منتديات قبيلة البو خابور

منتديات قبيلة البو خابور (http://mouhassan.com/forum/index.php)
-   منتدى الأدب والثقافة العامة (http://mouhassan.com/forum/forumdisplay.php?f=13)
-   -   بُكرة يعينونه وزيرا (http://mouhassan.com/forum/showthread.php?t=8648)

الدكتور عياد خيرالله 11-26-2010 10:44 AM

بُكرة يعينونه وزيرا
 
( بُكرة يعينونـه وزيرا ..)


كم كنت مسرورا عندما جئت إلى دائرة البريد لأسدد فاتورة الهاتف ...! وجدت الناس في رتل ، ينتظرون الدور .. قلت في نفسي : الحمد لله أصبح وعي الناس جيدا ، وإحساسهم بالنظام ، وإحقاق الحق مرضيا .. ألقيت التحية .. وأخذت مكاني في آخر الرتل ... الحمد لله لا شيء يعكر صفو العمل .. الرتل يسير إلى نافذة تسديد الفواتير بشكل منتظم .. لكنني سمعت الرجل الذي يتقدمني في الدور يدندن ، ويبربر ... أخذني الفضول ، فأحببت أن أشاركه بما يهذي ويقول .. وبخاصة أنه قال بصوت مسموع : ( بكرة يعينونـه وزيرا ..) قلت : من الذي يعينونه وزيرا ..؟ قال ذاك الموظف خلف النافذة .. إنه ابن جيراننا .. سلّمت عليه ورد السلام .. لكنه تركني أقف في الرتل مع الدور، ولم يقدمني على الآخرين .. قلت له : حسنا ما فعله ابن جاركم .. أترضى أن يأتي أحدهم الآن ، ويتقدم الرتل ، فيأخذ دوري ودورك .. ؟ قال : لا أرضى .. قلت : كذلك الناس الذي ينتظمون في الرتل لا يرضون أن يقدمك الموظف عليهم .. وأخذت أحاوره بلطف وهدوء بعد أن عرّفته إلى نفسي ، وكان (بفضل الله) يحاورني هو الآخر بلطف .. قال : .. يا أستاذ على رأسي ما تقول ، ولكن ما رأيك لو جاء مسؤول ، وتقدم إلى النافذة .. هل يجرؤ الموظف على رده إلى آخر الرتل ..؟ ... هذا الموظف مسكين يطبق النظام على المساكين .. وغيره يخالف النظام .. قلت له : لا عليك ..( كل شاة تناط برجلها ) ... قال : يا أستاذ .. هل تظن أننا سنصل إلى ما وصلت إليه الدول المتحضرة .. لا مكان للواسطة عندهم ...؟ حتى شوارعهم لا تجد من يرمي الأوساخ فيها ... واستمر الحوار بيننا إلى أن وصلنا إلى نافذة سداد الفواتير ، فحياه الموظف (جاره) وطيب خاطره بكلمات مؤدبة... ثم انصرف.. ثم جاء دوري ، فسددت المبلغ المطلوب ،وشكرت الموظف على التزامه الدور، وعدم محاباة معارفه على حساب الآخرين .
انتهى الموقف في صالة البريد ، لكنه لم ينتهِ في خاطري .. أخذت أفكر في حال الموظف الذي التزم جانب الحق في عمله .. ما الذي دفعه إلى التزامه ..؟ وما نتائج هذا الالتزام ..؟ .. تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ولي شيئاً من أمر المسلمين أتي به يوم القيامة حتى يوقف على جسر جهنم، فإن كان محسناً نجا، وإن كان مسيئاً انحرف الجسر فهوى فيه سبعين خريفاً ) لاشك أن الموظف، قد يخسر جاره أو قريبه أو غيرهم .. لأنه لم يرضهم على حساب غيرهم ، لكنه كسب النجاة والفوز أمام الله تعالى ، فحفظ الأمانة ، ولم يفرط بالمصلحة العامة ، وهذا أكبر مكسب يناله المرء ويتمناه .. ولكن ماذا لو ابتلي هذا الموظف بمراجع ليس كالمراجعين ،مراجع معتد بمنصبه وسلطته ...؟ لا يأبه برتل أو دور..؟.. أما أنا فأقول : على الموظف أن لا يغير سلوكه ، فيعامله معاملة المراجعين ..طالما جاءه من نافذة المراجعين ، ولو كانت حالته خاصة لسلك مسلكا خاصا غير نافذة المراجعين ، لكن ضعاف النفوس والأقزام يتسلقون على حساب غيرهم ... وما دام الموظف مستقيما في معاملته مع المراجعين كافة ، فلن يستطيع أحد أن ينال منه شيئا .
ومسألة المحسوبية والواسطة هي من القضايا المؤرقة للمجتمع والنظام ، صحيح أن الشفاعة الحسنة أمر لا بأس فيه ،قال تعالى في سورة النساء :( من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا ( 85 ) ) فالشفاعة السيئة هي التي تكون على حساب حقوق الآخرين ، أو على حساب المصلحة العامة ، أو يكون فيها إبطال الحق ، وتعطيل الحدود ، وقصة المرأة المخزومية التي سرقت ولم يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم شفاعة فيها معروفة مشهورة ، جاء في الحديث : ( عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية، التي سرقت، فقالوا : من يكلم رسول الله فيها ..؟ قالوا: ومن يجترىء عليه ..إلا أسامة بن زيد حب رسول الله ... فكلم أسامة رسول الله ، فقال أتشفع في حدٍّ من حدود الله ..!. ثم قام فخطب ، فقال: يا أيها الناس إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله .. لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها .)في هذا الهدي النبوي وجدت جوابا للمراجع ( جار الموظف) حين تساءل وهو يحاورني : هل تظن أننا سنصل إلى ما وصلت إليه الدول المتحضرة .. لا مكان للواسطة عندهم ...؟ أجل من المؤكد أننا سنصل ، بل إننا سنتجاوز هذه الدول في الحضارة والرقي ، وإذا كانوا لا يرمون الأوساخ والأذى في شوارعهم خوفا من النظام والقانون الذي يتتبعهم ، لكننا نفعله مراقبة لله تعالى ، وانطلاقا من وحي إيماننا الذي يوجهنا إلى ذلك ، جاء في الحديث الشريف :"الإيمان بضعٌ وسبعون شُعبةً - أو بضعٌ وستون شعبةً - أفضلها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبةٌ من الإيمان". نحن نفعل ذلك إيمانا وحبا للفضيلة والمروءة ؛ ما دمنا ملتزمين بقيمنا وديننا ، والفرق كبير بين الإلزام و الالتزام .
والله سنكون بأحسن حال إذا أحسسنا بالمسؤولية ، والتزمنا جانب الحق ولو على أنفسنا ، سنكون بألف خير إذا كان حالنا في عملنا كحال الموظف الذي التزم جانب الحق ، ولم يضعف أمام جاره أو قريبه ، ولم يضعف إذا تعرض لمن يحاول أن يستغل منصبه لتمرير ما يضر بالمصلحة العامة أو لاغتصاب حق الآخرين لحساب مصالحه الشخصية ، سنكون على أحسن حال إذا التزمنا جانب الحق والعدل في معاملاتنا سواء كنا موظفين أو غير موظفين .. في أعلى المناصب أو أدناها ، جاء في الحديث الشريف : "من ولي من أمتي شيئاً فلم يعدل بينهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". .
الدكتور عياد خيرالله

