست نتاجاً فردياً يختاره الفرد ويوجهه حيث شاء وإنما الثقافات تتكون ضمن ظروف طبيعية وتاريخية واجتماعية وسياسية هي أكبر من كل الأفراد إنها الوسط الذهني الذي يتشكل به تفكيرهم ويتحدد انتماؤهم وتتكون ميولهم إن كل ثقافة تحدد لأهلها من يوالون ومن يعادون إنها تبرمج عواطفهم على أن يحبوا هذا ويكرهوا ذاك وتوجه رغباتهم وتنساب بها دوافعهم بل إن الثقافة هي العقل ذاته ومن هنا تنوعت العقول بتنوع الثقافات فيقال العقل العربي والعقل الانجلوسكسوني والعقل الأمريكي والعقل اللاتيني والعقل السلافي إلى غير ذلك من التنوعات الثقافية التي تجعل الأمم تُفكر بطرق شديدة التنوع...
إن الثقافات سابقة للحضارة سبقاً موغلاً فالجماعات الإنسانية في العصور القديمة عاشت قروناً ممعنة في الطول والامتداد قبل أن تتكون الحضارة لكن لم يوجد أية جماعة دون ثقافة لقد عاش الإنسان أحقاباً طويلة جوالاً في البراري قبل أن يتحضَّر ويستقر في الحواضر أما الثقافة فقد صاحبته منذ وجوده ففي البدء كانت الثقافة وفي البدء كانت اللغة: {وعلَّم آدم الأسماء} فهي الامتياز المطلق للإنسان أما الحضارة فهي نتاج عقلاني جاء متأخراً واستغرق تطويرها آلافاً من السنين ان الاجتماع الإنساني أنتج الثقافة أما الحضارة فهي عناصر مختارة انتجتها الاشراقات الثقافية الاستثنائية النادرة ان الثقافات المتطورة هي التي أنجزت الحضارة فصارت هذه الانجازات متاحة للجميع من كل الثقافات مهما كان مستواها هبوطاً أو صعوداً فالمنجزات الحضارية مشاعة ومشتركة بين كل الأمم أما الثقافات فهي شديدة التمايز والخصوصية ومن هنا جاء التفاوت الشاسع بين الأمم..
إن الكثير من القراء والمتعلمين والباحثين يلتبس عليهم مفهوم الثقافة بمفهوم الحضارة مع أنهما متمايزان أشد التمايز لذلك ينبغي التأكيد الشديد على التمايز الحاسم بين المفهومين فرغم أن الإنسانية تعيش الآن في عصر تعميم التعليم والمعلوماتية وحضارة المعرفة والانترنت والفضائيات والعولمة فإنه يوجد ثقافات مازالت موغلة في التخلف وعاجزة عن الانجاز وغير قادرة على تجاوز المألوف ولكنها تستخدم منجزات الآخرين وربما تتوهم أنها الأرقى فالثقافات بالغة التنوع وشديدة التمايز نزولاً أو ارتقاء وحتى الثقافات المتخلفة التي استفاد أهلها من انجازات الثقافات المتقدمة فإنها رغم هذه الاستفادة الخادعة مازالت محكومة بأنماط عقيمة من الأفكار والقيم والتقاليد فاستخدام منجزات الثقافات المزدهرة لا يدل على الازدهار الثقافي فركوب الطائرة لا يمكن مقارنته بصناعتها بل ان الفرق هنا فرق نوعي...
إن العقل لا يزدهر إلا بمقدار ازدهار الثقافة التي ينشأ عليها فهي رحم العقل وهي قالب العواطف وموجه السلوك فالجنين يحتضنه رحم أمه في فترة التخلق فيمده بما يغذيه وينفعه ويحتاج إليه أما حين يغادر الفرد هذا القرار المكين فإن رحم الثقافة يستقبله ويصوغه ليس دائماً بما هو أصح وأنفع وإنما هي قوالب ثقافية تتوارثها الأجيال آلاف السنين وهي قد تكون قوالب عمياء وقد تكون بصيرة إنها قوالب متنوعة وجاهزة يتشكل بها كل من تقذف بهم الأرحام إلى الدنيا إن الثقافة تصوغ الفرد دون اختياره فيتشكل عقله ووجدانه بما يلائمها لا بما يلائم الفرد انها تنقل الفرد من حالة الطبيعة الطيِّعة القابلة لأية صياغة إلى نمط محدَّد من الأنماط الثقافية وبذلك يخرج من حالة القابلية الهلامية وينتقل إلى شكل محدَّد من أنماط العقل فيكتسب طبيعته الثانية الأكثر استقراراً وثباتاً ويبقى مأسوراً بها في الغالب طول حياته فالثقافة مستقلة عن الأفراد إنها الرحم الذي تتخلَّق به العقول وتصاغ العواطف وتتحدَّد الاتجاهات وتتكوَّن الاهتمامات إنها ذلك الاطار المرجعي الضاغط والجامع الذي يصاحب الأفراد منذ ولادتهم ويستمر معهم أو يستمرون معه إلى يوم وفاتهم لا يخرجهم منه تعليم ولا عمل ولا يخفف سلطانه سفر ولا انتقال ولا تجدي للفكاك من أسره شهادات عليا أما المفتاح الوحيد الذي يعيد للفرد ذاته فهو امتلاك العقل الناقد الذي يتيح للفرد أن يراجع محتويات ذهنه ويعيد فحص عاداته وطريقة تفكيره فيبني وعيه بنفسه ويتحمَّل مسؤولية تكوين رؤاه ومواقفه وسلوكه..








