منتديات قبيلة البو خابور

منتديات قبيلة البو خابور (http://mouhassan.com/forum/index.php)
-   منتدى المواضيع العامة (http://mouhassan.com/forum/forumdisplay.php?f=49)
-   -   أنا شاوي (http://mouhassan.com/forum/showthread.php?t=11228)

ابوعبدالله 11-22-2019 04:55 PM

أنا شاوي
 
منقول
أنا شاوي ...
جدّي الأوّل كان تاجرَ "غنم" يتنقل في أرياف ديرالزور و الرقّة , ذو بأس شديد وكانت كنيته "العنتري" ... لم آخذ من كنيته شيئاً ... وأخذتُ كثيراً من ريفيّته , لا أتذكر تفاصيل وجهه , ما يحضر في الذاكرة فقط سريرَ موته , والتشظّي الذي خلّفه رحيله في بيت جدّي , في حيّ الرشديّة …
جدّي والد أمّي , كان ريفيّاً أيضاً من ريف ديرالزور من قرى موحسن … أحفظ تفاصيل وجههِ جيّداً … تلك التي أورثها لكل أبنائه
كان تاجراً معروفاً في ديرالزور , أعطاه الله مالاً بعدَ تعبِ سنين , فبدأ يتاجر بالسيّارات , والشاحنات …
مرّت عليه السنين وهو كما هو لم يتغيّر , امتلك المال و بساطة الريفيّ أيضاً …
ولذا “نصبَ” عليهِ في إحدى تجاراته رجلا أعمالٍ حلبيّين … فجعلاه من غير أن يدري يوقّع على عقد شراء لشاحنته “قاطرة ومقطورة” وقضت هذه العمليّة على آخر ما تبقّى عنده من مال … لم تنصفه حكومة الـ ٦٧ وقتها وخسر كلّ شيء وتراكمت عليه الديون …
أبناؤه “أخوالي” … لم يرضوا أن تكسرهم الحياة … وحمل كلّ منهم همّ أن يعيش باقي أخوته بعزّ … فبدأوا يصنعون الكراسي و يخيطونها … وفي ذاتِ الوقت كان أمام كلّ منهم أملٌ بمستقبلٍ يقيه شرّه العوز …
والدتي “أخت الرجال” كانت كأخوتها تقضي نهارها وهي تحيكُ الكراسي وتتعب أكثرَ من عشرِ رجال وأخوالي أعطاهم الله بعضَ حياة كرمى لعملهم … فدرس بعضهم الطب والصيدلة و دخل الباقون في التجارة … وبقي في كلًّ منهم ذلك الريفي الصغير الذي يقاتل ليبقى ويعيشَ أبناؤه عيشةً كريمة … وأخواتهم أيضاً …
ــــــــــــــــــ
أنا شاويْ …
ماضيّ مشابه كثيراً لماضي كثيرٍ من السوريين …
والديَ لم يمتلكا المال … وكانت حياتنا في السنين الأولى منها ملأى بالحلّ والترحال في قلب المدينة كبدويّين يبحثون عن واحة …
تنقّلنا بين أكثر من ١٤ منزلاً من الأحياء الفقيرة لديرالزور حتى الأحياء الغنيّة …
أتذكر من طفولتي مساء يومٍ مثلج … بعد أن أنهت والدتي عملها وقد أعياها التعب … لتحصّل بضع ليراتٍ تسد بها رمقنا تلكَ الليلة …
مسيرنا نحو المنزل و بائع الفواكه في طريقنا … ونظراتي إلى حبّاتِ الفواكه ونظراتِ أمّي إلي … حين اقتنصت من عينيّ شهوةً ما …
فأنفقت كلّ ما حصّلته يومها لشراء بضع حبّاتِ موز …
أتذكّر زياراتِ “أبو نعيم” إلى الصالون وهجومه مرّاتٍ مجنونة علينا لنعطيه ليرة أو ليرتين …
أتذكّر عوزنا الشديد ووقتها و لفّاتِ “الهواء” التي كانت أمّي توهمنا أنّ طعمها حلو … كحبّات الموز …
ـــــــــــــــــــ
أنا شاوي …
ألهمتني لقاءات أصدقاءِ أبي … و رغباتهم أن أقتنص من الانترنت مقالاتٍ معارضة بعد أيّام من تركيبنا لخطّ انترنتٍ في المنزل , وثقتهم أن دماغاً كدماغي باستطعاته تجاوز الحدود التي كان يضعها النظام السوري على مواقع الانترنت … قراءتي للمقالات قبل كلّ لقاء بهم و طابعة المنزل التي كانت لا تكاد تملأ بالحبر حتّى تجفّ من كثرة المقالات و شراهةِ أصدقاء أبي …
