عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /01-19-2011   #30

القيصر
التميز الحقيقي

الصورة الرمزية القيصر

القيصر غير متواجد حالياً

 رقم العضوية : 644
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 المشاركات : 1,245
 النقاط : القيصر is on a distinguished road
 تقييم المستوى : 16

مزاجي:
افتراضي

19/1/2011, 11.40مساء"

الفصل الثامن
1
لم أهنأ بالنوم تلك الليلة . فقد كانت أجزاء اللغز تسبح أمام ذهني . وأعتقد أنني لو فكرت فيها بإمعان , لكن قد توصلت إلى حل اللغز بأكمله عندئذٍ وأنا مستلقي على فراش , وإلا فلماذا تلح هذه الأجزاء على مخيلتي بهذا الشكل ؟
ما مقدار ما نعرفه في أي وقت ؟ أعتقد أننا نعرف أكثر مما ندرك معرفتنا به ! ولكننا لا نستطيع النفاذ إلى تلك المعرفة الخفية . إنها هناك , ولكننا لا نستطيع الوصول إليها .
استلقيت على سريري وأخذت أتقلب متململاً , ولم يطرأ على ذهني سوى أجزاء غامضة من اللغز , الأمر الذي عذبني طوال الليل .
كان هناك نمط منتظم في إرسال هذه الخطابات , فقط لو استطعت لإمساك بهذا الخيط . كان يجب أن أعرف كاتب هذه الرسائل اللعينة : هناك في مكان ما , فقط لو استطعت تتبعه ...
حينما أغمضت عيني لأنام , تراقصت الكلمات أمام ذهني المشوش دونما ترتيب .
" لا دخان بلا نار . " لا دخان بدون نار . دخان .... دخان ؟ الساتر الدخاني .... لا , كان ذلك في الحرب ـ عبارة حربية. حرب ... قصاصة ورق ... مجرد قصاصة ورق . بلجيكا ـ ألمانيا.
رحت في نوم عميق , وحلمت بأنني آخذ السيدة دين كالثروب , للتنزه بعد أن تحولت إلى كلب صيد في عنقه طوق أمسكه بحبل .
2
استيقظت فجأة على رنين هاتف , رنين متصل ملح . جلست في الفراش ونظرت إلى ساعتي . كانت الساعة السابعة والنصف . لم ينادني أحد . كان الهاتف يدق في الطابق الأسفل في الردهة .
قفزت من على الفراش , وارتديت ملابس النوم , وهرعت للأسفل . سبقت بارتريدج التي كانت قادمة عبر الباب الخلفي للمطبخ . رفعت السماعة .
" مرحباً . "
" أوه ـ كا بالصوت نبرة استغاثة ـ أهذا أنت ؟ "
إنه صوت ميجان . بدا صوتها مذعوراً ؟ " أوه , من فضلك تعال ـ تعال . أوه أرجوك تعال . هل ستأتي ؟ "
" سآتي فوراً . هل تسمعيني ؟ فوراً ؟ "
صعدت السلم درجتين درجتين وهرعت إلى جوانا .
" جوانا , إنني ذاهب إلى منزل سيمنجتون . "
رفعت جوانا شعرها الأشقر من على الوسادة وفركت عينيها كطفلة صغيرة .
" لماذا ـ ماذا حدث ؟ :"
" لا أعرف , إنها تلك الطفلة ــ ميجان . لقد بدت مذعورة ! "
" ما الذي حدث في اعتقادك ؟ "
" إنها الفتاة آجنس , إن لم أكن مخطئاً . "
" انتظر , سوف آتي معك لأوصلك بالسيارة . "
" لا داعي لذلك , سأقودها بنفسي . "
" إنك لا تستطيع قيادة السيارة . "
" بل , أستطيع . "
وقد قدتها فعلاً . وقد آلمتني ساقي ولكن ليس كثيراً . اغتسلت وحلقت ذهني وارتديت ملابسي , وأخرجت السيارة وقدتها متوجهاً إلى بيت سيمنجتون حتى وصلت هناك خلال نصف ساعة من تلقي مكالمة ميجان الهاتفية . وهذه فترة لا بأس بها .
لابد أن ميجان كانت ترقب وصولي , فقد خرجت من المنزل بسرعة واحتضنتني . كان وجهها الصغير ممتقعاً ومرتعشاً .
" أوه , ها قد أتيت ـ ها قد أتيت . "
قلت : " تماسكي يا عزيزتي , نعم لقد أتيت , والآن ما الأمر ؟ "
بدأت ترتجف , فوضعت ذراعي حولها .
" لقد ـ لقد وجدتها . "
" وجدت آجني ؟ أين ؟ "
زادت حدة الارتعاش .
" أسفل الدرج , هناك خزانة تحته , بها طعم الصيد وأدوات الجولف وأشياء أخرى كما تعرف . "
أومأت , إنها تلك الخزانات المعتادة .