  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-18-2010   #15

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 15

مزاجي:
افتراضي

إن اكتشاف طبيعة الثقافة ومعرفة استقلالها عن المتشكلين بها تعد من الاكتشافات العلمية الأساسية الحديثة وبذلك فإن مفهوم الثقافة من المفاهيم المعرفية المحورية ذات الكثافة المضمونية الشديدة وهذه الكثافة الطارئة على اللفظ تقتضي استيعاب معناه الحديث وادراك مكوناته المعقدة قبل استخدامه أما إذا جرى استعماله دون هذا الادراك كما هو حاصل كثيراً فإن هذا الاستعمال يُحدث لدى المتلقي التباساً معرفياً شديداً ويُسهم في حجب المعنى الحديث المركب ويصرف الاهتمام عن الاستقصاء حول ما يعنيه المفهوم ويوهم الناس بأبدية المعنى التلقائي المتبادر..
لقد تغيَّرت المعارف الإنسانية تغيرات واسعة بل في بعض جوانبها جرت عليها تبدَّلات جذرية لكن اللغات التي هي وسيلة التواصل الرئيسة ليس بالامكان تغييرها لتتلاءم مع التغيرات والتبدلات المعرفية وإنما يجري استخدام الألفاظ الموروثة ويعالج قصورها بالاشتقاق وبالمجازات وبالإزاحة الدلالية وبنحت المصطلحات وبتشييد المفاهيم إن الفلاسفة والمفكرين والعلماء والباحثين حين يحققون فتوحاتهم المعرفية لا يجدون أمامهم سوى اللغات الموروثة وهي بطبيعتها أداة قاصرة وهذه المشكلة تعاني منها كل اللغات لكنها تعوِّض هذا القصور بما فيها من مرونة وقابلية للتطويع فتتحمل بعد جهد جهيد كل ما يستجد من المعاني وبهذه الآلية يجري تخطي هذه المشكلة نسبياً فيعمد بناة المعرفة إلى التعبير عن المركَّبات المعرفية الجديدة بنحت مصطلحات وأحياناً يكون المعنى المركَّب الطارئ متعدد العناصر وكثيف التكوين ويحوي مضموناً كلياً يستحيل ان يؤديه اللفظ وحده فيتحول إلى مفهوم واسع ومعقَّد لا يمكن استيعابه إلا بتتبع مراحل تكوينه ومسيرة تطوره ويعدُّ مفهوم الثقافة من أعقد المفاهيم وأوسعها دلالة وأشملها مضموناً مما جعله مصحوباً دائماً بالكثير من الغموض والالتباس...
لذلك باتت معاجم المصطلحات والمفاهيم من المصادر الأساسية للمعرفة الحديثة لكننا في الثقافة العربية مازلنا غرباء عن الكثير من المفاهيم التي تبلورت في الثقافة الغربية وكنموذج على هذه الغربة استعمالنا القاصر أو الخاطئ لمفهوم الثقافة مما أحدث الكثير من اللبس وأضاع المضمون الجديد الذي يمثل اطاراً معرفياً كبير الأهمية انه حين يراد التعبير بمفردة واحدة عن معنى كلي كثير العناصر ومتعدد الوجوه ومتنوع التجليات فإن الاعتماد على قواميس اللغة وحدها أو الاكتفاء بالمتبادر من اللفظ دون استقصاء عن محتواه الجديد الزاخر بعد أن بات من المفاهيم الكلية ذات المضمون الكثيف والعناصر المتعددة إذا حصل ذلك وهو يحصل كثيراً فإنه يحدث ارباكاً شديداً للمعنى وتقزيماً للدلالة وتشويهاً للادراك وتزييفاً للوعي وإغفالاً للتغيرات النوعية التي طرأت على المعرفة الإنسانية واستبعاداً لنتائج العلوم الحديثة التي غيَّرت الرؤى وكشفت المجهولات وبدَّلت المضامين وأضافت إلى المفردات اللغوية دلالات جديدة كثيفة لم تكن الألفاظ دالة عليها لا في أصل وضعها ولا في تشعباتها المجازية ولا في استعمالاتها تاريخياً..
