المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحدائة في ميزان الاسلام


عبد الرحمن العمري
06-07-2010, 11:43 PM
: تم صنع هذا الكتاب من نسخة نصيَّة ( وورد ) تم تحميلها من موقع (صيد الفوائد ) على الرابط التالي :
http://saaid.net/book/open.php?cat=89&book=26 (http://university.arabsbook.com/download.php?url=aHR0cDovL3NhYWlkLm5ldC9ib29rL29wZ W4ucGhwP2NhdD04OSZhbXA7Ym9vaz0yNg==)

كتاب الحداثة في ميزان الاسلام للشيخ عوض القرني ولعله اوسع واشمل كتاب تناول الحداثيون

واليكم مختصرة

عبد الرحمن العمري
06-08-2010, 12:16 AM
ماذكرني بالكتاب هو مقال للشاعر اودونيس حيث وقف في معركة الحجاب مع فرنسا وهاجم الحجاب ووصفه بانه غطاء للعقل لا للرأٍس .. طبعا ليس جديدا تهجمه على الدين والقيم الاسلامية هو والكثير من الحداثين
هم يهاجمون اقدس مقدساتنا ونأتي نحن لنقف موقف المنبهر المتفرج وكأن الامر لا يعنينا يوصف الله بالوحش وان الله - حاشاه - له حبيبة .. وما الى ذلك ونبقى نحن نصفق لمن صفعنا وغرس خنجره المسموم في قلوبنا واراد تمزيق ثيابنا و تعريتنا .. ونكرر كلاما عن الابداع والعبقرية التي لانلمسها ولانحسها بل نقلد بشكل ببغاوي ما قالوه في اعلامهم .. ولوثوا به عقولنا واحاسيسنا ...........

واليكم ملخص الكتاب - وهو منقول- وانه لا يغنى عن قراءة الكتاب


بيّن المؤلف في هذه التوطئة البواعث على كتابة هذا البحث ، فذكر أموراً خمسة ، مفادها : دور العالم المسلم في تعرية الأفكار الهدامة التي تعصف بمجتمعه و تحاول النيل من قيمه وثوابته الراسخة ، و عدم جواز سكوته عن الحق ، حتى لا يكون شيطاناً أخرس ، و علاقة الإيمان بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، ثم سمّى بعض من تصدوا للحداثة في المملكة
منهم : محمد عبدالله مليباري ، و سهيلة زين العابدين ، ومحمد المفرجي .
يبقى الباعث الثالث و لاأملك إلا إيراده كما جاء في الكتاب لأهميته :
3 ــ لأن كثيراً من العلماء والأدباء الغيورين ، يظنون أن الخلاف مع الحداثة ، خلاف بين جديد الأدب وقديمه ، و أن المسألة لا تستحق كل هذا الاهتمام ، وهذا ما يحاول الحداثيون أيضاً أن يرفعوه في وجه كل متصد لهم ، لكنني أؤكد أن الصراع مع الحداثة ــ أولاً وأخيراً ـــ صراع عقائدي بحت ، إذ إنني لا أنطلق في كتابي هذا في الحوار مع الحداثة منطلقاً أدبياً ، يتحدث فيه المتحاورون عن عمود الشعر ، ووزنه و قافيته ، و أسلوب القصة .
إننا نختلف معهم في المنطلقات الفكرية العقائدية ، ونعترض عليهم في مضامينهم و معانيهم التي يدعون إليها ، و ينافحون عنها ، وعن هذه فقط سيكون حديثنا . إن كل من يصدق أن الحداثة مدرسة أدبية في الكتابة والشعر والقصة واهم أو جاهل بواقع الحال ، أطالبه بأن يقرأ هذا الكتاب ، ثم يحتكم إلى كتاب ربه وما يمليه عليه إيمانه فقط .
ويختم المؤلف هذه المقدمة اليسيرة بتنبيهين ، أقتطف لكم منهما ما يلي :
التنبيه الأول :
أننا تعودنا من الحداثيين أن يرفعوا عقيرتهم بالصياح عندما نريد أن نحاكمهم إلى دين الله ، و يقولون ما علاقة هذا بالأدب و الفكر ؟ بل يقولون إن التستر وراء الدين و الالتجاء له في الخصومة الفكرية علامة الضعف والهزيمة ، ومع ذلك فإننا نؤكد مرة أخرى أننا سنحاسبهم إلى الدين ، وإلى الدين فقط .
التنبيه الثاني :
إنني أناقش بالدرجة الأولى الحداثة المحلية ، ولا أذكر شيئاً من خارج هذه البلاد ، إلا بما يحقق هذا الهدف و يؤدي إلى بيانه و إيضاحه .
.

الجذور التاريخية للحداثة .

تناول المؤلف تحت هذا العنوان مبحثين هامين :
1 ــ لمحة موجزة عن تاريخ الحداثة في الغرب .
2 ــ موجز تاريخ الحداثة العربية .
وقدم للمبحثين بكلام موجز عن الحداثة ، أسوق لكم منه هذه الفقرة التي تلخصه :
إن الحداثة ــ في أصلها ونشأتها ــ مذهب فكري غربي ، ولد ونشأ في الغرب ، ثم انتقل منه إلى بلاد المسلمين ، وحتى يكون القارىء على بينة من الظروف التاريخية التي نشأت الحداثة فيها في الغرب ، قبل انتقالها إلينا ، و حتى نعرف من هم رموز نشأتها من الغربيين قبل معرفة من هم ببغاواتها لدى المسلمين ، نضع هذا المبحث . ولاشك أن الحداثيين العرب حاولوا بشتى الطرق و الوسائل ، أن يجدوا لحداثتهم جذوراً في التاريخ الإسلامي ، فما أسعفهم إلا من كان على شاكلتهم ، من كل ملحد أو فاسق أو ماجن مثل : الحلاج ، وابن عربي ، وبشار ، وأبي نواس ، وابن الراوندي ، والمعري ، والقرامطة ، وثورة الزنج ، لكن الواقع أن كل ما يقوله الحداثيون هنا ، ليس إلا تكراراً لما قاله حداثيو أوربا و أمريكا ، ورغم صياحهم وجعجعتهم بالإبداع والتجاوز للسائد والنمطي ــ كما يسمونه ــ إلا أنه لا يطبق إلا على الإسلام وتراثه ، أما وثنية اليونان ، وأساطير الرومان ، و أفكار ملاحدة الغرب ، حتى قبل مئات السنين ، فهي قمة الحداثة وبذلك فهم مجرد نقلة لفكر أعمدة الغرب مثل : إليوت ، وباوند ، وريلكه ، ولوركا ، ونيرودا ، وبارت ، و ماركيز ، وغيرهم إلى آخر القائمة الخبيثة التي اضطرنا حداثيونا إلى قراءة سير أهلها الفاسدة ، وإنتاجها الذي حوى حثالة ما وصل إليه فكر البشر .
والواقع أعظم شاهد على أن الحداثة العربية ابن غير شرعي للمفكرين الغربيين ، منذ بودلير ، وإدجار آلان بو ، حتى يومنا هذا ويكفيك للتأكد من ذلك أن تتصفح أي منشور حداثي ، شعراً أو رواية أو مسرحية أو قصة أو دراسة نقدية ، لتجدها تصرخ بقوة ، وتعلن أنها من نبات مزابل الحي اللاتيني في باريس ، أو أزقة سوهو في لندن ، عليها شعار الشاذين من أدباء الغرب الذين لا يكتبون أفكارهم إلا في أحضان المومسات أو أمام تمثال ماركس .

