المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة العلامة يوسف القرضاوي - بعنوان ثورة لاجئ


المهاجر
06-25-2009, 08:33 PM
قصيدة العلامة يوسف القرضاوي
بعنوان ثورة لاجئ ....

رأيته مطـرقاً يبكـي فأبكانـــــــي..........وهاج من قلبي المكلوم أشجانــــــــــي
في زهرةالعمـــر إلا أن دهـــــــــرك لا...........يرعى الشيُّوخ ولا يرثي لصبيـــــــــــــان


في نضـــرة الغصن إلا أن عاصـــــــــفة...........هبَّت سمومـاً فأمسى غـير فينـــــــــان
تعــلوه مسحة عز سالـــــف غُشيـــــت..........من طول ما ذرفت للدَّمع عينــــــــــــــان
بكى فكادت له نفسي تذوب أســــــــى..........كــــأن راميــه بالســهم أصمـــــانــــــي
دنـــوت منــه أحاكيــــــه وأسـالــــــــــه..........عــلّــِي أُواســى جــراح المثقل العانــي
سألت:ما اسمك؟قال اسمي يدُّل على.......... معنـى غريـب عـلــى مثلــي: أنا هانــي
قـبَّلتـــه بين عينـيـــــــه وقلــــت لــــه:.......... هـــوِّن عليــك وإنــي خيــر معـــــــــــوان
يــا ناعم الظُفرِ يا بن العــزِّ، مــــــالك لا...........تكـــــفُّ عن مدمع كالغيث هتَّـــــــــــــان
مـاذا دهاك؟ احكِ لي،علّ الحديثَ معي..........مجفِّفٌ عنــك بعض المدمع القـانـــــــــي
حكى الغلامُ كـــــأنَّ الله يلهمُــــــــــــه...........إلهـــامَ يحيــى صبيــــاً أو سـليمــــــــان
إن شئت يا عمُّ فاسمع قصةًعجبـــــــاً...........وإن تـكــن عُــرفت للقــاص والدانــــــــي
يـا عمُّ، إنــِّي غصنٌ لا حيــــاة لـــــــــه............ قُطــعتُ بالغـدر عن أصلـي وسـيقانــــي
فقدت روحي أمِّــي، والحـبيب أبـــــــي..........فقــدتُ أهلــي وأرحامــي وجــيرانــــي
واللاَّعبـون معي في شارعـي ذهبــوا............ موتى استراحوا، وموتى شأنهم شانــي
لقد تفرَّق أهـل الحــي فـــي بلـــــــدٍ............إلـــى الكــــهوف بـأقطــارٍ وبلـــــــــــدان
فقدتُـهم ، ففقـدتُ العـيـشَ بعدهمُ...........كـيــف الـحيــــاةُ بــلا أهـــل وخـــــلان؟!
كيف الحيـاةُ لعصفـورٍ ببـــــاديـــــــــــةٍ...........ولا ألـــيــفَ ، وقــد هيــض الجنــاحـــان؟!
فقـدت كل عزيـز لــي ، فـــــلا وطــــنٌ........... ولا حــــبــيــــبٌ ، ولا دار وبستانــــــي
دار الجــدود التــي فيـها صبــاي ربــــا............وطــالمــا وسـعــت لعبــي وإخوانـــــــي


لقد شهدتُ أبي والموتُ يصرعـــــــــه...........ولم يجد مُسعفاً من قلـــبِ إنســــــــان
نادى: بنيّ اسقني فالصدر ملتهـــــبٌ...........فقلت: نفسي الفدا للوالـد الحانـــــــي!
ناولتـــه المــاء أسقيه . فقـبَّـلنــــــي...........وأســلم الــروح فــي طهـر وإيمــــــــان!


يا عمُّ مات أبي في خيــر معركــــــةٍ............ ومـــا بكــيتُ عليــــه مثـــل أوطـانــــــــي
قد مـات يدفـعُ عن أرض وعن شــرفٍ............لـــصــــوص أرضٍ وأعــــراضٍ وأديــــــــان
مـا مــات ، بل هو عنـــد الله ألمحـــُه............فــي الخــلد يــســرح طيراً بين أفنــــــان
ياعمُّ ذي هي مأساتي التي قصفت............ عــودي كمــا عصـفت مثلــي بعيـــــــدان
مأساة شعب غدا يحيـا بــلا وطـــــن...........والـلــــص يمــــرح فيــه غيـــر خزيـــــــان
أراد أهـل العمـى أن يقسموا امـرأة............مـــا بيـــن زوج وعــــاد غــاصــب ثــــــان!
فهــل تســوِّغ هذا شرعة عرفــــت؟............أم هــل يصــدِّق هـذا عــقل إنســـــان؟


