المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : همسه .. لي ولكم ...


مجاهد الحبلاني
10-12-2009, 01:44 AM
همسه .. لي ولكم


جردوه من ملابسه .. بل من كل شيء .. ثم حملوه الى مكان مظلم .. شدوا وثاقه وحرموه من كل حواسه .. وشعر بأنه موضوع على ما يشبه الهودج في ارتفاعه وحركته ..
وفجأة سمع صوت حبيبته وسطهم .. ولكن !! مالها لا تمنعهم وتوبخهم على فعلتهم بحبيبها ؟؟
مالها لا تمنعهم من أخذه !! أليس هو حبيبها ؟؟ أليس هو زوجها الغالي ؟؟ وأبو عيالها ؟؟
وأين أولاده ؟؟ فلذة كبده !! أليس هم اللذين ضحى بأجمل أيام عمره بل وأفنى عمره كله في كد وتعب من أجلهم .. ومن أجل تأمين لقمة العيش والحياة الكريمة لهم !!! ما بالهم لا ينقذونه من هذا المأزق العصيب ؟؟ ما لهم لا ينقذونه من هذه الظلمة الكئيبة ؟؟
ثم سمع صوت خطوات رتيبه تمشي على الأرض .. على تراب خشن ..
ونسائم الفجر الباردة تلامس ثيابه البيضاء .. ورغم أنه لا يرى من شدة الظلام الحالك ..
الا أنه تخيل الجو من حوله ضبابياّ .. وتخيل الأرض التي هو فيها الأن أرضاّ خاوية مقفرة ..

أخيراّ توقفت الخطوات دفعة واحده .. وأحس بأنه يوضع على الأرض .. وسمع الى جواره حجارة ترفع وأخرى توضع .. ثم حمل ثانية وشاع السكون من حوله .. وأحس بالظلام ينخر عظامه ..
ومن أعلى تناهى الى مسامعه صوت نشيج .. من ؟؟؟ انها حبيبته .. وسمع الصوت ثانية .. نعم انها حبيبته .. لعلها أتية لانقاذه .. لكن ماذا يسمع انها تناديه بصوت خافت ومنخفض يختلط بالدموع والاّهات والنشيج .. انها تنادي حبيبي .. حبيبي .. الوداع أيها الغالي ...
ومن بين الدموع تحدث هو قائلاّ حبيبتي الغاليه ورفيقة عمري .. يا من قظيت معك أيام حياتي بحلوها ومرها .. أرجوك تماسكي .. أصبري أنما المصائب صبر ساعة ...
وهو لا يسمع الا دعائها .. ثم سمع أناس من حولها يقولون دعوه .. هيا بنا ..
ثم غلبتها الدموع .. وألقت نظرة أخيره على الجسد المسجي على الأرض .. فلم تتمالك نفسها من البكاء وقالت بصوت يقطر ألماّ ولوعة (( لا اله الا الله .. انا لله وانا اليه راجعون )) ..

كان هذا اّخر ما سمعه من حبيبته .. ثم دوى صوت حجر رخام يسقط من أعلى ليسد الفتحة الوحيدة التي كانت مصدر الصوت والنور والحياة ...
وسمع صوت الخطوات تبتعد .. فصرخ الى أين ؟؟ .. أين تتركوني ؟؟ .. كيف تتخلوا عني في هذه الوحدة ؟؟ .. كيف تتركوني في هذه الظلمة ؟؟ .. ولا للأسف بلا جدوى فلا مجيب ..
نظر حوله .. فلم يرى أي شيء .. لم يستطع أن يرى أي شيء في هذه الظلمة المخيفة بل المرعبة .. لم يرى سوى سرداب أسود كله خوف ورعب ورهبة .. أنه لا يكاد يرى حتى يده كأنه مغمض العينين تماماّ ...

سمع صوت الخطوات قد ابتعدت تماماّ .. فسرت رعده في أوصاله .. وحاول النهوض يريد اللحاق بهم .. ولكن يداّ ثقيله وقويه من خلفه أجلسته بعنف ..
حدق فيما خلفه برعب هائل .. فرأى ما لم يراه في كل حياته .. رأى الهول قد تجسد في صورة كائن .. لكن كيف يراه رغم هذه الظلمة الحالكة ؟؟
قال بصوت مرتعش يملئه الخوف والرعب .. من أنت ؟
فسمع صوتاّ عن يمينه يدوي مجلجلاّ .. نحنا جئنا نسألك ...
ألتفت الى مصدر الصوت فاذا بكائن اّخر عن يساره .. فصمت في عجز .. وتمنى في هذه اللحظة أن تبتلعه الأرض ولا يرى هؤلاء القوم .. ولكن تذكر أن الأرض قد ابتلعته فعلاّ ..
تمنى الموت ليهرب .. فحارت أمانيه لأنه ميت أصلاّ ...