لمحة موجزة عن تاريخ الحداثة في الغرب .

على الرغم من الاختلاف بين الكثير ممن أرخوا للحداثة الأوربية حول بدايتها الحقيقية ، وعلى يد من كانت فإن الغالبية منهم يتفقون على أن تاريخها يبدأ منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي على يدي بودلير ، وهذا لا يعني أن الحداثة قد ظهرت من فراغ ، فإن من الثابت أن الحداثة رغم تمردها وثورتها على كل شيء ، حتى في الغرب ، فإنها تظل إفرازاً طبيعياً من إفرازات الفكر الغربي ، والمدنية الغربية التي قطعت صلتها بالدين على ما كان في تلك الصلة من انحراف ، وذلك منذ بداية ما يسمى بعصر النهضة في القرن الخامس عشر الميلادي ، حين انفصلت المجتمعات الأوربية عن الكنيسة ، وثارت على سلطتها الروحية التي كانت بالفعل كابوساً مقيتاً محارباً لكل دعوة للعلم الصحيح ، و الاحترام لعقل الإنسان ، وحينها انطلق المجتمع هناك من عقاله بدون ضابط ، أو مرجعية دينية ، وبدأ يحاول أن يبني ثقافته من منطلق علماني بحت ، فظهرت كثير من الفلسفات و النظريات في شتى مناحي الحياة .
وطبيعي ما دام لا قاعدة لهم ينطلقون منها لتصور الكون والحياة والإنسان ، ولاثابت لديهم يكون محوراً لتقدمهم المادي ،ورقيهم الفكري والحضاري ، أن يظهر لديهم كثير من التناقض والتضاد ، وأن يهدموا اليوم ما بنوه بالأمس ، ولاجامع بين هذه الأفكار إلا أنها مادية ملحدة ، ترفض أن ترجع لسلطان الكنيسة الذي تحررت من نيره قبل ذلك .
المذاهب الأدبية الفكرية الغربية مرتبة وفق تسلسلها الزمني :
1) الكلاسيكية .
كان امتداداً لنظرية المحاكاة التي أطلقها أرسطو الأب الروحي للحضارة الغربية ، وكما قال إحسان عباس في كتابه (فن الشعر) ص40 ( فإن الكلاسيكية تؤمن أن الإنسان محدود في طاقته ، وأن التقاليد يمكن أن تكون ذات جوانب حسنة جميلة ، فهي تميل دائماً إلى التحفظ واللياقة ومراعاة المقام ، والخيال الكلاسيكي خيال مركزي ، مجند في خدمة الواقع ) .
2) الرومانسية .
جاءت فكانت ثورة وتمرداً على الكلاسيكية ، فقدست الذات والبدائية والسذاجة ، ورفضت الواقع ، وادعت أن الشرائع والتقاليد والعادات هي التي أفسدت المجتمع ، ويجب أن يجاهد في تحطيمها . ومع كل هذا الرفض والثورة وعدم وجودالبديل لدى هذا المذهب ، فشل الرومانسيون في تغيير الواقع ، فأوغلوا في الخيال المجنح ، والتحليق نحو المجهول .
وقد كان من أساطين هذا المذهب في الغرب : بايرون ، وشيلي ، وكيتس ، ووردزورث ، وكولريدج، وشيلر ،وأدخل هذا المذهب الأدبي الفكري في بلاد العرب : شعراء المهجر ، ومدرسة الديوان ، وجماعة أبولو ، على اختلاف بينهم في مقدار التأثر به .
3) ثم كان التطور إلى المذهب البرناسي ، ثم المدرسة الواقعية التي تطورت إلى الرمزية التي كانت الخطوة الأخيرة قبل الحداثة .
وكان من رموز المدرسة الرمزية التي تمخضت عنها الحداثة في الجانب الأدبي على الأقل ، الأمريكي إدغار آلان بو ، وقد تأثر به كثير من الرموز التاريخية للحداثة مثل : مالارميه ، وفاليري ، وموباسان ، وكان المؤثر الأول في فكر وشعر بودلير أستاذ الحداثيين في كل مكان ، وقد نادى إدغار بأن يكون الأدب كاشفاً عن الجمال ، ولاعلاقة له بالحق والأخلاق ، وبالفعل كانت حياته لاعلاقة لها بالحق ، ولاالأخلاق ، ولاالجمال أيضاً وكذلك شعره و أدبه ، فقد كانت حياته موزعة بين القمار والخمور ، والفشل الدراسي والعلاقات الفاسدة ، ومحاولة الانتحار بالأفيون .
وعلى خطى إدغار سار تلميذه بودلير أستاذ الحداثيين ، ممعناً في الضلال ، وبعيداً عن الحق والأخلاق .
وقد نادى بودلير بالفوضى في الحس والفكر والأخلاق . ويكفي للدلالة على خسته أن فرنسا على ما فيها من انحلال وميوعة ومجون وفساد، منعت بعض قصائده عندما طبع ديوانه في باريس سنة 1957م .
وكان من رواد الحداثة الغربيين بعد بودلير رامبو وعلى آثاره كان مالارميه وبول فاليري ، ووصلت الحداثة في الغرب شكلها النهائي على يدي الأمريكي اليهودي عزرا باوند ، والإنجليزي توماس إليوت ، وقد تأثرت بهم الموجات الأولى من الحداثيين العرب مثل : السياب ، ونازك ، والبياتي ، وحاوي ، وأدونيس ، وغيرهم تأثراً كبيراً ، وتعتبر قصيدة الأرض الخراب لإليوت هي معلقة الحداثيين العرب ،بما حوته من غموض ورمزية ، حولت الأدب إلى كيان مغلق ، تتبدى في ثناياه الرموز والأساطير ، واللغة الركيكة العامية ، إلى ما نراه اليوم من مظاهر لأدب الحداثيين اليومي ، ثم واصلت الحداثة رحلتها حين قادها مجموعة من الشيوعيين مثل : نيرودا ، ولوركا ، وأراجون ،وناظم حكمت ، ويفتشنكو ، أو من الوجوديين مثل : سارتر ، وعشيقته البغي : سيمون دي بوفوار ، والبير كامو .
هذا هو بتعميم وإيجاز شديد تاريخ الحداثة الغربية .