" كانت هناك , ملقاة و ... وباردة ـ باردة جداً . لقد كانت ـ كانت ميتة . يا له من أمر فضيع ! "
سألتها بفضول : " ما الذي جعلك تنظرين هناك ؟ "
" لا ـ لا أعرف , بعدما اتصلت بنا ليلة الأمس , بدأنا نتساءل عن مكان آجنس . وقد انتظرنا لبعض الوقت , ولكنها لم تأت . وأخيراً ذهبنا إلى لننام . لم أنم جيداً واستيقظت مبكراً ولم يكن هناك سوى روز ( الطاهية , كما تعرف ) . كانت غاضبة جداً لعدم عودة آجنس . وقالت إنها كانت من قبل في أحد البيوت عندما هربت فتاة بمثل هذه الطريقة . ثم تناولت بعض الخبز واللبن والجبن في المطبخ , وفجأة دخلت علي روز وهي تبدو غريبة , وقالت إن ملابس الخروج الخاصة بآجنس لا تزال في حجرتها . لقد كانت أفضل ملابسها التي ترتديها عند الخروج . فبدأت أتساءل ما إذا كانت قد تركت المنزل من الأساس , وبدأت البحث عنها ثم فتحت الخزانة الواقعة تحت السلم . و ــ ووجدتها هناك . "
" هل اتصل أحدكم بالشرطة ؟ "
نعم , إنهم هناك الآن . لقد اتصل زوج أمي على الفور . وعندئذٍ شعرت ـ شعرت بأنني لا أستطيع تحمل الموقف فاتصلت بك . هل لديك مانع ؟ "
قلت : " كلا , لا مانع لدي على الإطلاق . "
نظرت إليها بفضول .
" هل أعطاك أحدهم شاياً أو عصيراً أو قهوة بعدما ـ بعدما وجدتها ؟ "
هزت ميجان رأسها بالنفي .
صببت اللعنات على كل أهل بيت سيمنجتون . ذلك المغرور لم يفكر سوى بالإتصال بالشرطة . ويبدو أنه لا إلسي هولاند ولا الطاهية فكرتا بتأثير ما حدث على تلك الطفلة الصغيرة الحساسة التي اكتشفت أمر الجثة . "
قلت : " تعالي يا عزيزتي , سوف نذهب إلى المطبخ . "
درنا حول البيت ودخلنا إلى المطبخ من الباب الخلفي . كانت روز ـ تلك المرأة البدينة ذات الوجه المنتفخ بجوار المدفأة . حيتنا بسيل دافق من الكلام ويدها على قلبها .
قالت لي أنها قد فزعت وأصيبت بصدمة عنيفة عند اكتشافها هذا الأمر الرهيب ! فقط فكر في الأمر , كان يمكن أن تكون هي , كان يمكن أن يكون أي واحد منهم , مقتولاً على الفراش .
قلت : " صبي قدحاً من الشاي للآنسة ميجان , فهي من تلقت الصدمة كما تعرفين . تذكري أنها من اكتشفت أمر الجثة . "
مجرد ذكر الجثة أصيبت روز بالفزع مرة أخرى , ولكنني رمقتها بنظرة حادة فصبت كوياً من الشاي الثقيل .
قلت لميجان:" اشربي هذا يا فتاتي العزيزة.أعتقد أنك لم تشربي أي عصير , أليس كذلك يا روز؟ "
قالت روز بتشكك إن هناك بعض عصير البرتقال منذ البارحة .
قلت : " هذا يفي بالغرض . " ثم صبت كوباً من العصير لميجان . رأيت في عيني روز استحسان تلك الفكرة .
قلت : " هل أستطيع الاعتماد عليك للاعتناء بالآنسة ميجان ؟ " ردت روز بطريقة مطمئنة : " أوه, نعم سيدي . "
ودلفت إلى الغرفة . ومن خلال معرفتي بنوعية الشخصيات المشابهة لشخصية روز كنت متأكداً من أنها ستجد أنها عليها أن تتناول القليل من الطعام لكي تحافظ على قواها , وهذا أمر جيد بالنسبة لميجان أيضاً . يا لهؤلاء الجاحدين , لماذا لا يعتمون بتلك الطفلة ؟
وتوجهت إلى إلسي هولاند بالردهة وأنا أكاد أنفجر من شدة الغيظ والغضب . لم تبد عليها المفاجأة لرؤيتي . أعتقد أن الإثارة الشديدة الناتجة عن اكتشاف أمر الجثة , جعلت أهل المنزل لا يبالون بمن يأتي ويذهب . كان المفتش , بيرت روندل , يقف عند الباب الأمامي . تنهدت إلسي هولاند قائلة : " أوه , سيد بيرتون و أليس هذا رهيباً ؟ من ذا الذي يستطيع ارتكاب هذا الشيء الفظيع ؟ "
" هي جريمة قتل إذن ؟ "