لقد اكتظت المعرفة الإنسانية الحديثة بمفاهيم ذات تعقيد شديد لا تستطيع المفردات اللغوية أن تعبِّر عنها ولكن لا مفرَّ من استخدامها غير أنه لابد أن ندرك أنها بهذا الاستخدام الجديد قد اتسع معناها اتساعاً هائلاً وتضخمت دلالاتها وانزاحت عن معناها القديم وتشبَّعت بمضمون جديد وكثيف ومعقد ونهضت بحمولة ثقيلة باهظة ومن أبرز المفاهيم الجديدة المثقلة بمحتواها الجديد: مفهوم (الثقافة) إننا حين نعود إلى مادة (ثقف) في معاجم اللغة نجد أن (الثقافة) بكسر الثاء تعني الملاعبة بالسيف أما (الثّقاف) فهي أداة لتعديل اعوجاج الرماح أما (ثقَّف) الشيء فتعني سواه وأقام اعوجاجه و(ثَقِفَ) الخل صار لاذعاً شديد الحموضة كما تأتي بمعنى ظفر به وأدركه كما تجيء بمعنى وجده وصادفه وفي القرآن: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم} وفي الآية الأخرى: {ضربت عليهم الذلة أينما ثُقفوا} وفي آي ثالثة: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء} وتأتي بمعنى الخصام والقتال والمنابذة كما تأتي بمعنى الأسر والحبس والقيد ومنه قوله تعالى: {فإما تثقفنَّهم في الحرب فشرِّد بهم من خلفهم} كما تأتي بمعنى الحذق والمهارة والفهم والذكاء والتهذيب ومن الواضح أن كل هذه المعاني بمضمونها المعجمي الموروث لا تستطيع أن تؤدي المعنى الحديث الكثيف المعقَّد الذي يدل عليه مفهوم (الثقافة) في هذا العصر...
وهذه الكثافة الطارئة لمعاني المفردات التي تحوَّلت إلى مفاهيم مزدحمة ومثقلة بمضمونها الجديد هي معضلة معرفية عامة واجهت كل اللغات إن تيري ايجلتون يستهل كتابه عن (فكرة الثقافة) بالتنبيه إلى أن كلمة (ثقافة) هي احدى كلمات ثلاث يكتنفها أشد التعقيد في اللغة الانجليزية وما من شك بأنها في اللغة العربية أشد بعداً عن معانيها المعجمية ويعود هذا البُعد وهذا التعقيد إلى أنه يراد التعبير بلفظ واحد عن تركيبة طارئة معقدة من المعاني الواسعة الجديدة كما أن هذه التركيبة تتغيَّر عناصرها ويختلف محتواها باختلاف الثقافات ومن هنا يكون تحرير هذا المفهوم من أشد الضرورات المعرفية لأنه من غير هذا التحرير لا نستبين الفرق بين العلم والثقافة ولا ندرك الاختلافات الشاسعة بين الثقافات ولا نميز بين المعلومات المتماثلة التي يتلقاها الدارسون في التعليم في المجتمعات المختلفة وبين الثقافة التي يختص كل مجتمع بنوع منها مغاير لثقافات الآخرين...
إن ذهن الفرد ليس ملك صاحبه وإنما هو ملك الثقافة التي صاغته إنه محاصر من حيث لا يدري فينشأ مغتبطاً بهذا الحصار الذي لا يحس به لذلك فإن أول وأهم واجبات الفرد أن يضطلع بمسؤوليته عن واقعه وعن مصيره وأن يستعيد ذاته ويشيِّد وعيه بنفسه ولكن الفرد لن يضطلع بهذا العبء الاستدراكي الثقيل إلا إذا زالت غبطته بما هو عليه وأدرك أنه مختطف العقل والوجدان وأن قناعاته وعواطفه ليست من ابداع وعيه وإنما هي سابقة لبزوغ هذا الوعي انه بهذا الاكتشاف المتأخر لعمليات التشكيل التلقائية والمخططة التي صاغت عقله ووجدانه يكون قد قطع نصف المسافة إلى استعادة ذاته ويبقى عليه أن يواصل بناء قناعاته بنفسه وأن يتحرى الحقيقة ويلتزم بها حيثما كانت وأن يتقبلها من أي مصدر أتت...
