الموضوع: عيد الام
عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /03-21-2011   #1

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 15

مزاجي:
افتراضي عيد الام












نحتفل في مثل هذا اليوم من كل عام بيوم الأم، وهو تاريخ سنوي يذكرنا بإعلاء قيمة “الأمومة” وأهمية تكريم الأمهات في خضم تراجع الكثير من القيم الإيجابية إن لم يكن تلاشيها وانحدارها!. وإن ظلت مقومات العلاقة الاجتماعية والأسرية التي نستمدها من قيمنا الأخلاقية الأصيلة الراسخة في مجتمعاتنا العربية في أوج ازدهارها ورقيها مقارنة بالمجتمعات الأخرى في الشرق والغرب. وإذا كنا نحتفل بيوم الأم، فلنجعله يوماً نكرم فيه هذه القيمة، وليصبح تاريخاً سنوياً للتذكير بأن تكون سائر الأيام أيام عرفان وتبجيل مطلق للأمومة، واعترافا مجتمعيا وانسانيا وأخلاقيا بعلو شأن الأم أعلى القمّة السامقة الجديرة بها، ولتصبح دائماً رمزاً للحب والعطاء والإيثار.
مهما كان الاختلاف أو الاتفاق حول مظاهر وأساليب الاحتفاء بالأم في هذا اليوم، علينا أن نستخلص المعاني والأبعاد السيكولوجية والأخلاقية والإنسانية والاجتماعية والتربوية الكامنة من تكريم المجتمع بأسره للأم.
إنّ قيمة “الأمومة” ليست قيمة ندركها ليوم واحد فقط في العام، ولن نفيها حقها الطبيعي كما ينبغي عبر احتفالات ومظاهر تكريم وبعض الكلمات. إنّما هي قضية العودة بالمرأة إلى مكانتها الكريمة العزيزة، وإلى موضعها الجليل المصان، ولا يتحقق ذلك دون تحويل كل يوم من كل عام من الأعوام إلى يومِ عملٍ قويم متواصل من أجل ربط كرامة المرأة وقيمتها الذاتية الكامنة في “إن الإسلام أنزل الأم منزلة عالية وأكرمها كل التكريم وبين السبب في ذلك حين قال: “حملته أمه وهناً على وهن” وحين قال: “حملته كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً” وجاءت وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم نجده في أي دين أو أي مذهب أو أي أمة حتى إن رسول الله جعل الجنة تحت أقدامها أي أن الوصول إلى دخول الجنة هو التقرب والتودد والقيام بكل الحقوق من الأبناء للأمهات. والواقع أن المسلم لا يغفل لحظة عن الاحتفاء والاحتفال بأمه يستقبلها بوجه بشوش ويتخير الكلمة الحانية الطيبة وطريقة نطقه بها حتي لا يغضب أمه. قال الله تعالي: “فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا” فإذا كان الأمر كذلك فإنه لا مانع من أن نخصص يوماً أو أسبوعاً نقيم فيها الاحتفالات لتلقى فيه الكلمات ونقدم فيه الهدايا اعترافاً بقدر الأم وبياناً لمنزلتها وتكريماً لدورها في الحياة. فمن يرفضون هذا الأمر ويقولون إن الأعياد في الإسلام تتلخص في عيدي الفطر والأضحى لم يلتفتوا إلى أن العيدين فيهما ألوان من العبادات والطاعات لله عز وجل. أما هذا الذي يصنعه الناس من اختيار بعض المناسبات يسمونها أعياداً فإنهم لا يدعون انها من دين الله إلا أن تكون إحياءً لأخلاق الإسلام في البر والوفاء وصدق المحبة بين الناس وهذه مسألة ليس هناك مانع شرعي منها فلنحتفي ولنحتفل بأمهاتنا في كل وقت وكل حين ونخصص لهن يوماً في السنة أو بعض أيام لنعبر لهن عن تقديرنا وشكرنا كما قال الله تعالي: “أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير”.

للأمهات في كل مكان.. الزارعات الحياة بالأمل، والكاسيات الألم بسمة شفاء، لهن ومن أجلهن يمكن أن يضحك القلب، وترف العين بدمعة السعادة، للصابرات في كل مكان، المتحملات ثقل الوقت، وهزيمة الزمن، وجحود البعض، للمتعبات منهن لفراق أحبتهن، المرسلات فلذات الأكباد إلى مرافئ العالم، وخلف بحور الشقاء.. لهن اعتذار قبل التحية، اعتذار قبل الشكر، اعتذار كثير ليتها تقبله، وشكر جزيل ليته يوفيها حقها، ونحن بين الاعتذار والشكر، نتلمس صيغة، غايتها مسح الخطأ والخطايا، وتقديم المعروف ناقصاً ومتأخراً، لطول بالها وتعبها وألمها وشغفها وهلعها، دمعتها التي تخبئها عن فلذات الكبد- وهم كثر- إن غاب أو حضر أحدهم.
للسيدة الجليلة في عيدها باقة من ورد أكثر وأكبر، أكثر من الاعتذارات، وأكبر من الشكر، باقة من حب يليق بسيدة العالم.. تلك التي تحتضن البدايات البكر لكل الأشياء الجميلة في الحياة، مانحة لها ذلك التأنيث وذلك الارتواء وذلك العطف الذي لا ينتهي.
نتذكرها اليوم.. ونَحنّ إلى كل تفاصيلها في المشهد، وكل خطواتها على بساط الحياة، الذي لم يكن أملس طوال الوقت أو أخضر على الدوام، نتذكرها بفرح طاغ، متمنين لو بقينا مثل أطفال الحكايات في قصصها المسائية، لا نكبر إلا في الرأس، ولا نغادر إلا حين نحلم أو نطير مع أبطال الزمان أو حين يغلبنا النوم على رجلها أو دفء حضنها، لا نبرح المكان، ولا نبرح ذاكرتها.
اليوم•• هي ذاك المشهد الجميل في الوقت الجميل•• الذي غاب كخفقة جناح طائر خفيف، تحضر هي.. بدقة الهاون في صباح العين الندي، وقهوتها المقندة المعمولة للتو، فرحة الصبح وحركتها التي لا تنتهي.. وذلك الحنو على الجميع، تشبه الحياة حين تكون في زهوها، مرة.. هي اللغة الأولى والحروف الأولى والنطق والتأتأة والتلعثم ومحاولة الحبو والوقوف والسقوط، ودمعة الكحل عند المساء، أو لحظة التقميط، أو ساعة الاستحمام أو ليلة الحناء أو وقت الفطام، هي.. الخطى الأولى نحو المعرفة، وتلك العذوبة والبساطة التي تختزل الحياة بالحمد لله، هي ضحكة الحياة التي تختبئ خلف الأيام، وخلف العمر الذي يجرّ أبناءها أمام عينها نحو الكبر، ونحو أعشاشهم الجديدة، فيما تظل هي تصرّ “الشفايا” في طرف “وقايتها” أو “مندوسها” لحين يحضر الغالي.
تيجان الرأس، ونساء من وقت وتعب.. ونساء من حب، لا يتعبن من حمله، ومن عمله، ولا من ترديد كلمة الغالي، للغالية هي.. تحية من وليدها في يومها، وكل أيام عيدها، تصغير خده لموطئ قدمها، وتربة نعلها، ولها قبلة منه باقية على رأسها دوماً، وعلى جبنيها أبداً.. وليتها تقبل اعتذاره المفرد بصيغة الجمع الذي لا يكفيها ولا يوفيها!











 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif


التعديل الأخير تم بواسطة القيصر ; 03-21-2011 الساعة 05:31 PM
  رد مع اقتباس