حاربت في السنة الأولى من البكالوريا كأيّ طالبٍ سوريّ للفوزِ بعلامةٍ ترضي والديّ أوّلاً وكذا ترضيني … رغم أن والديّ وقتها كانا في خلافٍ أشدّ من خلاف معاوية ابن سفيان مع جندِ الحسينْ … لم أفلح في السنة الأولى و أعدتها وغايتي فقط أن ادرس هندسة بترول , لأن مقالة قرأتها سابقاً عن ثروةِ الأسد لم تذكر شيئاً عن نفطِ ديرالزور و إلى اين ترحلُ أمواله ؟
ولقاء أبي كذلك مع علماء تنقيبٍ يابانيين …
ـــــــــــــــــــ
أنا شاوي …
كنتُ كثيراً ما احنق على التلفاز السوريّ الذي لا يحمل من تاريخ ديرالزور و حياتها الاجتماعيّة شيئاً إلّا حماقاتٍ تصوّر ديرالزور على أنها بادية ليس فيها إلا راعي غنمٍ لم يتعلّم من الحياة إلّا صنع السمنِ العربيّ … وبضع حلقاتٍ تافهة من “بقعة ضوء” تقولُ للسوريين في الطرف الآخر من العالم … أنّنا جهلة وحمقى و بقايا ممالك زائلة …
زاد حنقي كثيراً حين حدّثتني فتاةٌ طرطوسيّة عام ٢٠٠٥ بعدَ أن نبت الشعر تحت ابطي … وسألتني حين عرفت أنني من ديرالزور …
“كيف مشغّل انترنت ؟ عندكن نت بالخيمة؟”… أجبتها “الانترنت عندنا يعمل على بولِ البعير … سامحيني ان شممتِ رائحة سيّئة” … وحذفتها … لم أشأ أن اخبرها وقتها أن الكومبيوتر دَخَلَ إلى منزلنا منذ عام ١٩٩٧ … ربّما قبل أن تعرفَ هيّ أن هناك خارجَ حدودِ سوريا عالمُ آخر …
ـــــــــــــــــــ
أنا شاويِ …
كثيراً ما سألتُ نفسي لماذا لم يزر “حافظ الأسد” … ديرالزور في حياته ؟ إلى أن قرأت في جريدة تشرين عام ٢٠٠٧ …
“زيّارة تاريخيّة لسيادة الرئيس المفدّى بشّار الأسد … إلى ديرالزورْ” …
وقتها تأكدتُ تماماً أن ديرالزور خارج هذه المجرّة …
كنتُ أسأل أمّي … لماذا درستِ في حلب ؟ لماذا درس والدي في دمشق ؟ لماذا لا يوجدُ عندنا جامعة ؟
حتّى تذكّر بشّار … أن يفتتح جامعةً في ديرالزور عام ٢٠٠٧ , ويفتتح مشفىً للقلب .. ليداوي مرضى ديرالزور الذين كانوا يشربون ماء الفراتِ ملوّثاً ببقايا النفايات النووية التي زرعها عبدالحليم خدّام في بادية ديرالزور … القريبة من النهر …
اذاً ديرالزور غير مهمّة ونحن حقّاً في عالمٍ آخر …
لديرالزور تذهب النفايات النووية و الخذلان …
ـــــــــــــــــــ
أنا شاوي …
خذلنا الباقون في الأرضِ أكثرَ من مئةِ عام … ومع ذلك فتحنا بيوتنا للناجين من مذابح الأرمن … و الناجين من الموتِ في العراق و الأحياء بعد مجازر حمص , والهاربين من الرقّة … فتحنا قلوبنا لكلّ محتاج … ورضينا ألّا يأتينا من نفطنا وزراعتنا و صناعتنا واقتصادنا , أيّ شيء …
ولم يأتنا من السوريين إلّا الخذلان والنسيان والإهمال و الأمراض والكفر بالحكومات والجيوش …
وكذا بعدَ خمس سنينِ ثورة … مازال حزننا يؤلمنا وحدنا …
وحزن سوريّا يأكل من أكبادنا ولا يشبع …
مازال أخوتنا في الوطن … الثوّار منهم والأنذال يتعاملون معنا كأننا غزاةٌ لأرضنا … يعجبهم أن يناموا ليلتهم وجرح مجازرِ الشعيطات لا يؤلمهم … وجوع أهل الكرم في المناطق المحاصرة لا يعنيهم و موتنا داخل سوريا وخارجها لا يهزّ فيهم قصبة …
وبعد ذلك … ينعتنا البعض ببقايا رعاةِ الغنم … وبكلّ نرجسيّة مدنيّة مقيته … يهمسون داخلهم … وعلى العلن … “الشوايا” …
وكأنهم يسبّون …
ـــــــــــــــــــ
أنا شاوي …
اعتزّ كثيراً بريفية أجدادي , كما أعتزّ بسوريّة دمّي …
حلمي آخر الليلَ كوخ صغير يجري من تحته نهر فرات … وجدتي تخبز على التنّور خبزاً بطعم الفرات …
لن أقبل أن يُهضَمَ حقّي أو أن أهمّش …
لي من سوريا كما لكم وأكثر …
وحذارِ من سخطِ الجوع والخذلان … لأنّه وقتها سيرتدّ صرخةً توقظُ الأحياء …
كونوا “سوريّين" كما نحنُ … ولا تكونوا حمقى !