إن الثقافة سابقة لوجود الفرد وهي نتاج تاريخي معقد إن الفرد يولد في الصين أو اليابان أو الهند أو البرازيل أو كندا فيصاغ بهذه الثقافة أو تلك دون اختياره وهو في الغالب يعتقد انه محظوظ بثقافته متوهماً امتياز العرق الذي ينتمي إليه واللغة التي يتكلم بها والتصورات التي تشبّع بها تلقائياً إن الثقافة سابقة للتعليم فهي تحكمه ولا يحكمها وهي ترتهنه ولا يرتهنها وبهذا يظهر أن مفهوم الثقافة يعد من أعقد المفاهيم الحديثة التي لا يكفي لفهمها استقراء المعاجم اللغوية وإنما لابد من التعرف عليها من مراجع الفرع العلمي الذي تنتسب إليه أو ينتسب هو إليها وبهذا فإن مفهوم الثقافة لا يمكن فهمه من مراجعة قواميس اللغة وإنما يستوجب الأمر الاطلاع على مراجع علم (الإناسة) فهذا العلم من أهم علوم العصر ومن أكثرها نفعاً وهو مقسم إلى فرعين رئيسيين هما: الانثروبولوجيا الطبيعية والانثروبولوجيا الثقافية الأول يدرس الإنسان عضوياً ويتتبع مراحل نشأته والصفات المميزة له وتفرعاته السلالية وخصائص كل سلالة ونقاط الالتقاء والافتراق بين الإنسان جسدياً والعضويات الأخرى أما الانثربولوجيا الثقافية فتدرس الثقافات المتنوعة وتحاول فهم بدايات النشأة ومراحل التطور وأسباب هذه التنوعات الثقافية وهي تستعين بكافة المنجزات والمخزونات والمدونات والآثار والممارسات الثقافية فتدرس التاريخ الثقافي كما تدرس اللغات وتحاول أن تستخلص منها الاتجاهات الذهنية السائدة في كل منها وأنواع الاهتمامات التي حركت أهلها في اتجاهات مختلفة كما تدرس الآثار وكل ما يدل على كيفيات النشأة ومراحل التطور كما تدرس المؤسسات الاجتماعية والسياسية والدينية والعادات والتقاليد وتتعرف على منظومات القيم المتباينة وعلى الاهتمامات المختلفة وعلى التراتبات الاجتماعية المتمايزة وعلى التغيرات التي مرت بها كما تهتم بالتنوعات الجغرافية التي تكوَّنت فيها الثقافات المتنوعة لتحدد أثر البيئة الطبيعية في كل منها ونسبة هذا الأثر قياساً بالمؤثرات الأخرى..
إن مفهوم الثقافة من المفاهيم المحورية الحديثة وهو باتساعه وتعقيدات محتواه قد استغرق علماً بأكمله بل إنه من أبرز الأسس التي تنهض عليه كل العلوم الاجتماعية أما علم الأناسة فهو يستفيد من كل العلوم ويحاول أن يتعرف على طبيعة هذا الكائن المراوغ العجيب ومن أجل ذلك صار من أوسع العلوم مجالاً وأشدها تعقيداً وأكثرها غموضاً وأبعدها عن البداهات السائدة لذلك فإن مفهوم الثقافة مفهوم محوري شديد الكثافة لا بد من استيعابه وفهمه أما دون هذا الاستيعاب والفهم فسوف يفوتنا ادراك أسباب التباينات الصارخة في أوضاع المجتمعات فعقول البشر تتباين بمقدار تباين الثقافات التي يصاغون بها ولكن هذه الحقيقة الهامة مازالت محتجبة بشكل كثيف ليس فقط عن عامة المتعلمين وإنما عن الكثير من أهل الرأي المعتبر .