وهنا بدأت الأسئلة بكل حزم وقوة من هؤلاء القوم ...
من ربك ؟؟ .. هاااه ... بقوة أكثر .. من ربك ؟؟ .. فأجاب .. ربي .. ما عبدن غير الله طول حياتي ...
ما دينك ؟؟ ... ديني الاسلام ..
من نبيك ؟؟ .. هااااه نبيي .. هاااه .. اعتصر ذاكرته .. ما باله .. نسي أسمه !!! ألم يكن يردده على لسانه دائماّ .. ؟؟ .. ألم يكن يصلي عليه في التشهد خمس مرات في اليوم بصلاته .. ؟؟ ..
تكرر السؤال عليه بصوت غاضب .. من نبيك ؟؟ .. هااااه .. لحظه أرجوك .. لا أستطيع التذكر ..
ثم هنا أرتفعت عصا غليظه وقويه في يد الملك .. وهوت على رأسه بقوة وقسوة .. فصرخ وتشنجت كل أعظائه .. وأحس برأسه ينخلع عن جسده ...
وفجأة أضاء الأسم في عقله .. فصرخ بأعلى صوته .. محمد .. نبيي محمد ..
فقال له الملك المسمى نكير : لقد أنقذتك دعوة كنت ترددها دائماّ في حياتك ..
(( اللهم يا مقلب القلوب .. ثبت قلبي على دينك )) ..
فسرت في بدنه قشعريره .. وحمد الله .. وأراد أن يبتسم من الفرحه .. ولكن لم يستطع .. ليس هاهنا موضع ابتسام ..
فقال في نفسه .. يارب متى تنتهي هذه اللحظات الرهيبة .. بل متى ينتهي هذا الامتحان القاسي ..
قال له الملك المسمى منكر : << أنت كنت تؤخر صلاة الفجر >> ..
هنا اتسعت عيناه .. وكادت تخرج من محجريها .. من شدة الخوف والرعب .. وعرف أنه لا منجى له هذه المره .. لأنه فعلاّ كان يؤخر صلاة الفجر ..

وهنا دفعه الملك أمامه بقوة .. فأراد أن يبكي .. ولم يجد للدموع طريقاّ .. فسار أمام الملك بخطوات متهالكه .. وهو يتسائل مع نفسه ما الذي سوف يحصل له هذه المره ؟؟
فسار في سرداب طويل الى مكان أشبه بالمعتقلات .. وشعر بالغثيان .. وتمنى "أن يغشى عليه من هول ما يرى في هذا المكان الموحش الرهيب .. ففي كل بقعه كان هناك صراخ .. وعويل .. ودماء .. وعظام تتكسر .. وثبور مع الأجساد التي تحترق .. والرؤوس تتفكك .. والجماجم تتحطم .. والجلادين لهم وجوه قاسيه .. لا تعرف الرحمة .. ولا تكترث أو تستجيب للرجاء والبكاء .. ولا يهزها الصراخ والعويل أبداّ ..
(( فتخيل هذا الموقف يا أخي .. ويا أختي أعاذنا الله ونجانا واياكم وكل مسلم منه .. اّمين ... ))