ابوعبدالله 11-26-2010 11:06 AM

صباحك كله خير أخي الدكتور عياد الخيرالله
إن جار الموظف الذي التقيت به هو عينة تمثل معظم ثقافات أبناء هذا البلد بنزعتهم المعادية لكل ما هو متعلق بالنظام و كل ما هو ناتج عن جهات سلطوية متمردا على قوانين و نظم هي له و من صالحه و ليست من مصلحة من سنها و من قام عليها
متى التزمنا بمباديء ديننا و سنة نبينا صلوات الله عليه و سلم لن نضل أبدا و لن نرى جار الموظف بفكره و ثقافته بل سنرى النصف الممتليء من الكأس الموظف الهاديء الملتزم بأخلاقه الوظيفية الذي ربما يحتمي بهذه النافذة الصغيرة التي تمنع وصول الكثيرين إليه من المتسلطين المخالفين للنظم الإدارية و الإجتماعية و الدينية
لو كان كل موظف تتم حمايته بنافذة صغيرة من الدعم المعنوي و المادي و مؤازرة سلطوية لقام بعمله هو و غيره على أكمل وجه

عبير 11-26-2010 11:54 AM

النظام هو اساس الحياة

صحيح كلامك اخي الدكتور عياد خيرالله ، بل هذه الاحاديث النبوية التي سقتها دعما" لمقالتك أو لايراد تلك الحادثة التي جرت معت امام شباك البريد ، هي بحد ذاتها تمثل الاسس الناظمة لاصول الالتزام بنظام الحياة في شتى المجلات ، مقالتك هذه عادت بي الى موضوع كتب بعد فترة في هذا المنتدى بعنوان (قضية الاسبوع ) ويناقش هذا الموضوع قضية النظام والالتزام به ، كم وددت ان موضوعك هذا ورد ايضا" في سياق ذاك الموضوع لانها جزء فعال يتمم النقاش في هذه القضية الحساسة.

واخيرا" فان

:أن النظام والتنظيم والالتزام به دليل من أدلالة التطور والتطوير والنمو العقلي والاجتماعي لأن تنظيم حياة الفرد والمجتمع بما يواكب القواعد العامة في حياة المجتمع من أكبر أسباب الألفة والدعم للعلاقات الاجتماعية والمحافظة على الحقوق والأوقات 0


- ولكن عندما نفسر حال وبعض من الناس في المجتمع تري أن الاهتمام بالنظام والتنظيم من آخر إهتمامته 0

- فهو غير نظامي سواء في وقف سيارته سواء عند المسجد أو المستشفى أو عند مراكز التمويل سواء الغذائي أو المالي.

وائل 11-26-2010 12:03 PM

الفرد هو نواة المجتمع
لو صلحت النواة صلحت الأمة
والمرء يبدأ بنفسه

عبدالكريم 11-26-2010 12:28 PM

نحن في مجتمع تعود على الفوضى والاهمال بكل شيئ
لماذا عندما نكون ملتزمين بالدور مثلاً فأننا نتبع الدول الغربية او نسعى لان نكون مثلهم
ماعندنا افضل منهم بكثير وتقليدنا لهم في هذه الاشياء فقط لايعني شيئاً
وقد يقول قائل ماهو الشيئ الذي نتميزه عن الغرب هم احسن منا بكثير
اقول له عندنا القرأن اعظم دستور عرفته البشرية
عندنا السنة النبوية الشريفة لاعظم رجل عرفته البشرية
عندنا احاديث نبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام
فماذا ينقصنا اذاً لنصبح افضل منهم
ينقصنا الكثير والأهم هو عدم اتباع القوانين الالهية والسنة النبوية الشريفة
مقال رائع ومن واقعنا
مشكور استاذنا الدكتور عياد
وفقك الله لما يحبه ويرضاه ونفع بك
تقبل تحياتي ومروري

عثمان الغدير 11-28-2010 03:39 PM

والله سنكون بأحسن حال إذا أحسسنا بالمسؤولية ، والتزمنا جانب الحق ولو على أنفسنا ، سنكون بألف خير إذا كان حالنا في عملنا كحال الموظف الذي التزم جانب الحق ، ولم يضعف أمام جاره أو قريبه ، ولم يضعف إذا تعرض لمن يحاول أن يستغل منصبه لتمرير ما يضر بالمصلحة العامة أو لاغتصاب حق الآخرين لحساب مصالحه الشخصية ، سنكون على أحسن حال إذا التزمنا جانب الحق والعدل في معاملاتنا سواء كنا موظفين أو غير موظفين .. في أعلى المناصب أو أدناها

كلمات درر ...دكتور عياد .. حفظك الله وزادك علماً وأدباً وإيماناً . تعلمنا منك الكثير ونطمع بالمزيد

أيهم المحمد 10-04-2011 03:29 AM

مهم جدّاً

للواجهة فهي تستحق



الساعة الآن 03:00 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir

a.d - i.s.s.w