  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-19-2010   #16

المستشار

المستشار غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 303
 تاريخ التسجيل : Jun 2009
 المشاركات : 2,376
 النقاط : المستشار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 17

افتراضي

وفي الاستخدام الحديث صار المثقف هو الشخص الذي يمتلك المعارف الحديثة ويطالع أدب وفكر وفلسفة الآخر، ولا يجذر فكره بالضرورة في عقيدته الإسلامية إن لم يكن العكس تمامًا. ووضع المثقف كرمز "تنويري" بالفهم الغربي في مواجهة الفقيه، ففي حين ينظر للأخير بأنه يرتبط بالماضي والتراث والنص المقدس، ينظر للأول -المثقف- بأنه هو الذي ينظر للمستقبل ويتابع متغيرات الواقع ويحمل رسالة النهضة، وبذلك تم توظيف المفهوم كأداة لتكريس الفكر العلماني بمفاهيم تبدوا إيجابية، ونعت الفكر الديني -ضمنًا- بالعكس. وهو ما نراه واضحًا في استخدام كلمة الثقافة الشائع في المجال الفكري والأدبي في بلادنا العربية والإسلامية؛ وهو ما يتوافق مع نظرة علم الاجتماع وعلم الاجتماع الديني وعلم الأنثروبولوجيا إلى الدين باعتباره صناعة إنسانية وليس وحيا منزلاً، وأنه مع التطور الإنساني والتنوير سيتم تجاوز الدين..والخرافة!! أما في المنظور الإسلامي فمثقف الأمة هو المُلمُّ بأصولها وتراثها. وعبر التاريخ حمل لواء الثقافة فقهاء الأمة وكان مثقفوها فقهاء.. وهو ما يستلزم تحرير المفهوم مما تم تلبيسه به من منظور يمكن فيه معاداة الدين أو على أقل تقدير النظر إليه بتوجس كي تعود الثقافة في الاستخدام قرينة التنوير الإسلامي الحقيقي، وليس تنوير الغرب المعادي للإله، والذي أعلن على لسان نيتشه موت الإله فأدى فيما بعد الحداثة إلى موت المطلق وتشيؤ الإنسان(عن أوتار الحزن) .
إن مشاركات الأخوات والأخوة حول موضوع الثقافة ( وخاصة الأخت أوتار الحزن والأخ القيصر ) أغنى الموضوع جدا ورفعه إلى المستوى العلمي والأكاديمي بحيث يحتاج لقراءة متأنية وتلخيص , وإستخلاص الأفكار العملية مما ذكر على سبيل المثال ما جاء في جزء من مشاركة الأخت أوتار الحزن( التي إستشهدت بجزء منها أعلاه ) بإسقاط وتوضيح أثرها وربط تأثير ذلك على واقعنا ومفاهيمنا وخطورة إلباس الأمور غير ثوبها الحقيقي .
شكرا للأخت أوتار الحزن وللأخ القيصر ولي عودة على الموضوع للأهمية .