وهنا دفعه الملك فسار أمامه وقدميه لا تقويان على حمله من شدة الخوف والهلع .. واذا به يقترب من رجل مستلقي على ظهره على الأرض .. وفوق رأسه تماماّ يقف ملك من أصحاب الوجوه البارده القاسيه .. ويحمل بيديه حجراّ ظخماّ .. وأمام عينيه يرى المشهد : الملك يلقي بالحجر على رأس الرجل فيتحطم رأسه ويتدحرج منفصلاذ عن جسده .. فصرخ هو من هول المنظر أمامه وذهل ذهولاّ ألجم لسانه ..
ثم سرعان ما يعود الرأس الى الجسد .. ثم يحمل الملك الحجر مرة أخرى ويلقيه على رأس الرجل ليتكرر نفس المنظر ..
وهنا يقول له الملك استلق بجوار هذا الرجل .. فيصرخ .. ماذا .. أنا .. لا أرجوك .. فيشده الملك بقوه ويطرح على الأرض بعنف .. فأراد أن يقاوم ويبكي .. ولكن .. لا فائده .. فمصيره مظلم .. ومظلم لا منجى ولا معين ...
ثم يأتيه الخبر الذي يصعقه .. (( هذا هو عذابك الى يوم القيامة )) ..
<< لا حول ولا قوة الا بالله >> .. أنظر يا أخي ويا أختي .. هذا هو عذاب من يؤخر صلاة الفجر فما بالك بمن يؤخر الصلوات الأخرى .. أو ما هو مصير والعياذ بالله من يقطع الصلاة أو من لا يصلي >> ...
نعود الى مصير صاحبنا .. عندما استلقى بجانب ذلك الرجل .. كاد الرعب يقطع أمعائه .. استغاث بربه لينقذه .. فرأى أن أبواب الدعاء كلها مغلقه .. نعم لقد ولى عهد الاستغاثه والدعاء عند الشدائد .. فتمنى في هذه اللحظات لو أنه يعود للحياة فقط بظع دقائق ليصلي ركعتين يدعو بهما ربه ويتوب اليه عساها تشفع له في هذا الموقف العصيب .. ولكن زمن الأماني قد ولى ...
وتمنى لو أنه في لياليه التي مضت دعا ربه .. أو قرأ بعض اّيات القراّن في تلك الأوقات التي قظاها على شاشات التلفاز يتابع المسلسلات ..
(( فما أحلى أن تقوم في الثلث الأخير من الليل وتصلي ركعتين لله .. تدعو بهما ما تشاء وتناجي ربك .. وتطلبه كل ما تشتهي وتتمنى من حوائج الدنيا والأخرة .. ففي الثلث الأخير من الليل ينزل الله بجلاله الى السماء الدنيا نزولاّ يليق بعظمته سبحانه .. ويقول هل من داعي لأستجيب له .. هل من صاحب حاجة لأقضيها له .. فلا تكن نائم في هذه اللحظات وتحرم نفسك من كل ما تتمناه من ربك الكريم .. الغفور الرحيم )) ..
أما صاحبنا فقد عرف أنه قد أنقطع زمن العمل وهذا وقت الحساب .. وعرف أن زمن الزراعة قد انتهى .. وجاء الأن زمن الحصاد .. فاليوم سوف يحصد ما قدمت يداه ..
ثم نظر الى أعلى فرأى ملكاّ واقفاّ فوق رأسه وهو يحمل حجراّ ضخماّ : ويقول له هذا هو عذابك الى يوم القيامة .. لأنك كنت تنام عن صلاتك ..
فهنا استبد به اليأس .. وأيقن أنه هالك لا محالة ...
وفجأة .. رأى شاباّ كفلقة القمر يلبس ثياباّ بيضاء يجري نحوه .. فساوره بعض الشعور بالأمل عندما رأى وجه هذا الشاب يطفح بالبشر .. وابتسامته التي ملأت المكان نوراّ وأضاءت كل ما حوله .. وصل الشاب ومد يده يمنع الملك عنه ..
فقال له الملك .. من أنت ؟ .. وما جاء بك ؟
قال الشاب : أرسلت بأمر من الله سبحانه لأحميه وأمنعك عنه ...
فذهب الملك عنه .. وهو مذهول وغير مصدق لما حصل .. هل هو في حلم ..؟؟
معقول أنه قد نجى من هذا العذاب الرهيب ؟؟ .. ولكن كيف ؟؟ .. ومد الشاب يده نحوه لينهض عن الأرض .. وسأله بشغف ولهفه .. بالله عليك أخبرني من أنت ؟؟ ..
فقال له الشاب : أنا دعاء أبنك الصالح لك وصدقاته عنك .. فمنذ وفاتك وهو لا يتوقف عن الدعاء لك في كل صلواته .. حتى أذن الله بالاستجابه له .. وصور الله دعائه في أحسن صوره هذه التي تراني عليها ...
وذهب الشاب .. وأحس بمنكر ونكير مرة ثانيه .. فالتفت اليهما .. فاذا بهما يقولان له .. أنظر هذا مقعدك من النار .. قد أبدله الله بمقعدك من الجنة .. بسبب دعاء ابنك الصالح لك وصدقاته عنك ..
اذاّ يا اخوتي وأخواتي .. لا ننسى قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) << اذا مات ابن اّدم انقطع عمله الا من ثلاث .. وذكر منها ولد صالح يدعو له >>
لذا اقول لكم يا أحبتي .. الله .. الله .. في تربيتك أبنائنا .. وتعليمهم أصول ديننا الحنيف .. وسنة حبيبنا محمد (صلى الله عليه وسلم) .. ونعلمهم قرائة القراّن وحفظه .. ونعلمهم حب الخير .. ومساعدة الناس .. ونعلمهم العطف على كبار السن ومساعدة الفقراء واليتامى .. ونغرس في نفوسهم الرحمة بالضعيف .. ونشرح لهم سبب ذلك كله وفوائده .. عسى أن يطرح الله البركة والصلاح بهم .. ويكون منهم من يدعو لنا بعد وفاتنا .. فننجو من عذاب القبر وعذاب يوم القيامة يأعمالنا أولاّ ثم ببركة دعائهم لنا ..

وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يطرح فينا وفي أبنائنا الخير .. وأن يجعلنا ممن يعرفون الخير والحلال ويتبعونه .. وممن يميزون الشر والحرام فيجتنبونه ..

وأعذروني على الاطاله .. ودمتم بحفظ الله ورعايته ..

عبدالكريم
10-12-2009, 04:34 PM
انتا لم تطيل اخ مجاهد
انتا دخلت قلوب الناس عبر هذه المشاركة الرائعة
اللهم ثبتنا على ديننا
اللهم آمين اللهم ارحم من على الارض ومن تحت الارض امواتنا واموات المسلمين اجمعين يا ارحم الراحمين
اللهم ثبتنا عند السؤال
اللهم وسع لنا في قبورنا
واجعله روض من رياض الجنة ولاتجعله حفرة من حفر النار
اللهم امين اللهم امين اللهم امين
مشكور اخوي مجاهد جزالك الله عنا كل خير
يعطيك العافية