محمود المشعان 11-22-2019 06:05 PM

نعم أنا شاوي و أعتز و أفتخر بأنني ولدت من أب و أم هم من الشوايا؟؟
طبعاً موضوع أكثر من رائع رغم الألم و الوجع بين كلماته؟؟
طبعاً و تأكيداً بأن الكثير من يعتبرون نفسهم من المدن المتحضرة..
في عام 1983 عينت بالتدريس في دمشق بأول تخرجنا..
و معي في المدرسة معلمين من عدة مدن ؟؟
و كان معنا معلم شامي ..الرجل أرتاح لمعشرنا و أصبح لا يفارقنا..
و لكن كان يجهل الكثير عن مدينتنا..
و ذات يوم يسألنا عن الجسر المعلق أين يقع هل هو في البادية و كيف معلق..
تفاجئنا بسؤاله؟؟
ولكن لا نلومه..بسبب التعتيم الإعلامي و الظلم الذي كانت تعاني منه المناطق الشرقية و الجزيرة عموماً؟؟
على كل حال هذا سابقاً..
و كلنا أمل في المستقبل أن تظهر الصورة الجميلة عن دير الزور و أهلها..
شكراً أخي العزيز أبو عبدالله عن نقلته لنا..

القيصر 11-22-2019 06:26 PM

والله انا كلي فخر اني شاوي ابن شوايا واجدادي شوايا
خضرتني قصة طريفة عندما عندما كنا في السنة التحضيرية لكليات الهندسة بجامعة حلب انذاك (كان النظام الجامعي مختلف عنه الان) في اواسط السبعينات
عند بدأت دراستي في كلية الهندسة المدنية ففي احد المرات كنا في الجامعة مجموعة من الطلاب من مدينة دير الزور ولا انسى عندما تلفظ احد الطلاب بكلمة شوايا .
بعدها لم اعد اتعامل مع كل واحد ينتمي او يدعي انه ديري وبالمناسبة كان هذا الطالب المتخلف حضاريا والمعتوه فكرياً الذي تلفظ بكلمة شوايا من (المعامرة ) وهذا لايعطيه شرف التعالي على الشوايا لانهم ليسوا باحسن منهم
والشوايا تاريخ واصالة وفخر
وعلى فكرة ولازلت اعرفه واعرف اسمه واسم ابوه واذكره تماما
شكرا ابو عبدالله

ابوعبدالله 11-22-2019 07:01 PM

مشكورين أبا العمرين محمود والقيصر لتعليقكم على منقولي طبعا كاتب الموضوع الأساسي هو إبن أختنا كرم الحمد أخواله البحوري أمه صديقتنا الشاعرة والكاتبة سميرة بدران المحيا
وبالمناسبة كلمة شاوي لا تطلق على القبائل البدوية التي ترعى الإبل وإنما تطلق على رعاة الشياه من غنم وماعز وأذكر أني قرأت هذه المعلومة لأول مرة من أخونا البدوي وأكدها لي الأخ رامي الدخيل أبو أحمد

القيصر 11-23-2019 08:40 PM

اعتقد اتت تسمية الشوايا من كثرة شواء اللحم

ابوعبدالله 11-23-2019 08:50 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القيصر (المشاركة 91776)
اعتقد اتت تسمية الشوايا من كثرة شواء اللحم

أبو عمر الشوايا لهذا اليوم لا يجيدون شواء اللحم ههههه أما الثرود حدث ولا حرج

القيصر 11-23-2019 09:13 PM

ابو عبدالله تعال تفضل وتشوف بعينك وتحكم اذا كنا نحيد الشواء ام لا؟
لاتعممم
تحياتي لك

ابوعبدالله 11-24-2019 12:40 PM

المسألة نسبية أبو عمر القيصر
الشواء لم يكن يختص به أهل الريف لدرجة أن يطلق عليهم هذه التسمية حيث كان أغلب طعامهم هو الثريد وهذا لا يمنع أن هناك البعض كان يشوي اللحم


الساعة الآن 11:07 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , Designed & TranZ By Almuhajir

a.d - i.s.s.w