  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-21-2010   #17

ابوعبدالله
التميز الذهبي

الصورة الرمزية ابوعبدالله

ابوعبدالله غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 556
 تاريخ التسجيل : Feb 2010
 المشاركات : 3,951
 النقاط : ابوعبدالله is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 10

افتراضي

درجة ثقافة الشخص هي أن يعي ما يعرف و يطبقها على أرض الواقع
لن تكون مثقفا بأمور حماية البيئة بينما أنت تلقي بالقمامة على قارعة الطريق











 
التوقيع - ابوعبدالله




[frame="1 80"]
لن يكون لدينا ما نحيا من أجله , إلا إذا كنا على استعداد للموت من أجله ..
يجب أنْ نبدأ العيْش بطريقة لها معنى الآن
[/frame]

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 04-21-2010 الساعة 04:38 PM
  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-22-2010   #18

أوتار
التميز الفضي

الصورة الرمزية أوتار

أوتار غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 625
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المكان : دَهْلِيْزُ حَرْفْ..!!
 المشاركات : 2,370
 النقاط : أوتار is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

التقافة و مفهومها في الحياة
--------------------------------------------------------------------------------
كان الشاعر ت. س. اليوت من اشهر من اهتم بموضوع الثقافة منذ بدايات القرن العشرين ومن أجل إدراك الثقافة وضع إليوت شروطاً ثلاثة إذا ما تحققت ، تم بها تحقيق الثقافة وهي: أولاً: البناء العضوي ، ويرى أنه يساعد على الانتقال الوراثي للثقافة داخل ثقافة ومجتمع معينين. ثانياً: القابيلة للتحليل: ويرى وجوب أن تكون الثقافة (من وجهة النظر الجغرافية) قابلة للتحليل إلى ثقافات محلية (البعد الإقليمي للثقافة). ثالثاً: التوازن بين الوحدة والتنوع في الدين. ويرى أن هذا الشرط مهم لأنه في الكثير من الثقافات لا يمكن إغفال أو تهميش عامل الدين. وفي هذا السياق أضاف آخرين إلى أن الثقافة سياسة وتربية.
وعندما أقدم بعض علماء الأنثروبولوجيا وعلماء الاجتماع على تعريف مفهوم الثقافة البشرية قالوا أنها سلوك تعلمي يكتسبه الأفراد كأعضاء في جماعات تعيش في المجتمع الواحد. في السبعينات من القرن التاسع عشر قدم عدد من علماء الأنثروبولوجيا أكثر من تعريف للثقافة وفي المحصلة أجمعوا على أن الثقافة هي ذلك الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة ، والمعتقد ، والفن ، والخُلق ، والقانون ، والعادات الاجتماعية وأية إمكانيات اجتماعية أخرى بل وطبائع اكتسبها الإنسان كعضو في مجتمعه." وبعدئذ دأب هؤلاء على تقديم العديد من التحسينات والتباينات على هذا التعريف العام لمعنى الثقافة ، لكن الأهم هو أن الجميع اتفقوا على أن الثقافة هي سلوك تعلمي كثيراً ما يتناقض مع السلوك الموهوب تراثياً.
