المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لمحة عن الحياة البرية في وادي الفرات


ابو عمر
09-08-2009, 11:12 AM
تنتمي حيوانات المنطقة الى حيوانات البحر الأبيض المتوسط التي تعيش في المناطق الجافة وشبه الجافة وتعلمنا اللقى الأثرية الكثير عن وضع الحيوانات البرية في المنطقة ففي 8300 ق.م .
اعتمد سكان موقع تل مريبط على الضفة اليسرى للنهر على صيد الحيوانات مثل الغزال حيث كانت غابات الطرفاء والحور والقصب، وفي موقع (أبو هريرة ) في الألف السادس قبل الميلاد على الضفة اليمنى اعتمد السكان على الصيد حيث دام أكثر من ألف عام وخاصة الغزلان التي شكلت أكثر من80% من عظام الموقع وهناك أيضاً حمار الوحش والثور البري والخنزير البري، وفي خربة الشنف جنوبي تل صبي أبيض 4800 ق.م كان الصيد هاماً الى جانب الزراعة كصيد الحمار الوحشي والغزال، وهناك لوحات فسيفسائية كثيرة تحمل صور غزلان وحيوانات مفترسة )موقع حويجة حلاوة( وبعض الأختام كانت تحوي صور أسود
وجدت على الضفة اليمنى للنهر في موقع عرودة. وهكذا نرى أن الحياة البرية كانت مزدهرة في عهود ماقبل الميلاد ( أسد - غزال عربي -حمار وحش - خنزير بري ( واستمرت على ذلك وخاصة بعد انقطاع السكان عن المنطقة باستثناء عشائر متناثرة منذ عام 1241 حتى القرن التاسع عشر ففي عام 1878 تذكر الرحالة الإنكليزية )الليدي آن بلنت( حكاية رحلتها في كتاب عشائر بدو الفرات 1878 وتصف الحياة الحيوانية وتذكر قصص الأسود وطرق صيدها من قبل السكان والجوائز التي كانت تهدى لصائديها وتذكر من الحيوانات الأخرى التي شاهدتها )ذئب - دراج- حمار الوحش- حمام- الخنزير البري- ابن آوى- العقعق – الإوز- البجع- دجاج الأرض – الإوز الأحمر- البط- الغرة- الحذاف - البوشار – دجاج الماء - الورشان - الغزال - الغداف - الزاغ( إذاً كانت الحياة البرية في زهوتها وفي بداية صراعها مع التدخلات البشرية. وفي كتابه عن دير الزور يذكر الدكتور علي موسى وجود الفهد في عام 1911في تلك المناطق.
وفي الصراع من أجل البقاء انقرضت حيوانات كثيرة مثل الأسد والخنزير البري وحمار الوحش والأيل والغزال العربي ومن الطيور النعام، ومع التطورات البشرية والتقنية السريعة وانحسار الحياة البرية أصبحت أنواع كثيرة مهددة بالانقراض من المنطقة وأصبح نادراً رؤيتها وخاصة الطيور سواء المستوطنة أو المهجرة مثل )القطا - البلبل الشامي - السمنة – الحجل- دجاج الأرض - السمان - البجع - مالك الحزين- البط البري - الإوز البري – الحبارى- الشاهين- الباشق- الصقر الحر( ومن الحيوانات http://www.efs-sy.org/images/stories/a6.jpgالثدية )النمر الفراتي- الذئب – الضبع- الثعلب- ابن آوى- الآسيوي(.
هذا مايضعنا في تحد أمام أنفسنا والأجيال القادمة في محاولة للمحافظة على ماتبقى من الحياة البرية وإعادة الحياة ولو لجزء بسيط منها.
أسباب تدهور الحياة البرية
أما عن الأسباب والعوامل التي ساهمت في تدهور الحياة البرية في حوض الفرات كان للإنسان دور كبير في التدهور ونجمل الأسباب فيما يلي:
1- تدهور وانحسار الغطاء النباتي: نتيجة الاستعمال الخاطئ لأراضي المراعي والغابات )طرفاء – حور - صفصاف( مثل القطع والاحتطاب والرعي الجائر وبالتالي تدهور الشروط البيئية المناسبة وظهور أنواع نباتية تدهورية غير مستساغة من قبل الحيوان واختفاء الأنواع النباتية الجيدة وبالتالي قلة أعداد الحيوانات.
2- الصيد وخاصة العشوائي وبغرض التسلية: حيث تذكر حوادث صيد جماعية للغزلان بغرض الهواية منذ خمسين عاماً وذلك على غرار عمليات الصيد التي أودت الى انقراض الأسد في مراحل سابقة وكذلك الطيور المائية أو البرية مثل )البط البري – الدراج - سمان...الخ( فيذكر البعض أنه اصطاد 250 طيراً من القطا خلال ثلاثة أشهر تسلية وبحجة الأكل والآخر نحو 87 طائراً خلال يوم واحد وزادت خطورة الأمر مع تطور وسائل الصيد الحديثة .
3- تغير معالم الطبيعة والتغيرات المناخية: وذلك بتخريب البيئة التي تعيش فيها الحيوانات البرية وخاصة مع التوسع الزراعي النوعي في المنطقة ومشاريع الري الحديثة العملاقة وإقامة سد الفرات وسد البعث مما خلق بيئة بشرية جديدة أزالت قسماً كبيراً من حراج المنطقة وبالتالي حرمان الكثير من الحيوانات من الوسط الذي كانت تعيش فيه ويؤمن لها المأوى والظل والحماية.