موجز تاريخ الحداثة العربية .

بعد انتقل وباء الحداثة إلى ديار العرب على أيدي المنهزمين فكرياً ، ولقيت الرفض من المجتمع الإسلامي في بلاد العرب ، أخذوا ينقبون عن أي أصول لها في التاريخ العربي ، لعلها تكتسب بذلك الشرعية ، وتحصل على جواز مرور إلى عقول أبناء المسلمين ، إذ لايعقل أن يواجهوا جماهير المثقفين المسلمين في البداية بفكرة غربية ولباسها غربي ، فليبحثوا عن ثوب عربي يلبسونه الفكرة الغربية حتى يمكنها أن تتسلل إلى العقول في غيبة يقظة الإيمان والأصالة .
يقول أدونيس في كتابه (الثابت والمتحول )ج3 ص9-11 :
ومبدأ الحداثة هو الصراع بين النظام القائم على السلفية ، والرغبة العاملة لتغيير هذا النظام ،وقد تأسس هذا الصراع في أثناء العهدين الأموي والعباسي ، حيث نرى تيارين للحداثة : الأول سياسي فكري ويتمثل من جهة في الحركات الثورية ضد النظام القائم ، بدءاً من الخوارج وانتهاء بثورة الزنج مروراً بالقرامطة ، والحركات الثوريةالمتطرفة ،ويتمثل من جهة ثانية في الاعتزال والعقلانية الإلحادية في الصوفية على الأخص .............................. .....
أما التيار الثاني ففني ، وهو يهدف إلى الارتباط بالحياة اليومية كما عند أبي نواس ، وإلى الخلق لا على مثال خارج التقليد وكل موروث عند أبي تمام ، أبطل التيار الفني قياس الشعر والأدب على الدين ، أبطل - بتعبير آخر - القديم ، من حيث إنه أصل للمحاكاة أو نموذج ............................
أخذ الإنسان يمارس هو نفسه عملية خلق العالم . هكذا تولدت الحداثة تاريخياً من التفاعل والتصادم بين موقفين أو عقليتين في مناخ من تغير الحياة ونشأة ظروف وأوضاع جديدة ، ومن هنا وُصف عدد من مؤسسي الحداثة الشعرية بالخروج ) .
وأدونيس هذا الذي نقلنا عنه محاولة إيجاد جذور لهم في التاريخ الإسلامي ، يعتبر المنظر الفكري للحداثيين العرب وكتابه (الثابت والمتحول) هو إنجيل الحداثيين كما يقول محمد المليباري ،ومهما حاول الحداثيون أن ينفوا ذلك فإن جميع إنتاجهم يشهد بأنهم أبناؤه الأوفياء لفكره .
وحين يتحدث أدونيس عن أبي نواس وعمر بن أبي ربيعة ، وعن سبب إعجاب الحداثيين بشعرهما ، يقول : إن الانتهاك - أي تدنيس المقدسات - هو ما يجذبنا في شعرهما ، والعلة في هذا الجذب ، إننا لاشعورياً نحارب كل ما يحول دون تفتح الإنسان ، فالإنسان من هذه الزاوية ثوري بالفطرة ، الإنسان حيوان ثوري .
انظر الثابت والمتحول ج1 ص 216.
بل إنهم يعتبرون رموز الإلحاد والزندقة ، أهل الإبداع والتجاوز ، وأهل المعاناة في سبيل حرية الفكر والتجاوز للسائد ، وألفوا في مدحهم القصائد والمسرحيات والمؤلفات ، كما فعل صلاح عبدالصبور مع الحلاج ، الذي اعتبره شهيد الحرية ، وضحية الظلم والطغيان والرجعية .
تقول الكاتبة الفاضلة سهيلة زين العابدين في الندوة 8424 في ص 7 : الحداثة في شعرنا العربي المعاصر نجدها -للأسف الشديد - قد حققت ما هدفت إليه الماسونية وبروتوكولات صهيون ، إذ نجدها في مراحلها المختلفة حققت بالتدريج هذه الأهداف ، إلى أن حققتها جميعها في مرحلتها الأدونيسية ، فالحداثة مرت بالمراحل التالية :
1) المرحلة الأولى :
وبدأت سنة 1932م ، نشأت جماعة أبولو التي دعا إلى تكوينها الدكتور أحمد زكي أبو شادي ، ورأينا من خلال حديثنا عن هذه الجماعة ، كيف أنها تبنت مذهب الفن للفن ، وهو مذهب علماني ، يهدف إقصاء الدين وإبعاده عن كل جوانب الحياة ، تمهيداً لتقويضه والقضاء عليه . واعتناق جماعة أبولو لهذا المذهب جعل السريالية والرمزية والواقعية تتسرب إلى شعرهم .
2) المرحلة الثانية :
وهي المرحلة اللاأخلاقية ، والتي ظهرت في شعر نزار قباني ....... وفيه تمرد على التاريخ ، ودعوة إلى الأدب المكشوف .
3) المرحلة الثالثة :
التي بدأت سنة 1947م عندما نشرت أول قصيدة كتبت بالشعر الحر لنازك الملائكة ، ويمثل هذه المرحلة البياتي ، وصلاح عبدالصبور ، والسياب .
4) المرحلة الرابعة :
ويحتلها أدونيس ، وهذه المرحلة من أخطر مراحل الحداثة ، ودعا فيها أدونيس إلى نبذ التراث ، وكل ما له صلة بالماضي ، ودعا إلى الثورة على كل شيء ، وهو في هذا يدعي أنه من دعاة الإبداع والابتكار مع أن ما يردده ليس بجديد ، فهذه دعوة الماركسية والصهيونية ألبسها لباس ثورته التجديدية لتحقيق الإبداع الذي يدعيه ) .
أيها القارىء هذه هي جذور الحداثة التاريخية والمياه العفنة التي سقت بذرتها الخبيثة فخرجت ثمرتها مراً لا يساغ ولا يستساغ .

الغموض في أدب الحداثة والغاية منه .