وانطلاقاً من واقع أن كل مجتمع إنساني يتمتع بمنظومة من السلوك الذي تحكمه معايير قد تختلف نسبياً من مجتمع إلى آخر حتى داخل الثقافة الواحدة (مثال ذلك الثقافة العربية ومن لها من ثقافات فرعية تحكمها عوامل قسرية مثل العوامل الإقليمية والجغرافية وربما ازدواجية اللغة كحالة الجزائر بين أصول بربرية وأخرى عربية) ، كما تحكمها معايير أخرى تؤدي إلى ألوان أخرى من المعرفة مثل (الاستعمار والهجرات والحروب وما إلى ذلكم من الأمور وربما ازدواجية اللغة مرة أخرى لكن هذه المرة نرى الازدواجية بين اللغتين الفرنسية والعربية في بلاد المغرب العربي) فانه يتم تآلف الأفراد مجتمعياً وتثاقفياً. ويتمتع الإنسان بمنظومة هذا السلوك منذ ميلاده بل ويتطور ذلك السلوك وينمو معه طالما ظل يعيش في ذلك المجتمع.
من هنا يمكن القول بأن الثقافة بهذا المفهوم تختلف عن الثقافة بالمفهوم الذي استخدم لوصف شخص مصقول صقلاً عالياً ، وله دراية بالموسيقى ، والأدب ، والفلسفة ، والسياسة ويجيد لغة عالمية إضافة إلى لغة أمه الأصلية ، بل وربما يتضمن أيضاً توجهات ثقافية أُخرى مشتركة مع الحياة المتحضرة من المعرفة بعالم الاتصال الحديث كالإنترنت وقريناته وما شابة ذلك.
ومن زاوية أخرى نرى أن الثقافة الإنسانية بمفهومها التقني تتضمن سمات للسلوك التافه والدنيوي اللازم للحياة اليومية مثل اللباقة الاجتماعية (وهذا ما يحب البعض أنْ يسميه ب الإتيكيت) ، وطباع و عادات الأكل ، وما إلى ذلك من فنون المجتمع المهذبة. وكما يمكن مناقشة أمر تفاهة مجتمعات محددة حول العالم ، وبناءً على ما تقدم فإنه يمكن اعتبار الثقافة مجموع كمي من المعرفة البشرية وسلوكها المكتسب ضمن الإطار الاجتماعي للفرد الواحد ، وهذا يؤدي بنا إلى التذكير بأنه يوجد كم من المعرفة لا تشترك فيه كل المجتمعات الإنسانية في أي وقت ولا يشترك فيه كل الأفراد في أي مجتمع ، أي أن هذا الكم المعرفي يكون مقصوراً على أفراد معينين في أوساط اجتماعية معينة وبالتالي فهم في أغلب الأحيان يشكلون كماً ضئيلاً في مجموعهم إلا أنهم جزء من الثقافة الإنسانية.
وفي هذا السياق يمكن أن نأخذ على سبيل المثال لا الحصر حرفة الزراعة أو حرفة صيد السمك فنرى أن كل منها تمثل جانباً مهماً من الثقافة الإنسانية الأُولى والمعاصرة أيضاً، وليس من التقاليد أن يشارك فيها الكثير من المجتمعات الطبيعية المنتجة الأخرى مثل مجتمعات الرعي والصيد البري (أدغال إفريقيا وغابات أمريكا اللاتينية واستراليا) ، وحياة البداوة والترحال (صحراء سيناء وصحاري السودان وصحارى المغرب العربي). فمن البديهي أن تتمتع الزراعة بجميع أنماطها بخصوصية تواجدها في الأراضي الخصبة ، كما أن صيد السمك لا يمكن أن يكون إلا على شواطئ البحار وضفاف الأنهار.
ومثال أخر هو الطاقة النووية والصناعات الثقيلة التي هي الآن جزءٌ من الثقافة الإنسانية التي لا غنى عنها على الإطلاق، وهى في غالبها قاصرة على عدد محدود من المجتمعات مالكة الصناعة العالية. وإضافة إلى ذلك ، نرى أنه في هذه المجتمعات فقط يوجد عدد كامل من الجوانب التقنية مملوك لعدد صغير من العلماء والمهندسين وأصحاب رؤوس المال الهائلة.












