شُكراً لكمـ جميعــاً
..
وبســم الله تعــآلى نبـــدأ
يقول رب العزة في كتابه المبين: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)[النمل: 18]
هنــآ يوجد إعجــآزآن أحدهمـآ لُغوي والآخر علمي
اللُّغــوي هو أنّ هذه الآيـه -على قصرهـآ- اشتملت على معانٍ بلاغية كثيرة فقد جمعت وفي موطن واحد عشرة أنواع من الخطـآب
وهي النـدآء والتنبيه والتسمية والأمر والنص والتحذير والتخصيص والتفهيم والتعميم والاعتذار
كما أنّ هذه الآيه من الآيات البديعه والتي جمعت بين كلاً من أسلوبي الإيجاز (تأدية المعنى المقصود بعبارة قليله بشرط وفائها بالغرض)
والإطناب(هو تأدية المعنى المراد بألفـآظ زائده عليه للفــآئـده)0
أما الإطناب فنلحظه في قول هذه النملة: (يَا أَيُّهَا) وقولها: (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)
وللتفصيل في ذلك نقول : (يَا أَيُّهَا)فيهــآ أقوال منها سيبويه حين قال: «الألف والهاء لحقت (أيّ) توكيدًا؛ فكأنك كررت (يا) مرتين، وصار الاسم تنبيهًا ».
وقال الزمخشري: «كرر النداء في القرآن بـ(يا أيها) دون غيره؛ لأن فيه أوجهاً من التأكيد، وأسباباً من المبالغة؛ منها: ما في (يا) من التأكيد، والتنبيه، وما في (ها) من التنبيه،
وما في التدرُّج من الإبهام في (أيّ) إلى التوضيح, والمقام يناسبه المبالغة والتأكيد»
وأما قولها: (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) فهو تكميل لما قبله، جيء به، لرفع توهم غيره, ويسمَّى ذلك عند علماء البلاغة والبيان: احتراساً،
وذلك من نسبة الظلم إلى سليمان عليه السلام, وكأن هذه النملة عرفت أن الأنبياء معصومون، فلا يقع منهم خطأ إلا على سبيل السهو.
وأما الإيجاز فنلحظه فيما جمعت هذه النملة في قولها من أجناس الكلام فقد جمعت النداء(يا)، والكناية (أيُّ)، والتنبيه(ها)، والتسمية (النمل)،
والأمر(ادخلوا)، والنص(مساكنكم)، والتحذير(لا يحطمنكم)،والتخصيص(سليمان)، والتعميم (جنوده)، والإشارة (هم)، والعذر(لا يشعرون).
فأدَّت هذه النملة بذلك عدة حقوق: حق الله تعالى، وحق رسوله، وحقها، وحق رعيتها
وقولها: (ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) ففيه إيجاز بالحذف بليغ؛ لأن أصله: ادخلوا في مساكنكم، فحذف منه(في) تنبيهًا على السرعة في الدخول, ومن الفوائد البديعة،
التي لا يتنبَّه إليها الكثيرون: أنك إذا قلت (دخلت) فإنك تعني بذلك انتقالك من بسيط من الأرض، ومنكشفها إلى ما كان منها غير بسيط، منكشف,
فإذا كان المنقول إليه مكانًا غير مختصٍّ، وجب إدخال(في) قبله. وإذا كان مكانًا مختصّاً، جاز إدخال (في) قبله، وجاز إسقاطها, وإسقاطها أبلغ من إدخالها للفائدة التي ذكرناها, وعلى هذا تقول: دخلت في البيت،
ودخلت البيت ومن دخولها قبل المكان غير المختص قوله تعالى: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}
وأما قولها: (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) بنون مشددة أو خفيفة، فظاهره النفيُ؛ ولكن معناه على النهي. والنهيُ إذا جاء على صورة النفي،
كان أبلغ من النهي الصريح. وفيه تنبيه على أن من يسير في الطريق، لا يلزمه التحرُّز؛ وإنما يلزم من كان في الطريق.
ومن أوجه الإعجــآز أيضــاً أنّ النملـه قد بدأت مخاطبة قومها مخاطبة العقلاء وجاءت بلفظ مساكنكم ولم تقل بيوتكم أو جحوركم لأنهم في حالة حركة,
والحركة عكسها السكون, فاختارت لفظ المساكن من السكون حتى يسكنوا فيها, ولم تقل المساكن والجحور وإنما قالت
مساكنكم أي أن لكل نملة مسكنها الخاص الذي تعلم مكانه, ولم تقل ادخلن وإنما قالت ادخلوا، ثم أكدّت بالنداء بقولها
(يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) حرف النداء الدال على البعد حتى يسمعوا نداءها، وقالت سليمان وجنوده ولم تقل جنود
سليمان حتى ترفع العذر عن سليمان أيضاً, فلو قالت جنود سليمان لكان سليمان غير عالم إذا كان قاصداً أو غير قاصد,
وجاءت بلفظ سليمان بدون أي لقب له كالنبي سليمان للدلالة على أنه مشهور بدون أن يوصف، ثم حثتهم على الإسراع في التنفيذ قبل أن تنالهم المصيبة..
وفي جميــع ماسبق يتبين لنــــآ مدى عمق البلاغه اللُّغويـــه في إستعمــآل المفردهـ
..
والآن سنطرح هـذا السـؤآل : لِمَ استعمل القراءن يحطمنكم ولم يقل غيرها كــ يدهَسنكُم أو يَطَأْنكُم ؟ففي الإجــآبه على هذا السؤال سيتضح الجانب والإعجــآز العلمي
والإجــآبــه وبإختصــآر هي أنــــــه
وبعد التفحص من لدن علماء الغرب لجسم النملة اكتشفوا أن نسبة كبيره من تركيبها قائم على الزجاج
وعند تعرضهــآ لأي ضغط فإنها تتحطم..!!
وبالتالي فإن كلمة {يَحْطِمَنَّكُمْ} والتي تعني التكسر دقيقة جداً من الناحية العلمية
وهُنــآ جلاله كبيره وعظيمه على إشتمال القرآن الكريم على حقآئق علميه سبق بها العلوم آلحديثه
(سبحانك يـ ألله)
..
فَــ تــأملوا ذلك حفظكم آلله
.,