إن أول ما يصدم القارىء لأدب الحداثة هو تلفعه بعباءة الغموض ، وتدثره بشعار التعتيم والضباب ، حتى أن القارىء يفقد الرؤية ولا يعلم أين هو متجه ، وماذا يقرأ : أجد أم هزل ، حق أم باطل ، بل يقطع أحياناً بأن ما يقرأه ليس له صلة بلغة العرب . إن من يقرأ أدب الحداثة يقع في حيرة من أمره لمن يكتب هؤلاء ، وماذا يريدون ؟!
يقول رمزهم المبدع - كما يسمونه - عبدالله الصيخان في قصيدة حداثية نشرت في مجلة اليمامة عدد896
( قفوا نترجل ، أو قفوا نتهيأ للموت شاهدة القبر ما بيننا يا غبار ويا فرس ...... يا سيوف ويا ساح يا دم يا خيانات ........ خاصرة الحرب يشملها ثوبها ..... كان متسخاً مثل حديث الذي يتدثر بالخوص ، كي لا يرى الناس سوأته ، كنت أحدثكم ، للحديث تفاصيله فاسمعوني ، فقد جئت أسألكم عن رمال وبحر وغيم وسلسلة زبرجد ) وفي اليمامة أيضاً في العدد 901 يقول زاهر الجيزاني :
( وحدي بهذا القبو أعثر في حطام الضوء في كسر المرايا ، ويداي مطفأتان ، ويداي موحشتان ، ويداي ترسم بالرماد فراشة ، ويداي تأخذني ، وأسأل من أكون سبعاً بهذا القبو أورثناه حكمتنا ، وأورثنا الجنون )
ولنقدم لك نموذجاً آخر من هذا الإبداع المصدع للرؤوس إليك بعض ما قاله هاشم الجحدلي في عكاظ العدد 7524 تحت عنوان ( مريم وذاكرة البحر والآخرون )
( ارتق وجه السماء المغطاة بالعشب
أدون ما يشدو البحر به
هو الليل يأتي لنا حاملاً شمسه
هو الموت يبدأ من أحرف الجر حتى السواد
وينسل طيف الأ رانب بين المفاصل والأمكنة
يضيء الغدير المعبأ بالخيل والليل والكائنات الكئيبة
وللنهر بيض يفقس بعد المساء الأخير
وللخوف وجه الذي يشتهيه الشجر )
إن هذه الأمثلة التي سقتها لك غيض من فيض مما تزخر به الملاحق الأدبية في صحفنا ومجلاتنا ، وما يلقى في أمسياتنا و نوادينا الأدبية وينشر في مطبوعاتنا .
يقول سعيد السريحي في كتابه ( الكتابة خارج الأقواس ) صفحة 17 : إن ظاهرة الغموض التي من شأنها أن تعد السمة الأولى للقصيدة الجديدة ، نتيجة حتمية أفضت إليها سلسلة من التطورات التي طرأت على العلاقة المتوترة بين الشاعر المبدع والقارىء المتلقي .
ويقول في صفحة 31 من الكتاب : ومن هنا أصبح من الصعب علينا أن نتفهم القصيدة الجديدة ، بعد أن تخلت عن أن يكون لها غرض ما ، وأصبحت اللغة فيها لا تشير أو تحيل إلى معنى محدد ، وإنما هي توحي بالمعنى إيحاء ، بحيث لا تنتهي القصيدة عند انتهاء الشاعر من كتابتها ، وإنما تظل تنمو في نفس كل قارىء من قرائها ، حتى يوشك أن يصبح لها من المعاني بعدد ما لها من القراء .
وتصل صراحة السريحي مداها في المطالبة بإلغاء اللغة حين يقول في صفحة 29 من الكتاب :
ومن هنا فإن علينا أن ندرك أن أول خطوة نخطوها نحو العالم المغلق للقصيدة الجديدة ، هو أن نبرأ من هذا التصور اللغوي القديم ، بحيث يكون وقوفنا أمام الشعر وقوفاً أمام لغة الشعر نفسها .
إذاً فهم يسعون ، من خلال الغموض ، إلى إنشاء وإيجاد واقع فكري جديد ، منفصل ومقطوع عن واقع الأمة الفكري ، وماضيها العلمي والعقلي والأدبي ، في الشكل والمضمون ،بالإضافة إلى أن غموضهم فيه من الرموز الوثنية والإشارات الإلحادية ما يفك طلاسم تلك الرموز أمام الباحث ، ويحدد له وجهة أهلها و غايتهم في الحياة .

الحداثة منهج فكري يسعى لتغيير الحياة .

إن الوسائل لها أحكام الغايات ، ولا يمكن أن يتوصل لغاية شريفة بوسيلة دنيئة ، ولذلك لا يمكن في الإسلام أن ننظر للنص الأدبي من الناحية الفنية الجمالية فقط بعيداً عن مضامينه وأفكاره ، ولا يغتفر للإنسان من ذلك إلا ما كان خطأ غير مقصود ، أو نسياناً ، أو كان صادراً من نائم أو مجنون ، وما عدا ذلك فإن الإنسان مؤاخذ بما يفعل ويقول على الأقل في الدنيا ، وأمره في الآخرة إلى الله ، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ، إلا من مات على الكفر فهو خالد في عذاب جهنم .
قدمت بهذه الكلمات لكي يعلم ما هو المعيار الذي نقيس به أفعال وأقوال الناس ، وعلى هذا الأساس سيكون حديثنا عن المنهج الفكري للحداثيين لدينا ، حتى وإن أبوا أن يكون الإسلام الحكم بيننا ، أو فسروه بما يروق لهم مما يتفق مع أفكار أساتذتهم .
وسأعرض في هذا المبحث لأمرين :
الأمر الأول :
دعوى أهل الحداثة أن الأدب يجب أن ينظر إليه من الناحية الشكلية والفنية فقط ، بغض النظر عما يدعو إليه ذلك الأدب من أفكار ، وينادي به من مبادىء وعقائد وأخلاق ، فما دام النص الأدبي عندهم جميلاً من الناحية الفنية ، فلا يضير أن يدعو للإلحاد أو الزنى أو اللواط أو الخمريات ، أو غير ذلك .
وسنرى بعون الله أن هذه المقولة مرفوضة شرعاً وعقلاً ، وأنها وسيلة لحرب الدين والأخلاق ، يتستر وراءها من لا خلاق له ، وسنرى أن أذواقهم الأدبية فاسدة مفسدة ، حتى لو سلمنا بمقولتهم تلك . وأنهم يرفضون من النصوص ما كان جميلاً ، ويشيدون بما كان غامضاً سقيماً .
أما الأمر الثاني :
فهو أن هذه الدعوى السابقة التي يدعيها الحداثيون ، وهي عدم اهتمامهم بمضمون الأدب ، ليست صحيحة ، بل إنهم أصحاب فكر تغييري ، يسعى لتغيير الحياة وفق أسس محددة ومناهج منضبطة ، وموقفها من الإسلام محدد سلفاً .

