المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة المحبة والاشارات


عثمان الغدير
09-24-2010, 01:43 PM
مدونة مفتوحة لكافة الأعضاء للتعبير عما يجول بخاطرهم من المحبة والأخوة الصادقة التي تجمع بيننا في منتديات البوخابور عنوانها المحبة في الله وأساسها الاحترام وهدفها تبادل الفائدة.
أبدأ السلسلة في محبة الله والتفكر في الفطرة الصافية التي فطرنا عليها
السلسلة (1) أسرار الحب الصافي

عثمان الغدير
09-24-2010, 01:47 PM
(1) أسرار الحب الصافي

خلق الله الكون واستخلف فيه الانسان
وجعله موعظة لأهل الاعتبار وتذكرة لذوي الاستبصار فاعتبروا يا أولي الأبصار.
قال تعالى: (إِنَّ فِيِ خَلْقِ السموات وَالأَرضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَار لآَياتٍ لأُِولِي الأَلْبَابِ).
فمن قرأ مثالي وفهم ضرب أمثالي فذاك من أمثالي ومن أعجم علي إشكالي فليس من أشكالي.
أخرجني الفكر يوماً لأنظر ما أوجدته أيدي القدم في الحدث وأحدثته القدرة
البالغة للجدّ لا للعبث فانتهيت إلى روضةٍ قد رق أديمها ونمى خصيب رطيبها وراق
نسيمها ونمَّ طيبها وغنّى عندليبها وتحركت عيدانها وتمايلت أغصانها وتنمقت أزهارهاوصّوت هزّازها وتسلسلت جداولها وشدت بلابلها. فقلت:
يا لها من روضة ما أهناها وخضرة ما أبهاها وحضرة ما أصفاها .
فناداني لسان الحال في الحال:
أتريد نديماً أحسن مني أو مجيباً أفصح مني وليس شيء في حضرتك إلا وهو ناطق بلسان حاله
منادٍ على نفسه بدنوا ارتحاله فاستمع له إن كنت من رجاله.
إخوتي أخواتي : أَلَمْ تَروَ أَنَّ نَسِيمَ الصَّبَا له نَفَسٌ نَشَره صَاعِدُ فَطَوْراً يَفُوحُ وطوراً يَنُوح
كما يَفْعَلُ الفَاقدُ الوَاجدُ وسكبُ الغمامِ ونوحُ الحمام
ِإذا ما شَكَى الغُصْن المايدُ وضوءُ الأقاحِ ونُورُ الصَّباح ِوقد هزَّهُ البَارقُ الرَّاعِدُ
ووافَى الرَّبيعُ بمعنىً بديع يُترجمُ عن وِرْدِهِ الوَاردُ وكُلٌّ لأَجْلِكَ مُسْتَنْبَط ٌلما فيه نَفْعُكَ يَا جَاحِدُ
وكُلٌّ لآلآئِهِ ذَاكِر ٌمُقرٌِّ لهُ شَاكِرٌ حامِدُ وفى كُلّ شَيْءِ لَهُ آيَة ٌتَدُلّ عَلَى أَنهُ وَاحِدُ.
لاإله إلا الله وحده ونحن له عابدون .

عثمان الغدير
09-24-2010, 01:53 PM
(2) إشارة النسيم
سمعت همهمة النسيم يترنّم بصوته الرخيم
يقول بلسان حاله عن صريح لفظه ومقاله:
أنا رسول كل محب إلى حبيبه وحامل شكوى كل عليل إلى طبيبه
إن استودعت سِرّاً أديته كما استودعته وإن حُمّلتُ نثراً رويته كما سمعته
وإن صحبتُ مصحوباً اتّحدتُ فيه بلطافة إيناسي ومازجته بصفاء أنفاسي
فإن طاب طبت وإن خبث خبثت كما قال الشاعر:
الرَّاحُ كالرِّيّحِ إن مرَّت عَلَى عَطر طَابت وتَخْبُثُ إنْ مَرَّت على الجيفِ
ثم إني إن اعتللت صحّ بي العليل وحيث حللت طاب بي المقيل
وإن تنفـّست تنفـّس المشتاق وإن نمّت توسوس العشّاق
فأنا لّين الإعطاف هيّن الانعطاف سريع الائتلاف
ولولا وجودي في الوجود لما كان مخلوق موجود يعرف لطفي ذوو الألطاف
فلا تظن اختلاف هوائي سبب إغوائي بل أختلف في الفصول الأربع
لما هو أصلح لك وأنفع
أهبُّ في الربيع شمالاً لألقح الأشجار وأُعدّل فصلى الليل والنهار
أهب في الصيف صبّاً لأنمّى الثمار وأُصفّى الأنهار
أهب في الخريف جنوباً فتأخذ كل شجرة حد طيبها وتستوفى حق تركيبها
وأهبّ في الشتاء دبوراً فآخذ عن كل شجرة حملها وأوراقها ويبقى أصلها.
فأنا الذي تنمو بي الثمار وتسمو بي الأزهار وتتسلسل الأنهار وتلقّح بي الأشجار
و تتروح بي الأسرار وأبشرك في الأسحار بقرب المزار
أتمنى لكم السعادة بالليل والنهار إخوتي وأخواتي الأخيار

عثمان الغدير
09-26-2010, 06:34 PM
(3) إشارة الورد
سمعت مجاوبة الأزاهير بألوانها والشحاريرُ بأقنانها فرأيت الورد
يخبر عن طيب وُروده ويعترف بَعرفه عند شهوده ويقول:
أنا الضيف الوارد بين الشتاء والصيف أزور كما يزور الطيف فاغتنموا وقتى فإن الوقت سيف. أعطيت نفس العاشق وكُسيت لون المعشوق فأروح الناشق وأهيج المشوق فأنا الزائر وأنا المزور فمن طمع في بقائي فإن ذلك زور.
ثم من علامة الدهر المكدور والعيش الممرور أنني حيث ما نبتّ رأيت الأشواكَ تزاحمني والأدغال تجاورني فأنا بين الأدغال مطروح وبنبال شوكي مجروح وهذا دمى يُرى عندما يلوح فهذا حالي وأنا ألطف الأوراد وأشرف الورّاد فمن ذا الذي سلم الأنكاد ومن صبر على نكد الدنيا فقد بلغ المراد.
وبينما أنا أرفل في حلل النضارة
إذ قطفتني يد النظارة فأسلمتني من بين الأزاهيـر إلى ضيّق القوارير فيذاب جسدي
ويُحرق كبدي ويُمزق جلدي ويقطر دمعي الندى ولا يُقام بأودي ولا يؤخذ بقودي فجسدي في
حُرق وجفوني في غرق وكبدي في قلق وقد جعلت ما رشح من عرقي شاهداً لما لقيت من
حُرقي فيتأسى باحتراقي أهل الاحتراق و يتروح بنفسي ذوو الأشواق فأنا فانٍ عنهم
بأيّاي باقٍ فيهم بمعناي أهل المعرفة يتوقعون لقائي وأهل المحبة يتمنون بقائي وفي
ذلك أقول: فإنْ غِبْتَ جِسْماً كنتَ بِالرُّوحِ حاضراً فسِيّان قُرْبى إنْ
تَأَمّلتَ والبعْدُ فللَّهِ من أضْحَى من النَّاسِ قائلاً:إِنَّكَ مَاءُ الوَرْدِ إذْ ذَهَبَ الوَرْدُ