وكذلك التغيرات المناخية وخاصة في الفترة الأخيرة حيث بلغ معدل آخر ثماني سنوات على سبيل المثال 137 مم )محطة مركز البحوث الزراعية بالرقة( مقارنة بالمعدل الوسطي 207 مم أي انحباس في المطر وعدم مساعدة المناخ الأرض على القدرة الانباتية واختفاء معظم موائل الحيوانات البرية وبالتالي تدهور الحياة البرية.
4- الزيادة السكانية: إذ إن منطقة كمحافظة الرقة التي عانت من شبه انقطاع في الاستيطان البشري منذ عام 1241 عدا قبائل متناثرة على أطراف الأنهار حتى القرن التاسع عشر عاشت الحياة البرية زهوتها وبعد عودة الاستيطان للمحافظة وزيادة عدد سكانها وتضاعفه أكثر من 63 مرة خلال مئة عام حيث كان / 13 / ألف نسمة في عام 1908 والآن نحو / 850 / ألف نسمة ويشكل الريف أكثر من % 60 من عدد السكان الذي أدى الى زيادة مساحة البناء وزيادة الاستثمار للموارد الزراعية والرعوية وبالتالي تراجع في الحياة البرية.
التخطيط لإدارة الحياة البرية
يجب أن تكون حماية الطبيعة واستغلال مواردها استغلالاً رشيداً في وحدة متكاملة أي على أسس علمية كي نضمن حياة آمنة وسعيدة للأجيال القادمة وذلك بأن http://www.efs-sy.org/images/stories/feb2009101.jpgنطور اقتصادنا الوطني وإنتاجنا ورفع معيشة الشعب وبالوقت نفسه المحافظة على الموارد الطبيعية بشكل جيد.
لكي نعيد للحياة البرية جزءاً من حيويتها فالأمر مرتبط بوجود الموائل الطبيعية لتلك الحيوانات ولذلك يجب أن نحاول إعادة تلك الموائل لاحتضان تلك الحيوانات فمن خلال الدلائل التقريبية التي نمتلكها نسترشد بأن الكتلة الحيوية لحيوانات المنطقة تتركز في الحوايج النهرية )طيور ثديات(وذلك لتوفر الظروف الطبيعية المناسبة حيث الغابات الكثيفة من الحور والصفصاف وطبقة تحت الغابة من جهة ومن جهة أخرى صعوبة الوصول البشري.
لقد طرحت بعض المشاريع للمحافظة على الحياة البرية في المنطقة ولكنها كانت بشكل منفصل ويغلب عليها الطابع الاقتصادي وتنقصها الشمولية والتكامل والرأسمال البيئي ونطرح المشروع بشكله المتكامل، فلإعادة الحياة البرية يجب أن ننطلق من نهر الفرات نحو الشمال والجنوب فيجب بالدرجة الأولى حماية الحوايج النهرية لأنها تضم أكبر كتلة حيوية في المنطقة وتضم نظاماً بيئياً رطباً متكاملاً في قمة هرمه النمر الفراتي وأشجار الحور وهي الآن تتعرض لهجمة شرسة وخاصة من المقالع ولنعلم أن إعادة الحياة لتلك الحوايج وحمايتها وترقيع ما أزيل منها ليس بالأمر الصعب في ظل توفر المياه وسرعة انبات أشجارها خلال خمس سنوات )غرب - صفصاف( ثم نتجه نحو تشجير الشريط المحاذي للنهر وخاصة في مناطق الجروف وبعدها نتجه نحو المناطق الزراعية في الوادي على ضفتي النهر )الزور( ومشاريع الري الحديثة أيضاً ويصل عرض الزور أحياناً نحو ثمانية كيلومترات حيث نشاهد قلة الأشجار المزروعة فبعد دراسة لمساحة ) 5000 ( دونم على الضفة اليسرى للنهر والتي تتبع لقرى الحمرات وجدنا أنها تحتوي نحو مئتي شجرة وحسب الأهمية)توت - زيزفون – كينا- رمان.. الخ( أي شجرة واحدة لكل / 25 / دونماً مزروعة زراعة محصولية حيث هنا نطرح مشروعاً ندعو به الى زيادة عدد الأشجار في الأراضي الزراعية وخاصة من الأشجار التي ذكرناها لقدرتها على تحمل الجفاف والتربة الكلسية والملوحة وإمكانية زراعتها على الأطراف والهوامش والبقع الحصوية والرملية ونذكر الأهمية التي نحن بصددها وهي زيادة عدد الأشجار في هذه المناطق كملجأ للحياة البرية وخاصة الطيور وذلك بما يتناسب مع اقتصاد المنطقة ثم نتجه نحو الأودية التي تصب في نهر الفرات وخاصة القادمة من البادية على الضفة اليسرى والتي تدب بها الحياة في فصل الشتاء والربيع مثل وادي الخزار بين زور شمر والغنم العلي، وتؤم ذلك الوادي ومثله حيوانات برية)ضباع - ذئاب - ثعالب - أرانب( لوجود الحياة وشجيرات الطرفاء ونبات الزل والزرو الكبر وتتعرض تلك الحيوانات للصيد وتلك الأودية للتدمير من المقالع ونباتها وشجرها للقطع، وقد طرح مشروع تحويل تلك الأودية الهامة لمحميات بإقامة سدات لتخزين الماء وتحسين جريانه وإعادة جزء من الحياة البرية وكان العائق هو ضعف الجدوى الاقتصادية ولإكمال المشروع ندعو الى إقامة محميات حيوانية ونباتية في البادية الى جانب مشاريع تنمية البادية )المحميات الرعوية(وبذلك نكون قد رسمنا شبكة للحماية ذات طابع إقليمي تنطلق من محميات الحوايج النهرية ثم تكثيف الزراعات الشجرية ضمن مناطق الزراعات المحصولية ثم إحياء الأودية وحمايتها وأخيراً إقامة محميات في البادية.