فأما الأمر الأول :
وهو ما يسمونه ! الأدب للأدب والفن للفن . فيقول عبد الله الغذامي في كتابه ( الخطيئة والتكفير ) صفحة 10 :
وهذا كله فعالية لغوية ، تركز كل التركيز على اللغة ، وما فيها من طاقة لفظية ، ولا شأن للمعنى هنا ، لأن المعنى هو قطب الدلالة النفعية ، وهذا شيء انحرفت عنه الرسالة ، وعزفت عنه ، ولذلك فإنه لابد من عزل المعنى ، وإبعاده عن تلقي النص الأدبي ، أو مناقشة حركة الإبداع الأدبي . انتهى
وهكذا بكل بساطة يقررالغذامي أن المسلم عند مناقشته وتقويمه للنصوص الأدبية من نثر وشعر ، يجب أن يطرح جانباً النظر في المعاني ، أي أن ينسلخ من عقيدته ودينه وفكره ، ولا يكون لها أي دور فيما يعرض أمامه من أدب ، ولولا أن خدع شبابنا بهذه المقولات الغافلة أو المتغافلة ، لما أصبح الشيوعيون أئمة للفكر والأدب يشاد بهم في صحافتنا .
ويقول عبدالله الغذامي في مقابلة أجرتها معه صحيفة الشرق الأوسط في 10/3/1987 الصفحة 13 : يجب أن نفصل الآن بين الأيديولوجية والممارسة النقدية . انتهى
وباح في نفس المقابلة حين قال : الذي نعرفه نحن أن من طبيعة الإبداع ، التمرد على كل ما هو سابق من قبل ، فكيف بي أفرض سائداً سابقاً على نص متمرد ، وهذا السابق يشمل الأيديولوجية ، ويشمل الفلسفة ، ويشمل المبدأ المقرر سلفاً . انتهى
هكذا انقلب الغذامي داعياً إلى أن يكون الأدب تمرداً على كل عقيدة ومبدأ وفلسفة ، مما هو سائد سابق على النص .
وهل لدينا من مبدأ أو عقيدة سائدة قبل النص غير الإسلام . أما ماهي المعايير الفنية واللفظية النصية ، التي ينادون بمحاكمة النصوص إليها ، بعيداً عن العقائد والمبادىء ، فلا أعلم أي معايير يقصدون ، بعد أن نادوا بتحطيم اللغة ، وجعلوا تحطيم دلالاتها وتغيير قواعدها والقضاء على معانيها ، شرطاً أساسياً لكل عمل إبداعي لديهم .

أما الأمر الثاني :
وهو إثبات أن الحداثة منهج فكري ، ذو نظرة محددة للكون والحياة والإنسان ، وعلاقتها ببعضها وبدايتها وغايتها ونهايتها ، وأنه يتخفى تحت مسميات الأدب الجديد والحداثة في الأدب . فهذا ما سنتحدث عنه في السطور عنه في هذه السطور .
نشرت مجلة اليمامة العدد 901 صفحة 62 :قول أحد الكتاب الحداثيين :
ينبغي أن نخلع جبة الأصول و قلنسوة الوعظ ؛لنترك للشاعر حرية مساءلة التجربة ونقض الماضي وتجاوزه ،ولنترك لأنفسنا فسحة لنصغي لتجربته الجديدة ، وما تقترحه من أسئلة ، ليس هذا من حق الشاعر فحسب ، ولكنه حق حياتنا المعاصرة علينا .
وفي أمسية شعرية نشرت تفاصيلها في مجلة الشرق العدد369 ، تبدى كثير مما كان يخفيه الحداثيون ، فمثلاً يقول السريحي في تلك الأمسية : للحداثة مفهوم شمولي ، هو أوسع مما منح لنا وارتضينا لأنفسنا ، ذلك أن الحداثة نظرة للعالم أوسع من أن تؤطر بقالب للشعر . وآخر للقصة وثالث للنقد ، إنها النظرة التي تمسك الحياة من كتفيها ، تهزها هزاً ، وتمنحها هذا البعد الجديد .
ومثل قول السريحي يقول أحمد عائل فقيه في عكاظ العدد 7371 الصفحة 10 : إننا في مجمل الأحوال ، نسير في اتجاه معاكس لما هو سائد ومكرس في بنية المجتمع ، وذلك هو المأزق الثقافي الشائك الذي لا تدري كيف يمكن بالكاد تجاوزه وتخطيه ، أنت في كل هذا ............ تصطدم مرة أخرى بجملة حقائق ومسلمات اجتماعية ثابتة راسخة رسوخ الجبال الرواسي في أذهان الناس ، ألا بديل لما هو سائد ومكرس أيضاً ، إذاً كيف يمكنك تمرير ما تحلم به ، وما نود أن تقوله علناً .
إنها حقائق خطيرة تتجلى لنا في كتابة الحداثي أحمد عائل ، لابد أن يعيها كل مسلم غيور على دينه وبلاده رافضاً لما يخطط الأعداء لها من محاولات إفساد وتدمير ، ومن هذه الحقائق :
1ــ أن الحداثيين يسيرون في خط معاكس ومغاير ومناقض لما في مجتمعنا من مثل إسلامية وقيم إيمانية .
2 ــ أنهم في حيرة من أمرهم ، كيف يمكنهم تغيير هذه القيم الأساسية في المجتمع وتجاوزها وتخطيها ، إلى ما يريدونه من قيم أخرى .
3 ــ أنهم لا يسعون لتجاوز بعض الأمور الهامشية ، بل إنها حقائق ومسلمات لدى المجتمع المسلم راسخة عنده رسوخ الرواسي ، ولا يرضى بها بديلاً .
4 ــ و أخيراً فإن للحداثيين أحلاماً وتطلعات ، إلى أن يأتي اليوم الذي ينادون فيه بكل أفكارهم علناً وصراحة ،بعيداً عن الغموض الذي يتلفعون به الآن في الجملة .

بعض مواقف الحداثيين لدينا من الإسلام وقيمه .