 
التوقيع - أوتار

لِنكُنْ آروَاح رَاقيَة نَـتسـامْى عَنْ سَفـاسِفَ الأمُـور..وَعـَنْ كُـل مَـايَخِدش نـَقائِـنا..
نَحْترِمْ
ذآتـنآ وَنحترمْ الغَـيْر..
عِندَمآ نتحدثْ نـتحَـدثْ بِعُمـْق..نطلبْ بأدبْ
..وَنشُكر بـِذوَقْ..وَنعتذِرْ بصدقْ
نترفـْع عَـن التفَاهـَاتـْ والقِيـلَ والقـَالْ
..نُحِبْ بـِصَمتْ..وَنغَضبْ بِصَمتْ
وإنْ أردنآ الرحِيلْ..نرحـَلْ بـِصَمتْ


  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-03-2011   #19

أيهم المحمد
التميز الذهبي

الصورة الرمزية أيهم المحمد

أيهم المحمد غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 67
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 الجنس : ~ MALE/FE-MALE ~
 المكان : دير الزور - موحسن
 المشاركات : 3,926
 النقاط : أيهم المحمد is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 19

مزاجي:
افتراضي

المثقف
من وجهة نظري المتواضعة جدّاً جدّاً

هو عامل تنظيفات يتلقى راتباً قليلاً و يعمل ستة أيام في الاسبوع و يوم الجمعة هو عطلة أسبوعية
يخرج يوم الجمعة فيرى القمامة و قد ارتمت يمنى و يسرى الحاوية فيشمر عن ساعديه ليضع القمامة موضعها دون تردد أو تذمّر

الثقافة هي إيجابية و عطاء ضمن المتاح و أخلاق عالية و نتاج فكري أمه و أبيه الطموح بغد أفضل

موضوع مهم أخت أوتآر











 
التوقيع - أيهم المحمد

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[frame="7 80"]إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [/frame]

  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-03-2011   #20

زهرة قاسيون
التميز الذهبي

الصورة الرمزية زهرة قاسيون

زهرة قاسيون غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 592
 تاريخ التسجيل : Mar 2010
 الجنس : ~ MALE/FE-MALE ~
 المكان : قاسيون دمشق
 المشاركات : 4,067
 النقاط : زهرة قاسيون is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 19

مزاجي:
افتراضي

غريب كيف فاتني هالموضوع قبل..











 
التوقيع - زهرة قاسيون



وما أملي إلا بالله..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مـزقي يا دمشـق خـارطـة الـذل..

  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
امامك؟, الذي, الشخص, اساس, تقيسينثقافة, على


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدعاء الذي هز السماء.. ارام إسلامي حياتي 5 07-21-2010 02:13 AM
يا هي صعبه .. ضيقة الشخص الكتوم نبض الشوق بوح القوافي 1 05-07-2010 10:42 PM
المسلم الذي قتل ماجلان شهرزاد منتدى الأدب والثقافة العامة 4 08-17-2009 04:24 PM
الرجل الذي مات واقفا منى إسلامي حياتي 1 07-13-2009 12:05 AM


الساعة الآن 10:16 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir
+:: تصميم وتطوير فريق الزيني 2009 : حمزة الزيني ::+