http://www.efs-sy.org/images/stories/feb2009102.jpg

ابو احمد
09-08-2009, 03:11 PM
شكراً جزيلاً يا أبا عمر معلومات جداً غنية

بارك الله بك

عبدالكريم
09-08-2009, 10:09 PM
مشكور الاخ ابو عمر على المعلومات الرائعة والجميلة عن البرية

أبوهشام
09-09-2009, 11:21 AM
شكر ا جزيلا لك أخي أبو عمر وبما أني ممن تربوا في محافظة الرقة أنا أعرف كل القرى التي ذكرت ومنذ زمن بعيد و أنا أعيش في حسرتي على نهر الفرات وطبيعته التي تستمر بالأنقراض والتخريب , من الأمور التي يمكن فعلها أيضا تفعيل جمعيات حماية البيئة أو انشائها لأدخال الناس كلهم في عملية حماية البيئة عندنا في دير الزور ما أن يحل موسم الطيور في الخريف والربيع حتى تجد عشرات الصيادين يحملون بنادق الصيد دون أي رقابة أو ملاحقة كما اني شاهدت أكثر من مرة وبأم عيني قتل طيور مهاجرة بالجملة ....... والله اني احزن من كل قلبي عندما اشاهد هذه المناظر المؤلمة.........

ابو عمر
10-01-2010, 09:14 AM
أشكر مروركم اخواني الطيب
أبو أحمد
عبد الكريم
أبو هشام