بعد أن تأكد لدينا من خلال ما تقدم ، أن الحداثة منهج فكري متميز يسعى لتغيير واقع الحياة ؛ ليتفق مع ما يطرحه ذلك الفكر من مفاهيم وأساليب للحياة ، فإن ما يهمنا نحن المسلمين هو معرفة موقف هؤلاء الحداثيين من الإسلام ، باعتباره ديننا ونظام حياتنا ، ومنهجنا الذي نعتز به في هذا الوجود ، ففي أقوالهم وكتاباتهم من الحرب لدين الله الكثير، وهذه الحرب لها مظاهر شتى منها : الاستهزاء بالإسلام كدين ، ومنها النيل من رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو كتابه الكريم ، أو الحط من التاريخ الإسلامي ، أو نشر الرذيلة وسوء الأخلاق مما يتنافى مع ديننا ، أو الترويج لبعض الأفكار التي يؤدي الأخذ بها إلى ضياع أمتنا ، وإهدار تميزها وتفردها الذي كرمها الله به .
ولذلك أمثلة كثيرة منها قصيدة حداثية لمحمد جبر الحربي ، وهذه القصيدة ألقيت في مهرجان المربد بالعراق بعنوان ( المفردات ) ، ثم نشرت في اليمامة في العدد 887 ، وهذه القصيدة مليئة بالثورة والتبرم من كل شيء . وفيها غمز ولمز في حق النبي صلى الله عليه وسلم وفي القرآن :
قلت لا ليل في الليل لاصبح في الصبح
منهمر من سفوح الجحيم
وقعت صريع جحيم الذرى
سالك جسد الوقت معتمر بالنبوءة والمفردات المياه ...........
................. أيها الغضب المستتب اشتعل
شاغل خطوة البال منحرف للسؤال
أقول كما قال جدي الذي ما انتهى
رأيت المدينة قانية
أحمر كان وقت النبوءة
منسكباً أحمر كان أشعلتها .
أما مواطن الغمز واللمز في هذه القصيدة فمنها قوله :
أرضنا البيد غارقة
طوف الليل أرجاءها
وكساها بعسجده الهاشمي فدانت لعاداته معبدا .
إنني أتحدى الحربي أن يخرج لنا هاشمياً يمكن أن يقال إن عاداته أصبحت عبادة للناس غير محمد صلى الله عليه وسلم .
ثم يقول داعياً إلى الثورة والتمرد على كل شيء ، ومستهزئاً بالقرآن وتعاليمه :
بعض طفل نبي على شفتي ويدي بعض طفل
من حدود القبيلة ، حتى حدود الدخيلة ، حتى حدود القتيلة ، حتى الفضاء المشاع
من رجال الجوازات ، حتى رجال الجمارك ، حتى النخاع يهجم الخوف أنى ارتحلنا و أنى حللنا وأنى رسمنا منازلنا في الهواء البديل ، وفي فجوات النزاع باسمنا باسم رمح الخلافة باسم الدروع المتاع اخرجوا فالشوارع غارقة ، والملوحة في لقمة العيش ، في الماء ، في شفة الطفل ، في نظرة المرأة السلعة الأفق متسع والنساء سواسية منذ تبت وحتى ظهور القناع ، تشترى لتباع وتباع وثانية تشترى لتباع .
وما يهمني أن أقوله هنا هو التنبيه إلى إفكه الذي افتراه بأن النساء كلهن أصبحن سلعاً تشترى وتباع منذ تبت ، وهذا لا شك إشارة إلى نزول القرآن ، وخاصة سورة المسد ، التي تحدثت عن امرأة أبي لهب المشركة التي يرى الشاعر الحداثي ، أن حديث هذه السورة الكريمة عن تلك المرأة ، امتهان لكرامة المرأة ، وتحويل لها إلى سلعة تشترى وتباع .
أما السبب الثاني الذي حوّل المرأة في نظره إلى سلعة فهو ظهور القناع ، وهذا إشارة واضحة للحجاب الذي أمر الله به المؤمنات .

بعض رموز الحداثة العربية وارتباط الحداثة المحلية بهم .

إن الولاء والبراء من أهم المؤشرات على اتجاه الشخص ، وإن الأفكار والأقوال تبقى مجرد نظريات حتى يصدقها أو يكذبها الواقع العملي .
ونحن في هذا المبحث سنرى من هم الرموز والقدوة والأسوة لدى الحداثيين ، ونحاول أن نذكر بعض جوانب اهتمام الحداثيين لدينا بتلك الرموز ، ونشير إلى التوجهات الفكرية لتلك الرموز ؛ لنرى إلى أي اتجاه يريد أهل الحداثة أن يبحروا بسفينة هذه البلاد ، وغالبية هذه الرموز من أصحاب التوجه اليساري الملحد ، ومرة أخرى أوضح أنني لن أحصر كل ما كتبته صحافتنا عنهم حتى ولو في شهر لكنني أشير إشارة تدل على ما وراءها.
وسأورد هنا بعض الأمثلة التي تؤكد ما أقول ، وقد اتخذت هذه الإشارة والثناء والتبجيل صوراً شتى ، فمن استكتابهم ، إلى نشر أخبار إنتاجهم ، إلى نشر الدراسات عنهم ، وفرضهم على القارىء ، وإليك الأمثلة :

المثال الأول : عبدالعزيز المقالح .
يقول أحمد عائل فقيه في زاوية صباح الرمل في جريدة عكاظ العدد 7378 تحت عنوان ( المقالح يضيء البدايات الجنوبية ) ، وضمن كلام طويل :
ومؤلف هذا الكتاب الدكتور عبدالعزيز المقالح حامل صخرة الثقافة هماً وموقفاً وإبداعاً ، والذي يملك قامة مضيئة على ساحة الحرف عربياً ..... إن المقالح وهو يقدم هذا الكتاب يؤكد مرة أخرى عمق التناول النقدي وعمق الطرح الثقافي والإبداعي عبر هذا التناول من خلال أصوات شعرية شابة تحاول أن تضيء بحرفها حلكة هذا الليل الطويل ....... تحية للمقالح شاعراً أو ناقداً .
وفي اليمامة العدد 897 صفحة 56 ، يقول عبدالله الزيد ( إلى رمزنا الثقافي الجميل د/ عبدالعزيز المقالح ).
عبدالعزيز المقالح هذا الذي يعتبره الزيد رمزاً ثقافياً لشباب الإسلام ، هو صاحب الفكر اليساري الذي يقول في ديوانه صفحة 139 ، طبع دار العودة ببيروت ، تحت عنوان ( قبلة إلى بكين ) :
متى أمر تحت قوس النصر في ساحتك الحمراء ... أرسم قبلة على الجبين جبينك الأخضر يا بكين أطلق باسم اليمن الخضراء حمامة بيضاء ، متى أسير لو أمتار في الدرب حيث سارت رحلة النهار ، رحلة ماو والرجال الأنصار ورحلة كل الطيبين متى متى .

المثال الثاني : عبدالوهاب البياتي .

نشرت اليمامة في العدد 879 وفي صفحة 53 الإعلان الآتي عن ديوان للبياتي :
( حب تحت المطر ديوان شعر صدر مؤخراً للمبدع الكبير الأستاذ عبدالوهاب ....... والديوان حركة بياتية خارجة عن المألوف شكلاً ، ومحتوى ، فلقد جاء بلا مقدمة وبلا إهداء وبلا فهرس ، أما المحتوى فماذا نقول الآن وقد قيل في البياتي أشياء كثيرة تدعو إلى الاعتزاز بموهبته وعطائه ، كما أنها تستحث الغيرة والحسد في نفوس أقرانه ومنافسيه وهذا ما يظل يعاني منه البياتي ...... الديوان جاءنا هدية من مدريد ، حيث طبع وحيث يقيم الشاعر )
يقول البياتي في ديوانه ( كلمات لا تموت ) صفحة 526 ونعوذ بالله مما قال :
( الله في مدينتي يبيعه اليهود
الله في مدينتي مشرد طريد
أراده الغزاة أن يكون
لهم أجيراً شاعراً قواد
يخدع في قيثاره المذهب العباد
لكنه أصيب بالجنون
لأنه أراد أن يصون زنابق الحقول من جرادهم
أراد أن يكون )
تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً .
المثال الثالث : محمود درويش .