" أوه , نعم , لقد ضربها أحدهم على مؤخرة رأسها . إنها مغطاة بالدم والشعر ـ أوه ياله من أمر رهيب ـ وتم حشرها داخل تلك الخزانة . من ذا الذييستطيع الإقدام على فعل هذا الأمر الشرير ؟ ولماذا ؟ مسكينة آجنس , أنا متأكدة أنها لم تؤذ أحداً . "
قلت : " كلا , لابد أن أحدهم رأى أن التخلص منها أمراً ضرورياً . "
حدقت إلي , أدركت أنها ليست ذكية ولكنها قوية الأعصاب . كان مزاجها عادياً ولكنها كانت تشعر ببعض الاهتمام والإثارة , حتى أنه قد هيئ لي أنها تستمتع بهذه الأحداث الدرامية بطريقة ما , على الرغم من رقة قلبها .
قالت معتذرة : " علي أن أذهب لأعتني بالأطفال , فالسيد سيمنجتون حريص جداً على عدم إصابتهم بالصدمة . إنه يريدني أن ~أبقيهم بعيداً . "
قلت : " لقد سمعت أن ميجان هي من اكتشف أمر الجثة , هل اعتنى أحد بها ؟ "
للحق بدت إلسي هولاند متألمة الضمير .
قالت : " أوه , يا عزيزتي , لقد نسيتها تماماً . أتمنى أن تكون بخير . لقد كنت مرتبكة , كما تعرف , بالإضافة إلى وجود الشرطة وما إلى ذلك ـ ولكن كان هذا خطأ مني . يا للفتاة المسكينة , لابد أنها منهارة الآن . سوف أذهب وألقي نظرة عليها . "
شعرت ببعض الارتياح , وقلت : " إنها بخير , وروز تعتني بها . يمكن أن تذهبي إلى الأطفال . "
شكرتني , فابتسمت وكشفت عن صف من الأسنان البيضاء , وهرعت صاعدة الدرج .
فعلى كل حال , فإن مهمتها رعاية الطفلين , وليست ميجان ـ ميجان ليست مهمة أحد . لقد عينت إلسي للاعتناء بأبناء سيمنجتون , ومن ثم لا يستطيع المرء لومها على ذلك .
بينما كانت عند منحنى الدرج , حبست أنفاسي . حيث لمحت في عينيها بريق الانتصار , فبدت أقرب إلى امرأة قوية وجميلة منها إلى مربية حية الضمير .
عندئذ فتح الباب ودخل المفتش ناش إلى الردهة والسيد سيمنجتون خلفه .
قال : " أوه , سيد بيرتون , كنت على وشك الاتصال بك . إنني سعيد لرؤيتك . "
لم يسألني عن سبب مجيئي الآن .
" سأستخدم هذه الحجرة إذا سمحت . "
كانت حجرة صغيرة بها نافذة تطل على الجانب الأمامي من المنزل .
" بالطبع يمكنك ذلك سيدي . "
كان سيمنجتون رابط الجأش , ولكن بدا عليه الإرهاق الشديد .
قال المفتش ناش بلطف : " لو كنت مكانك لتناولت بعض الطعام يا سيد سيمنجتون . فسوف تشعر أنت والسيدة هولاند وميجان بتحسن كبير إذا تناولتم بعض القهوة والبيض واللحم . فمن الصعب مواجهة جريمة قتل بمعدة خاوية . "
كان يتحدث بطريقة ودية كما لو كان طبيب الأسرة .
ابتسم سيمنجتون ابتسامة واهنة وقال : " شكراً لك أيها المفتش , سوف آخذ بنصيحتك . "
تبعث ناش إلى الحجرة الصغيرة , حيث أغلق الباب , وقال : " لقد جئت إلى هنا بسرعة , كيف عرفت بالخبر ؟ "
أخبرته بأن ميجان حادثتني . وشعرت بالود تجاه ناش , فهو لم ينس أيضاً أن ميجان في حاجة لتناول إفطار .
" سمعت أنك اتصلت ليلة أمس يا سيد بيرتون لتسأل عن الفتاة , فما الأمر ؟ "
أعتقد أن هذا كان غريباً . فأخبرته باتصال آجنس ببارتريدج ثم عدم مجيئها , فقال : " نعم , أفهم ... "
قالها ببطء وتمعن وكان يحك ذقنه ثم تنهد , قائلاً : " حسناً , إنها جريمة قتل الآن وهذا الأمر واضح لنا ؛ اعتداء بدني مباشر . السؤال الذي يطرح نفسه الآن : ما الذي كانت تعرفه هذه الفتاة ؟ هل قالت أي شيئ لبارتريدج ؟ أي شيء محدد ؟ "
" لا أعتقد هذا , ولكن يمكن سؤال بارتريدج عن هذا . "
" نعم , سوف آتي إليكم وأسألها حالما أنتهي من هنا . "
سألته : " ما الذي حدث بالضبط ؟ أم أنك لم تعرف بعد ؟ "
" لقد كان يوم عطلة الخادمتين ـ "
" كلتاهما ؟ "

يتبع.....................











 
التوقيع - القيصر

http://up.arab-x.com/Oct11/4rc41652.gif

  رد مع اقتباس