عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /03-07-2021   #1

محمود المشعان
المشرف العام

الصورة الرمزية محمود المشعان

محمود المشعان غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 610
 تاريخ التسجيل : Mar 2010
 المشاركات : 1,940
 النقاط : محمود المشعان is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي العفو عند المقدرة بقلم طارق السالم

[IMG][/IMG]

طارق السالم


كان سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينفق علي أحد قرابته الفقراء وهو (مسطح ابن أثاثة ) وكان دائما يقضي له حاجته ولا يؤخر له مسأله ، ولما حصل منه شيء من الخوض في حادثة الإفك ( وهي حادثة تم فيها الخوض في عرض الصديق بهتانا وزورا ) فأقسم سيدنا أبو بكر ألَّا ينفق عليه بعدها ، فنزل فيه قرأن من رب العزة ( وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم )
فلما سمع أبو بكر رضي الله عنه قول ( ألا تحبون أن يغفر الله لكم ) نهض مكررا ،
( بلي يارب ، بلي يارب أحب أن تغفر لي ) ، وعفي عن قريبه هذا ، وعاد ينفق عليه وأقسم ألا يقطع عنه مرة أخري ،
و معلم الإنسانية عليه أفضل الصلاة والسلام ، يقول أوصاني ربي بتسع أوصيكم بها ، ومنها
( وأن أعفوا عن من ظلمني و أعطي من حرمني ) ويقول العليم الخبير بعباده سبحانه ((وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))
والعفو هو أن تسامح وتغفر لمن أساء لك ، أما الصفح فهو أن لا تأنبه علي فعله، ولهذا وعد الله تعالى من ينزل نفسه ذلك المقام العالي بأن يكون أجره على الله ، قال تعالى :
( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) وعندما لا يحدد الله لنا الأجر و الجزاء ، فيالها من بشري ، فلايمكن أن يتخيل عقل بشر ماهو مقدار الثواب والأجر سيكون من الله سبحانه ، لمن يعفو ويصفح ، ومقام العفو والصفح في رؤية كثير من الناس ذلٌّ ومهانة ؛ فتقول له نفسه الأمارة بالسوء كيف تعفو وكيف تصفح وقد فعل بك ما فعل وأساء، أين العز ، أين القوة ، أين الشهامة ، فتحدِّثه نفسه أن العزة في الانتقام . فلا والله ، العز إنما هو في العفو والصفح لا كما يظنه كثير من الناس ، وفي هذا جاء الحديث في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا))
فهذا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، قال لغلامه: "لم أرسلت الشاة على علفِ الفرس أي تأكل من طعام الفرس؟" قال: "أردت أن أغيظك" قال أبو ذر: "لأجمعن مع الغيظ أجرًا، أنت حَرٌ لوجه الله تعالى"
فما أحسن حال المؤمن في خاصة نفسه والناس من حوله يصبر على أذاهم ، ويعفو عنهم ، ويبيت وقلبه لا غل فيه ولا حقد لأحد ، وإذا كان جزاء الصبر وحده أن يوفى الصابر أجره يوم القيامة بغير حساب ، قال الأوزاعي : " ليس يوزن لهم ولا يكال ، إنما يغرف لهم غرفا "
فكيف بمن صبر وغفر وسامح ثم رجع إلى قلبه فهذبه بتهذيب الإيمان وصفاه من شوائبه ؟!
نسأل الله تعالى أن يحسن أخلاقنا ، وأن يجلعنا من أهل ذلك الخلق الكريم .
فلنعفوا ونصفح ، فبلي يارب
نحب أن تغفر لنا ،
وصلي الله علي خير العافين سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .











 
التوقيع - محمود المشعان

أمنيتي أن أمزج ألوان العالم وأصبغ بها رؤيتي

  رد مع اقتباس