المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استاذ الكرسي


منى
05-02-2010, 08:42 AM
أستاذ الكرسي.. من ألف سنة!


من الألقاب الجامعية المعاصرة أن نقول: أستاذ

كرسي كذا.. أي الأستاذ الذي هو أكبر من بقية

الأساتذة.. ويكون للكرسي اسم، فيقال كرسي طه

حسين أو عبد الرحمن بدوي، ويظل هذا الاسم

مدى الحياة، ويتناوب عليه الأساتذة.


وليس هذا جديدا. فقد عرف العرب من ألف سنة

هذا التقليد، فيكون الكرسي العالي لكبار العلماء أو

الفقهاء.. فيقال كرسي النحو أو الفقه أو التفسير

لفلان الفلاني.. ويقال رواق. رواق العالم الفلاني..

ويقال عمود.. أي العمود الذي يجلس عنده الأستاذ

ويلتف حوله الطلبة.. كل ذلك كان معروفا عند العرب

في المساجد في القرون الوسطي. وأستاذ

الكرسي يتم اختياره من قبل الخليفة أو السلطان

ويبقى العمر كله..

وكان بعض العلماء يفضلون أن يجلسوا وسط

التلاميذ. في منتصف الحلقة. وتكون الحلقة

بأسمائهم.. وتروى النوادر عن هؤلاء العلماء. فيقال

مثلا إذا كانت حلقات سقراط على الواقف، وحلقات

أرسطو مشيا سريعا وراءه، فإن الفقهاء العرب كانوا

يجلسون أرضا ويتناقشون. ويقال عن الإمام أبو

حنيفة إنه كان يجلس ويلتف حوله المتزاحمون على

طلب علمه. وكان يسألهم واحدا واحدا.. وقد أحس

أبو حنيفة أن إحدى ساقيه قد وجعته بسبب

استناده إليها، ووجد حرجا في أن يمدها في وجه

أحد تلامذته الذي لم يسأل سؤالا واحدا.. وكلما

نظر أبو حنيفة إلى هذا الصامت تردد في أن يسأله.

والتلميذ قد تجهم واتخذ موقفا جادا. ولكن أبو حنيفة

قال له ما قاله سقراط لأحد تلامذته: تكلم حتى أراك!!

وتكلم التلميذ بعد صمت طويل فسأل سؤالا سخيفا

مشوش العقل.. هنا قال أبو حنيفة: آن لأبي حنيفة

أن يمد رجليه! ومد رجليه. فصاحب السؤال كان غبيا

وكان مظهره وقورا، فهو الغباء الوقور، أو الوقار الغبي!

والعرب قد سبقوا أوروبا وجامعاتها في وضع

الكرسي العالي بين التلاميذ. وكان الكرسي يعرف

باسم صاحبه.. وكانوا يكتفون بأن يقولوا إنه

الكرسي.. أي إنه عرش العالم الكبير الفلاني..

فوجب الاحترام العظيم له!

انيس منصور