نشرت جريدة اليوم العدد 4762 في الصفحة 12تحت عنوان ( الرؤية وسيطرة الوجدان المثالي )
لم يكن أحد حتى بداية السبعينات ، يستطيع أن يفسر فحوى هذه الغنائية الجارحة التي أبدعها محمود درويش ، والذي خرج من رحمها عدد كبير من الشعراء العرب ...... ، وقد كان درويش - وما زال - واحداً من أعظم الشعراء العرب ، إن لم يكن أعظمهم على الإطلاق ولذلك ليس غريباً أن يمتد تأثيره إلى أغلب الشعراء العرب الشباب ، وتكاد لا تخلو التجارب الأولية للشعراء العرب في جيلنا هذا من أثر لمحمود درويش .
ومحمود درويش هذا هو الذي يقول في صفحة 32 من ديوانه ( المحاولة رقم 7 ) :
كل قاض كان جزاراً تدرج في النبوءة والخطيئة ، واختلفنا حين صار الكل في جزء ...... ومدينة البترول تحجز مقعداً في جنة الرحمن ..... فدعوا دمي حبر التفاهم بين أشياء الطبيعة والإله ، ودعوا دمي لغة التخاطب بين أسوار المدينة والغزاة ، دمي بريد الأنبياء .
ويقول رجاء النقاش في كتابه ( محمود درويش شاعر الأرض المحتلة ) في صفحة 113 من الكتاب :
وقد عمل محمود درويش في جريدة الاتحاد ، ومجلة الجديد ، وهما من صحف الحزب الشيوعي في إسرائيل .

المثال الرابع : أدونيس .

من الشعراء الذين تثني عليهم مجلاتنا وصحفنا وتقدمهم على أنهم من كبار المبدعين (
أدونيس ) وهو شاعر نصيري كان اسمه علي أحمد سعيد ، ثم ترك النصيرية واعتنق الشيوعية ، وتسمى باسم أحد أصنام الفينيقيين ( أدونيس ) ، وهذا الملحد يقدم في صحافتنا على أنه من كبار الأدباء و الشعراء ، لم نسمع ولم نقرأ حرفاً واحداً يحذر من فكره وكفره ، بل تنشر صوره وغليونه في فمه وتحته عبارات الإطراء والمدح ، ففي اليمامة العدد 911 وفي صفحة 81 من مقالة ( للأنهار منابعها ولها أيضاً مصبات ) وردت العبارة التالية :
نقرأ لأدونيس بعض أعماله فنشعر بنشوة ما بعدها نشوة ، ونكاد نقول شكراً أدونيس ، رسالتك وصلت .
يقول أدونيس في كتابه ( مقدمة للشعر العربي ) الذي حاول فيه أن يثبت جذوراً لفكره المنحل في شيء من التاريخ ، يقول في صفحة 131 ، حين يتحدث عن قيمة الشعر الجديد ، مبيناً صلتها بالفكر الصوفي القائل بوحدة الوجود ما نصه : تجاوز الواقع أو ما يمكن أن نسميه اللاعقلانية ، واللاعقلانية تعني الثورة على قوانين المعرفة العقلية ، وعلى المنطق ، وعلى الشريعة من حيث هي أحكام تقليدية تعنى بالظاهر ....... هذه الثورة تعنى بالمقابل بالتوكيد على الباطن ، أي على الحقيقة مقابل الشريعة .
وتعني الخلاص من المقدس والمحرم ، وإباحة كل شيء للحرية ، الله في التصور الإسلامي التقليدي نقطة ثابتة متعالية منفصلة عن الإنسان ، التصوف ذوب ثبات الألوهية ، جعله حركة في النفس ، في أغوارها ، أزال الحاجز بينه وبين الإنسان ، وبهذا المعنى قتله ، أي الله ، وأعطى للإنسان طاقاته ، المتصوف يحيا في سكر يسكر بدوره العالم ، وهذا السكر نابع من قدرته الكامنة على أن يكون هو الله واحداً ، صارت المعجزة تتحرك بين يديه .

المثال الخامس : صلاح عبدالصبور .

نشرت جريدة الرياض العدد 6652 صفحة كاملة عن ( الرؤية الإبداعية في شعر صلاح عبدالصبور ) :
صلاح عبدالصبور يمثل الريادة الحقيقية لثورة التجديد في الشعر العربي المعاصر ، وهي ريادة لم تنشأ من فراغ ، وإنما كانت معطيات حياة وثقافة ، وفكر صلاح عبدالصبور تؤهله للقيام بهذا الدور الذي لا يقتصر على مصر ، وإنما يمتد فيشمل الساحة الشعرية في الوطن العربي . خلف صلاح عبدالصبور ثروة إبداعية ونقدية أثرى بها أدبنا العربي ، وخلف مدرسة ينتظم في أعطافها شعراء المدرسة المجددة في العالم العربي .
يقول صلاح عبدالصبور في ديوانه في صفحة 29 تحت عنوان ( الناس في بلادي ) :
الناس في بلادي جارحون كالصقور ، غناؤهم كرجفة الشتاء في ذؤابة المطر ...... ويقتلون ، يسرقون ، يشربون ..... وطيبون حين يملكون قبضتي نقود ، ومؤمنون بالقدر ........ في لجة الرعب العميق والفراغ والسكون ، ما غاية الإنسان من أتعابه ؟ ما غاية الحياة ؟ أيها الإله ، الشمس مجتلاك ، والملاك مفرق الجبين ، وهذه الجبال الراسيات عرشك المكين ، وأنت نافذ الفضاء أيها الإله ...........
وفي الجحيم دحرجت روح فلان ، يا أيها الإله كم أنت قاس موحش يا أيها الإله ،بالأمس زرت قريتي . قد مات عمي مصطفى ووسدوه في التراب ، لم يبتن القلاع كان كوخه من اللبن ، وسار خلف نعشه القديم من يملكون مثله جلباب كتان قديم ، لم يذكروا الإله أو عزرائيل أو حروف كان فالعام عام جوع ، وعند باب القبر قام صاحبي خليل حفيد عمي مصطفى ، وحين مد للسماء زنده المفتول ماجت على عينيه نظرة احتقار فالعام عام جوع .

أساليب الحداثيين في نشر فكرهم .