مسحتُ دمع الفتى الباكي وقلتُ له:............سمعــتُ منــكَ ، فخذ فكري ووجدانـــي
ُبنَّى جُرحُك في قلبـي يسيلُ دمــــاً............فارحم صبــاك ، فمــا أشجــاك أشجانـــي
جرحُ العروبة والإســلام فــي بـلــــد.............الإســراء لـم يختلــف فــي شــأنه اثنـــان
فـلا تظَّنــك غُـصناً لا أصـــول لــــــه..............فقــد شــددت إلــى أصــلٍ وأغصـــــــــان
لا تـأس أن عشــتَ بعد الأهلِ منفرداً............فكلنــــــا لــك ذاك الـــولــد الحانــــــــــــي
وكــل أزواجنــا أمُّ بهـــــــا شغـــــــفٌ............ لـتـفـتـديــك بــــروح قبــــل جثمـــــــــــان
ودارُنا لــك دارٌ لـــو رضـيـتُ بـــنـــــــا..............أهـــلاً بــأهــل، وإخـــوانــاً بإخــــــــــــوان
فإن تعيــش أنت والأهل قد رحلوا.............. ففيــك ســرُّ بقـــاء الشعــب يــاهانــــي
قــد عشت حقاً لأمر لا خفــــاء بـــه..............وحــكمــــة اللــه تخفـــى بعض أحيـــــــان
قــد عشـت للنصــر بالإصرار تغرسُه..............فتــجتنـيــــــه ثــمــــــاراً ذات ألــــــــوان
فاخلع ثياب الأســى واليـأس مـرتدياً...............ثوب الجهــــاد نشيــطــاً غيـــر كســــلان
تعلم الحرب في ســـرٍّ وفـي علــن...............فــوق الــجبــال وفـــى سـهـل ووديـــــان
واجمــع رفاقـك وانفخ في عزائمهم.............مـمـــا بـــصـــدرك من عـــزم وإيقــــــــــان
وقــل لصهيــون : لسنا أمةً همجـــاً..............تمضــى سفينتـهــا مــن غيــر رُبِّـــــــــان
وقــل لمن حسبونــا قطعـةً نُظمــت...............مــن غيــــر قــــافيـــة مــن غيــــر أوزان
معـــاذ ربــي أن تنحـلَّ عـــروتُنـــــــا..............أو أن نـتـيــــــــه وفينـــــــا نـــــورُ قـــــرآن


تهلل الناشئُ الباكـي وقـال : أجــــل.............. يا عــمـُّ إنـّـِي فــي أهـلـــي وأوطانــــي
يا عمُّ أحييت من عزمــي ومن ثقتــي.............هبنـي يمينـــــــاً أقبلهـــــا بشـكــــــران
اليـــأسُ كفـــر إذا ما حل صدر فتــــى..............والحمـــد للــه قــد جــدَّدت إيمانـــــــي
جعلـــت مــنِّي إنســاناً له هـــــــدف.............. وكــنــت مــن قبــلُ أحيــا بعض إنســان
إنــي أحــسُّ لماذا عشـــتُ بعد أبـي..............ولــم أمــت مــع أهلـــــي مثل أقرانـــي
إني حييـــت لـيـــوم لا مـــــرد لـــــه................للثـــأر، للــدم، لاستـــرداد أوطانـــــي
لأستعيـــد فلسطينـــاً كمــا غصبــت...............بــــالــــدم لا بــــدمـــوعٍ أو بتحنـــــــان
لأزرع الأرض ألـغــامــاً أفجـــــرهــــــا...............نـــاراً على من بهـا بالأمس أصلانـــــي
لأحمــــل المـــدفـــع الجبـار أُطلِقُـــه................ في صــدر من قتـلوا أهلي وإخــوانـــي
لأنـــزع الـــدار والأرض الـــتي نهبـوا...............من كــــلِّ لــصٍّ ونهــــــاب وخــــــــــــوان
لأرجـــع القبـلـــة الأولــى مطهــرة................من كـــل قـــرد وخنـــزيـــر وشيــطــــــان
لأستــــرد ثغـــور الأمــس ضـاحكـة................حيفــــــا ويـافـــــا وعكــــا روح بلدانــــي
لكـــي تـعــود تــدوي فــي مآذنهــا................ (اللـــــه أكبـــــــر) مــن آن إلــــــــــى آن
أمـي فلسطين لا تأسي ولا تـهنـي...............إنـــا سـنفـــديــك مــــن شيـبٍ وشبـــان
سنـرخص المـوت بالأرواح نبـذلهــــا................سنعمــل السيـــف فــــي سـرٍّ وإعــلان
إذا انتــصرنا ففـي عـزٍّ ومـكرمــــــة...............وإن قُـتــلنــا ففــي جنــات رضــــــوان !