مسألة الدفن ليلا:
يجوز دفن الميت ليلاً لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: (مات إنسان كان النبي يعوده، فمات بالليل فدفنوه ليلاً، فلما أصبح أخبروه، فقال: «ما منعكم أن تعلموني؟ » قالوا: كان الليل، وكانت ظلمة، فكرهنا أن نشق عليك، فأتى قبره فصلى عليه) ، رواه البخاري ومسلم،
فلم ينكر دفنه ليلاً، وإنما أنكر على أصحابه أنهم لم يعلموه به إلا صباحاً، فلما اعتذروا إليه قبل عذرهم.
وروى أبو داود عن جابر قال: (رأى ناس ناراً في المقبرة فأتوها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقبرة يقول: ناولوني صاحبكم، وإذا هو الذي كان يرفع صوته بالذكر)، وكان ذلك ليلاً كما يدل عليه قول جابر: (رأى ناس ناراً في المقبرة..) إلخ.
ودفن النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً، روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من آخر الليل، ليلة الأربعاء،
والمساحي هي الآلات التي يجرف بها التراب،
ودفن أبو بكر وعثمان وعائشة وابن مسعود ليلاً،
-أما ما روي عن كراهية الدفن ليلا فمحمول على ما إذا كان التعجيل بدفنه ليلاً يخل بالصلاة عليه كما جاء ذلك في الحديث الصحيح، أو من أجل أن لا يساء كفنه، ولأنه أسهل على من يشيع جنازته وأمكن لإحسان دفنه، واتباع السنة في كيفية لحده، وهذا إذا لم توجد ضرورة إلى تعجيل دفنه، وإلا وجب التعجيل بدفنه ولو ليلاً.