إن هذا الوباء الذي انتشر وعم وطم وأصبح يهدد بجرف كل ما عداه ، لم يأت مصادفة أو اتفاقاً ، بل كان نتيجة خطط معدة ، وأساليب متبعة ، ودراسات مستفيضة ، حتى وصل الأمر إلى ما وصل إليه ، والحق يقال ، إن الحداثيين قد بذلوا من الجهد والتضحية والصبر والمعاناة ما يجعل ما حصلوا عليه من ثمار موازياً لما بذلوه ، لقد سبحوا ضد التيار وقاوموا بشدة وجراءة عجيبة ، حتى أوجدوا لهم تياراً خاصاً ، علا هديره على أصوات الآخرين ، لكنه مع ذلك يبقى بإذن الله زبداً يذهب جفاء ، ولا يبقى في الأرض إلا ما ينغع الناس .
ولقد استطعت أن أحصر وسائل وأساليب الحداثيين في تسع وسائل ، وكان ذلك بالتتبع والاستقراء لنشاطهم :
1) السيطرة على الملاحق الأدبية والثقافية في أغلب الصحف ، وتوجيهها لخدمة فكرهم و مناوأة ومحاربة غيرهم .
2)التغلغل في الأندية الأدبية من أجل توجيه نشاطها لخدمة الحداثة و أهدافها .
3) إفراد صفحات لكتابة القراء ، خاصة الشباب ، ومن خلالها يتم اكتشاف أصحاب الميول الحداثية ، وتسلط عليهم الأضواء ، وتدغدغ شهوة حب الظهور والشهرة في نفوسهم ، وتقام الندوات والحلقات الدراسية لأدبهم ، وبهذه الطريقة ظهر كثير من الأسماء الحداثية .
4) نشر الإرهاب الفكري ضد مخالفيهم ، واتهامهم بشتى التهم والنعوت ، والتأكيد على أنهم لايعقلون ولا يعلمون ، وأنهم مجرد دمى محنطة يجب أن تبعد من الطريق ولا تستحق أن يكون لها مكان في عالم الفكر والثقافة والأدب ، في مقابل الإشادة بفكرهم بصورة مثيرة تجعل الفرد ينقاد لهم ، ويقول هم أهل الساحة ، ولا مناص من الدخول في ركابهم .
5) إقامة الندوات والأمسيات الشعرية والقصصية والنقدية والمسرحية في طول البلاد وعرضها ، بنشاط وافر ودأب متصل ، حتى أصبحنا لا يمر أسبوع ، إلا ونقرأ الأخبار عن نشاط حداثي في إحدى المناطق ، بل وصل نشاطهم إلى جزيرة فرسان في جنوب البحر الأحمر أكثر من مرة .
6) الدفع برموزهم للمشاركة في المهرجانات الدولية ، مثل : مهرجان جرش بالأردن ، والمربد بالعراق ، وأصيلة بالمغرب .
7) استكتاب رموزهم الفكرية من خارج البلاد ، واستقدامهم للمشاركة في الأمسيات ، وإلقاء المحاضرات وإجراء المقابلات معهم .
8) لقد انتهج الحداثيون أسلوباً غاية في الخبث للتغرير بالشباب الواقع تحت ضغط الهجوم الضاري من أعداء الأمة في شتى الميادين ،فامتصوا نقمة الشباب تلك حين قدحوا في أذهان الشباب أن أدبهم وفكرهم هو المنقذ من تلك المآسي ، والآخذ بأيدي الشباب إلى بر الأمان ، أما أصحاب الفكر التقليدي كما يسمونهم فإنهم ليسوا أكثر في نظرهم من رموز للتخلف وتكريس للواقع الذي يسعى الحداثيون لتغييره بكل ما يملكون من قوة .
9) المرحلية في الإعلان عن أفكارهم ، فهم يبدأون بما لا يثير الناس عليهم ، فمثلاً بدأوا فقالوا : إن أوزان الشعر العربي ليست وحياً منزلاً ، بل هي من إبداع البشر ويجوز لنا أن نخالفها ، ثم تجاوزوا ذلك وقالوا : إن النحو والأساليب العربية القديمة ليس لها قدسية تعاليم الدين حتى لا نغير فيها ولا نبدل، ثم خرجوا فقالوا : إننا أصحاب فكر جديد ، والمرحلة القادمة هي الإعلان عن ملامح ذلك الفكر والله أعلم .
وهم يبتعدون عن الصدام مع المشهورين ، لكنهم يعزلونهم عن الساحة وقد يستغلونهم أحياناً .
ومن خططهم أن ينشروا أفكارهم بعيداً عن مسمياتهم الحقيقية حتى لا ينفر الناس منها .

مما قيل في الحداثة .

لقد اكتفيت في المباحث السابقة عن الحداثة بكتابات الحداثيين أنفسهم وفي الداخل فقط لا أتجاوزهم إلا للضرورة عند الحديث عن شخص كان له دور في ما ينشر عندنا من فكر الحداثة ، وكان استشهادي بكلام غيري ممن وقفوا في وجه الحداثة قليل جداً ؛ لذلك رأيت أن أجمع هنا بعض تلك الأقوال بدون تعليق عليها .
نشرت المجلة العربية العدد 115 الصفحة 71 مقابلة مع الكاتب عبدالله الجفري ، وعندما سئل عن الحداثة كان مما أجاب به أن قال :
( لقد جاء التعبير من قبل كوماندوز دخلوا إلى الساحة العربية برشاشات كلامية وأطلقوا النار بعنف وبحقد وفي كل اتجاه ليصيبوا التراث والكلاسيكية وكل ما هو قديم أو تقليدي حسب تعبيرهم .... الثورة على كل قديم وتراثي أو تقليدي ، ومحاولة نسف القواعد .... كما قلت لك ، فالجميع ليس ضد التجديد ولكننا ضد الانسلاخ ، ولسنا ضد الإبداع ولكننا ضد التهويم والقشور ، وضد التجني على التراث وعلى الدين ، ولعلها المشكلة الأخرى والأهم هذه التي لا يظهرها الحداثيون علناً ، ولكن يروجون لها بالرمز وبطرح غير مباشر للنيل من القاعدة الدينية الراسخة .... إذن فإن هذا المصطلح أكثر من دعوة مبطنة إلى تخريب اللغة والعبث بالتراث والاعتداء على الدين والقيم باسم التحديث والتجديد ) .
وفي ملحق الندوة الأدبي الصادر في 21\8\1407هـ، الصفحة السابعة ، تعليق للمفرجي على عودة عبدالله سلمان وتوبته من ضلالة الحداثة وعنوان هذا التعليق : اعترافات العائد من مرحلة الشك .
( إن الحداثة مولود غير طبيعي وإنه ولد مشوهاً ، وإنها موجة فاسدة امتطاها البعض لسهولة ركوب هذه الموجة بلا ضوابط ولا روابط وتحلل من القيم والمبادىء واتجاه خطير وأيديولوجيات يرفضها كل غيور على دينه وأمته ) .
وفي الندوة أيضاً العدد 8472 الصفحة 6 كتبت الكاتبة الفاضلة سهيلة زين العابدين كتابة رائعة نقتطف منها قولها :
( إن من أهم ما ينبغي أن يدركه الدكتور الغذامي وتلامذته الحداثيون أن الشكل العام للقصيدة الحداثية ليس هو جوهر اعتراضنا على الحداثة ، إذ ينصب اعتراضنا عليها لاعتناقها المذاهب المادية الملحدة ومحاولاتها للعودة بالفكر العربي إلى الجاهلية الوثنية وإشاعة الشعوبية والدعوات المنحرفة لتخلخل العقيدة الإسلامية ) .